الله ينصر المظلوم ولو بعد حين
الله ينصر المظلوم ولو بعد حين :
قال عبد الله الخزاعي ، وكان على دار الرشيد وشرطته، أي ما يوازي وزير الداخلية في عصرنا الحالي: أتاني رسول الخليفة هارون الرشيد في ساعة متأخرة من الليل على غير العادة, فانتزعني من موضعي ، ولم يسمح لي حتى بتغيير ثيابي ، فراعني ذلك منه.. فقد كان بنو العباس يدعون الرجل ليلا للمحاكمة وتنفيذ الحكم فيه حيث إن الليل يستر العمل، فلا يتحرج أحد للرجاء والعمل المضاد.. المهم ، يقول: وصلت إلى حيث الرشيد، فوجدته قاعدا على فراشه فسلمت، فسكت ساعة ولم يرد علي .. فطار عقلي وتضاعف جزعي وأنا واقف لم تثبت قدمي على الأرض.. وبينما أنا كذلك ، رفع رأسه وقال لي: يا عبد الله، أتدري لمَ طلبتك في هذا الوقت ؟
قلت: لا والله يا أمير المؤمنين . قال: إني رأيت الساعة في منامي كأن حبشيا قد أتاني ومعه حربة ، فقال لي: إن تخرج موسى بن جعفر الساعة ، وإلا نخزتك بهذه الحربة.. فاذهب يا عبد الله إلى السجن ، وأخرج موسى.. فقلت: يا أمير المؤمنين ، أُطْلِق موسى؟ وأعدتها عليه ثلاث مرات .. فقال لي: نعم امضِ الساعة، وأطلق صراحه، وأعطِه ثلاثين ألف درهم وقل له: إن أحببت المقام قِبَلَنا ، فلك عندي ما تحب.. وإن أردت الذهاب إلى المدينة ، فالإذن في ذلك لك..
فذهبت إلى الحبس لأخرجه ، فلما رآني موسى ، وثب إلي قائما ، وظن أني أُمِرْتُ فيه بمكروه.. فقلت له: لا تخف ، فقد أمرني أمير المؤمنين بإطلاق صراحك ، وأن أدفع إليك ثلاثين ألف درهم ، وهو يقول لك: إن أحببت المقام قبلنا ، فلك ما تحب.. وإن أردت الذهاب إلى المدينة فالأمر لك ، فأنت فيه مخير.. وأعطيت له الثلاثين ألف درهم وخليت سبيله.. وقلت : يا موسى ، لقد رأيت من أمرك عجبا.. قال : فإني أخبرك.. بينما أنا نائم إذ أتاني النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا موسى ، حُبِسْتَ مظلوما فقل هذه الكلمات، فإنك لا تبيت هذه الليلة في الحبس. فقلت: بأبي وأمي ما أقول؟ فقال: قل : يا سامع الصوت ، ويا سابق الفوت ، ويا كاسيَ العظام لحما ، ويا منشرها بعد الموت، أسألك بأسمائك الحسنى وباسمك الأعظم الأكبر ، المخزون المكنون الذي لم يَطَّلع عليه أحد من المخلوقين ، يا حليما ذا أناة ، لا يقوى على أناته ، يا ذا المعروف الذي لم ينقطع أبدا ، ولا يحصى عددا ، فَرِّجْ عني . فكان ما ترى..