فضاءات قوص

قوص

فضاء الإبداعات الأدبية والفنية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
الطيب الشنهوري
مسجــل منــــذ: 2013-10-27
مجموع النقط: 823.73
إعلانات


بانَ الخَليطُ

بانَ الخَليطُ
جرير الخطفي
(28 هـ- 110 هـ / 648 م- 728 م )


بانَ الخَليطُ وَلَو طُوِّعتُ ما بانا=وَقَطَّعوا مِن حِبالِ الوَصلِ أَقرانا
حَيِّ المَنازِلَ إِذ لا نَبتَغي بَدَلاً=بِالدارِ داراً وَلا الجيرانِ جيرانا
قَد كُنتُ في أَثَرِ الأَظعانِ ذا طَرَبٍ=مُرَوَّعاً مِن حِذارِ البَينِ مِحزانا
يا رَبُّ مُكتَإِبٍ لَو قَد نُعيتُ لَهُ=باكٍ وَآخَرَ مَسرورٍ بِمَنعانا
لَو تَعلَمينَ الَّذي نَلقى أَوَيتِ لَنا=أَو تَسمَعينَ إِلى ذي العَرشِ شَكوانا
كَصاحِبِ المَوجِ إِذ مالَت سَفينَتُهُ=يَدعو إِلى اللَهِ إِسراراً وَإِعلانا
يا أَيُّها الراكِبُ المُزجي مَطِيَتَهُ=بَلِّغ تَحِيَّتَنا لُقّيتَ حُملانا
بَلِّغ رَسائِلَ عَنّا خَفَّ مَحمَلُها=عَلى قَلائِصَ لَم يَحمِلنَ حيرانا
كَيما نَقولُ إِذا بَلَّغتَ حاجَتَنا=أَنتَ الأَمينُ إِذا مُستَأمَنٌ خانا
تُهدي السَلامَ لِأَهلِ الغَورِ مِن مَلَحٍ=هَيهاتَ مِن مَلَحٍ بِالغَورِ مُهدانا
أَحبِب إِلَيَّ بِذاكَ الجِزعِ مَنزِلَةً=بِالطَلحِ طَلحاً وَبِالأَعطانِ أَعطانا
يا لَيتَ ذا القَلبَ لاقى مَن يُعَلِّلُهُ=أَو ساقِياً فَسَقاهُ اليَومَ سُلوانا
أَو لَيتَها لَم تُعَلِّقنا عُلاقَتَها=وَلَم يَكُن داخِلَ الحُبُّ الَّذي كانا
هَلّا تَحَرَّجتِ مِمّا تَفعَلينَ بِنا= يا أَطيَبَ الناسِ يَومَ الدَجنِ أَردانا
قالَت أَلِمَّ بِنا إِن كُنتَ مُنطَلِقاً=وَلا إِخالُكَ بَعدَ اليَومِ تَلقانا
يا طَيبَ هَل مِن مَتاعٍ تُمتِعينَ بِهِ=ضَيفاً لَكُم باكِراً يا طَيبَ عَجلانا
ما كُنتُ أَوَّلَ مُشتاقٍ أَخا طَرَبٍ=هاجَت لَهُ غَدَواتُ البَينِ أَحزانا
يا أُمَّ عَمروٍ جَزاكِ اللَهُ مَغفِرَةً=رُدّي عَلَيَّ فُؤادي كَالَّذي كانا
أَلَستِ أَحسَنَ مَن يَمشي عَلى قَدَمٍ=يا أَملَحَ الناسِ كُلِّ الناسِ إِنسانا
يَلقى غَريمُكُمُ مِن غَيرِ عُسرَتِكُم=بِالبَذلِ بُخلاً وَبِالإِحسانِ حِرمانا
لا تَأمَنَنَّ فَإِنّي غَيرُ آمِنِهِ=غَدرَ الخَليلِ إِذا ما كانَ أَلوانا
قَد خُنتِ مَن لَم يَكُن يَخشى خِيانَتَكُم=ما كُنتُ أَوَّلَ مَوثوقٍ بِهِ خانا
لَقَد كَتَمتُ الهَوى حَتّى تَهَيَّمَني=لا أَستَطيعُ لِهَذا الحُبُّ كِتمانا
كادَ الهَوى يَومَ سَلمانينَ يَقتُلُني=وَكادَ يَقتُلُني يَوماً بِبَيدانا
وَكادَ يَومَ لِوى حَوّاءَ يَقتُلُني=لَو كُنتُ مِن زَفَراتِ البَينِ قُرحانا
لا بارَكَ اللَهُ فيمَن كانَ يَحسِبُكُم=إِلّا عَلى العَهدِ حَتّى كانَ ما كانا
مِن حُبَّكُم فَاِعلَمي لِلحُبِّ مَنزِلَةً=نَهوى أَميرُكُمُ لَو كانَ يَهوانا
لا بارَكَ اللَهُ في الدُنيا إِذا اِنقَطَعَت=أَسبابُ دُنياكَ مِن أَسبابِ دُنيانا
يا أُمَّ عُثمانَ إِنَّ الحُبُّ عَن عَرضٍ=يُصبي الحَليمَ وَيُبكي العَينَ أَحيانا
ضَنَّت بِمَورِدَةٍ كانَت لَنا شَرَعاً=تَشفي صَدى مُستَهامِ القَلبِ صَديانا
كَيفَ التَلاقي وَلا بِالقَيظِ مَحضَرُكُم=مِنّا قَريبٌ وَلا مَبداكِ مَبدانا
نَهوى ثَرى العِرقِ إِذ لَم نَلقَ بَعدَكُمُ=كَالعِرقِ عِرقاً وَلا السُلّانِ سُلّانا
ما أَحدَثَ الدَهرُ مِمّا تَعلَمينَ لَكُم=لِلحَبلِ صُرماً وَلا لِلعَهدِ نِسيانا
أَبُدِّلَ اللَيلُ لا تَسري كَواكِبُهُ=أَم طالَ حَتّى حَسِبتُ النَجمَ حَيرانا
يا رُبُّ عائِذَةٍ بِالغَورِ لَو شَهِدَت=عَزَّت عَلَيها بِدَيرِ اللُجِّ شَكوانا
إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ=قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا
يَصرَعنَ ذا اللُبَّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ=وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَركانا
يا رُبُّ غابِطِنا لَو كانَ يَطلُبُكُم=لاقى مُباعَدَةً مِنكُم وَحِرمانا
أَرَينَهُ المَوتَ حَتّى لا حَياةَ بِهِ=قَد كُنَّ دِنَّكَ قَبلَ اليَومِ أَديانا
طارَ الفُؤادُ مَعَ الخَودِ الَّتي طَرَقَت=في النَومِ طَيِّبَةَ الأَعطافِ مِبدانا
مَثلوجَةَ الريقِ بَعدَ النَومِ واضِعَةً=عَن ذي مَثانٍ تَمُجُّ المِسكَ وَالبانا
بِتنا نَرانا كَأَنّا مالِكونَ لَنا=يا لَيتَها صَدَّقَت بِالحَقِّ رُؤيانا
قالَت تَعَزَّ فَإِنَّ القَومَ قَد جَعَلوا=دونَ الزِيارَةِ أَبواباً وَخُزّانا
لَمّا تَبَيَّنتُ أَن قَد حيلَ دونَهُمُ=ظَلَّت عَساكِرُ مِثلُ المَوتِ تَغشانا
ماذا لَقيتُ مِنَ الأَظعانِ يَومَ قِنىً=يَتبَعنَ مُغتَرِباً بِالبَينِ ظَعّانا
أَتبَعتُهُم مُقلَةً إِنسانُها غَرِقٌ=هَل يا تُرى تارِكٌ لِلعَينِ إِنسانا
كَأَنَّ أَحداجَهُم تُحدى مُقَفِّيَةً=نَخلٌ بِمَلهَمَ أَو نَخلٌ بِقُرّانا
يا أُمَّ عُثمانَ ما تَلقى رَواحِلُنا=لَو قِستِ مُصبَحَنا مِن حَيثُ مُمسانا
تَخدي بِنا نُجُبٌ دَمّى مَناسِمَها=نَقلُ الحَزابِيِّ حِزّاناً فَحِزّانا
تَرمي بِأَعيُنِها نَجداً وَقَد قَطَعَت=بَينَ السَلَوطَحِ وَالرَوحانِ صُوّانا
يا حَبَّذا جَبَلُ الرَيّانِ مِن جَبَلٍ=وَحَبَّذا ساكِنُ الرَيّانِ مَن كانا
وَحَبَّذا نَفَحاتٌ مِن يَمانِيَةٍ=تَأتيكَ مِن قِبَلِ الرَيّانِ أَحيانا
هَبَّت شَمالاً فَذِكرى ما ذَكَرتُكُمُ=عِندَ الصَفاةِ الَّتي شَرقَيَّ حَورانا
هَل يَرجِعَنَّ وَلَيسَ الدَهرُ مُرتَجِعاً=عَيشٌ بِها طالَما اِحلَولى وَما لانا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة