مسجــل فــــي:
أكادير (البلدية)
|
سوس - ماسة
|
المغرب
|
مسجــل منــــذ: 2020-12-29 آخـــر تواجــــــد: 2024-10-13 الساعة 09:24:45 محموع النقط: 15.48 |
* المزيف والحقيقي وتحديات التقنية الرقمية و الذكاء الاصطناعي.
* الكاتب محمد آيت علو | AIT ALLOU MOHAMED
يرى خبراء التقنية ان مستقبل التطور التقني ومشاريع الذكاء الاصطناعي ستتسبب في فقدان الناس القدرة على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مزيف وهنا يأتي دورنا الثقافي اليوم حيث تقع على المثقف الحقيقي مهمة تمكين المجتمع ثقافيا كي يمتلك قدرة التمييز بين الحقيقي والمزيف ويتأتى ذلك من خلال توضيح الخطوط العامة للحق الذي توفر معرفته قدرة تمكين الفرد من معرفة الحقيقة.
إشباع الرغبات وتلبية احتياجات الانسان موضوع يشغل تفكير العقل الثقافي قديماً وحديثاً، لكن ما يميزه اليوم في عصر التقنية الرقمية المتطورة هو أن مشاريع الاستثمار الاقتصادي الصناعي لا تعطي مجالاً لوصول إلى حد مقبول لإشباع هذه الرغبات، فدائماً هناك عروض جديدة واغراءات أكثر إثارة وتشويقاً من سابقاتها، وبهذا تقيدت حركة حياة الناس في حدود مواكبة الإصدارات الجديدة لسوق الاستهلاك في عالم التقنية الرقمية ووظفوا وجودهم في الحياة لخدمة ولمواكبة هذا التطور والتنوع، وصارت ثقافة الفرد تعني كثرة تسوقه وإمكانيته المادية التي يمكنه من اقتناء الأفضل والأحسن والموديلات العالمية الجيدة والأحدث.
نعم لقد نجحت مشاريع التقنية المتطورة في تحديد وربما في إلغاء ظاهرة الموت جوعاً، لكن هذه المشاريع تسببت في نوع جديد من الفقر، يطلق عليه فقر الرفاهية. إنها مرحلة ما بعد الجوع، مرحلة تعطيل الاعتقاد بفكرة القناعة وإحلال مفهوم البراعة بديلاً عنه، إذ لم يعد تعليل الفقر في المجتمع على أنه تقصير وفشل سياسي وغياب للحس المجتمعي والمسؤولية الإنسانية والالتزام الديني والأخلاقي، بقدر ما صار يعني فشل قدرة أولئك الفقراء في ركوب أمواج التغيير الجديد في البلاد والعالم . تسبب هذا التعليل في دفع كثيرين إلى تغيير اعتقاداتهم بخصوص ثنائية الحلال والحرام والمعقول واللامعقول في سبيل كسب المال، وصارت ثنائية القبول والرفض بديلاً استهلاكياً مقبولاً يتيح لأشخاص توظيف الحيلة والغش على أنها مواصفات معينة قابلة للقبول أو الرفض ولا علاقة للأمر بالوعي الموضوعي الذاتي للفرد. وصار للشارع قوة فرض ثقافة المرحلة وإن كانت ثقافة غير منتجة أو غير صحيحة، لكن حرية استخدام وسائل التواصل وحرية النشر الالكتروني مع قلة وعي العامة من الناس وكثرة استخدامهم واعتمادهم الكلي على وسائل التواصل الاجتماعي، مكنهم من فرض ثنائية جديدة على المشهد الثقافي تتمثل في وجود نوعين من المثقفين. نوع مع ثقافة التبرير للتمرير، ونوع آخر مع ثقافة التغيير للتطوير. ثقافة التبرير أكثر إقبالاً وأكثر قبولاً في المجتمع، لأنها ثقافة تتناغم مع حاجة السلطة السياسية لفهم مجتزأ للثقافة ينحصر في الجانب الأدبي والفني. كما تتناسب ثقافة التبرير مع محدودية استيعاب الشارع للنشاط الثقافي كدور فعال في التغيير، فقد شهدنا خلال العقدين الماضيين كثيراً من التظاهرات ومحاولات التغيير التي كانت تتم على يد وبجهود وسط جماهيري شعبي غاية مطاليبه تكمن في تلبية احتياجات المواطن الأساسية التي تنحصر في الماكل والملبس والمسكن والشغل . النوع الآخر من المثقفين هو المثقف الذي يرى في الثقافة وسيلة للتغيير الحقيقي في عصر التقنية،
ثقافة التمرير تنتج مثقفاً مهموماً بالشهرة والمظهر الذاتي للثقافة، بينما تنتج ثقافة التغيير مثقفاً مهموماً بالعبرة والمظهر الموضوعي للثقافة. فالمثقف المهموم يتحرك بنشاطه الثقافي من أجل أن يصبح على مقربة من سلطة القوة ونفوذ المال والجاه. أما المثقف المهموم فإنه يتحرك بنشاطه الثقافي من أجل أن يصبح على مقربة من واقع الحال لتغييره إلى ما ينبغي أن يكون عليه.
لا شك أن مناخات العالم المتغيرة يشكل عام، لها تأثيرها في ثقافات المجتمعات وفي تشكيل ثقافات جديدة بفعل هيمنة عالم الأرقام على طرق التفكير التي أخذت تنحرف عن أنسنة نتاجات العقل الثقافي.
وخلاصة القول: - إن الكائن البشري يمكن أن يصبح - في حدود معينة - أي شيء يراه محبباً أولئك الذين يحددون له المثيرات التي يستجيب لها..
هوامشنا المنسي *للكاتب محمد ايت علو
*هوامشنا المنسية *للكاتب: محمد ايت علو
-1-
إن ماهية الإنسان تفرض عليه أن يبرر وجوده، وفعله فيه/ وهيدغر عندما قال:"الإنسان موجود للموت"، كان يعني أن يحقق الإنسان منتهى نقاء وجوده. لابد أن يكون المبدع قد عرف كيف يعيش لكي يصير مبدعا، ولا نخفي سرا، أنه في فترة من الفترات، كان معظم من أعرفهم في تلك المرحلة، يشجعونني على المضي في إنجاز تلك الروعة وذلك الخلود، كانوا هم أيضا يشتركون معي في وهم المجد ماداموا يقترحون علي بعض المواضيع لأكتبها، وأن يستهلكوها هم أنفسهم من جديد، كنت مندهشا بسذاجتي وسذاجتهم. لكن هذه النزوة الإستعراضية، (الفخ الذي أنصبه للقراء) لم تطل، لقد أدركت أنني أبني أهرامات رملية، كما بدأت أعي أن الشعرليس هومجرد انتقاء وتصويرأشياء، ليست كل حادثة مادة لقصة، لابد من خلق الحدث داخل الحدث، نفس المراحل التي تتحول فيها دودة القز إلى فراشة، محنة المبدع اليوم هي أنه مطالب بتطويرتقنيته وموضوعه أكثر من أي وقت سابق، مبدئيا ليس القارئ الجاد وحده الذي يبحث عن كتاب جيد، إنما الكتاب الجيد، أيضا في حاجة إلى قارئ جيد وإلا ضاع كلاهما في الآخــــــــر، إنه لحظ كبير أن يلتقيا ليكمل أحدهما الآخر، وإنه لمن المستعذب أن يكتشف الإنسان نفسه في عيون الآخرين الأخوية، وإن المبدع الحقيقي لاينتظر أحدا لتزكيته وتعزيزه، كماأن حب الاكتمال في الإبداع يكاد يتحول في أذهاننا إلى أسطورة عندنا *جبران خليل جبران* لقد أعدم بعض اللوحات التي لم يتممها قبل وفاته رغم إلحاح ورجاء صديقته*ماري هاسكل*عليه لإبقائها،*أبوحيان التوحيدي* و*كافكا*أحسا بعبث أعمالهما، أوشعورا بالخطيئة، مثل*غوغول*الذي أحرق جزءا من الجزء الثاني من الأرواح الميتة، بعد أن أدرك أن الفن يتناقض مع الدين، وكان يعيش هلوسات بحدة في أواخر حياته، العالم يفلت منا باستمرار، والإبداع يحاول القبض على هذا الإفلات، نحن حين نستعيد بالإبداع هذا العالم الهارب منا، لانضعه في صورة مؤطرة ونحتفظ به كذكرى، إن مادته تتحول كأي معدن ينصهر وتعاد صياغته في شكل يلائم عصرنا وما سيأتي بعدنا، هؤلاء الناس في الساحة الآن الذين ينشط بعضهم كالنمل، ويخمل آخرون كالزواحف التي لاتتحرك إلابسقوط الفريسة في مجالها، وكل ما يغلفنا من أشياء،إنها كلها من عالمنا الذي هو كما لم يكن، وصائر إلى ما هوليس بكائن، فعالمنا إذاهو ما فلت، وما يفلت، وما سيفلت منا، ماذا يريد الإنسان من هذا الوجود إذن...؟
يقينا وجوده. إنه يحس أنه مفقود منذ ولادته: من الغيب إلى الغيب، لهذا هو يكابد من أجل إمساك ذاته، التي تنفلت منه.إذ أدنى حركة، هي مظهر في الوجود تحسه بوجوده.إن السكون هو مبعث قلقه الحقيقي....
ورغم هذا الإنفلات فإن رفضه يتحدد تأجيله بما يربحه أويخسره مرددا...
إنما دنياي نفسي...
فإن هلكت نفسي
فلا عاش أحد...
ليت أن الشمس بعدي غربت.
ثم لم تشرق على أهل بلد... !
الحياة لاتدرك إلا بالإبداع والكتابة، والكلمة هي دمنا، هي نبضنا، هي اشعاع البسطاء،
هذا لا يعني أننا نتمنى أن نموت بعد الآخر...
أخيرا، يبقى الإنسان حلما مستحيلا، والإنسان نفسه حلم من الأحلام.."، يبقى التحدي، تبقى الجسارة...
كل هذا يعني أن الإنسان في حاجة مسيسة الى عيش رائع وموت أروع مما عاشه، رغم أنه في الواقع، موت رائع أو أروع...؟ يقال بأن هكسلي تحققت له رؤياه الرائعة أثناء احتضاره، فلقد قال لأحد الذين كانوا حوله:- "أقفل النافذة إن ذلك رائع..." وأضاف:- "كنت أعتقد ذلك". ثم مات.
-2-
وفي يوم آخر لقيت شكري كانت عيناه ساهمتان وكأنهما يغوصان في مستنقع رديء، حالة من قلق الأيام والأعوام البعيدة، ترتسم في عينيه الأزقة والدروب، والصامدون على الجراح، والأطفال الضائعين، والمتاجرة في أحلام الفقراء، والحكرة، وسيرة الإنسان في المكان، وأهل الهامش من المسحوقين والتائهين والمكلومين والمهاجرين ومن مرغتهم الحياة…وحٌسَّادٌ النجاح والكلمة، وصراع الأجيال… والرجال الذين غابوا في تراب المقابر…، والشهوة الزائفة، وجنون العظمة، والشهرة بعد الموت، ومن يدعي أنه أنقدك من الويل والموت، والتكريمات الأفاقة…، في هذه الأثناء تذكرت إحدى مواقفه المتميزة كالعادة، “فما من أحد فوق النقد” فقد رأيت أنه يصول ويجول مشرحا نصوص الجميع بمبضع العارف دون خشية من سطوة الأسماء الكبيرة، فهو ينتقد بأسلوب يلغي التبعية الفكرية والفنية دون أن ينتقص من كمية الاحترام التي يكنها لإنجازاتهم، ولم يكن يريد أن يكون محبوباأومرهوبا بمقدار ما تشغله مسألة التعبير عن قناعاته الفكرية دون وصاية أو مصادرة...ذلك أن الكبار قبل الصغار يقعون في أخطاء كبيرة…فقد كتب “أندري جيد” ذات يوم تقريرا عن رواية “مارسيل بروست” ”البحث عن الزمن الضائع” أكد فيه أنها لاتصلح للنشر، ثم ندم على ذلك الحكم بقية حياته…لذلك دخل شكري إلى النصوص التي شرح من خلالها تجربته الابداعية وفهمه لدور الإبداع الأدبي، مغسولا من كافة الأحكام المسبقة…ويبدو أنه كان في هذا الوقت بالذات كمن يقرأ كل أفكاري التي أحملها وأعتقد فيها….
-3-
كان قد أخبرني بأنه تخلى عن جائزته مقابل مبدإ كان يسكنه، ويتمثل في رد الاعتبار للجنوب المتوسطي تضامنا مع قوارب الموت…، مؤكدا على ضرورة رد الاعتبار لساكنته…كما حدثني عمن يخلطون في الاعتبار بين شخصية الانسان وإنتاجاته الإبداعية...وكأنني ما زلت أسمع صدى صوته ونحن ننزل عبر سلاليم مبنى إذاعة طنجة الجهوية، بعدما توقفنا بقاعة الانتظار ، آنذاك وكأنني أرى الشمس وهي لا تكف عن مغازلة ضفائرها الذهبية…وحين رفعت بصري إلى السماء كان كل واحد في اتجاه....
-4-
حتى صاحبي لم يعد…كان قد خرج قبل قليل…سألت لحظة الساعة المعلقة وسط الصالة، والتي توقفت عقاربها برهة ثم سألت الغد…ولم يأت بحثت عنه في الدروب في الأزقة والزوايا في الطوابير المتراصة في “الموقف”وفي الغابات وفي شوارع المدينة المزدحمة، في الممرات وجنب الحدائق، في الدهاليز فوق الأرض وتحتها، بحثت طويلا طويلا…في الصياح والعويل والفحيح، سألت عنه الأيام الماضية التي لم أظفر منها بشيء، وسألت عنه العائدات المقبلات التي لن أترك فيها شيء، وهذه بدايتها، سألت كل غريب ومقيم، سألت كل قادم وسائح وجائل، قيل بأنه لم يمر من هنا، سألت وسألت… وفي خاتمتها لم أظفر بجواب، لا أحد استطاع أن يكشف لي عنه، وتساءلتُ مرة أخرى، أواهُ…قد مات… ولم يجبني إنسان، لقد وتساءلتُ مرة أخرى، أواهُ…قد مات…ومات الطيبون، كلهم غابوا…ثم رحلنا إلى المقبرة….
-5-
في مثل ذلك اليوم….وبعد شرود طويل، حييت “عبدو” وقلت له: لعل “العودُ أحمدُ”، ثم حدجني بنظرة، وقال مغمغما:”لواه العودُ محمدُ”…ثم بدأنا نضحك ونضحك حتى غرقنا في الضحك، ربما لكي لا نصاب بالإحباط والتشتت والضياع الأخير، فقد اختلطت علينا المشاعر…ثم أردف وهو يبحث ويقلب بعض الكتب، وكأنهُ يريدُ أن يُفاجأني بكتاب جديد ككل مرة، لاعليك يا شاعرنا، الحياة كلها لاتستحق، كل ما يجري شيء طبيعي، لابد من الاندفاع والمشاكسة والاختلاف…ما علينا إلا التجاوُز والتعايشُ “والله يسامح”…وحيثُ هناك ضوء…هناك نور….ثم خرجنا نهرولُ كل في اتجاه، حتى أنني لم أكمل شرب قهوتي، فقد كان “عبدو”مسرعا للمهرجان الذي أعد مواد برنامجه منذ ثلاثة أيام، أعرف بأنه لم يأكل ولم ينم جيدا، وإني أراهُ نموذجا لذلك المثقف الحقيقي، في تميزه وكبريائه وتواضعه وعطائه، سعيدٌ ومتفائل دوما، يشتغل في الظل ويُعينُ الجميعَ في المجال الثقافي والإبداعي، وهو لايبخل على أحد…أغبطهُ على سعة صدره، وإني أراهُ الآنَ يبتسمُ ويملأ زَواياهُ سعادة….
نص ومسافة جديدة.
*شتات الرياح والزوابع للكاتب: محمد آيت علو.
1- وماذا كنا نكون غير إحساس مكتهل، وتجاعيد أيام، وبقايا حرمان، وملحمة عشق خرافي، وروح يملكها النزيف، كأس مهانة، يزرعنا التيه في غياهب النسيان، ترسمنا الثانية مجرد إطار لصورة إنسان، نحن الذين كنا ننتظر طيفا يخيط خرق الحال، يبددنا ويرشح قلبنا بفاتحة السؤال، من قال بأن العيون تدري سرالبكاء؟ من قال إن تلك العيون سترسم بالتيه مستقبلا بلا قسمات ، مثل حاضرنا المليء بالنكسات والخسران، والحروب والكوارث وقبح العالم والشتات وغياب القيم وإنسانية الإنسان، حيث أجسادنا خرقة تخاط إلى الأرض ؟
2- سجين بهذه القلعة، سجين سأبقى، حتى تنصفنا إن شئت، مرآتي البحر، وقصري الندى، سجين سأبقى بهذه القلعة، سبعة نوافذ على الريح. عفوا ستة نوافذ على الريح! لاتسأليني يا حلوة العينين، أشعلي نارك في موقدي ، فقلعتي رانت عليها الثلوج ...أذكر خمسة نوافذ على الريح هي بلا شبابيك ، من يصرخ شمالا يا حبيبتي؟ النهرالذي يجري في عنفوان، وهذه أمواج البحر تروح وتعود، بين مد وجزر، فاملئي بيتي عافية، بل الآن نافذتان على الريح، من يتنهدُ شرقاً يا حلوتي ؟ أنت ذاتُك حيث تعرجين آفلة، النوافذُ نافذةٌ يتيمةٌ تُطلُّ على الريح، من ينوح غربا يا أنت؟ أنا الحي الميتُ قادمٌ إلى مثواك، فمن أجل لا شيء، أنا مرمي هنا!!
3- يتكسر الحلمُ في عينيك ، شظايا من بريق، يترنح الهمس سكرانا، قالت ومشت، أعادت القول، دون أن تعانق حلمنا القابع هناك، الآن هي تمشي دون مظلة أو قمر ... قالت وقالت ... ولم أنبس ببنت شفة، لكن الشمسَ تبردُ في جسدي، والدماءُ كالجليد، يعصرُني الصَّمتُ، وأظَلُّ أمشي. أنا منذُ الآنَ:ـ لن أنبسَ ببنت شفَة ...
4- استريحي جانباً على النافورة فدوما تأتين متعبة، ولن ينتابك مني أسى، هكذا افعلي، بربك لا تكثرتي، تباًّ أيُّ سخف ؟! للجحيم كل هذه الخرافات، وهذه الكائنات الخرافية، لللامبالاة كُلَّ المجد، لن أشرئبَّ بعدَ اليوم إلى مالم يفُت طمعاً، ولا ظُنون.
5- رُويداً، رُويداً، لا تُزعجي الهُدوءَ، وَلولي بإيقاع غير شبيه، بطيء، مهلاً! بطيء جداًّ، بربك لا تسأليني، هذا هو الإيقاع الوجيه، ولن يتصيَّدَهُ مُتَصَيّدٌ بعدَ الآنَ أو مُتلمس، غردي، وارقصي هذا هو الإيقاع البطيء، غني للشفق، للقمرالذهبي، هذه هي الشمس قد رحلت وكفى، والأفراح تلتهبُ وتزدانُ، والقلبُ يصيرُ نافورَةَ عطر، والغروب بنفس الإيقاع ، بطيء، بطيء جداًّ…
6-أوتدرين؟ وأنا الحبيسُ هُنَا، لم نحب بما فيه الكفاية، ولم نحب الكائنات والأشياء، وكُنَّا مع ذلك، نملك طفولةً بريئةً، حيث زرقة البحار، وكنا نملك الإختيار، كان اللؤلؤ في أعيننا محار، وكنا نغني تحت ظل أشجار البرتقال، فرحين نرقصُ على إيقاع انسكاب الأمطار، وكان الغناءُ بطيئاً، بطيئاً جداًّ ...
7- السفنُ بدلَ أن تغرقَ ، فهي تطفو، أو تدرين ؟! بالأمس عشرُ سفن غرقَت بالبحر، وأحدُ البحارة جريحٌ، يستنجدُ بمياه محايدة، كُنا …هُناكَ كُنا، حينَها كنت تنظرين إلى زيت القنديل، لقد كنا مرتاحين وبعيدين، وكانت أحلامنا البسيطة مع ذلك مزعجة،تُنوّرُها ومضاتُ المنار، وحيث كانت الحرب لعبة على الوسادة …
8- الـآن أذكـرك يـا نـجمتـي الـطالعة من عـيون الغيب! أذكرك وأنت بدر في ليل الطفولة، وأنت شمس نبوية طالعة، أذكرك جالسة بجواري، وأنا كشيخ صوفي في عزلة على فراش المرض.
أوشيخ صوفي يوصي بإبادة كتبه بالنار، أوتحليلها في الماء، وأن ما أنتجه لم يعد ذا جدوى، فقد صارت الحكاياتُ والخدَعُ الجميلةُ شيطاناًحقيقياً، كلُّها تهالكت، وتشبَّتَ أبطالُ راوييها بخيوط الدُّميَة، وليس لما تحتويه من نواذرَ وجواهرَ وإنَّما لأنَّ العالمَ الذي ستحُلَّ به لن تدخُلَهُ، وأنَّ الواقع مليء بكثرة التشوهات والتجاعيد والتي لم تعد أجود مساحيق تجميل الإبداع قادرةٌ على محو دماتتها...، ولربما كله خواء، والتطهير ماءٌ أو نار…
9- آه ! يا طبيبتي، أذكرك جالسةً بجواري، وأنا الميتُ الولهانُ، وكنت تُصلين من كل الأعماق، تُقبلين جبهةَ القدر، تُرسلينَ باقةً من الصلوات عَلَّها تخترقُ مُدنَ السَّماء، فتأتي بالفَرج الإلهي ...
حيثُ أنا المرميُّ بهذه القلعة، بينَ النَّدَى والبَحر.
10 – هاأنذا مفقودٌ مولودٌ، مولودٌ مفقودٌ، أبحثُ عن نفسي قليلاً، فلا أجدُها إلا ناقصةً مشوهةً، أومجزأة، أتلاشى في ظلام السواد، وفي شفاف البياض، وأضيع في غمرة الوحدة القاتلة بهذه القلعة.
نص ومسافة جديدة.
*شتات الرياح والزوابع للكاتب: محمد آيت علو.
1- وماذا كنا نكون غير إحساس مكتهل، وتجاعيد أيام، وبقايا حرمان، وملحمة عشق خرافي، وروح يملكها النزيف، كأس مهانة، يزرعنا التيه في غياهب النسيان، ترسمنا الثانية مجرد إطار لصورة إنسان، نحن الذين كنا ننتظر طيفا يخيط خرق الحال، يبددنا ويرشح قلبنا بفاتحة السؤال، من قال بأن العيون تدري سرالبكاء؟ من قال إن تلك العيون سترسم بالتيه مستقبلا بلا قسمات ، مثل حاضرنا المليء بالنكسات والخسران، والحروب والكوارث وقبح العالم والشتات وغياب القيم وإنسانية الإنسان، حيث أجسادنا خرقة تخاط إلى الأرض ؟
2- سجين بهذه القلعة، سجين سأبقى، حتى تنصفنا إن شئت، مرآتي البحر، وقصري الندى، سجين سأبقى بهذه القلعة، سبعة نوافذ على الريح. عفوا ستة نوافذ على الريح! لاتسأليني يا حلوة العينين، أشعلي نارك في موقدي ، فقلعتي رانت عليها الثلوج ...أذكر خمسة نوافذ على الريح هي بلا شبابيك ، من يصرخ شمالا يا حبيبتي؟ النهرالذي يجري في عنفوان، وهذه أمواج البحر تروح وتعود، بين مد وجزر، فاملئي بيتي عافية، بل الآن نافذتان على الريح، من يتنهدُ شرقاً يا حلوتي ؟ أنت ذاتُك حيث تعرجين آفلة، النوافذُ نافذةٌ يتيمةٌ تُطلُّ على الريح، من ينوح غربا يا أنت؟ أنا الحي الميتُ قادمٌ إلى مثواك، فمن أجل لا شيء، أنا مرمي هنا!!
3- يتكسر الحلمُ في عينيك ، شظايا من بريق، يترنح الهمس سكرانا، قالت ومشت، أعادت القول، دون أن تعانق حلمنا القابع هناك، الآن هي تمشي دون مظلة أو قمر ... قالت وقالت ... ولم أنبس ببنت شفة، لكن الشمسَ تبردُ في جسدي، والدماءُ كالجليد، يعصرُني الصَّمتُ، وأظَلُّ أمشي. أنا منذُ الآنَ:ـ لن أنبسَ ببنت شفَة ...
4- استريحي جانباً على النافورة فدوما تأتين متعبة، ولن ينتابك مني أسى، هكذا افعلي، بربك لا تكثرتي، تباًّ أيُّ سخف ؟! للجحيم كل هذه الخرافات، وهذه الكائنات الخرافية، لللامبالاة كُلَّ المجد، لن أشرئبَّ بعدَ اليوم إلى مالم يفُت طمعاً، ولا ظُنون.
5- رُويداً، رُويداً، لا تُزعجي الهُدوءَ، وَلولي بإيقاع غير شبيه، بطيء، مهلاً! بطيء جداًّ، بربك لا تسأليني، هذا هو الإيقاع الوجيه، ولن يتصيَّدَهُ مُتَصَيّدٌ بعدَ الآنَ أو مُتلمس، غردي، وارقصي هذا هو الإيقاع البطيء، غني للشفق، للقمرالذهبي، هذه هي الشمس قد رحلت وكفى، والأفراح تلتهبُ وتزدانُ، والقلبُ يصيرُ نافورَةَ عطر، والغروب بنفس الإيقاع ، بطيء، بطيء جداًّ…
6-أوتدرين؟ وأنا الحبيسُ هُنَا، لم نحب بما فيه الكفاية، ولم نحب الكائنات والأشياء، وكُنَّا مع ذلك، نملك طفولةً بريئةً، حيث زرقة البحار، وكنا نملك الإختيار، كان اللؤلؤ في أعيننا محار، وكنا نغني تحت ظل أشجار البرتقال، فرحين نرقصُ على إيقاع انسكاب الأمطار، وكان الغناءُ بطيئاً، بطيئاً جداًّ ...
7- السفنُ بدلَ أن تغرقَ ، فهي تطفو، أو تدرين ؟! بالأمس عشرُ سفن غرقَت بالبحر، وأحدُ البحارة جريحٌ، يستنجدُ بمياه محايدة، كُنا …هُناكَ كُنا، حينَها كنت تنظرين إلى زيت القنديل، لقد كنا مرتاحين وبعيدين، وكانت أحلامنا البسيطة مع ذلك مزعجة،تُنوّرُها ومضاتُ المنار، وحيث كانت الحرب لعبة على الوسادة …
8- الـآن أذكـرك يـا نـجمتـي الـطالعة من عـيون الغيب! أذكرك وأنت بدر في ليل الطفولة، وأنت شمس نبوية طالعة، أذكرك جالسة بجواري، وأنا كشيخ صوفي في عزلة على فراش المرض.
أوشيخ صوفي يوصي بإبادة كتبه بالنار، أوتحليلها في الماء، وأن ما أنتجه لم يعد ذا جدوى، فقد صارت الحكاياتُ والخدَعُ الجميلةُ شيطاناًحقيقياً، كلُّها تهالكت، وتشبَّتَ أبطالُ راوييها بخيوط الدُّميَة، وليس لما تحتويه من نواذرَ وجواهرَ وإنَّما لأنَّ العالمَ الذي ستحُلَّ به لن تدخُلَهُ، وأنَّ الواقع مليء بكثرة التشوهات والتجاعيد والتي لم تعد أجود مساحيق تجميل الإبداع قادرةٌ على محو دماتتها...، ولربما كله خواء، والتطهير ماءٌ أو نار…
9- آه ! يا طبيبتي، أذكرك جالسةً بجواري، وأنا الميتُ الولهانُ، وكنت تُصلين من كل الأعماق، تُقبلين جبهةَ القدر، تُرسلينَ باقةً من الصلوات عَلَّها تخترقُ مُدنَ السَّماء، فتأتي بالفَرج الإلهي ...
حيثُ أنا المرميُّ بهذه القلعة، بينَ النَّدَى والبَحر.
10 – هاأنذا مفقودٌ مولودٌ، مولودٌ مفقودٌ، أبحثُ عن نفسي قليلاً، فلا أجدُها إلا ناقصةً مشوهةً، أومجزأة، أتلاشى في ظلام السواد، وفي شفاف البياض، وأضيع في غمرة الوحدة القاتلة بهذه القلعة.
إبحار إلى ضفاف أخرى وانفتاح حيث الإبداع تعايش وقيم وجمال.
* عبر إصدارات الجديدة للكاتب المغربي محمد آيت علو.
.
للطباعة والنشر والتوزيع Éditions U. Européennes ضمن منشورات
وبالتعاون مع مؤسسة النشرMUSE إصداران جديدان للكاتب المغربي محمد آيت علو، بنسخ أنيقة عالية الجودة، ويقع الكتاب الأول"COMME SI PERSONNE" في مائة صفحة من القطع المتوسط أما المؤلف الثاني "Ombre légère" فيقع في ثمانين صفحة ضمن جنس القصة القصيرة جدا، ولقطات قصصية ومتوالية قصصية قصيرة جدا تكلَّفَتْ بتصميم غلافه مطبعة "Éditions U. Européennes" نظرا للإشادة الكبيرة بالتجربة المميزة من خلال مشروع "نصوص منفلتة ومسافات" فبعد سلسلة نصوص "باب لقلب الريح" بطبعتين ، و"منح باردة" و"كأن لا أحد" ، وهما إصداران لافتان للانتباه - للكاتب المغربي محمد آيت علو- حازا أصداءً إيجابية بدار نشر والترجمة والتوزيع Éditions U. Européennes ، إذ حازت «جائزة الأدب» في مسابقة l’Antre guillemets، ضمت مختارات من نصوصه، التجربة التي لقيت استحسانا كبيرا من تقديم ومراجعة الأكاديمية والكاتبة "فوجيل إيكاترينا" و"الكسندرا رايش" الجامعة الأوروبية للنشر، كما ضمت المجموعة نصا باذخا من ترجمة الأستاذ المغربي مصطفى الزاويت، وهوأبحارإلى ضفاف أخرى، رحلة ثقافية حضارية إنسانية، وقطع المسافات بالمسافات، إمتاع ومؤانسة واصطناع لجسور بصور وبأصوات مشرقة مع الآخر، تواصل واستمرارية حياة، حيث الإبداع سلام وتعايش وقيم وجمال وانفتاح، وأداة فاعلة تمحو تجاعيد الزمن، وسمو بالإنسان حيث الكتابة جزء لا يتجزأ من حياة الأمم والمجتمعات، ولاسيما إذا كانت كتابة مغايرة، باعتبارالكتابة المغايرة تقدم رؤيا أصيلة للعالم، وخاصة حين تستند على أساس فكري وتعيدنا إلى وعينا الحقيقي بالذات وبالعالم، حيث تجاوز اللحظات الصعبة حتى لا ننهار وندخل في متاهات القلق والاكتئاب، وذلك من خلال نصوص تعمل على اصطناع سعادة لروح المتلقي ولو من خلال كوة للفرح، بما يعني العودة إلى الذات التي قادتها للبحث في وجعها الروحي حيث القلق والتيه، والواقع المرغوب وغير المرغوب، وفي ظل غياب المعنى وبشخوص تخوض وحل المسافات اللامتناهية، المترامية المفتوحة على التيه والضياع، شخوص لا تعرف الاستكانة والوثوق بالأرض تحتها، لذلك تجدها دائمة الترحال، نصوص تنفلت من عقالها ومن عقدها وهمومها وآلامها وآمالها، ثم الانطلاق والتحليق خارج المألوف، ولو عبر الحلم... لتعانق من خلالها الخلاص المرغوب/المشتهى، وعبر رحلة لاقتناص الدهشة في غابات الحياة، بجمالها غموضها أسرارها...سفينة وسفر لزرع الآمال في واقع محبط، فضلا عن تميّزها باللغة الشعرية الممتدة على مساحة السرد؛ وهي لغة مبتكرة راقية منمّقة، تأخذنا باتجاه الحيّز الزمكاني الذي يخدم الأحداث، وتنمو في ظله الشخصيات، لقد اجتمعت عناصر السرد جميعها وتآلفت منسجمةً لتأتي بهذا العمل المميّز الذي يأسر المتلقي، ويأخذ به إلى الدهشة والإعجاب، كما تصوّر هذه النصوص الصراعات الحادة، وتختصر الواقع في سردٍ متخيّلٍ يحاكي الإشكاليات المتعددة برمزيةٍ تنضاف إليها الواقعية المعبّر عنها بأسلوبٍ ينطوي على أشكالٍ شتى من المتناقضات مثل الوجود والعدم والموت والحياة، ومصاير ضائعة مضطربة، وكما جاء في الدراسة للأستاذ "نور الدين النوني":"إن النماذج الأدبية المختارة التي تعمدنا أن تكون ممثلة لجميع النصوص التي يتألف منها المتن، جاءت لتجسد مناحي اشتغال الكاتب محمد أيت علو ضمن إطارعام هدفه: «الاحتراق من أجل تأسيس هوية الحداثة»، ونشيده: «معانقة التحول والاستمرار». وهذا الانطلاق هو الذي سيكون المنفذ الوحيد لفهم علائق نصوصه وحضور ظاهرة السردية فيها، باعتبارها عنصرا يمنح المبدع حرية في التعبير ودقة في التصوير، ناهيك عن دورها في تثبيت التواترات ووصف التغيرات.
تشاء إذا نصوص الكاتب محمد أيت علو أن تمنحنا نفسا عميقا، نفسا يفضح علاقته بالكتابة والإبداع، وهو الحال عشناه عند وقوفنا على ناصية أول نصوصه "إلى حين تمطر" واصبع صغير" و"زنانة لا تضيء"، إذ بمجرد انتهائك من قراءتها تحس إحساسا لا مثيل له بأنه لا طعم للحياة ما لم يكن الإنسان متشبعا بالأمل، متمسكا بروح المبادرة، إنه السرد بمقوماته وأساليبه زرع فينا ذلك، ولعلنا بذلك أمام متمكن من تقنياته متمرس بخباياه الفنية عارف بأساليبه الجمالية، لهذا جاءت نصوصه غاية في الجمال والمتعة، يجد فيها القارئ المبحر المتفسح ما يسعده...إن ما يمكنه استخلاصه من هذا التحليل السردي لنصوص الكاتب المغربي محمد أيت علو أنه لم يغفل عن توظيف المقومات السردية، من أحداث وشخصيات وأزمنة وأمكنة...، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على معرفة الفذة بأدبيات السرد الفني الراقي، الذي يحقق المقصود، وينفتح على تأويلات وتفسيرات متجددة، وما ذلك إلا لأنه عبر بلغة مختلفة، لغة يكثر فيها الجمال والسحر، ثم بالبنية السردية وما تكتنفه من أحداث وشخصيات وبيئة زمكانية.
وبالجملة فهي نصوص سردية هاجسها المشترك هو الدعوة إلى التغيير وإعادة بناء الذات والحياة، كما أن المسافات الإبداعية التي يرسمها الكاتب محمد آيت علو في نصوصه، تفتح أمام المتلقي كوة للفرح، وتقحمه بشكل منفلت في مواجهة خبايا الحياة، حيث إن عليه أن يقطع هذه المسافات اللغوية، قصد الإمساك بخيط تلك النصوص، ولن يتأتي له ذلك إلا بفك تلك الرموز المكتوبة، وكشف الدلالات العميقة في سواد الكتابة، والدلالات المغيبة في بياضها، لأنها مسافات نصية، يتداخل فيها الشعري والصوفي، ويمتزج فيها الخيالي بالواقعي، وتتعرى فيها الذات من عقدها، وكبريائها لتفصح عن صراعاتها، ومشاعرها وانفعالاتها، إنها مسافات ملغومة حقا بتشكيلها، ولغتها وشرعيتها وواقعيتها وخيالها وصوفيتها. وكما أشار الأستاذ نور الدين النوني في دراسته لبعض نصوص الكاتب محمد آيت علو المعنونة ب"ظاهرة السردية في كتابات محمد آيت علو: "نكاد نقول: إن ما يمكنه استخلاصه من هذا الرصد والمتابعة لنصوص الكاتب المغربي محمد أيت علو أنه لم يغفل عن توظيف المقومات السردية، من أحداث وشخصيات وأزمنة وأمكنة...، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على معرفته الفذة بأدبيات السرد الفني الراقي، الذي يحقق المقصود، وينفتح على تأويلات وتفسيرات متجددة، وما ذلك إلا لأنه عبَّر بلغة مختلفة، لغة يكثر فيها الجمال والسحر، ثم بالبنية السردية وما تكتنفه من أحداث وشخصيات وبيئة زمكانية، نكاد نقول: إن الكاتب محمد أيت علو أضحى ممن ينبغي أن نعكف على كتبهم رصدا لكل ما يساهم في رقي اللغة والسرد على وجه عام".
تبقى الإشارة في الأخير وعلى الرغم من المحاولات الخجولة من بعض دور النشر العربية في تقديم مؤلفات عربية بلغات أخرى في أوروبا ترويجا للإبداع والثقافة العربية، إلى أنه بات من الضروري إماطة اللثام عن تلك العلاقات التي تنتج ماهية الأدب والإبداع، وتقديم الصورة الحقيقية للمشهد الإبداعي الواعد عندنا والذي يزخر بمواصفات عالمية ويعرف تزايدا في فعل الترجمة وحصد الجوائز مع امتلاك طاقات وإضافات واعدة، لكنها ما زالت لم تحقق الحضور بالشكل الذي يليق بها في مختلف أصقاع العالم، مع الاعتراف الداخلي بدل التعتيم، والمواكبة النقدية الموضوعية، وتعزيز دور المنابر الإعلامية والتي من مهامها توسيع دوائر التلقي وانفتاحه.