مسائل نافع بن الأزرق لابن عباس
من مسائل نافع بن الأزرق لابن عباس
مسائل نافع بن الأزرق ونجدة بن عريم
لابن عباس - رضي الله عنهما -
قالا: فإنا تريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله عزّ وجل، فتفسره لنا، وتأتينا بمصداقه من كلام العرب، فإن الله عزّ وجل أنزل القرآن بلسان عربي مبين.
قال ابن عباس: سلاني عما بدا لكما تجدا علمه عندي حاضرا إن شاء الله تعالى.
(1) ع ز و [عزين]
فقالا: يا ابن عباس: أخبرنا عن قول الله عزّ وجل: "عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ " .
قال: عزين: الحلق الرفاق .
قالا: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت عبيد بن الأبرص وهو يقول:
فجاءوا يهرعـون إليه حتّى ... يكونوا حول منبره عزينا
(2) وس ل [الوسيلة]
قال نافع: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عزّ وجل: " وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ " .
- قال : الحاجة.
قال: أو تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت عنترة العبسي وهو يقول:
إنّ الرّجال لهم إليك وسيلة ... إن يأخذوك تكحّلي وتخضّبي
(3) ن هـ ج [منهاجا ]
قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ : " شِرْعَةً وَمِنْهاجاً " .
قال: الشرعة: الدّين. والمنهاج: الطّريق.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو يقول:
لقد نطق المأمون بالصّدق والهدى ... وبيّن للإسلام دينا ومنهاجا
قال: يعني به النبي صلّى الله عليه وسلّم
( 4 ) ي ن ع [وينعه]
قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عز وجل: " إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ ".
قال: نضجه وبلاغه.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول:
إذا ما مشت وسط النّساء تأوّدت ... كما اهتزّ غصن ناعم النّبت يانع
( 5 ) ر ي ش [ وريشا]
قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عز وجل: " يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً " .
قال: الرياش: المال.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
فرشني بخير طالما قد بريتني ... وخير الموالي من يريش ولا يبري
( 6 ) ك ب د [ كبد]
قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عز وجل: " لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ " .
قال: في اعتدال واستقامة .
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول:
يا عين هلّا بكيت أربد إذ ... قمنا وقام الخصوم في كبد
( 7 ) س ن و [سنا]
قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عز وجل: " يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ ".
قال: السّنا الضّوء الذي يدخل في الكوّة .
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو يقول:
يدعو إلى الحقّ لا يبغي به بدلا ... يجلو بضوء سناه داجي الظّلم
( 8 ) ح ف د [حفدة]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عز وجل: " بَنِينَ وَحَفَدَةً " .
قال: ولد الولد.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: أما سمعت الشاعر وهو يقول:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت ... بأكفّهنّ أزمّة الإجمال
( 9 ) ح ن ن [حنانا]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عز وجل: " وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا " .
قال: رحمة من عندنا.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت طرفة بن العبد وهو يقول:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشّرّ أهون من بعض
( 10 ) ي أ س [ ييأس]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عز وجل: " أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا " .
قال: أفلم يعلم الذين آمنوا، بلغة بني مالك .
قال: فهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت مالك بن عوف وهو يقول:
لقد يئس الأقوام أنّي أنا ابنه ... وإن كنت عن أرض العشيرة نائيا
( 11 ) ث ب ر [مثبورا]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عز وجل: " يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً " .
قال: محبوسا عن الخير.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت عبد الله بن الزّبعري وهو يقول:
إذ أتاني الشّيطان في سنة النّو ... م ومن مال ميله مثبورا
( 12 ) م خ ض [المخاض]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عز وجل: " فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ "
قال: فألجأها المخاض إلى جذع النخلة.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
إذ شددنا شدّة صادقة ... فأجأناكم إلى سفح الجبل
( 13 ) ن د و [نديّا]
قال: يا ابن عباس: فأخبرني عن قول الله عز وجل: " وَأَحْسَنُ نَدِيًّا " .
قال: النادي المجلس والتكأة .
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
يومان يوم مقامات وأندية ... ويوم سير إلى الأعداء تأويب
( 14 ) أث ث [أثاثا]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " أَثاثاً وَرِءْياً " .
قال: الأثاث: المتاع. والري: من الشراب.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
كأنّ على الحمول غداة ولّوا ... من الرّئي الكريم من الأثاث
( 15 ) ص ف ص ف [صفصفا]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً " .
قال: القاع: الأملس. والصفصف: المستوي.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
بملمومة شهباء لو قذفوا بها ... شماريخ من رضوى إذا عاد صفصفا
( 16 ) ض ح و [تضحى]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ:" وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى " .
قال: لا تعرق فيها من شدة حرّ الشّمس.
قال: فهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر وهو يقول:
رأت رجلا، أمّا إذا الشّمس عارضت ... فيضحى، وأيما بالعشيّ فيخصر
( 17 ) خ ور [خوار]
قال: يا ابن عباس: فأخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: "عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ " .
قال: يعني له صياح.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: أما سمعت الشاعر وهو يقول:
كأنّ بني معاوية بن بكر ... إلى الإسلام صائحة تخور
( 18 ) ون ي [تنيا]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي " .
قال: أي لا تضعفا عن أمري، يعني موسى وهارون .
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
إنّي وجدّك ما ونيت ولم أزل ... أبغي الفكاك له بكلّ سبيل
( 19 ) ع ر ر [والمعترّ]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ".
قال: القانع: الذي يقنع بما يعطي. والمعتر: الذي يعترض الأبواب.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
على مكثريهم حقّ من يعتريهم ... وعند المقلّين السّماحة والبذل
(20) ش ي د [مشيد]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " وَقَصْرٍ مَشِيدٍ " .
قال: مشيد بالجصّ والآجر .
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت عدي بن زيد وهو يقول:
شاده مرمرا وجلله كل ... سا فللطّير في ذراه وكور
( 21 ) ش وظ [شواظ]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " شُواظٌ مِنْ نارٍ ".
قال: الشّواظ: اللهب الذي لا دخان له.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت أمية بن أبي الصلت يهجو حسّان بن ثابت وهو يقول:
ألا من مبلغ حسّان عنّي ... مغلغلة تدبّ إلى عكاظ
أليس أبوك فينا كان قينا ... لدى القينات فسلا في الحفاظ
يمانيّا يظلّ يشدّ كيرا ... وينفخ دائبا لهب الشّواظ
فأجابه حسّان بن ثابت:
أتاني عن أميّ ثنا كلام ... وما هو في المغيب بذي حفاظ
ستأتيه قصائد محكّمات ... وتنشد بالمجاز إلى عكاظ
همزتك فاختضعت بذلّ لفظ ... بقافية تأجّج كالشّواظ
(22) ف ل ح [أفلح]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ "
قال: قد فاز المؤمنون وسعدوا يوم القيامة.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول:
فاعقلي إن كنت لمّا تعقلي ... ولقد أفلح من كان عقل
( 23 ) أي د [يؤيّد]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ " .
قال: يقوّي بنصره من يشاء.
قال: فهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت حسّان بن ثابت وهو يقول:
برجال لستم أمثالهم ... أيّدوا جبريل نصرا فنزل
وعلونا يوم بدر بالتّقى ... طاعة الله وتصديق الرّسل
( 24 ) ن ح س [نحاس]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: "وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ ".
قال: النّحاس: الدّخان بلغتك يا ابن آدم يا ابن أم الأزرق، الدّخان الذي لا لهب فيه.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
يضيء كضوء السّراج السّليط ... لم يجعل الله فيه نحاسا»
( 25 ) م ش ج [أمشاج]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ " .
قال: اختلاط ماء الرجل وماء المرأة إذا وقعا في الرّحم.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت أبا ذؤيب وهو يقول:
كأنّ الرّيش والفوقين منه ... خلاف النّصل سيط به مشيج
(26) ف وم [وفومها]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها " .
قال: الفوم: الحنطة.
قال: فهل تعرف العرب ذلك؟
قال: أما سمعت أبا محجن الثقفي وهو يقول:
قد كنت أحسبني كأغنى واحد ... قدم المدينة في زراعة فوم
قال: يا ابن أم الأزرق ومن قرأها على قراءة عبد الله بن مسعود (الثوم) فهو هذا المنتن، وقال أمية بن أبي الصلت :
كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرة ... فيها الفراديس والفومان والبصل
وقال أمية:
أنفى الدّياس من القوم الصّحيح كما : أنفى من الأرض صوب الوابل البرقا
(27) س م د [سامدون]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " وَأَنْتُمْ سامِدُونَ ".
قال: السّمود: اللهو والباطل.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت هزيلة بنت بكر تبكي قوم عاد وهي تقول:
ليت عادا قبلوا الحقّ ... ولم يجدوا الجحودا
قيل قم فانظر إليهم ... ثمّ ذر عنك السّمودا
لن تراهم آخر الدّهر ... كما كانوا قعودا
(28) غ ول [غول]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " لا فِيها غَوْلٌ " .
قال: يقول ليس فيها نتن ولا كراهية كخمر الدنيا.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت امرأ القيس وهو يقول:
ربّ كأس شربت لا غول فيها ... وسقيت النّديم منها مزاجا
(29) وس ق [اتّسق]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ " .
قال: اتّساقه اجتماعه واستواؤه.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت طرفه وهو يقول:
إنّ لنا قلائصا نقانقا ... مستوسقات لو يجدن سائقا
(30) خ ل د [خالدون]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: "وَهُمْ فِيها خالِدُونَ " .
قال: هم فيها باقون لا يخرجون منها أبدا، كذلك أهل النار وأهل الجنة.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت عدي بن زيد وهو يقول:
فهل من خالد إمّا هلكنا ... وهل بالموت يا للنّاس عار
وقال لبيد بن ربيعة :
كلّ بني أم وإن كثروا ... يوما يصيرون إلى واحد
فالواحد الباقي كمن قد مضى ... ليس بمتروك ولا خالد
(31) ج ف ن [ جفان]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " وَجِفانٍ كَالْجَوابِ " .
قال: جفان: كالحياض، تتسع الجفنة للجزور.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت طرفة بن العبد وهو يقول:
كالجوابي لا تني مترعة ... لقرى الأضياف أو للمختضر
وقال أيضا:
يجبر الحروب فينا ماله ... بقياب وجفان وخدم
(32) م ر ض [مرض]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ".
قال: في قلبه الفجور وهو الزنا.
قال: فهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الأعشى وهو يقول:
حافظ للفرج راض بالتّقى ... ليس ممّن قلبه فيه مرض
(33) ل ز ب [لازب]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " مِنْ طِينٍ لازِبٍ " .
قال: الملتزق الجيد وهو الطين الحر.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت النابغة وهو يقول:
ولا يحسبون الخير لا شرّ بعده ... ولا يحسبون الشّرّ ضربة لازب
(34) ن د د [أندادا]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ:" تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً " .
قال: الأنداد: الأشباه والأمثال.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت لبيد وهو يقول:
أحمد الله فلا ندّ له ... بيديه الخير ما شاء فعل
وقال حسّان بن ثابت يرد على أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب
أتهجوه ولست له بندّ ... فشرّكما لخيركما الفداء
(35) ش وب [شوبا]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ:" ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ " .
قال: الخلط. والحميم: الغاق.
قال: فهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
(36) ق ط ن [قطنا]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: "عَجِّلْ لَنا قِطَّنا " .
قال: القطّ: الجزاء، وهو الحساب أيضا.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الأعشى وهو يقول:
ولا الملك النّعمان يوم لقيته ... بنعمته يعطي القطوط ويطلق
(37) ط ل ق [الطّلاق]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " الطَّلاقُ مَرَّتانِ "
هل كانت العرب تعرف الطلاق ثلاثا في الجاهلية؟
قال: نعم، كانت العرب تعرفه ثلاثا باتا ، ويحك يا ابن الأزرق أما سمعت قول الأعشى وقد أخذه أختانه ، فقالوا: والله لا نرفع عنك العصا أو تطلق أهلك فإنك قد أضررت بها، فقال:
يا جارتي بيني وبينك طالقه ... كذاك أمور النّاس غاد وطاروه
فقالوا: والله لا نرفع عنك العصا أو تثني لها الطلاق، فقال:
بيني فإنّ البين خير من العصا ... وإن لا تزال فوق رأسي بارقه
فقالوا: والله لا نرفع عنك العصا أو تثلث لها الطلاق، فقال:
وبيني حصان الفرج غير ذميمة ... وموموقة فينا كذاك ووامقه
وذوقي فتى حي فإنّي ذائق ... فتاة أناس مثل ما أنت ذائقة
(38) س ن ن [مسنون]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ " .
قال: الحمأ: السوداء وهو الثاط أيضا. والمسنون: المصور.
قال: فهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت حمزة بن عبد المطلب وهو يمدحه عليه السلام.
أغرّ كأنّ البدر شقّة وجهه ... جلا الغيم عنه ضوؤه فتبدّدا
(39) ب أس [البائس]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ " .
قال: الذي لا يجد شيئا من شدة الحال.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت طرفة وهو يقول:
يغشاهم البائس المدقع والضّعي ... ف وجار مجاور جنب
(40) غ د ق [غدقا]
قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: " ماءً غَدَقاً " .
قال: أي ماء كثيرا جاريا.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
تدني كراديس ملتفا حدائقها ... كالنبت جادت بها أنهارها غدقا
(41) ق ب س [قبس]
قال: يا ابن عباس أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: "أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ ."
قال: شعلة من نار تقتسبون منه، وذلك أن موسى عزم لما خرج من أرض مدين يريد مصر ، وذلك في ليلة مظلمة، وطشت السماء، فأنزل أهله وولده وقدح النار، فلم يقدح شيئا، فرفعت له نار من الشجرة، فقال لأهله:
امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ يقول: بجمرة أو آتيكم بشهاب قبس تقتبسون منه نارا.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت طرفة بن العبد وهو يقول:
همّ عراني فبتّ أدفعه ... دون سهادي كشعلة القبس