عن الآيات المحكمات والآيات المتشابهات
__ عن الآيات المحكمات والآيات المتشابهات____
اعلم يا من فتح اللهُ على التنزيه قلبك وعلى التوحيد أنار دربك، أنّ القرآن الكريم ليس كلُّ النّاسِ يَنتَفعُونَ به، إنما ينتَفع به مَن يَفهَمُه على وجْهِه، وهُم أهلُ السُّنّة.
أمّا مَن يَفهَمُه على غيرِ وجهِه، فهؤلاء يَضِلُّونَ بالقُرآن بدَلَ أن يَهتَدُوا به.
قال- تعالى -عن القرآن: {يُضِلُّ بهِ كَثِيرًا ويَهدِي بهِ كَثِيرًا} (سورة البقرة). معناه : الله شاء أنّ قِسما من خلقه يقرؤون القرآن فينتفعون، وقسما آخر على العكس تماما، يقرؤون فيَضِلُّون.
ولبيان ذلك، فإنه يُذكَر في القرآن هذه الكلمات: وجهُ الله، عينُ الله، يدُ الله ...معناهُ إضافة الوجه إلى الله، إضافة العين إلى الله، إضافة اليد إلى الله، إضافة المجيء إلى الله.... فمَن يفهم هذه الأشياء على حسب ما يكون في المخلوق يكون قد ضلّ وكفر. ومن يفهمُها على حسب ما فهمه أهل التنزيه سعِد وفاز ونجا .
والله- تعالى - جعل نصوصَ القرآن والحديثِ منها ما هي مُحكمات ومنها ما هي متشابِهات.
و الآيات المُحكمات هن أمَّ القرآن. أي إليها تُردُّ كلّ آية متشابهة.
أمّا النصوصُ المُحكماتُ فهي التي معانيها واضحة ٌولا تَحتاجُ الى النظرِ لِحمْلِها على الوجهِ المطابق، يعني لا تحتاج إلى تأويل. بل تُأخذ كما هي على ظاهرها. مثل قول الله - تعالى- :
-{لَيسَ كَمِثلِهِ شَىءٌ} (سورة الشورى).
-{فَلاَ تَضرِبُوا لله الأمثَالَ} (سورة النحل).
-{ولم يكن له كفوا أحد} (سورة الإخلاص).
وأما النصوصُ المتشابِهاتُ فهي التي لَها عِدَّةُ معان في لغةِ العربِ، وتَحتاجُ هذه النصوص النظر لِحَمْلِها على الوجهِ المطابق، أي لِحَمْلها على الوجهِ الموافقِ للآياتِ الْمُحكمات. وذلك مثل قولِهِ - تعالى -:
- {الرَّحَمنُ عَلَى الَعرش ِاستوى}
- {وَهُوَ مَعَكُم أَينَ مَا كُنتُم}
- {واللهُ مِن وَرَائِهم مُّحيطُ}
- {تَجرِى بِأَعيُنِنَا}
- {وَلِتُصنَعَ عَلى عَينِى}
- {ءَأَمِنتُم مَّن فِى السَّمَآءِ}.
فإن بعض الآيات ظَاهِرُهَا يُوهِمُ أنّ الله في جهة "تحت" وبعض الآيات ظَاهِرُهَا يُوهِمُ أنّ الله في جهة "فوق"، وبعض الآيات ظَاهِرُهَا يُوهِمُ أنّ لله جارحة وأعضاء. فالذي تَعلَّمَ العقيدة الصحيحة من الثقات، يعلم أنّ هذه الآيات يستحيل ظَاهِرُهَا هو المراد. بل هي آيات متشابهات. وحَمْلُهاَ على الظاهر يكون تشبيه لله بخلقه. سبحانه ليس كمثله شىء و لا هو مثل شىء.
ولقد قال الإمام الشافعي قولا شافياً فَلْيُرَدِّدْهُ كُلُّ مَنْ مَرَّ على آية متشابهة أو حديث متشابه وهو: "آمنتُ بالله وبما جاء عن الله على مُراد الله وآمنتُ برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مُرادِ رسول الله (من غير تشبيهٍ ولا تعطيل. والتعطيل كفرٌ وهو بأن ينفي المرء صفة واجبة لله كالوجود والعياذ بالله).