موعظة
موعظة
سالم بن عبد الله بن عمر لهشام بن عبد الملك
دخـَلَ الخليْفة ُالأمَـوىّ هشـامُ بنُ عَـبْد ِالمَلكِ بن ُ مَروانَ الكَعْـبة َ،
فإذا هو بسالمَ بن ِعَـبْد ِاللهِ (*)، فقــالَ لهُ :
يا سـالمُ ، سَـلـْنِي حـاجة ً أقـْضيْها لكَ .
فقــالَ لهُ :
إنـِّي لأسْـتحْـيي مِنَ اللهِ أنْ أسـألَ في بيْتِ الله ِغـَيْرَ الله ِ.
فلما خـَرَجَ خـَرَجَ في أثـَرهِ ، فقــالَ لهُ :
الآنَ .. ها أنتَ قـدْ خـَرَجْـتَ فسَـلـْنِي حـاجة ً .
فقــالَ لهُ سـالمُ :
أمِن ْحَــوائِـج ِالدُّنيـا أمْ مِن ْحَــوائِـج ِالآخـِرَة ِ؟
فقــالَ الخـَليْفة ُ:
بلْ مِن ْحَــوائِـج ِالدُّنيـا.
فقـالَ لهُ سـالمُ :
ما سـألتُ مَنْ يَملِكُـها فكَـيْفَ أسْـألُ مَنْ لا يَمْلِكُـها ؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)هو الإمامُ الزَّاهِـد ُ ، الحـافِـظ ُ، مُفتي المَديْنةِ ، سـالمُ بنُ عَـبْد ِ
اللهِ بن ُأميْر المؤمنين عُـمَرَ بن ِالخطـَّابِ ..
ولِـدَ في خِـلافةِ عُـثمان ِبن ِعَـفـَّانَ ، ووافـَتـْهُ المَنيَّة ُ فى خِـلافةِ
هِشـامَ بن ِعَـبْدِ المَلِكِ الأمَـوىّ ..
كانَ عالِـماً ، مُتـَواضِعـاً ، لا يَقـْبلُ مِنَ الخـُلـَفـاءِ ، وعُـرِفَ في زمـانِهِ
بزُهْـدِه ِووَرَعِهِ ، وبَلغ َمِنْ زُهْـدِه ِأنـَّهُ لمْ يكنْ ليَجْـمَعَ شَـيْئاً إلا
للـدارِ الآخِـرَة ِ، فقـَدْ آثـَرَ أنْ يُجَهِّـزَ دارَهُ في الآخِـرَةِ ..
قــالَ عَـنهُ الإمامُ مالِك :
( لمْ يكُنْ أحَـدٌ في زمـان ِسـالمَ أشْـبهَ بمَنْ مَضى مِنَ الصَّـالحِـيْنَ
فى الزُّهْـدِ والفـَضْـل ِوالعَـيْش ِمنهُ ) .
وكانَ سَـعِـيْدُ بنُ المُسَـيِّبِ يقـُـولُ :
( أشْـبَهُ ولـَد ِعُـمَرَ بهِ عَـبْـدُ اللهِ ، وأشْـبَهُ ولـَد عَـبْـد ِاللهِ بهِ سـالمُ ،
وهو مِنْ سـاداتِ التـَّابعِـيْنَ وعُـلمـائِـهم وثِقــاتِـهم ) .
وعِـندَما تـَولـَّى عُـمَرُ بنُ عَـبْـدِ العَـزيْز ِالخِـلافة َطـَلـَبَ منهُ أنْ يكْـتـُبَ
لهُ سِـيْرَة ِجَــدِّهما الفـــاروق ِعُـمَرَ بن ِالخـَطـَّابِ ليَهْـتـَدِي النـَّاسُ
بهُـداهُ ، فكَـتـَبَ إليْهِ سـالمُ قــائِـلاً :
( إنَّ عُـمَـرَ كانَ في غيْر ِزمـانِكَ ، ومعَ غيْر ِرجـالِكَ ، وإنـَّكَ إنْ عَـملـْتَ
في زمـانِكَ ورجـالِكَ بمِثـْل ِما عَـمِـلَ بهِ عُـمَـرُ في زمـانِهِ ورجـالِهِ،
كُـنتَ مِثـْلَ عُـمَـرَ وأفـْضـَـلَ) .
رَحِـمَ اللهُ سـالِـمَ وأبــاهُ وجَـدِّهِ والصَّحـابة ورَضى عَـنهُم وأرْضاهُم
َأجْـمَعِـيْنَ ، والتـَّابعِـيْنَ وتـابعِى التـَّابعِـيْنَ بإحْســان ٍإلى يَـوْم ِالدِّيْن ِ .