في التأديبِ والأدَباء
قالوا في التأديبِ والأدَباء
...
قالت الحُكَماءُ : مَن أدَّبَ وَلَدَهُ صَغيراً سُرَّ بهِ كبيراً ، ومَن أدَّبَ وَلَدَهُ أرغَمَ حاسِدَه .
وقالوا : أطبَعُ الطينِ ما كانَ رَطباً ، وأغرَزُ العودِ ما دامَ لَدناً .
وقالَ ابن عبّاس : مَن لم يَجلسْ في الصِّغَرِ حيثُ يَكرَه ، لم يَجلِسْ في الكِبَرِ حيثُ يُحِب .
وسَمِعَ الأحنَف : التَعَلُّمُ في الصِغَرِ كالنَّقشِ في الحَجَرِ ، فقالَ : الكَبيرُ أكبَرُ عَقلاً ، ولكنَّهُ أشغَلُ قلباً .
وقالَ سيّدنا عليّ رَضيَ اللهُ عنه : قلبُ الحَدَثِ كالأرضِ الخاليةِ إذا أُلقِيَ فيها شَيءٌ قَبِلَته .
وقالوا : نَشاطُ الألبابِ في عَصرِ الشبابِ ، والسؤددُ مَعَ السَّوادِ ، وشواظُ النّارِ قبلَ الرَّماد .
وقالَ الشاعر :
إنَّ الغُصونَ إذا قَوَّمتَها اعتَدَلَت
ولَــــن تَلينَ إذا قَوَّمتَها الخُشُبُ
وقالَ صالح بن عبد القدّوس :
وإنَّ مَــــــن أدَّبــتَــهُ فـي الـصِّـبـا
كــالـعـودِ يُسقى الـمـاءَ من غَرْسِهِ
حــتّـــى تَــراهُ مــورِقــاً نــاضِــراً
بَـعـد الَّذي أبصَـرتَ مــــن يُـبـسِـهِ
والــشَّــيـخُ لا يَــتـرُكُ أخـــلاقَـــهُ
حــتّـى يُـوارى في ثَـرَى رَمــسِــهِ
إذا ارعَـــوى عـــاوَدَهُ جَــــهـــلُـــهُ
كذي الــضَّـــنــا عــادَ إلى نَـكـسِــهِ
لا يَــبــلُــغُ الأعـداءُ مـــن جــاهِـلٍ
مـــا يَـبـلُــغُ الـجـاهِــلُ مـن نَـفسِهِ.
وقالَ عُتبَة بن أبي سفيان لمُعَلّمِ وَلَدِه : لِيَكنْ أوَّل إصلاحِكَ لِوِلَدي إصلاحكَ لِنَفسِك ، فإنَّ عيوبَهم مَعقودَةٌ بِعيبِك ، فالحَسَن عندهم ما صَنَعت ، والقبح عندَهم ما تَرَكت ، عَلِّمهم كتابَ الله ولا تُمهلهم فيه فيتركوه ، ولا تتركهم فيه فَيهجروه ، ورَوِّهم من الحديثِ أشرَفَه ، ومِنَ الشِّعرِ أعَفَّه ، ولا تَنقلهم من علمٍ إلى آخر حتّى يُحكِموه ، فإنَّ ازدحامَ الكلامِ في السَّمعِ مشغَلَةٌ في الفَهمِ ، وعَلِّمهم سِيَرَ الحُكَماءِ ، وأخلاقَ الأدباءِ ، وكنْ لهم كالطبيبِ الَّذي لا يَعجَلُ بالدواءِ قبلَ مَعرِفَةِ الداء ، وجَنِّبهم مُحادَثَةَ النّساء ، واستَزدني بزيادَتكَ إيّاهم أزِدكَ في بِرّي ، وإيّاكَ أن تَتَّكلَ على عُذرٍ منّي ، فقد اتَّكلتُ على كِفايَةٍ منك لي .
قال أسامة سليم :
ثَـقِّـفْ صِـغـارَكَ واستَـرَضِعْ لـهـم غُـزُرَاً
مِـنَ الــكِــرامِ صُـــدورِ الـعـلـمِ والأدَبِ
...
واخـلَـعَ عـليهم مِـنَ الـتَّهذيبِ مَـحمَدَةً
واجـمَـعْ لِـذلـكَ بَـيـنَ الـرَّغْبِ والـرَّهَـبِ
...
خُــلــقُ الــطُّـفـولَـةِ مِطواعٌ ، لَــدانَـتُـهُ
إن قَـوَّمَـتـهـا يَـــدُ الإصلاحِ تَـسـتَـجِبِ
...
واكـسُ الـنُّفوسَ كـتـابَ اللهِ مَـكـرُمَــةً
ومَـــن تَــخَــلَّـقَ بــالـقـرآنِ يُـسـتَـطَـبِ
...
غَذِّ الـعُقولَ كــمـا أشـبَـعـتَ أبـطُـنَـهــم
واشدُدْ مَـقـاوِلَـهـم بِالـشِّـعـرِ والـخُطَـبِ
...
إذا أخَذتَـم بِـــمــا أوصيتُ كـانَ لَــكــم
أعلى المَراتبِ في الدّارينِ يــا ابنَ أبي.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....