فضاءات قوص

قوص

فضاء الإبداعات الأدبية والفنية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
الطيب الشنهوري
مسجــل منــــذ: 2013-10-27
مجموع النقط: 1188.8
إعلانات


جاء السحاب بلا مطر

مَا زالَ يرْكضُ بَيْنَ أعْمَاقى

جَوادٌ جَامحٌ..

سَجنوهُ يوما فى دُروبِ المسْتحيلْ..

مَا بَيْنَ أحْلام الليَالى

كانَ يَجْرى كلَّ يَوْم ألفَ مِيلْ

وتكسّرتْ أقدامُهُ الخضراءُ

وانشَطرتْ خُيوط ُالصُّبح فى عَيْنيهِ

وَاختنق الصَّهيلْ

مِنْ يومها وقوافِلُ الأحْزان تـَرتـعُ فى رُبُوعى

والدّماءُ الخضْرُ فى صَمتٍ تسيلْ

من يَومهَا.. والضَّوءُ يَرْحلُ عنْ عُيونى

والنـّخيلُ الشـّامخُ المقهُور

ُ فِى فـَزع ٍ يئنٌ.. ولا يَمِيلْ.

. مَا زالتِ الأشـْبَاحُ تسْكرُ مِنْ دمَاءِ النيلْ

فلتخبرينـِي.. كيف يأتى الصُّبْحُ

والزمَنُ الجمِيلْ..

فأنا وَأنت سَحَابتـَان تـُحلقـَان

على ثـَرى وطن ٍبخيلْ..

من أينَ يأتِى الحُلمُ والأشْباحُ تـَرتعُ حَوْلنا

وتغـُوصُ فى دَمِنا

سِهَامُ البطـْش.. والقـَهْرُ الطـَّويلْ

مِنْ أينَ يأتى الصبْحُ

واللــَّيْـلُ الكئيبُ عَـلى نزَيف عُيُوننـَا

يَهْوَى التـَسَكـُّعَ.. والرَّحيلْ

من أينَ يَأتى الفجْرُ

والجلادُ فى غـُرف الصّغـَار

يُعلمُ الأطفالَ مَنْ سَيكونُ

مِنـْهم قاتلٌ ومَن ِالقتيلْ ..

لا تسْألينى الآنَ عن زَمن ٍجميلْ

أنا لا أحبُّ الحُزن

َ لكن كلُّ أحزانِى جراحٌ

أرهقتْ قلبى العَليلْ..

ما بيْنَ حُلم ٍخانني.. ضاعتْ أغَانِى الحُبّ..

وانطفأتْ شموسُ العُمر.. وانتحَرَ الأصِيلْ..

لكنه قدَرى بأن أحيا عَلى الأطـْلالْ

أرسمُ فى سَوادِ الليل

قِنديلا.. وفجرًا شاحبًا

يتوكـَّآن على بقايَا العُمر

والجسدِ الهزيلْ

إنى أحبُّك

كلما تاهت خـُيوط ُالضَّوء عَنْ عَيْنى

أرى فيكِ الدَّليلْ

إنى أحبـُّك..

لا تكونِى ليلة ًعذراءَ

نامت فى ضُـلـُوعي..

ثم شرَّدَها الرَّحِيلْ..

أنى أحبـُّك...

لا تكـُونى مثلَ كلِّ النـَّاس

عهدًا زائفـًا

أو نجْمة ًضلتْ وتبحثُ عنْ سبيلْ

داويتُ أحْزان القلوبِ

غرسْتُ فى وجْهِ الصَّحاري

ألفَ بسْتان ٍظليلْ

والآن جئتك خائفـًا

نفسُ الوُجوه

تعُودُ مثلَ السّوس

تنخرُ فى عِظام النيلْ..

نفـْسُ الوُجوُه..

تـُطلُّ من خلف النـَّوافذِ

تنعقُ الغرْبانُ.. يَرتفعُ العَويلْ..

نفسُ الوجُوه

على الموائِد تأكلُ الجَسدَ النـَّحيلْ..

نـَفسُ الوجوهِ

تـُطلُّ فوق الشاشَةِ السَّوداءِ

تنشرُ سُمَّها..

ودِماؤنـَا فى نشْوة الأفـْراح

مِنْ فمهَا تسيلْ..

نفسُ الوجوهِ..

الآن تقتحِمُ العَيُونَ..

كأنها الكابُوس فى حلم ٍثقيلْ

نفسُ الوجوه..

تعُودُ كالجُرذان تـَجْريَ خلفنـَا..

وأمَامنا الجلادُ.. والليلُ الطويلْ..

لا تسْألينى الآن عَنْ حُلم جَميلْ

أنا لا ألومُ الصُّبحَ

إن ولــَّى وودّعَ أرضنـَا

فالصبحُ لا يَرضى هَوَان َالعَيْش

فى وَطن ٍذليلْ

أنا لا ألومُ النارَ إن هَدأتْ

وصَارتْ نخوة عرجاء

فى جَسَد عليلْ..

أنا لا ألـُوًمُ النهرَ

إن جفتْ شواطئـُه

وأجدَبَ زرْعُه..

وتكسَّرتْ كالضَّوء فى عَيْنيهِ

أعناقُ النخيلْ..

مادَامَتِ الأشْباحُ تسْكرُ

منْ دمَاء النيلْ..

لا تسَألينى الآنَ..

عن زمن ٍ جميلْ

“قصيدة جاء السحاب بلا مطر سنة 1996”
فاروق جويدة


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة