الإصلاح التربوي في الجزائر
مقدمة
تؤكد كل المؤشرات ان التحديات التي يواجهها العالم في هذا القرن الجديد هي تحديات العولمة والعولمة تعني النظام الذي تفرضه المجتمعات المتقدمة علميا وتكنولوجيا واقتصاديا على الدول المتخلفة في نفس المجالات .وهو نظام يرتكز على المعلوماتية وتكنولوجيا الاتصال التي جعلت من العالم قرية متقاربة الاطراف وقد يصبح في القريب العاجل التنقل بين الكواكب امر بسيط وعادي .والامي اليوم هو من لايعرف استخدام الاجهزة المعلوماتية وبالتالي يصبح من يمتلك هذه الوسائل ويحسن استخدامها يجد مكانا له بين مجتمعات المعمورة ومن يفتقر اليها يذوب كيانه وتضمحل مقوماته.
ولا يوجد افضل من المدرسة لمواجهة هذه الحتمية او التحديات المفرضة ،لانها الركيزة التي يعتمد عليها في بناء الاجيال ومنها ينطلق كل تغيير في بناء العقول والذوات وبها ينتقل المجتمع من منطق التصنيع الى منطق العلم والمعلوماتية.ومن هنا يصبح اصلاح المنظومة التربوية اكثر من ضرورة.
ان قطاع التربية والتعليم قطاع اساسي ومرجعي ومنبع للعديد من القطاعات الاجتماعية والاقتصادية الاخرى ،واننا اينما اتجهنا في العالم نجد الدول تحاول تحسين التعليم بالعديد من الطرق والوسائل وذلك بزيادة عدد سنوات التمدرس او بتغيير المناهج والمقررات الدراسية او بتقليص عدد التلاميذ في الحجرة الدراسية او بادخال تكنولوجيا التعليم او بمنح الاستقلالية وبعض الصلاحيات لاتخاذ القرارات على مستوى المدرسة الى غيرها من الطرق والوسائل.
ان المدرسة الجزائرية، مثل أية مدرسة في العالم ، تحتاج دائما الي مراجعة واعادة النظر وتطوير وهو ما يطلق عليه عادة الاصلاح، و النفوس مُهيأة فعلا منذ سنوات طويلة لادخال تعديلات وتغييرات تتماشي مع حقائق المجتمع المتغيرة والمتطورة .
لماذا الاصلاح؟
اصبح التعليم لصيق بقضايا التنمية الشاملة ووسيلة للحراك الاجتماعي والاقتصادي ،وعلى هذا الاساس ظهر وعي في دول كثيرة بضرورة مراجعة انظمة التعليم بها ،والبحث عن اجراءات فاعلة للنهوض بهذه الانظمة ،كما ازدادت حركة انفتاح الانظمة التعليمية على التجارب الدولية الناجحة سعيا الى الاقتباس منها في بعض جوانب القوة وسمات الفعالية واسباب الكفاية والكفاءة؟،ذلك ان تجارب تجارب الدول في تطوير التعليم واصلاح شؤونه هيتجارب انسانية تتعلق ببناء البشر واعداد الفرد الى المستقبل وتمكينه من التكييف مع ذا المستقبل المجهول ومايطرحه من تحديات بل السيطرة على مفجاته ومخاطره مما يتطلب الامر تنمية قدراته وتلبية حاجياته واشباع ميوله حتى يكون قادرا على تنمية مجتمعه وتحقيق مطالبه واهدافه.
مدخلات سياسية للاصلاح الجديد
الى جانب المدخلات الاجتماعية والمدخلات الاقتصادية نقدم بعض المدخلات السياسية من باب الانصاف لمجمل العوامل التي اثرت على تبني الاصلاح الجديد.
لقد شكل التعليم أحد الأولويات الأساسية في السياسة التنموية الشاملة التي اتبعتها الدولة مباشرة بعد حصولها على استقلالها في 5 جويلية 1962.
وكرس الدستور الجزائري الصادر سنة 1963 والمواثيق والنصوص الأساسية المرجعية التي تستمد منها السياسة التعليمية التعليم كعنصر اساسي لأي تغيير اقتصادي واجتماعي.
وتشكل الأمرية رقم 76 . 35 المؤرخ في 16 أفريل 1976 أول نص تشريعي على هذا المستوى بوضعه المعالم والأسس القانونية للنظام التعليمي الجزائري وشكل الإطار التشريعي لسياسة التربية التي ترتكز على :
1-تأصيل الروح الوطنية والهوية الثقافية لدى الشعب الجزائري ونشر قيمه الروحية وتقاليده الحضارية واختياراته الأساسية.
2-تثقيف الأمة، بتعميم التعليم والقضاء على الأميـة وفتح باب التكوين أمام جميع المواطنين على اختلاف أعمارهم و مستوياتهم الاجتماعية
3-تكريس مبادئ التعريب و الديمقراطية و التوجيه العلمي و التقني.
4-ضمان الحق في التعليم و مجانيته وإلزاميته
ولان مفهوم التعليم قد تطور تطورا عميقا منذ اكثر من عقدين،بفضل البحث في تعلمية المواد،تجربة المدارس النشطة، التربية الحديثة،بداغوجية المشاريع،المقاربة التفاعلية،التعاونية والتشاورية.ومن ثم فان تعليم اليوم لا يقتصر على صب المعلومات فحسب بل يعتمد اساس على جعل التلميذ في وضعيات تحفزه وتكسبه معنى للمعرفة والعمل المدرسي. ولقد شهدت الجزائر منذ فترة جدلا حادا حول اصلاح التعليم، وذلك منذ ان اختير السيد بن زاغو رئيسا للجنة اصلاح المنظومة التربوية ،وهو يقف بين التيار الوطني والاسلامي من جهة، والتيار اليساري والعلماني من جهة اخري، وارتفعت حرارة هذا الجدل مع تقديم اللجنة تقريرها النهائي، حيث تسربت انباء عن بداية تطبيق توصياته دون مروره عبر المؤسسات الدستورية، ومناقشته في البرلمان من طرف نواب الشعب.
ويتهم اعضاء من لجنة اصلاح المنظومة التربوية، المدرسة الجزائرية بانها مصدر لتخريج الارهابيين الذين شكلوا الجماعات المسلحة التي تمارس العنف والتقتيل منذ عشر سنوات، لان مناهجها ذات طابع عتيق وديني وكتبت باللغة العربية بينما الفرنسية مصدر للحداثة والتنوير.
ويفتح تقرير بن زاغو الباب واسعا امام اعادة فرنسة المدرسة الجزائرية، من جديد بعد تعريب كل مراحلها منذ استقلال البلاد عام 1962. ويريد التقرير بقرار اداري فرض الفرنسية علي الجزائريين واقصاء الانكليزية وغيرها من اللغات الاجنبية، علي الرغم من ان الفرنسية تعاني الكثير من المشاكل، بشهادة اهلها، وحتي الفرنسيين انفسهم عندما يريدون ان يكسبوا طابع العالمية يكتبون بالانكليزية.
وهناك نظرتان متطرفتان للمنظومة التربوية في الجزائر، فهناك نظرة الجماعة التي تري ان الجيل الجزائري الحالي منكوب لان المدرسة الجزائرية، عربته واعطته قيم دينه الاسلامي، وهنالك نظرة متطرفة أخرى مقابلة لها تماما وعلي النقيض منها تري ان الجيل الجزائري منكوب لانه لم يتلق في المدرسة قيم العروبة والاسلام.
ان كلا النظرتين فيها تطرف ومبالغ فيها، فالمدرسة الجزائرية ليست بالحد ولا بالقدر الذي ارادوا ان يصوروه، وهي مدرسة جزائرية نبتت في صلب المجتمع الجزائري، واستوعبت قيم المجتمع عقيدة ولغة ودينا وحاولت ان تتخطي الصعاب لان المدرسة الجزائرية نشأت من عدم، والمدرسة التي كانت موجودة قبل الاستقلال هي مدرسة فرنسية في الجزائر، فلا الجيل الجزائري الآن منكوب بعدم اسلاميته وعروبته، ولا الجيل الجزائري منكوب الآن باسلاميته وعروبته، فكلا النظرتين فيها تطرف ومبالغة، وموضوع المدرسة الجزائرية مطروح بشكل غير صحيح، وهنالك خلط واضح في ما يقال عن واقع المدرسة الآن، فهي حاليا مدرسة معربة من السنة الاولي الابتدائية الي البكالوريا، تعلم التاريخ العربي والاسلامي والامازيغي، وتعلم التربية الاسلامية وتحفظ القرآن .
ان المعركة الحقيقية هي تطوير المدرسة الجزائرية بحيث تكون قادرة على تحقيق التقدم والتغير ولكن من منظور ثوابتها الموجودة حاليا
تؤكد كل المؤشرات ان التحديات التي يواجهها العالم في هذا القرن الجديد هي تحديات العولمة والعولمة تعني النظام الذي تفرضه المجتمعات المتقدمة علميا وتكنولوجيا واقتصاديا على الدول المتخلفة في نفس المجالات .وهو نظام يرتكز على المعلوماتية وتكنولوجيا الاتصال التي جعلت من العالم قرية متقاربة الاطراف وقد يصبح في القريب العاجل التنقل بين الكواكب امر بسيط وعادي .والامي اليوم هو من لايعرف استخدام الاجهزة المعلوماتية وبالتالي يصبح من يمتلك هذه الوسائل ويحسن استخدامها يجد مكانا له بين مجتمعات المعمورة ومن يفتقر اليها يذوب كيانه وتضمحل مقوماته.
ولا يوجد افضل من المدرسة لمواجهة هذه الحتمية او التحديات المفرضة ،لانها الركيزة التي يعتمد عليها في بناء الاجيال ومنها ينطلق كل تغيير في بناء العقول والذوات وبها ينتقل المجتمع من منطق التصنيع الى منطق العلم والمعلوماتية.ومن هنا يصبح اصلاح المنظومة التربوية اكثر من ضرورة.
ان قطاع التربية والتعليم قطاع اساسي ومرجعي ومنبع للعديد من القطاعات الاجتماعية والاقتصادية الاخرى ،واننا اينما اتجهنا في العالم نجد الدول تحاول تحسين التعليم بالعديد من الطرق والوسائل وذلك بزيادة عدد سنوات التمدرس او بتغيير المناهج والمقررات الدراسية او بتقليص عدد التلاميذ في الحجرة الدراسية او بادخال تكنولوجيا التعليم او بمنح الاستقلالية وبعض الصلاحيات لاتخاذ القرارات على مستوى المدرسة الى غيرها من الطرق والوسائل.
ان المدرسة الجزائرية، مثل أية مدرسة في العالم ، تحتاج دائما الي مراجعة واعادة النظر وتطوير وهو ما يطلق عليه عادة الاصلاح، و النفوس مُهيأة فعلا منذ سنوات طويلة لادخال تعديلات وتغييرات تتماشي مع حقائق المجتمع المتغيرة والمتطورة .
لماذا الاصلاح؟
اصبح التعليم لصيق بقضايا التنمية الشاملة ووسيلة للحراك الاجتماعي والاقتصادي ،وعلى هذا الاساس ظهر وعي في دول كثيرة بضرورة مراجعة انظمة التعليم بها ،والبحث عن اجراءات فاعلة للنهوض بهذه الانظمة ،كما ازدادت حركة انفتاح الانظمة التعليمية على التجارب الدولية الناجحة سعيا الى الاقتباس منها في بعض جوانب القوة وسمات الفعالية واسباب الكفاية والكفاءة؟،ذلك ان تجارب تجارب الدول في تطوير التعليم واصلاح شؤونه هيتجارب انسانية تتعلق ببناء البشر واعداد الفرد الى المستقبل وتمكينه من التكييف مع ذا المستقبل المجهول ومايطرحه من تحديات بل السيطرة على مفجاته ومخاطره مما يتطلب الامر تنمية قدراته وتلبية حاجياته واشباع ميوله حتى يكون قادرا على تنمية مجتمعه وتحقيق مطالبه واهدافه.
مدخلات سياسية للاصلاح الجديد
الى جانب المدخلات الاجتماعية والمدخلات الاقتصادية نقدم بعض المدخلات السياسية من باب الانصاف لمجمل العوامل التي اثرت على تبني الاصلاح الجديد.
لقد شكل التعليم أحد الأولويات الأساسية في السياسة التنموية الشاملة التي اتبعتها الدولة مباشرة بعد حصولها على استقلالها في 5 جويلية 1962.
وكرس الدستور الجزائري الصادر سنة 1963 والمواثيق والنصوص الأساسية المرجعية التي تستمد منها السياسة التعليمية التعليم كعنصر اساسي لأي تغيير اقتصادي واجتماعي.
وتشكل الأمرية رقم 76 . 35 المؤرخ في 16 أفريل 1976 أول نص تشريعي على هذا المستوى بوضعه المعالم والأسس القانونية للنظام التعليمي الجزائري وشكل الإطار التشريعي لسياسة التربية التي ترتكز على :
1-تأصيل الروح الوطنية والهوية الثقافية لدى الشعب الجزائري ونشر قيمه الروحية وتقاليده الحضارية واختياراته الأساسية.
2-تثقيف الأمة، بتعميم التعليم والقضاء على الأميـة وفتح باب التكوين أمام جميع المواطنين على اختلاف أعمارهم و مستوياتهم الاجتماعية
3-تكريس مبادئ التعريب و الديمقراطية و التوجيه العلمي و التقني.
4-ضمان الحق في التعليم و مجانيته وإلزاميته
ولان مفهوم التعليم قد تطور تطورا عميقا منذ اكثر من عقدين،بفضل البحث في تعلمية المواد،تجربة المدارس النشطة، التربية الحديثة،بداغوجية المشاريع،المقاربة التفاعلية،التعاونية والتشاورية.ومن ثم فان تعليم اليوم لا يقتصر على صب المعلومات فحسب بل يعتمد اساس على جعل التلميذ في وضعيات تحفزه وتكسبه معنى للمعرفة والعمل المدرسي. ولقد شهدت الجزائر منذ فترة جدلا حادا حول اصلاح التعليم، وذلك منذ ان اختير السيد بن زاغو رئيسا للجنة اصلاح المنظومة التربوية ،وهو يقف بين التيار الوطني والاسلامي من جهة، والتيار اليساري والعلماني من جهة اخري، وارتفعت حرارة هذا الجدل مع تقديم اللجنة تقريرها النهائي، حيث تسربت انباء عن بداية تطبيق توصياته دون مروره عبر المؤسسات الدستورية، ومناقشته في البرلمان من طرف نواب الشعب.
ويتهم اعضاء من لجنة اصلاح المنظومة التربوية، المدرسة الجزائرية بانها مصدر لتخريج الارهابيين الذين شكلوا الجماعات المسلحة التي تمارس العنف والتقتيل منذ عشر سنوات، لان مناهجها ذات طابع عتيق وديني وكتبت باللغة العربية بينما الفرنسية مصدر للحداثة والتنوير.
ويفتح تقرير بن زاغو الباب واسعا امام اعادة فرنسة المدرسة الجزائرية، من جديد بعد تعريب كل مراحلها منذ استقلال البلاد عام 1962. ويريد التقرير بقرار اداري فرض الفرنسية علي الجزائريين واقصاء الانكليزية وغيرها من اللغات الاجنبية، علي الرغم من ان الفرنسية تعاني الكثير من المشاكل، بشهادة اهلها، وحتي الفرنسيين انفسهم عندما يريدون ان يكسبوا طابع العالمية يكتبون بالانكليزية.
وهناك نظرتان متطرفتان للمنظومة التربوية في الجزائر، فهناك نظرة الجماعة التي تري ان الجيل الجزائري الحالي منكوب لان المدرسة الجزائرية، عربته واعطته قيم دينه الاسلامي، وهنالك نظرة متطرفة أخرى مقابلة لها تماما وعلي النقيض منها تري ان الجيل الجزائري منكوب لانه لم يتلق في المدرسة قيم العروبة والاسلام.
ان كلا النظرتين فيها تطرف ومبالغ فيها، فالمدرسة الجزائرية ليست بالحد ولا بالقدر الذي ارادوا ان يصوروه، وهي مدرسة جزائرية نبتت في صلب المجتمع الجزائري، واستوعبت قيم المجتمع عقيدة ولغة ودينا وحاولت ان تتخطي الصعاب لان المدرسة الجزائرية نشأت من عدم، والمدرسة التي كانت موجودة قبل الاستقلال هي مدرسة فرنسية في الجزائر، فلا الجيل الجزائري الآن منكوب بعدم اسلاميته وعروبته، ولا الجيل الجزائري منكوب الآن باسلاميته وعروبته، فكلا النظرتين فيها تطرف ومبالغة، وموضوع المدرسة الجزائرية مطروح بشكل غير صحيح، وهنالك خلط واضح في ما يقال عن واقع المدرسة الآن، فهي حاليا مدرسة معربة من السنة الاولي الابتدائية الي البكالوريا، تعلم التاريخ العربي والاسلامي والامازيغي، وتعلم التربية الاسلامية وتحفظ القرآن .
ان المعركة الحقيقية هي تطوير المدرسة الجزائرية بحيث تكون قادرة على تحقيق التقدم والتغير ولكن من منظور ثوابتها الموجودة حاليا