قد أبيت إلا فقهاً
جاء في [ سير أعلام النبلاء ] للإمام الذهبي :
قال إبراهيم بن أبي عبلة :
بعث إلىّ هشام ( أي ابن عبد الملك ) فقال : إنا قد عرفناك واختبرناك ورضينا بسيرتك وبحالك . وقد رأيت أن أخلطك بنفسي وخاصتي ، وأشركك في عملي . وقد وليتك خراج مصر.
قلت : أما الذي عليه رأيك يا أمير المؤمنين ، فالله يثيبك ويجزيك ، وكفى به جازيا ومثيبا ، وأما أنا فما لي بالخراج بصر ، وما لي عليه قوة .
فغضب حتى اختلج وجهه ، وكان في عينيه حول ،
فنظر إلي نظرا منكرا ، ثم قال : لتلين طائعا أو كارها ،
فأمسكت عن الكلام، حتى رأيت غضبه قد انكسر، وثورته قد طفأت ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، أتكلم؟
قال : نعم .
قلت : إن الله سبحانه قال في كتابه:
{ إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا } ،
فوالله ما غضب عليهن إذ أبين ، ولا أكرههن ،
فضحك حتى بدت نواجذه ،
ثم قال: يا إبراهيم قد أبيت إلا فقهاً ، قد رضينا عنك وأعتبناك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
** هشام بن عبد الملك بن مروان ،، أبو الوليد ،، عاشر خلفاء بني أمية ، كانت خلافته حوالي 20 عاما ، اتسعت فيها رقعة الدولة الإسلامية شرقا وغربا إلى أقصى اتساع ، ( ت 125 ) .
** إبراهيم بن أبي عبلة ( ت 152 هـ ) ،، رضي الله عنه،
قال عنه الإمام الذهبي في ( سير أعلام النبلاء) :
" الإمام القدوة ، شيخ فلسطين ، أبو إسحاق العقيلي الشامي المقدسي ، من بقايا التابعين " . آهـ