من طرائف الأعراب
ذكروا أن الخليفة العباسي المهدي خرج يوما يتصيّد ، فغار به فرسه حتى وقع في خباء أعرابي ، فقال:
يا أعرابي هل من قرى ؟ ( أي طعام الضيف ) .
فأخرج له الأعرابي قرص شعير ، فأكله ، ثمّ أخرج له فضلة من لبن فسقاه ، ثمّ أتاه بنبيذ في ركوة ، فسقاه ،
فلما شرب المهدي قال: أتدري من أنا ؟
قال الأعرابي : لا ،
فقال المهدي: أنا من خدم أمير المؤمنين الخاصة ،
قال الأعرابي: حبا وكرامة ، بارك الله لك في موضعك ،
ثمّ سقاه مرة أخرى ، فشرب ، فقال: يا أعرابي ، أتدري من أنا ؟
قال: زعمت أنك من خدم أمير المؤمنين الخاصة ،
قال : لا، أنا من قادة أمير المؤمنين ،
قال: رحبت بلادك ، وطاب مرادك ،
ثمّ سقاه الثالثة ، فلما فرغ قال : يا أعرابي ، أتدري من أنا ؟
قال: زعمت أنك من قادة أمير المؤمنين ،
قال: لا، ولكني أمير المؤمنين.
فأخذ الأعرابي الركوة فوكأها ، وقال:
إليك عني يا هذا ، فوالله لو شربت الرابعة ، لزعمت أنّك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فضحك المهدي حتى غشي عليه ،
ثمّ أحاطت بهما الخيل، ونزلت إليه الأعيان والأشراف ، فطار قلب الأعرابي
فقال له: لا بأس عليك ، ثمّ أمر له بكسوة ، ومال جزيل.