مسجــل فــــي:
أكادير (البلدية)
|
سوس - ماسة
|
المغرب
|
مسجــل منــــذ: 2020-12-29 آخـــر تواجــــــد: 2024-10-13 الساعة 09:24:45 محموع النقط: 15.48 |
* مقاربة نقدية في المجموعة القصصية "منح باردة" للقاص والكاتب:محمد آيت علو.
*توقيع الباحثة الأستاذة: وردية الفقير.
القصة هي شكل من أشكال الوعي المتبادل بين الناس والتجسيد العياني في اللغة لذلك الوعي، فالإنسان يسعى من خلال الأدب القصصي إلى تأكيد مجموعة من القيم الفردية والجماعية، وتفنيد أخرى رغبة في خلق قيم جديدة، أوتصحيح علاقات متوترة أو تقويم اضطرابات معينة. مما يجعلنا نؤكد على ان القصة شكل أدبي متميز يحاول رصد التفاصيل الدقيقة لماهية الإنسان وماهية الحياة وتتبع ملامح الشخوص وإيماءاتهم وحركاتهم والغوص في أعماق النفس البشرية.
ومن خلال هذا الطرح ومن العوالم الإبداعية لفن القصة نتطلع لرصد أهم التفاصيل الفنية التي ضمتها المجموعة القصصية المعنونة ب "منح باردة للنفوس الشاردة" للكاتب محمد أيت علو والتي صدرت سنة 2017، وتعتبر المجموعة الإصدار الثاني من نوعه في مجال القصة القصيرة .
إن أول عتبة نصادفها ونحن نهم بسبر أغوار المجموعة هو العنوان الذي يمثل مدخلا رقيقا إلى المستوى الشاعري الذي يحكم مفاصل المجموعة، ويتغلغل في زواياها، ويؤكد في نفس الوقت على شاعرية المؤلّف، الذي يكتب بنوع من القلق الإبداعي والوجودي اللذين ترقص في ثناياهما أمال وأحلام وردية وبؤر ضوئية تكسر أفق القارئ.
تضم المجموعة تسع عشرة قصة استطاع الكاتب خلالها التقاط مجموعة من التفاصيل اليومية التي عشناها في فترة معينة، فكل قصة لا تحمل عبرة واحدة وإنما تصور قيما إنسانية يستطيع كل قارئ أن يحملها خلفياته النفسية والاجتماعية علً بعض جراحاتهتندمل، الشيء الذي يؤكد على أن القاص كتب نصوصه متشربا من إناء الواقع الذي لاينضح معينه معتمدا في ذلك أسلوبا متميزا بلغة يكتنفها الكثير من التلاعب الفني وهذا ما نلمسه في قصة "عزلة غريب " حيث كتب لنا القاص نصا شعريا خالصا ممزوجا بالسرد مما يجعلنا نقع في حيرة تصنيفه وفي التأكيد على أن كلا من الشعر والسرد رفيقان وفيان للنص.
ومن الملاحظ أن عبارات الوصف تضافرت مع جمل السرد لتختزن العبارات القصيرة عالما واسعا من الأحداث المنبثقة من واقع مادي ودوراته المتنوعة بأفراحه وأحزانه، ففي قصة "طيف ابتسامة بلا رنين" تهيمن تيمة المدينة الوحش، بل وتؤطر الحكاية وتغلفها بملمح وحشي، فشخصية "علال" أضاعت ذاتها فيما أسماها القاص بالسراديب والكهوف التي تتخلل ساحة المدينة الكبيرة حتى صار أسير عالم صامت يخفي فيه ابتسامة تنم عن عدم الرضى بما آل إليه حاله.
تمتاز المجموعة بخصائص فنية أبرزها النسق الدرامي المتناسق من خلال استلهام العناصر الثلاثة (بداية وسط ونهاية) المتعارف عليها في الكتابات الكلاسيكية، لكن هذا النسق يبدو في بعض الأحيان منكسرا مخترقا أدوات الزمان والمكان باعتماد تقنية الاسترجاع وتقنية المونولوج.
وعند قراءتنا لكل نص على حدة نلمس اختلاف وتفرد كل نص عن الآخر، والجميل في الأمر سحر اللغة عند الكاتب والتي تجتذبك بشاعريتها:
يسكنني النور من بدايته.... أراه بروحي وقلبي أراه يأسرني و يحملني إلى آفاقه الرحبة...
اسحب ظلك من ظلي، واتركني أرحل فقد تعبت راحلتي....
هنا تبرز لنا اللغة مفاتنها وجمال شاعريتها وتغريك وكأنها غجرية متلحفة يتتبعها القارئ محاولا فك شفراتها ليجد نفسه مستسلما ومكبلا لا يسعه إلا القراءة ومعاودة القراءة.
إن جميع النصوص المضمنة في المجموعة بدت قوية ومحترفة، لكن بعضا منها خيب ظني قليلا في النهاية وكنت أتمنى أن تكون النهاية حالمة شأن بدايتها، بينما أمتعتني نصوص أخرى اعتقدتها في البداية بسيطة ولكن نهايتها أوقعتني في حيرة فنية جميلة مماجعلني أقتنع بأن العبرة ليست في البدايات أ و النهايات بل في الاتساق والانسجام بين أجزاء النص دون السماح للضعف أن يتسرب إليها. وهذا ما نلمسه في أسلوب الكتابة الذي لم يبتعد عن البساطة قد صار عميقا صورة وتبليغا وتأثيرا، فالقاص جعلنا نتخيل مجموعته القصصية كمن يرسم بيوتا فقيرة ويتفنن في تلوينها وتزيينها.
* بقلم وردية الفقير *أستاذة باحثة
من المغرب
*شراعٌ خامس: * نصرته (صلى الله عليه وسلم) سلوة الدنيا وبهجتها. * للكاتب: محمد آيت علو.
ما إن تخمد حادثة أوإساءة إلا ونفاجأ بأخرى في سلسلة متكررة لنمط متسق من حوادث الإساءة المتعمدة والممنهجة على سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم، بدأت القصة بخروج مسؤول هندي في حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في الهند عبر تغريدة في حسابه على موقع تويتر تضمنت إساءة بالغة للمسلمين في أنحاء العالم، ومساسًا بمقدساتهم، وسخرية من نبيهم الكريم. ليس ذلك فحسب، بل إن المتحدثة باسم بهارتيا جاناتا خرجت في مناظرة تلفزيونية وأساءت في تصريحاتها للديانة الإسلامية ومعتقداتها، ولكنها سرعان ما قالت إنها لا تقصد الإساءة، وإن حديثها جاء ردًا على الإساءة لإله هندوسي، على أن الحادثة الأخيرة ليست صدمة للمسلمين في الهند؛ فمنذ وصول رئيس الوزراء الحالي إلى السلطة في عام 2014 تزايدت حوادث العنف والاضطهاد ضد المسلمين في بلد يدعي الديمقراطية والتعايش، حتى أن منظمات حقوقية دولية مثل هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية نددت بالغطاء السياسي الذي يوفره “مودي” للعنصرة ضد المسلمين الذين يشكلون ما نسبته 14% في بلد يصل تعداد سكانه إلى حوالي مليار وأربعمائة ألف نسمة. إن هذه الأحداث والإساءات من قيادات ذلك الحزب هي جزء من سياسات التحريض المستمرة على الإسلام والمسلمين التي يقوم بها الهندوس وحزبهم الحاكم الحاقد على الإسلام والمسلمين، فقد سبق تلك الوقاحات بحق المسلمين في الهند تحريض وتنكيل، وسبقها القتل وهدم المساجد ومحاربة شعائر دينهم، على الرغم مما تغص به تلك البلاد من الأديان، إن هذا التطاول على عقيدة المسلمين إنما هو حلقة من سلسلة مستمرة وواسعة وآخذة في التصاعد من العدوان على الإسلام وأهله؛ وهذا الانفلات من كل القيود الأخلاقية والضوابط الحضارية، يضطرنا إلى الوقوف عنده واغتنامه، ولربما لله حكمة في ذلك، فكثيرٌ من الناس في هذا العالم ولا سيما الشباب لايعرفون شمائله (صلى الله عليه وسلم)، وحتى إن عرفوا شيئا فهو من قبيل العموميات، هذا وإنَّ القول بعدم وجود مشكلة جوهرية وبنيوية بين الأديان، لا يعني عدم وجود تعقيدات وحوادث وأزمات طارئة في سيرورة العلاقات بين هذه الأطراف وفي الحياة الواقعية كأية ظواهر اجتماعية وسياسية تفرز تداعيات وردود أفعال مختلفة حتى بين معتنقي الدين الواحد والطائفة الواحدة، ويمكن استحضار نماذج من مثل هذه الصراعات ولاسيما ما يتعلق بطبيعة المعالجة - الشيء بالشيء يُذكر- نذكرُ الآن وقبل أعوام وبالضبط سنة2012 حينما دعت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم الثقافة "الإيسيسكو" واتحاد جامعات العالم الإسلامي إلى محاربة حمالات التنصير في العالم الإسلامي والحملات المغلوطة عن الإسلام والمسيئة لصورته، وهي هجمات شرسة مضللة وداعية للتحريف والتي تروجها بعض مراكز البحث العلمي الجامعي في إفريقيا، مدعومة من جهات غربية معادية للإسلام والمسلمين، تستلزم تكوين الصحافيين على برنامج لمعالجة الصور النمطية وإيجاد صور بديلة، وأن المهمة كبيرة والمسؤولية جسيمة على الجميع في التعامل أو إدارة مثل هذه الأزمات بشكل سليم، ووضع الحلول الكفيلة بمعالجة أسبابها، لتفادي تكرارها، فكان وضع برنامج أعدته المنظمة ضمن برامج التكوين المستمر للإعلاميين المتدربين والممارسين في معاهد ومدارس تكوين الصحافيين وكليات الإعلام، لتصحيح المعلومات حول صورة الإسلام ومقدساته، كما استعظمت الإيسيسكو العلة فانكبت على مقاربتين متكاملتين، إحداهما في المجال الأكاديمي الجامعي، والثانية في المجال الاعلامي، لتجاوز الصور النمطية، ودعت إلى اجتماع الخبراء لمناقشة مشروع برنامج العمل الجامعي "تحديات الإساءة للإسلام والمسلمين" وتكثيف الجهود والتأكيد على أهمية تبادل الزيارات العلمية والثقافية والسياحية بين المنظمات الطلابية في جامعات العالم الاسلامي، والجامعات غير الاسلامية من أجل تعزيز الفهم والتفاهم، وتصحيح المعلومات، وكشف خلفيات وتداعيات الإساءة إلى الإسلام ومقدساته والمسلمين، ومثل هذه الصور والحالات من شأنها – كزخم فكري - إيجاد مقاربات ناجعة للتعامل مع مثل هذه الأزمات الراهنة، كما أنه أصبح يطرحُ على المسلمين تحديات كثيرة اليوم مما يستلزم واجب التعريف بنبيهم، فالمسلمون لديهم سؤال وواجبٌ عظيم الآن أكثر من أي وقت مضى، وقد آن الأوانُ لإزالة الأفكار الخاطئة، وذلك بالتعريف بالرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، ولاسيما أهل العلم والمعرفة والمنابر العلمية والإعلامية ليتعرفوا فيها شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم عنوان الرحمة عن كثب وأن نعرف العالم لمن جهله، نستطيع أن ننصر رسولنا (صلى الله عليه وسلم)، بأن ننشر سيرته بين الناس، وأن نوضح للعالم أجمع أخلاق نبينا محمد(صلى الله عليه وسلم)، وكيف أنّه كان يُلقب بالصادق الأمين، حتى في أيام جاهلية العرب، وأن نُزيل جميع التشويهات التي يتعمد الكثير من أصحاب النفوس الضعيفة إلصاقها بالنبي الكريم(صلى الله عليه وسلم)، وأن نستخدم الحكمة والموعظة الحسنة في نصرته(صلى الله عليه وسلم)، وأن نبتعد عن كل ما يسيء إلى صورة الإسلام السمحة، فالإسلام هو انعكاس لأخلاق المسلم، وامتداد لرسالة نبينا (صلى الله عليه وسلم)، وكيفية نصرة النبي فهي على مستويات عدة، انطلاقا من الفرد ثم الأسرة فالمجتمع، وأيضا على مستوى الدعاة وطلبة العلم وعلى مستوى قطاع التعليم والعاملين فيه، فهناك العديد من الأمور التي تُوضّح دورنا جميعا في نصرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ومنها العمل على توضيح ملامح دعوة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؛ من خلال إبراز سماتها وأهم أهدافها ولا سيما عبر الترجمات؛ باعتبارها دعوة إلى كافّة الناس وذلك بإفراد الله - تعالى- بالعبودية، والعمل على تذكير الناس بأهمّ المواقف والأحداث من سيرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؛ والاهتمام بتوضيح الصفات الخَلقية والخُلقية لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، والإشارة إلى منزلته العظيمة، وما امتاز به وأمّته، مع الاهتمام بتوضيح كيفية تعامل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع أهله وجيرانه وأصحابه - رضوان الله عليهم-، والإشارة إلى أهمّ المواقف والأحداث التي جمَعته معهم، والاهتمام بتوضيح الوسائل التي اتّبعها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في التعامل مع أعداء الدين والإسلام من المشركين والمنافقين وغيرهم، والاهتمام بالآيات القرآنية التي يكون مدار حديثها عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بتخصيصها بالشرح والبيان، سواء قُرئت في الصلاة، أو في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، أو في مجالَي التعلّم والتعليم، وبنشر الفتاوى التي تُعنى ببيان حكم نِسبة شيءٍ من النقص لرسول الله(صلى الله عليه وسلم)، ووجوب مواجهة من يحاول أو يفعل ذلك بالبُغض والبراءة منه، بذل الجهد في تمهيد طريق الهداية ودعوة الناس إليه على اختلاف أعراقهم وأنسابهم، وبذل الجهد في الدفاع عن رسول الله(صلى الله عليه وسلم) بردّ الشبهات والأكاذيب التي تُحاك حوله وحول سنّته، والحرص على توضيح معالم الحياة اليومية لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبيان أسلوبه وطريقته فيها، والإشارة إلى أنّ المحبة الحقيقية له تكمن في اتّباع أمره واجتناب نهيه، والمحافظة على الأسلوب البسيط والتبشير في حثّ الناس على التّمسك والالتزام بسنّة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبذل الجهد في تصحيح الأفكار الخاطئة التي تُنسب إليه ولسنّته الشريفة، وتدور في أذهان الناس، مع تشجيع الناس وحثّهم على الاهتمام بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقراءتها والحرص على المصادر الأصلية لها، والعمل على بيان حقّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وفضله العظيم على أمّته، ممّا يغرس محبّته في نفوس الطلبة والطالبات، وإقامة المحاضرات العديدة للحديث عن جوانب متعدّدةٍ من حياته(صلى الله عليه وسلم)، ممّا يُبرز معالم شخصيّته ويُوضّحها، وبذل الجهد في بيان أهمية احتواء مناهج التعليم على مادة السّيرة النبويّة، وتوفير الدعم المالي لدراسة السّيرة النبويّة في الجامعات والاهتمام بالسّيرة النبويّة من خلال الدعوة إلى البحث العلمي فيها، والعناية بكتب السنّة مع التشجيع على ترتيبها وفق أقسامٍ واضحةٍ متعدّدةٍ؛ كالمغازي والشمائل وغيرها، والإعداد للمخيّمات الشبابيّة التي يمكن من خلالها بثّ محبة رسول الله(صلى الله عليه وسلم) وسنّته في نفوس الشباب، و بإعداد دوراتٍ تدريبيّةٍ تُعنى بغرس الاقتداء برسول الله(صلى الله عليه وسلم)، مع السّعي لإعداد معارض تُعرِّف برسول الله (صلى الله عليه وسلم) على المستويَيْن؛ المدرسي والجامعي، والسّعي في تهيئة موسوعاتٍ أكاديميّةٍ غزيرةٍ بالسّيرة النبويّة، بحيث تصبح مراجع مُعتَمدة فيها، وبذل الجهد في ترجمتها إلى لغاتٍ عالميةٍ متعدّدةٍ، وحثّ الطلبة والطالبات على إعداد البحوث العلميّة في السّيرة النبويّة من خلال عقد مسابقاتٍ سنويّةٍ، وتوفير مكافآتٍ متنوّعةٍ لكتابة أفضل بحث، والحرص على اختيار أركانٍ خاصّةٍ وواضحةٍ في المكتبات، وتخصيصها باحتواء كلّ ما يتعلّق برسول الله(صلى الله عليه وسلم)؛ ككتب السيرة والسنة، وبإعطاء صورة مشرفة مشرقة ومتعالية، فهو(صلى الله عليه وسلم) رحمة مهداة للعالمين، ومحجة بيضاء، وسلوة الدنيا ومسيرتها بالحب والخير والسلام، فالعالم اليوم موضوع دعوة بالطريقة التي تؤدي الغاية، كفعل حضاري علمي وثقافي، وإقامة الندوات والكتابة إلى الآخرين، ومساعدتهم ولا سيما بالترجمات، فنحن مقصرون ندرك ذلك، ومن تم وجب أن نؤدي ما علينا. هذا وإننا نؤمن بأن مقام نبي الرحمة والإنسانية أعظم وأسمى من أن تنال منه هذه الهجمات التي يتعرض لها شخصه الكريم ومعه الدين الإسلامي الحنيف اليوم، ففي الأصل لاشيء يضيرهُ (صلى الله عليه وسلم) ولأن الله سبحانه وتعالى تولاه بالحفظ والصون، قال تعالى:"إنا كفيناك المستهزئين". يبقى نبي الرحمة محمد (صلى الله عليه وسلم) هو السراج المنير والهادي البشير والقائد الذي بفكره وأخلاقه الربانية نستنير، بل إن الإسلام يعود أقوى وأكثر إشراقا وتأثيراً في نفوس الإنسانية بعد كل حملة تشن ضده، والإسلام الذي تولاهُ الله بالحفظ والصون، ينطلقُ مستمرا كالهواء والنسيم العليل ليسكن القلوب والأفئدة لأنه دين الفطرة السوية والنفوس الزكية. ويبقى علينا نحنُ - وعلى الدوام- أن نصون عهده (صلى الله عليه وسلم) بأن محبته فوق محبة النفس والوالد والولد والناس أجمعين. هذا والرسول(صلى الله عليه وسلم) سلوة الدنيا وبهجة الروح، ونور القلوب والأفئدة ودواؤها، وراحة وأمل، والحديث عنه(صلى الله عليه وسلم) حديث ذو شجون، حديث لايمل، والمحبون يستعذبون ويستمتعون بذكر اسمه وتبتهج الدنيا وتنبت من كل زوج بهيج، وتنطلق الألسنة بالصلاة عليه(صلى الله عليه وسلم). وها هي ذي الإشراقاتُ والأشرعةُ والمباهجُ لا محالة قادمة متوجة بالنصر، مباركَةٌ بعبق أنفاسه وأنواره وبركاته حيا وميتا(صلى الله عليه وسلم) ومتوهجة بيضاء ناصعة كالبدر بأنواره الشريفة(صلى الله عليه وسلم)، خضراء كالأمل منفرجة مبهجة باليقين التام، أشرعةٌ وإشراقاتٌ ومباهج تكتَنِفُني، وأنا لم أتزود بشيء، لكن على يقين تام برحمة الله، ومحبته، وشفاعة ومحبة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، الذي بشرنا بأن يحشر المرء مع من أحب، وكيف يُسْتَوْحَشُ مع الله سُبحَانَه...!؟ فالَّلهُمَّ ارزقنا محبتك يا رب، ومحبة رسولك، والَّلهُمَّ لاَتَجعلْ أُنْسَنَا إلاَّ بكَ، ولا حاجتنا إلاَّ إليك، ولارغبتنا إلا في ثوابك، ونسألك اللهم حسن الخاتمة....
*شجرة العالم، والعجوز موزع الفرح، وتقارب الحضارات والثقافات والأديان...في عيد الميلاد الجديد.
*للكاتب:محمد آيت علو
التغيير سنة الحياة، والتغيير يبدأ من الذات والنفس، وتبدل السنوات وقدوم سنوات جديدة يعني أنّ أمامنا فرصة رائعة للتغيير والتحسن إلى الأفضل، فرصة ركيزتها الأمل والتفاؤل، وعلينا أن نستغل هذه الفرصة، عام جديد يعني فرصة جديدة تتكرر في كل يوم من أيام السنة الجديدة التي نقف على أعتابها مشحونين بالحب والأمل الكبير، وعندما ننظر إلى هذا العام سنرى الكثير مما أخافنا وأيضا الكثير مما أحزننا، وتكثر وتكبر التساؤلات، لكن سياق وقفتنا اليوم تساؤلات ذات أولوية فرضتها الظرفية والمناسبة، ولأن المناسبة شرط، فإن العديد من الناس يتساءل مع قدوم مناسبة الاحتفال بعيد الميلاد ورأس السنة الجديدة عن العجوز البشوش صاحب الذقن الطويلة البيضاء والرداء الأحمر والعصا الطويلة الذي يحمل الهدايا في كيسه القطني الأحمر، ويطوف ليلا فوق طوافة يجرها ثمانية من الغزلان متنقلا من دار لأخرى يضع الهدايا أمام أبوابها، لقد أصبح هذا الشيخ " بابا نويل" عرف منذ القرن التاسع عشر لا تأتي الهدايا إلا معه ولا تتحقق الأحلام إلا بقدومه على عربته الشهيرة مع بداية كل عام ميلادي جديد التي تجرها الغزلان على الثلج في جيرولاند أو حتى على ظهر قارب، لقد غمس "فنان الكاريكاتور توماس نيست" ريشته في الألوان ورسم على الورق "سانتا كلوز" سمينا ذا خد متورد ولحية طويلة بيضاء احتفالا بأعياد الميلاد ونشرتها إحدى المجلات في وقتها فأصبحت هذه الصورة هي المعتمدة لشخصية "بابا نويل" أي أب الميلاد بالفرنسية ، أما الانجليز والأمريكيين فيطلقون على موزع الفرح في قلوب الأطفال "سانتا كلوز" الذي يعني بالإيطالية القديسة...وهناك قصص وأساطير عديدة حول هذه الشخصية التي أحبها جميع الأطفال في العالم، وتروي الأساطير أن "بابا نويل" يسكن القطب الشمالي في مكان بارد جدا من جرينلاند الجزيرة الأكبر في العالم، حيث يقف بابا نويل بكل هيبته أمام كوينجز جاردن، مزرعة الملك ومسكنه الذي يعيش فيه ويتدلى من عنقه المفتاح الذهبي لمصنع الألعاب الذي يعمل فيه على إعداد الهدايا ليؤكد بإصرار على أنه الوحيد الذي يصنع البهجة في النفوس، وتروي قصة شهيرة أنه منح ثلاث عذارى فقيرات في ليلة عيد الميلاد أموالا مكنتهن من الزواج ، وقد جعلته هذه القصص منبع الكرم ومصدر العطف والحنان على الأطفال لأنه ارتبط بعيد مولد السيد المسيح القائل " دعوا الأطفال يأتون إلي " في لفتة إنسانية"، وتختلف احتفالات رأس السنة الميلادية من بلد لآخر، فمثلا التقويم"الجريجوري" هو تقويم مقتبس عن التقويم الذي ابتدأ به العمل في عهد الامبراطورالروماني "يوليوس قيصر" الذي يبدأ من أول فبراير وهو تاريخ بداية العمل بالقانون المدني الذي ينص على أن يتولى الشعب حكم نفسه عن طريق نوابه لمدة سنة، ومنذ آلف السنين كانت البشرية تعتبر فصل الربيع هو بداية عودة الحياة إلى الأرض بعد انقضاء فصل الشتاء، ولذلك يعتبر بداية السنة الجديدة، وكانت تستمرالاحتفالات سبعة أيام .
أما الاحتفالات البابلية برأس السنة فكانت أكبر وأضخم من احتفالات الروم، ومن العادات التي استوحيت من الحضارات القديمة اعتماد بطاقات تصور أطفالا في اليونان واعتبار الطفل رمزا للعام الجديد، حيث تضع الأمهات أطفالهن الرضع في سلال من القش ويتجولن بهم في أنحاء المدينة، أما التقليد الروماني الذي شاع في الكثير من مناطق العالم، فهو توزيع القطع النقدية المعدنية على الأطفال، وبدأ من حينها الإمبراطور في زيادة صك العملات المعدنية تحمل اسمه، يوزعها في بداية السنة ويبدأ التعامل بالقطع الجديدة على أمل أن تكون السنة خيرا ويمنح الأطفال بعض القطع القديمة .
حيث تقام في الأسبوع الأخير من كل عام ، وفي أثينا كانت تقام الاحتفالات حول شجرة عظيمة يتم تثبيتها في منتصف المدينة وتسمى " شجرة العالم "، وفي وقتنا الحاضر يحتفل الملايين من الناس في بقاع الأرض بالمناسبة بتزيين الشجرة والتفنن في تجميلها بالكرات الزجاجية الملونة والأجراس والزهور لما تمثله من قدسية محببه إلى النفس إلى جانب اعتبارها رمزا لطقوس الاحتفالية المميزة بأعياد رأس السنة ، وللشجرة مكانة عالية وقدر كبير في نفوس الناس حتى أصبحت عادة شائعة عند الكثيرين يبدعون في تزيينها وتنصيبها في مكان بارز بالمنزل قبل موعد العيد بعدة أيام وتبقى في موضعها...وبالعودة إلى قصة ميلاد السيد المسيح عليه السلام في المراجع الدينية ، لا نكادُ نجد أي رابط بين حدث الميلاد وشجرة الميلاد، فنتساءل من أين جاءت هذه الفكرة ؟ ومتى بدأت ؟ وكيف استقرت هذه العادة ؟ فقد أشارت إحدى الموسوعات العلمية إلى أن الفكرة ربما تكون جاءت من ألمانيا الغنية بغابات الصنوبر وذات الاخضرار الدائم، وذلك خلال القرون الوسطى، وكانت العادة لدى بعض القبائل الوثنية التي تعبد الإله " ثور" إله الغابات والرعد عندهم أن يقوموا بتزيين الأشجار، ويتم تقديم ضحية بشرية من أبناء إحدى القبائل يتم الاتفاق عليه مسبقا، وفي عام 727 ميلادي أوفد إليهم البابا بونيفاسيوس مبشرا وشاهدهم وهم يقيمون احتفالا تحت إحدى الشجرات وقد ربطوا ابن أحد الأمراء وقد هموا بذبحه كضحية، فهاجمهم وأنقذ ابن الأمير من بين أيديهم، ووقف فيهم مخاطبا أن الإله الحق هو إله السلام ، والرفق والمحبة الذي جاء ليخلص لا ليهلك، ثم قام بقطع تلك الشجرة ونقلها إلى أحدى المنازل ، ومن ثمة قام بتزيينها حتى تصبح من ديكورالمنزل فلا يطمع في استعادتها أحد ، ثم أصبحت من حينها رمزا لاحتفالهم بعيد المسيح، وانتقلت هذه العادة بعد ذلك من ألمانيا إلى فرنسا وانجلترا ثم إلى أمريكا، أما بخصوص إطفاء النور ثم إعادة إنارته فيعودُ إلى اعتقادات الديانات القديمة التي كانت تعتبر أن ضوء الشمس أمر إلهي يحمل دفء الحياة، وأما الظلام فهو يعني الموت لذلك، يضيء الناس الشموع أو أي إنارة أخرى كتقليد لإبعاد شبح الموت في العام الجديد، أما عند الأمازيغ شعوب شمال إفريقيا فتنتهي عندهم السنة الأمازيغية مع غروب شمس يوم الثاني عشر من يناير لتبدأ السنة الأمازيغية الجديدة يوم ثالث عشر يناير ويطلق عليه الأمازيغيون"أسوكاس أمكاز"وهي حسابات تعتمد على السنة الفلاحية، إذا كان للجانب الروحي أثره على النفس تسمو به وتتألق فيتعزز معها تقدير الفرد لذاته، فإن الجانب الاجتماعي هو التوازن الحقيقي للإنسان في حياته، فيها تزهو حياة الفرد، ويوفق في تلمس بدايته الفعلية نحو جعل أحلامه حقيقية، علة أن أعياد الميلاد بالنسبة لهذه الأقوام تعد مصدرا لشحن نفس الأطفال بالطاقة الإيجابية، ولتطوير الذات وتعزيز الإيجابية لدى الطفل التي تدفعه للانطلاق إلى أفق أوسع، دون أن يلجأ إلى فكرة الاصطدام الشديد بالمجتمعات وثوابتها بشكل عام سواء على مستوى العقيدة أو الحقوق والأفكار، ومن هنا تكون البداية لتقارب الحضارات والثقافات والأديان...