اكتشف الإنسان جاذبية الأرض وفهم قانونها وأنها قوة طبيعية كامنة في الأرض ، واكتشفت الجاذبية قديما على أسس أخرى نذكرها تفصيلا ، على أنها قوة لونها أزرق ، ولونها يـختلـف إلى أن يصل إلى وسط الأرض حيث كرة حمراء جامعة للمعادن كلها الموجودة فــي الأرض ، وهذه الكرة قواها هي أساس الجاذبية ، كما أنها أساس تماسك قوى الأرض وتوازن الـقـوى الطبيعية الواصلة إليها . وللكرة الحمراء هذه دور فوق الغشاء الهوائي حيث تضــمــحل قــوة الجاذبية . والهواء تماسكه مع الأرض راجع إلى القوة الزرقاء والتي جعلت الغشاء الهوائي . استعملت طرق كثيرة أساسها التدريب على فنون الحرب الصينية ، وتمكن المـتـدربـون مــن استعمال قوانين الجاذبية وقواها بأجسامهم مع قوى العقل ، فاستطاع الإنسان أن يقــفــز إلــى علو كبير ثم استطاع أن يكسر أحجارا أو خشبا غليظا متماسكا . فكانت تلـك مــعــرفــة عــن قوانين الجاذبية . أما قوة تماسك الأشياء فلكل شيء في الطبيعة خاصية وقوى مـخــتــلــفــة ، وتجعل سر تماسكه ،وأعطي في القديم صورة على دماغ الإنسان كأنه صورة للطبيعة نفسها، فعرف أن وسط الرأس فيه قوة دائرية حمراء كما هو الشــأن فــي وســط الأرض ، والــقــوة الكروية الدائرية في وسط الدماغ هي وسط قوى الدماغ كلها ، وفوق الرأس نجد جاذبية بلون أزرق كذلك إلا أنها جاذبية لقوى الطبيعة . وبمسافة متر على الأقل فوق الرأس تنـفــقــد قــوة جاذبية الدماغ كما تنفقد في الأرض عند اجتياز الغشاء الهوائي . ومنذ القديـم وجــدت طــرق للتركيز، وأساسها الأول هو أن تنطلق قوى الحواس من وسط الدماغ ، ويـجــب تــقــويــتــها لاجتياز جاذبية الدماغ ، والبلوغ إلى قوى الطبيعة للاستمداد منها ، ومثال ذلك كما يـفــعــلــه الإنسان الآن بالصواريخ لاجتياز الغشاء الهوائي والانطلاق في الفضاء . ومنطلق الفكرة عن الكرة الحمراء وسط لها أساس حقيقي ، ولا يمكن للإنسان أن يتصل بقوى الطبيعة بتحــكم إلا إذا اجتاز جاذبية الدماغ بقوة الحواس الخمس ، والإنسان اليوم لا يـتمــكــن مــن ذلــك لأنه لا يستعمل وسائل أو طرقا معينة للبلوغ إلى ذلك . وأناس قليلون يستعملون طرق الــتــركــيــز، ولكن لا نجد عندهم علما عن قوى العقل أو عن قوى الطبيعة .
أما الهنود فمازالت لديهم طرق محكمة إلا أنهم لا يفسرون شيئا من ذلــك ، أولا لاجــتــناب الباحثين في القوى الطبيعية كل اتصال بالعالم الخارجي الظاهري والاتــصال مــع النــاس أو معرفة مستوى علومهم أو الأسماء التي يطلقونها على مختلف القوى الموجودة في الــكــون . وتطبق اليوغا حاليا بنسبة قليلة عما كانت عليه قديما ، وهدف هذه الطريقة خـلاص الإنــسان بخلاص الروح من الجسد ، وقد سبق الحديث عن هذا أنه لا يمكن .. والتحام العقل بالجسد لا يمكن كذلك . ونجد أن الإنسان قد استعمل طرقا شتى وأضاع الوقت وأجهد نفسه باحــثا عــن أسباب الكون ، ولم يكن بإمكانه البلوغ إليها لكونها فوق طاقته ، والإنــسان في كــثــيــر مــه
الأحيان يتعلم ولا يستفيد من علومه ، لأنه يقرر في نفسه أنه بلغ إلى حــدود استــطاعــتــه . والطرق أغلبها يتخلى عنها الإنسان لخلوها مما يصبو إليه . ومهما بلغت علوم الإنـسان فإنــه لن يعلم إلا قليلا . إن كل موضوع قد طرح أو جواب أخذ أو سؤال وضع نجد الكلام فيـه يــتــعــلــق بالــقــوى الموجودة في الإنسان والتي يتحكمها العقل أو القوى الطبيعية . وهذا الكلام إنما هـو مــجــرد إظهار للقوى الموجودة ، دون الحديث عما يكتشفه الإنسان أو ليس له عليه علم ومعــرفــة أو اطلاع . فلو خلد الإنسان في الأرض فلن يتمكن أبدا من حصر علم ما في الطبيـعة والــكــون كله ، ومهما حاول أن يعرف فلن يعرف أبدا كنه الأشياء أو أسبابها . وحتى لو عرف ، تكون كل الأشياء ، وحل وحتى محتوى الأشعة ، فإن هذه المعرفة لا توصل أبـدا إلـى الحــقــيــقــة المطلقة لمعرفة سر خلق الأشياء ، ولن يعرف سر الحياة في الإنسان ولا سر العـقــل ، ولــن يرى الإنسان الخالق أبدا ولو عاش في الجنة . والدين كان أول أساس فــيه هــو الاعــتــراف بالخالق وقدرته والاستعانة به للخلاص . ومبادىء الدين وتطبيقها لها نتيجة حتمية أنها تخفف على الإنسان مشقة البحث والعناء أو اكتشاف أشياء قد تضر به ولا يستطيع مقاومتها من بعد ذلك . ولكن الغريب هو أن نجد الناس كأنهم علماء وكأنهم في استغناء عن العلم بل يغوصون في مبادىء المعرفة ولا يتجردون من الأفكار بل يطورونها لتأخذ صبغتها الاحتمالية لتعقيدها ودون اجتيازها . وعالم الأفكار عالم صغير هو أصغر عوالم الدماغ كلها . أما عالـم الإدراك فهو أكبر عوالم الدماغ . فمن كان له تفكير دون الإدراك الحسي لها ، كأنما لا تفكير له ، إنما يفهم أو قد لا يفهم المقصود الكلي لاحتمالات الأفكار كلها . وهؤلاء من الناس نجدهم أعقد ما يكون في الفهم ، لأنهم يدعون الفهم والإرشاد جاعلين لأنفسهم شخصية غــير حــقــيــقــيــة ، وأفكارهم دلائلها كلها من أفكار أخرى محصورة في العالم الفكري المؤقت للإنسان والذي لا إدراك فيه فعال ، والعالم الفكري المؤقت للإنسان هو ما يقال عنه من الشيطان . فهو خـوض الأفكار بالأفكار، والاقتناع بمبادئها دون أن يكون له أصل فعالي في نفس الإنــسان ودون أن تكون له حقيقة مدركة ولا هدفها البلوغ على شيء بل هدفها ادعاء بالمعرفة وسـبـيـل للنـقاش والجدل ودفاع شخصية غير موجودة .
والأفكار المستوردة في هذا الحال هي أفكار متنوعة قد لا يكون لها أساس كما نجد المستمد في هذه المرتبة يقول قال فلان . وفلان آخر قال ، وهذا المقصود منه نفي الكلام المــتـحــدث عن معرفة أخرى . والإنسان من طبعه لا يحب أن يجد نفسه في ضـرورة الاعـتــراف بــمــا يتعلمه من الآخرين. وكل له وجهة ونظرية. وهذا لا يغير شيئا ذا أصل ثابت للعم والمعرفة ، وأمام الحقيقة لا يهم كلام من لا يدرك أصول الكلام . وكل هذا من صــراع قــوى الــعـــقــل ومداركه . والإنسان قد يعيش معالم العقل دون أن يعرف عوالمها ، كما قد خاض منذ بــدايته في أصول العلم والمعرفة باحثا عن أجوبة لأسئلته ، وقد عاش بذلك الأخطاء كلها ولم يستطع أن يخرج منها أو أن يتعلم منها ، لأنها كانت أخطاء لزمتها قوة أخرى وعلم آخـر لــيــثــبــت خطأها . وبقي الصراع كله بين المبادىء هو صراعا دينيا محضا ولا شيء آخر دون ذلــك .
لأن كل معرفة إلا ونهايتها تقف عند السؤال عن الخالق. ودفاع كل شخـص عــن أي مــبــدأ كان. إنما أسس دفاعه إما نفيا لوجود خالق أو إثباتا لوجوده ، والنفي والإثـبات هــما صــراع الإنسـان والعقل .
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.