من انا.......ومن انت...........6
من انا..............ومن انت...........6
أنا ما يعتقده والدي؟
ومن هم الذين نستمع إلى أصواتهم أكثر من غيرهم؟ إنهم والدينا أو من تولوا تربيتنا. فكم هو عدد الأسماء والألقاب التي أعطيانا إياها؟ وكم من هذه الأسماء أخذناه واعتبرناه من نحن عليه؟ جميع تلك الآراء... "أنت لا تفهم" "أنت خجول" "أنت لا تعرف التحدث بلباقة" "أنت تحب الأكل"... فبعد الاستماع لهذه الجمل لسنوات عديدة وبشكل يومي نجد أنفسنا نخبر الجميع بأن هذا هو ما نحن عليه! فبعضنا يأخذ هذه الآراء باستسلام ويعتمدها لنفسه، بينما هناك من يذهب في عكس الاتجاه ليثبت فقط بأنه ليس هذه التعاريف التي وضعوها! ولا نعلق في فكرة من يعتقدنا الناس وحسب بل من يتوقعون لنا أن نكون أيضاً!
لا أعتقد بأن هناك والدان راضيان عن أبنائهم لأنه غالباً ما يكبر الطفل ليصبح شخصا غير الذي كانا يتوقعانه منه. ولكن خيبة أمل الأهل فينا لا تعني بأن هناك خلل ما بنا أو بأننا فاشلين... ولكن تلك الفكرة أو القالب الذي وضعاه لنا من الصغر لا بد أن يتحطم إذا تعارض مع الدور الذي جاء الطفل ليقوم به في هذا العالم. إن الوالدة أو الوالد الحكيم يعرف بأن كل طفل متميز وكل طفل يمشي بطريق مختلف... لذا لا ينبغي علينا أن نقلق مما يفكرون (هم) به، فالأمر غير مهم... في الحقيقة عندما نحاول أن نصبح الشخص الذي يريده لنا أحد ما... فنحن نبتعد تماماً عن حقيقتنا!
قد تؤدي عملية البحث عن حقيقتنا في بعض الأحيان إلى عدم رضا الآخرين والابتعاد عن "العرف السائد" و"طريقة الحياة العادية" ولكن لا ينبغي لهذا أن يوقفنا أبداً... فهذا ما يحدث عندما يتوقع الناس أمراً ولا يحدث. ولكنها حياتك أنت ولا أحد سيعيشها بدلاً منك... فاضحك على الأمر لأنه مضحك وستعرف ذلك فيما بعد!
صناديق اقتراع لأراء المجتمع!
إلى جانب ما يعتقده الوالدان فهناك ما يعتقده المجتمع أيضاً... أي سمعتنا وأوضاعنا الاجتماعية، فبينما يرضي البعض نفسه بإيجاد سمعة طيبة له يلجأ آخرون على الحصول على السمعة السيئة في سبيل الشهرة... ولكن سواء كنا مشهورين أو غير مشهورين، معروفين أو غير معروفين، محترمين أو غير محترمين... كل هذا يعتمد على اهتمامنا بآراء الآخرين حولنا! ولكن لم كل هذا الاهتمام؟ لأنه تم تدريبنا على أن نرى أنفسنا من خلال الآخرين، على أن نقارن ونقيس أنفسنا بهم وعلى أن نستمع لهم بدلاً من الاستماع إلى أنفسنا. فقبل أن نرى جمال العشب الذي لدينا... أخبرونا بأنه يوجد عشب أكثر خضرة في الجهة المقابلة!!!
واعتدنا أيضاً على إخبار الجميع بوضعنا الاجتماعي فأصبحنا نضيف الأحرف والكلمات بل والجمل أيضاً قبل أسمائنا ليعرف الآخرون بحالتنا الاجتماعية وجنسنا وتعليمنا ومناصبنا... فأنت إما ( أ. أو د. أو م.)، إما سيد أو سيدة أو آنسة، إما صاحب الجلالة أو فخامة الملك أو معالي الوزير... وهناك من هم سعيدون بالألقاب المنتشرة عنهم والمشهورين بها مثل "المتهور!" و"الشقراء!" و"اللطيفة!"... ونستمر في تغيير تعريفنا لأنفسنا كما نغير نكهات العصير!
ولكن في نهاية اليوم، هل أنت هذه الشهرة أو هذا اللقب الاجتماعي؟ هل أنت آراء الآخرين وأحكامهم عليك وتوقعاتهم لك؟ إننا نهتم كثيراً لأمر الأحكام... فنغضب عندما يكون هناك شخصاً يطلق الأحكام جزافاً على الناس، ولكن هل هي مهمة إلى هذه الدرجة؟ إنها مجرد أفكار والأفكار هي الأمر الوحيد الذي يبرع به العقل!
إن كل فكرة لدينا هي نوع من الحكم... حتى "العشب لونه أخضر" أو "البيتزا سيئة" أو "تلك المرأة غير شريفة!"، ماذا يمكن لهذه الكلمات أن تغير؟ إنها مجرد كلمات والكلمات مجرد أفكار! والكلمات والأفكار مثل الغيوم التي تسبح في السماء... فهي تذهب وتأتي ولكنها ليست أنت، ألقِ نظرة على الصحيفة... كل أولئك المشاهير من نجوم الأفلام والغناء والسياسة، إنهم حديث اليوم والقمامة المتكدسة في الغد! فهل أنت فكرة لدى الآخرين؟ فكر مرة أخرى!
وكما ترى فقد كنت أعتقد بأني عبارة عن مشاعري وإحساسي.. كل ذاك الذنب والعار والحزن وخيبة الأمل والكره الذاتي هو أنا! ولكن بعد سنوات من التأمل هل تعرف ما الذي وجدته؟ بأن مشاعري مهما كانت فهي ليست أنا... لكي تتضح الصورة أكثر، لا بد لك أن تعلم بأنك موجود قبل المشاعر أي أنها تأتي لأنك أنت موجود! فقد أتيت قبلها... كأنك أنت السماء وعواطفك هي الغيوم التي تنتقل فيها.. فبعض الغيوم بيضاء وجميلة وبعضها رمادي وينذر بالخطر وبعضها يحمل الأمطار ولكن جميعها تظهر وتختفي بشكل طبيعي... هكذا هي العواطف تظهر من الأفكار لتبقى في الجسد لفترة ما وبعد ذلك تذهب بسرعة كما ظهرت بسرعة! لذا متى ما قرعت التعاسة على بابك لا تحبسها خارجاً وتحاول إبعادها، بل افتح لها الباب ودعها تدخل... فهي لا تستطيع أن تبقى للأبد! لأنه لا بد للسعادة أن تتبعها! بالإضافة إلى أن التعاسة تعطي معنا للحياة... لكي ترى كل جوانب الوجود.
إن الهدف من الحياة لا أن تكون خالياً من العواطف متجرداً منها 100% طوال الوقت! كلا، فستكون رجلا آلياً! ولكن دع العواطف تنساب من نفسها وأنت عالم بأنك أبعد من حدودها... فلدي الكثير من العواطف ولكني أعلم بأنها ليست أنا! ولذا عندما تعتقد في المرة المقبلة "يا إلهي، أنا حزين" أو "أنا غاضب" أو حتى "أنا سعيد" لاحظ... هل هذا أنا؟ كيف تصنف نفسك؟ سريع التأثر أو لا؟ عاطفي أو مزاجي أو عنيف؟ منفتح وحساس؟ أو منغلق وصعب المراس؟ أو عديم الإحساس؟ راقب ما هي الأحاسيس التي تتمسك بها وما التي تتجنبها... واسأل هل هي أنا؟ في الواقع جميع الأفكار الرائعة والمشاعر السعيدة تأتي وتذهب ولكن ما يتبقى هو "أنت" الأساسية!
ماذا عن المآسي العائلية؟
جميعنا لدينا قصص "الحظ العاثر" و"الأوقات الصعبة" و"يا لي من مسكين!" ونحفظها في مكان ما لنسردها متى ما أردنا بعض الشفقة! ولكن علينا أن نرى هذه القصص بوضوح ونتخطّاها لكي نستطيع السير في رحلة الحياة والوصول إلى الحقيقة... وأن نعرف بأني لست طفولتي ولا عائلتي ولا تاريخي ولا مأساة عائلتي! وإذا أردت أن تتحقق من صحة ما أقوله ينبغي عليك أن تنظر عميقاً في حياتك وعقلك وأن تمضي وقتاً أكثر في التأمل والهدوء!
وبعد رؤية كل شيء بوضوح ستبكي وستحتفل في نفس الوقت! ستشكر والدتك لأنها جاءت بك إلى هذه الحياة... ستشكر كل شيء سيء حصل في حياتك لأنه أخذك لكل شيء رائع فيها! ستشكر ألمك ومعاناتك لمساعدتهما لك وجعلك تستيقظ وتبدأ البحث.