الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ
الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ
لغة الحديث:
البِرُّ: الصِّدْقُ والطاعةُ.
الإِثْمُ: الذَّنْبُ، وقيل: هو أَن يعمَل ما لا يَحِلُّ له.
حاكَ : يعني نسج ، يقال حاك الثوبَ يحُوكه حَوْكاً وحِياكاً وحِياكة: نسجه ، وحاكَ الشيءُ في صدري حَوْكاً: رسخ.
شرح الحديث لابن عثيمين:
البر كلمة تدل على كثرة الخير ، قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى
وحسن الخلق أي حسن الخلق مع الله ، وحسن الخلق مع عباد الله ، فأما حسن الخلق مع الله فان تتلقي أحكامه الشرعية بالرضا والتسليم ، وأن لا يكون في نفسك حرج منها ولا تضيق بها ذرعا ، فإذا أمرك الله بالصلاة والزكاة والصيام وغيرها فإنك تقابل هذا بصدر منشرح ، وكذلك حسن الخلق مع الله في أحكامه القدرية ، فالإنسان ليس دائما مسرورا حيث يأتيه ما يحزنه في ماله أو في أهله أو في نفسه أو في مجتمعه والذي قدر ذلك هو الله عز وجل فتكون حسن الخلق مع الله ، وتقوم بما أمرت به وتنزجر عما نهيت عنه.
أما حسن الخلق مع الناس فهو بذل الندى وكف الأذى والصبر على الأذى ، وطلاقة الوجه .
وهذا هو البر والمراد به البر المطلق ، وهناك بر خاص كبر الوالدين مثلا وهو الإحسان إليهما بالمال والبدن والجاه وسائر الإحسان .
أما الإثم فهو ضد البر لأن الله تعالى قال : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ
فالإثم ما حاك في نفسك أي تردد وصرت منه في قلق وكرهت أن يطلع عليه الناس لأنه محل ذم وعيب ، فتجدك مترددا فيه وتكره أن يطلع الناس عليك وهذه الجملة إنما هي لمن كان قلبه صافيا سليما ، فهذا هو الذي يحوك في نفسه ما كان إثما ويكره أن يطلع عليه الناس ، أما المتمردون الخارجون عن طاعة الله الذين قست قلوبهم فهؤلاء لا يبالون ، بل ربما يتبجحون بفعل المنكر والإثم .
من فوائد الحديث :
1. أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم ، يتكلم بالكلام اليسير وهو يحمل معاني كثيرة لقوله (البر حسن الخلق ) كلمة جامعة مانعة .
2. الحث على حسن الخلق وأنك متى أحسنت خلقك فإنك في بر .
3. إن المؤمن الذي قلبه صافٍ سليم يحوك في نفسه الإثم وإن لم يعلم أنه إثم .
4. إن الرجل المؤمن يكره أن يطلع الناس على آثامه لقوله :وكرهت أن يطلع عليه الناس ، أما الرجل الفاجر المتمرد فلا يكره أن يطلع الناس على آثامه، بل من الناس من يفتخر ويفاخر بالمعصية .
انتهى كلامه رحمه الله.
وقريب من هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتَوك"