حب الإنسان للأشياء يجعله يحتفظ عليها ويدافع عنها أو قد يقدسها . ووجد الخلاف بين مـن يقول إن الحب تسكن قواه في القلب ، وبين القائلين إن سكنى قواه في الكبد كما قال الفراعنة . وقد عرفت جراحات القلب والكبد ولم يتغير الإنسان في حبه للأشياء ، وقد نجد إنسانا بقــلــبه وكبده ولا نجد فيه حبا بل كراهية لكل شيء ، فبقيت قوى الجسم الكامنة فيه لها صلة أخــرى بقوى العقل ، إنما الواسطة بينها وبين العقل هي الحواس . وقد لا يكون حب الإنـسان لــشيء حبا لها بنفسها بل طلبا لقوى الطاقة المستمدة منها . وكان القدماء يحبون آلهتهم المعتقد فــيـها فيقربون لها قوابين مختلفة لتنعم عليهم بما لديها من قوة . فهذا حب للاستـمداد مــن الــشــيء المحبوب ، وقد لا يشعر الإنسان بالحقيقة عندما يكون الرجل قد أحب امرأة فحتّى لو قــيل إن ذلك شهوة ومتعة بين الرجل والمرأة فلا تبعد الحقيقة من كون الرجل يسعى إلى الاسـتــمــداد من قوى الطاقة الموجودة في المرأة ، والتي نسبتها قوة سلبية تحتاج إلــيــها قــوى الــجــســم باستمرار، وعندما تفرغ تلك القوة من المرأة يبتعد الرجل عنها مستدلا بأسباب كثيرة لــيــقنع بها نفيه ، واختلاط الرجل مع كثير من النساء أو اختلاط المرأة مع كثير من الــرجال يــؤدي إلى جلب القوة الخضراء ، والمسماة بالقوى الخبيثة ، وهي تضر بالإنسان دون أن نــذكـر ما قد يضر بجسم الرجل والمرأة ، وعند سيطرة القوة الخضراء ، فإن في الطبيعة قـوى أخــرى تدافع عن نفسها حتى لا تكثر قوة في الطبيعة وتضعف قوى أخرى ، فيصاب الإنسان بأشـياء كثيرة ، لاسيما في قوى جسمه وفي انفعال قوى الحب الكامنة فيه وهروبها ، فلا يبقــى حــب بين المرأة والرجل لعدم انسجام قواهما الجسمية ولاكتسائه بقوى جسم آخر. والقوة الخضراء سميت خبيثة لأنها تنفر منها القوى الأخرى الطبيعية . ولهذه الأسباب حرم الزنا فــي الــديــن ومنع الزنا والفساد حتى عند الشعوب التي كان لها علم عن هذا . وهذا دون أن نذكر أن هناك أسباب الحمل واختلاطا في المجتمع. وقيل اليوم إنما منع الزنا لعدم وجود موانع للحمل قديما. وفي الحقيقة عرفت في القديم وسائل أخرى لمنع الحمل وهي كثيرة ، وقيل كــذلـك إن المــنع عن الزنا أساسه خوف الفتنة ، ولكن نجد في البلدان الغربية أماكن خصصت لذلك . وحـقـيقـة المشكل الأساسي هو ما ذكر عن القوة الخضراء ، وكل قوة في الطبيعة تكبر إذا مــا ســعــى الإنسان إلى استخراجها واستعمالها . والإنسان توجد فيه طاقة يتم بها جلب القوى الطبيعـية ، ومثل ذلك أن قوة المغناطيس تجلب غليها الحديد . هذا على سبيل المثال فقط ، والحقيقة أكـثر من هذا . ونجد أن الدين قد حرم كذلك الزواج بالأخت أو الأم إلى غير ذلك مما حرم ، بــينما نجد أن الفراعنة وأمما أخرى كان ذلك عندهم غير ممنوع ، ذلك لحاجتهم إلى القوة الخضراء والتي استعملت في كثير من المهام التي احتاجوا إليها من أجل معرفة ما وراء الموت ، بيـنما الدين ينهى عنها لكون هذه القوة خبيثة ، وجلبها للقوى الصفراء التي بإمكانها تحطيم الإنـسان ، والقوة الصفراء هي في ما وراء الطبيعة ، ويستعملها الأنبياء كمعجزة ضد القوة الخبــيثة ، ومستعمليها . والدين بين أسباب مصدرها في كل ما هو محرم . ونجد أن الصوم يطرد تـلــك القوة الخبيثة واعتمد المتصوفة منذ العصور الأولى على الصوم . لما وجودا فيه مـن فــائــدة للضغط على نزوات شهواتهم .
والمتزوج إن لم تكن قوى جسمه مقابلة لقوى جسم المرأة التي تزوجهافإنه يقع فــي نــفــس
المشكل ويكون التنافر بين الزوجين ، وعرف السحر بالتفرقة بين الزوجين مــنــذ الــقــديــم لاستعمال الناس للقوة الخضراء والتمكن من تغيير قوى الجسم في تقابله مع جسـم الــمــرأة . وللدين أسباب أخرى للتحريم وهي أعظم مما ذكر. إلا أن المعرفة عن القوة الخضراء أدركها الإنسان منذ القديم ، ولذا نجد كثيرا من الباحثين من أجل الحقيقة لهم نـفــس الأخــلاق الــتــي طلبت دينا بينما هم لا يعتقدون إلا مبادىء معرفة قد تكون اضمحلت . وهنا يتــم اللــقاء أمــام الحقيقة وبين كل باحث مهما كانت أساليب معرفته وطرقها .
ويبقى معنى الحب للأشياء بعيدا كل البعد ، وقواه لا تدرك بسهولة ، إلا أننا نجد مودة بــيـن الناس أو محبة ، إما أساسها رأفة أو خوف من أشياء كثيرة ، فالطفل يحب أمــه أولا ، لأنــها ترضعه ويخاف أن يفقد محبتها له لدورها الغذائي الهام ، وهناك محبة تتركز وتستقـر بــيــن الناس لوجود سخاء وعطاء بينهم . فالإنسان يبقى محبوبا عند أهله مادام يخـلــص لــهــم فــي خدمتهم أو يمن عليهم بالعطاء ، وبالمال تشترى الأنفس ، وعندما ينعدم العطاء يظــهــر كــل واحد على حقيقته أنه لم يحبب أبدا . والإنسان الحديث بحث عن الحب ولكــنه وجــد حــبالــه مقطوعة لديه ، وفقدت كل ثقة بين الناس . وتعلم الناس عدم استخدام قوى الحب لوجود كـثرة الخيانة . وهذا أيضا سبب لتحريم الفساد في الدين ، لأن قوى الحب تنعدم ولا يمكـن للإنسـان من بعد ذلك استرجاع هذه القوة . وقوة الحب هي من أسس قوى العقل ، وبها ينطلــق فــهــي طاقته الفعالة ، والإنسان إذا لم يحب الأشياء فإنه لا ينال منها قوة . ولكن هناك مشكلا آخــر، إن الحب للأشياء قد يذهب به الإنسان إلى معاني العبادة للأشياء المحبوبة ليــنال أقــصى مــا لديها من قوة . وفي هذه الحال تنعكس قوى الإنسان وقوى الأشياء المعبودة ، فــتـتــكون قـوة حمراء عند العابد وقوة زرقاء عند الشيء المعبود ويتم التحامها بالقوة الخضراء ، فــتــتــغير قوى الطبيعة فتكثر الكراهية بين الناس ويتسبب ذلك في الحروب الكثيرة .
أما عبادة الخالق التي أمر بها الإنسان بواسطة الأنبياء والكتب ، فإنها تتكون مــنـها الــقــوة الصفراء المتحدث عنها وهي في ما وراء الطبيعة ، وتكون سالمة لأن الخالق ليـس كــشــيء حتى يرد فعالية القوى ، وقوى الطبيعة كمرآة تعكس للإنسان قواه ، فيكبر حينئذ . واعــتــمــد الفراعنة على طريقة المرايا ، فكانوا يجلسون أمامها ، ويسجدون لها فتعكس قواهم عليــهــم، وتقوى أجسامهم واكتساباتهم لمعرفة أصول الظلمات . والسجود والركوع والقيام ثم الجلـوس اعتبرت منذ القديم وسيلة لاستخدام قوى العناصر الأربع : التـراب والــهواء والـماء والــنار، واستعمال قوى العناصر الأربع يتم بها استخدام فعالية القوى الطبيعية . وإذا لم تعـكــس هــذه القوى على الإنسان ، فإن القوة الصفراء تلتحق بالقوة الأساسية لها ، وتتم الــعــبادة للــخالــق كاملة إلا أن الإنسان لا يدرك فعاليتها بعد ذلك لكون القوة الصـفراء خــارجــة عــن الــقــوى الطبيعية . وحركات العبادة يجب أن تكون متقنة إتقانا كاملا للتمكن مــن اســتــخــدام الــقــوة الصفراء ، وإذا كانت في تلك الحركات أخطاء ، فإن القوة الخضراء هي التي تلتحق بالـجـسم آنذاك . ولذلك نجد كثيرا ممن يصلي لا يجد فعالية في صلاته لوجود أخطاء فيها ، فتـجــلــب
القوة الخضراء وهي أساس كل كراهية . والحب له قوة حمراء محضة ولا تــســكن القـلــب ولا الكبد بل الجسم بأكمله .
إن أوجاع الأسنان وآلامه كلها مصدرها اختلاط قوى الإنسان ، وحــتــى لــو كان الـمرض عرف أساسه بوجود ميكروبات فإن القوة الخضراء تجلب حتى الحشرات ، وقد تواجدت عند الفراعنة هذه القوة بكثرة ، ورغم ذلك أصابهم آيـات كالــقــمل والضــفادع والــدم ، والــقــوة الخضراء تسببت في ذلك . ونجد أن الأنبياء لهم معجزات مختلفة وتظهر على حسب الــقـوى الطبيعية التي يستعملها القوم الذين يعيشون وسطهم . وعرف الهنود في طرقـهم بإمــكانــهــم التغلب على مرض السرطان ، ولكن لم يفهموه كمجرد ميكروبات بل كقـوة أصابــت جــســم الإنسان ، وفي العلوم الحديثة اكتشف الإنسان أن القوة الشعاعية يمكنـها أن تصيــب الإنــسان بأمراض مختلفة . ولا يتم علاجها إلا بالقوة الشعاعية المختلفة عن التي تسببت فــي المرض، كما أنهم يسعون إلى علاج كثير من الأمراض بنفس الأسلوب بما يسمى بالأشعة البنفسجــيــة أو الأشعة الفوق الحمراء . ولم تكن لهذه الأشعة أهمية عند القدماء لأنها من قوى الطبــيــعــة السطحية . وأمراض الإنسان القديم لم تكن كالأمراض الحالية ، لأن الإنسان القديم كان يبحث في قوى الطبيعة وأسسها أكثر مما استطاع الإنسان اليوم أن يبحث فيها .
لو بحثنا في قوة الأشياء وفعاليتها لوجد الإنسان ما يذهله ، وحتى لو عرف فلن ينقذ نــفسه ، إذ السفينة التي ركبها غارقة لا محالة . ولن يتخذ الذين يعرفون أصول القوى الطبيعية أئــمـة للإرشاد لأن الأنبياء رفضوا من قبل وكانت لهم آيات ، والإنسان اليوم إن تـكــلــم عــن هــذه القوى المذكورة كلها إنما حثا على البحث لتفادي أخطار كثيرة .
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.