الناس ثلاثة
من أروع نصائح وحكم الإمام علي بن أبي طالب "رضي الله عنه"..
الناس ثلاثة:
======
(قال كميل بن زياد : أخذ علي بن أبي طالب بيدي، فأخرجني إلى ناحية الجبّانة، فلما أصحرنا جلس ثم تنفس ثم قال: يا كميل بن زياد القلوب أوعية فخيرها أوعاها، احفظ عني ما أقول لك:
الناس ثلاثة: فعالمٌ رباني، ومتعلمٌ على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، العلم يزكو بالإنفاق والمال تنقصه النفقة، ومحبة العلم دين يدان به، العلم يكسب العالم الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته، وصنيعة المال تزول بزواله، مات خزّان الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة؛ هاه هاه إن ههنا – وأشار بيده إلى صدره – علما لو أصبت له حملة، بل أصبته لَقِنَا غير مأمون عليه، يستعمل آلة الدين للدنيا، يستظهر بحجج الله على كتابه، وبنعمه على عباده، أو منقادا لأهل الحق لا بصيرة له في أحِنّائه، ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، لا ذا ولا ذاك، أو منهوما باللذات، سلس القياد للشهوات، أو مغرى بجمع الأموال والإدخار، فهؤلاء ليسوا من دعاة الدين، أقرب شبها بهم الأنعام السائبة، كذلك يموت العلم بموت حامليه، اللهم بلى، لن تخلو الأرض من قائم لله بحججه، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، أولئك هم الأقلون عددا، الأعظمون عند الله قدرا، بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، فاستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمنظر الأعلى، أولئك خلفاء الله في بلاده، ودعاته إلى دينه، هاه هاه شوقا إلى رؤيتهم، وأستغفر الله لي ولك، إذا شئت فقم).
(نقلها: أبو نعيم الأصفهاني في " الحلية " - وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"- والخطيب في "الفقيه والمتفقه")