قوص

(العلاقات تحدد الاضطرابات) :

بقلم د - أحمد القوصي

تعد العلاقات أهم ما يميز الكائن البشري ويرتقي الكائن بارتقاء علاقاته، وتحدد العلاقات شخصية الفرد ونمطه وسماته، بحسب كم وكيف ما يكونه من علاقات، بل وتحدد شكل الاضطراب النفسي في إفراط وتفريط العلاقات، ووقوعها بين السواء والمرض.

أنواع العلاقات:

تبنى العلاقات على أسس متعددة ومختلفة أذكر منها:

* العلاقات ذات الطابع الأخلاقي

والتي تبنى على الحب والاحترام والتقدير، قد يرافقها تحقيق بعض المصالح لكن يظل كل ذلك في قالبه الأخلاقي، وصبغته الإنسانية بعيداً عن الانتهازية والمنفعة الذاتية ويتوسطها التفكير والعاطفة دون أن يجور أحدهما على الآخر.

*العلاقات النفعية البحتة وهي كالتي تحدث في أغلبها في زمننا الرأسمالي المعاصر بين الدول والمؤسسات والشركات؛ إذ تبنى في أغلبها على النفعية المتبادلة أو على الانتهازية التي يستغل فيها القوي حاجة الضعيف له مادياً أو أمنياً وسياسياً، وقد توجد هذه العلاقات النفعية بين الأفراد أيضاً وتقوم على المصالح النفعية الاستغلالية المتبادلة ولا تدوم طويلاً، إذ يدب فيها الخلاف عندما تتوقف الحاجة لأحد الأطراف أو كلاهما، وقد تكون العلاقات النفعية الانتهازية من طرف واحد يستغل فيه حاجة الطرف الآخر أيضا مادياً أو بهدف الحماية، وقد تبقى وتستمر في حالة أن يكون طرفيها أحدهم من النمط السادي المعذب بل متلذذ بتعذيب الآخرين، والآخر المازوخي المتلذذ بوقوع التعذيب عليه والراغب في قبول مبدأ الانتهازية من قبل الآخرين فرد أو جماعة.

فالعلاقات تحدد الاضطرابات، ومن واقع الخبرة الكلينيكية فإن الجميع هنا متعلمون وغير متعلمين تتواجد لديهم الأشكال المختلفة للعلاقات، وبمختلف الأجناس والأنواع والثقافات. وتقوم التربية الإيجابية بأدوار مهمة في تجنيب الخاطئ منها، وترويض أفرادها نحو الأخلاق والوسطية التي تراعي مبدأ النفع دون الإضرار بطرف على حساب طرف، وحتى التضحيات فيها تكون وفق الضرورة، ووفق المبادئ والقيم؛ التي تشبعها الثقافة وترعاها التقاليد وتغذيها التربية.