فضاءات قوص

قوص

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
الطيب الشنهوري
مسجــل منــــذ: 2013-10-27
مجموع النقط: 1188.8
إعلانات


لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر

لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر

سئل الإمام ابن تيمية - رحمه الله - :

عن معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - :" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" هل هذا الحديث مخصوص بالمؤمنين أم بالكفار ؟ فإن قلنا مخصوص بالمؤمنين فقولنا ليس بشيء؛ لأن المؤمنين يدخلون الجنة بالإيمان.
وإن قلنا مخصوص بالكافرين فما فائدة الحديث ؟


فأجاب:
لفظ الحديث في الصحيح "لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر ولا يدخل النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان"فالكبر المباين للإيمان لا يدخل صاحبه الجنة كما في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:60] ومن هذا كبر إبليس وكبر فرعون وغيرهما ممن كان كبره منافيا للإيمان وكذلك كبر اليهود والذين أخبر الله عنهم بقوله: {أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} [البقرة:87].
والكبر كله مباين للإيمان الواجب فمن في قلبه مثقال ذرة من كبر لا يفعل ما أوجب الله عليه ويترك ما حرم عليه بل كبره يوجب له جحد الحق واحتقار الخلق وهذا هو [الكبر] الذي فسره النبي صلى الله عليه وسلم حيث سئل في تمام الحديث.
"فقيل: يا رسول الله الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا. فمن الكبر ذاك ؟ فقال: لا إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس" وبطر الحق جحده ودفعه وغمط الناس ازدراؤهم واحتقارهم فمن في قلبه مثقال ذرة من هذا يوجب له أن يجحد الحق الذي يجب عليه أن يقر به وأن يحتقر الناس فيكون ظالما لهم معتديا عليهم فمن كان مضيعا للحق الواجب؛ ظالما للخلق.
لم يكن من أهل الجنة ولا مستحقا لها؛ بل يكون من أهل الوعيد.
فقوله "لا يدخل الجنة" متضمن لكونه ليس من أهلها ولا مستحقا لها لكن إن تاب أو كانت له حسنات ماحية لذنبه أو ابتلاه الله بمصائب كفر بها خطاياه ونحو ذلك زال ثمرة هذا الكبر المانع له من الجنة؛ فيدخلها أو غفر الله له بفضل رحمته من ذلك الكبر من نفسه؛ فلا يدخلها ومعه شيء من الكبر ولهذا قال: من قال في هذا الحديث وغيره: إن المنفي هو الدخول المطلق الذي لا يكون معه عذاب؛ لا الدخول المقيد الذي يحصل لمن دخل النار ثم دخل الجنة؛ فإنه إذا أطلق في الحديث فلان في الجنة أو فلان من أهل الجنة كان المفهوم أنه يدخل الجنة ولا يدخل النار. فإذا تبين هذا كان معناه أن من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ليس هو من أهل الجنة ولا يدخلها بلا عذاب بل هو مستحق للعذاب لكبره كما يستحقها غيره من أهل الكبائر ولكن قد يعذب في النار ما شاء الله فإنه لا يخلد في النار أحد من أهل التوحيد وهذا كقوله "لا يدخل الجنة قاطع رحم" وقوله "لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم" وأمثال هذا من أحاديث الوعيد وعلى هذا فالحديث عام في الكفار وفي المسلمين.
وقول القائل: إن المسلمين يدخلون الجنة بالإسلام فيقال له: ليس كل المسلمين يدخلون الجنة بلا عذاب بل أهل الوعيد يدخلون النار ويمكثون فيها ما شاء الله مع كونهم ليسوا كفارا فالرجل الذي معه شيء من الإيمان وله كبائر قد يدخل النار ثم يخرج منها: إما بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وإما بغير ذلك؛ كما قال صلى الله عليه وسلم "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي" وكما في الصحيح أنه قال "أخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان" وهكذا الوعيد في قاتل النفس والزاني وشارب الخمر وآكل مال اليتيم وشاهد الزور وغير هؤلاء من أهل الكبائر؛ فإن هؤلاء وإن لم يكونوا كفارا لكنهم ليسوا من المستحقين للجنة الموعودين بها بلا عقاب.
ومذهب أهل السنة والجماعة: أن فساق أهل الملة ليسوا مخلدين في النار كما قالت الخوارج والمعتزلة وليسوا كاملين في الدين والإيمان والطاعة؛ بل لهم حسنات وسيئات يستحقون بهذا العقاب وبهذا الثواب؛ وهذا مبسوط في موضعه .

والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - تعالى -


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع

| مصطفى ذراع البيض | الدشمية | 15/01/16 |

" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر "

عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر "
قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة ،
قال : " إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق ، وغمط الناس "
رواه مسلم .

قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى :
" أما بطر الحق : فهو رده وألا يقبل الإنسان الحق بل يرفضه ويرده اعتدادا بنفسه ورأيه .
فيرى - والعياذ بالله - أنه أكبر من الحق،
وعلامة ذلك أن الإنسان يؤتى إليه بالأدلة من الكتاب والسنة،
ويقال : هذا كتاب الله، هذه سنة رسول الله، ولكنه لا يقبل بل يستمر على رأيه فهذا رد الحق والعياذ بالله .
وكثير من الناس ينتصر لنفسه فإذا قال قولا لا يمكن أن يتزحزح عنه، ولو رأى الصواب في خلافه ،
ولكن هذا خلاف العقل وخلاف الشرع .
والواجب أن يرجع الإنسان للحق حيثما وجده،
حتى لو خالف قوله فليرجع إليه، فإن هذا أعز له عند الله، وأعز له عند الناس، وأسلم لذمته وأبرأ .
فلا تظن أنك إذا رجعت عن قولك إلى الصواب أن ذلك يضع منزلتك عند الناس،
بل هذا يرفع منزلتك، ويعرف الناس أنك لا تتبع إلا الحق،
أما الذي يعاند ويبقى على ما هو عليه ويرد الحق، فهذا متكبر والعياذ بالله .
وهذا يقع من بعض الناس - والعياذ بالله - حتى من طلبة العلم،
تبين له بعد المناقشة وجه الصواب وأن الصواب خلاف ما قاله بالأمس ولكنه يبقى على رأيه .
يملي عليه الشيطان أنه إذا رجع استهان الناس به وقالوا عنه إنه إمعة كل يوم له قول،
وهذا لا يضر إذا رجعت إلى الصواب،
فليكن قولك اليوم خلاف قولك بالأمس،
فالأئمة الأجلة كان يكون لهم في المسألة الواحدة أقوال متعددة .
وهذا هو الإمام أحمد - رحمه الله - إمام أهل السنة، وأرفع الأئمة من حيث اتباع الدليل وسعة الإطلاع .نجد أن له في المسألة الواحدة في بعض الأحيان أكثر من أربعة أقوال، لماذا ؟
لأنه إذا تبين له الدليل رجع إليه، وهكذا شأن كل إنسان منصف عليه أن يتبع الدليل حيثما كان . "
شرح رياض الصالحين - (ج 1 / ص 644)



...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة