إن جملة "أنت هو أنت" تبدو بسيطة ولكن ماذا تعني بالضبط؟ لقد استغرق مني الأمر سنين لكي أستطيع أن أقول بأنها "أنت هو أنت!" أنت ذاك الشيء، أنت كما أنت تكفي دون الحاجة إلى أي مكان تذهب إليه أو أمر تقوم به أو شخص لتصبح مثله! فأنت مثالي وكامل تماماً كما أنت إلا أنك لا تعلم بعد بهذا!
أن تكون أنت هو أنت أي أن تكون على حقيقتك... أنك لا تحتاج إلى الابتكار أو البناء أو إيجاد شيء جديد.. والأمر لا يتعلق بتغيير أو تحسين أو تطوير "أنت" القديمة لتصل إلى الجديدة لأنك لست هذه ولا تلك بل كلاهما معاً! كل ما تحتاج إليه أن تفتح عينيك وتستيقظ من أجل "أنت" الحقيقية.. إنها في الواقع الرحلة للعودة إلى البيت وليست للذهاب إلى مكان ما فقد كنت في الخارج فترة طويلة أما الآن فقد حان وقت الرجوع للبيت... إن الأمر لا يتعلق بالقيام بأي شيء بل بالتراجع عن كل ما قمت به سابقاً! إنها النزول من على قطار التفكير والمحاولة والتحويل لتتخلص من جميع الأمتعة العقلية والتجرد من جميع طبقات الأفكار التي تغطيك وتخفي حقيقتك... حتى تصبح في النهاية عارياً!
والرائع في الأمر هو أنك عندما تعرف من أنت فإنك تعرف كل شخص آخر... عندما ترى حقيقتك ترى حقيقة الآخرين أيضاً فتعرف حينها بأن مشكلتك هي مشكلة الآخر أيضاً... إن كل إنسان فريد من نوعه ولديه إطاره المختلف ولكننا في الأساس متشابهين... نفس الآلة! فإذا كنت أنا هو أنا، فلا بد أنك أنت هو أنت!
المرشد...
إن المرشد أو المعلم الروحي ليس شخصاً واحداً فقط فالمرشدون والمعلمون في كل مكان وفي كل جزء من حياتنا. آباؤنا وإخوتنا وأخواتنا وأصدقاؤنا وحتى أعداؤنا جميعهم معلمون لنا... حتى الأشياء تعلمنا الكثير، كالانترنت على سبيل المثال عندما تصبح سرعته أبطأ من مشي الحلزون فإنه يعلمنا الصبر أكثر! كل شيء له دور في تعليمنا فالوجود بأكمله معلمنا.
وليس المطلوب هنا أن تجد معلم لك ولكن أن تتعلم من الحياة بذاتها فهي أكبر معلم ومن الوجود فهو أصفى معلم... نعم فهو لا يخبرك بما ينبغي عليك أن تقوم به ولكنه يدعك تختار وتجرب بنفسك وبعد ذلك يوضح لك عواقب أعمالك ويشير لك إلى الطريق الصحيح. كل ما ينبغي عليك فعله هو الاستماع إلى ذاتك الأصغر لتصل إلى ذاتك الأكبر.
وما أنا إلا صديق أبين لك تجارب الحياة، قد يبدو الأمر وكأني أتحدث عن نفسي ولكني أستعمل نفسي لأوضح نفسك! وعندما تتضح لك الصورة وتعرف من أنت... سترى لعبة الكون وسخريته وعندها نستطيع أن نجلس سوية لنضحك عليها.
اعقل وتوكل
لقد قال معلم من قبل "أن وجود رأسي على كتفيّ أمر رائع ولكن أن يكون رأسي فوق كتفيك أنت فهذه فكرة سيئة جداً". أي أن ما أقوله يعتبر لي وينبغي تطبيقه من قبلي أنا وليس من قبلك أنت مباشرة... ولكني أشاركك بهذه الكلمات لأني اكتسبتها من تجارب وخبرات منذ زمن بعيد وقد تكون مفيدة لك وتساعدك في رحلتك بأن توفر لك الوقت... ولكن الأمر يعود لك أنت فيمكنك أن تأخذ ما أقوله بعين الاعتبار وتلعب به.. أو قد ترميه وتنسى أمره.. خذ حذائي وامشي به! حتى لو لم يكونا بمقاس قدميك فلن يدمراها!
ولذا العب بهذه الأفكار لتجد أي منها يناسبك وأي منها لا يناسبك. ولكن اتخذ القرار بنفسك ولا تعتمد علي أو على الآخرين ليخبروك بما ينبغي لك أن تفعل. تفاعل مع حياتك واتبع ما يجذبك أنت بغض النظر عن مدى غرابته وجنونه... لقد قال بوذا "كن النور لنفسك" وقال أوشو "كن أضحوكة لنفسك!" نعم... فالطريق هو أن تتبع نورك وتتحمل المسؤولية.
إن هذا يذكرني بقصة جميلة تدور حول رجل يصلي لربه وخلال الصلاة هرب الجمل. فاشتكى إلى الله وقال "انظر يا رب لقد هرب جملي وأنا أصلي لك ومتّكل عليك" فرد عليه "اعقل جملك أولاً وبعد ذلك توكّل علي". أي لا تلومني على تصرفاتك واختياراتك.. بل تحمل مسؤولية حياتك فأنا لا أستطيع أن أعيش حياتك بدلاً عنك ولا أنت تعيش حياتي بدلاً عني... فلا بدّ لكل منا أن يعقل جمله!
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.