أبو نواس
"أبو نواس شاعر عبّاسيّ، كان مشهورًا بالفسقِ والمُجون وشرب الخمر؛ حتى لُقِّب بِشاعر الخمر.
وهذه أبياتٌ مِن شِعرِه:
دعِ المساجدَ للعُبّادِ تسكُنُها :. وَطُف بنا حول خَمَّار لِيسقينا
ما قال ربُكَ ويلٌ للذين سكروا :. ولكنّه قال ويلٌ للمُصلّينَا
فأراد الخليفةُ هارون الرّشيد ضرب عنقه؛ بسبب شِعرِه الماجن، فقال: "يا أمير المؤمنين... الشُّعراء يقولون ما لا يفعلون." فعفَا الخليفةُ عنه.
ولمّا مات لم يُرِد الإمام الشافعيّ -رحمه الله- أن يُصلِّيَ عليه، ولكن عند تغسيلِه وجدوا في جيبِه هذه الأبيات:
يا رب إن عظُمت ذُنُوبي كَثرةً :. فلقد علمتُ بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا مُحسِنٌ :. فبمن يلوذُ ويستَجِيرُ المُجرِمُ!
أدعوك ربِّ كما أمرت تَضرُّعًا :. فإذا رَدَدت يدي فمن ذَا يَرحمُ!
مالي إليك وسيلةٌ إلا الرَّجَا :. وجَميلُ عَفوِكَ ثم إنِّي مُسلِمُ
فلمّا قرأها الإمام الشافعي بكى بكاءً شديدًا؛ وقام للصلاة عليه وجميع من حضرَ من المسلمين."
• البداية والنّهاية | ابن كثير