تفسير سورة الإخلاص
_____________ تفسير سورة الإخلاص ______________
روى البيهقِيُّ عن ابنِ عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -
أنَّ ناسا من يهود جاؤُوا إلى
الرَّسولِ - صلى الله عليه و سلم - فقالوا له " يا محمد صِفْ لنا ربَّكَ الَّذِي تعبُدُهُ"
( وكان سؤالهم هذا من بَابِ العِنَادِ والتعَنُّتِ وليسَ من بابِ الاسترشاد ولا من بابِ حبِّ العِلمِ ).
فجاء الوحي:
( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ )
- وفي رواية أخرى لسبب نزول السورة : أن جماعة من المشركين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : " يا محمد انسب لنا ربك - أي أخبرنا بنسبه - " فأنزل الله - تعالى - " قل هو الله أحد .. "
- وفي ثالثة أن جماعة من المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
صف لنا ربك . أهو من ذهب ؟ أم من فضة ؟ أم من نحاس ؟ ومتى كان ؟ وأين مكانه ؟ وعمن ورث الملك ؟ وإلى من سيورثه ؟
فنزلت ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ )
{قل هو الله أحد}: أي الذي لا شريكَ له وليس لأحدٍ صفةٌ كصفاتِه، والذي لا يَقبلُ الإنقسامَ و التَجَزُّؤَ لأنَّ اللهَ تعالى ليسَ جسماً.
{الله الصمد}: أي الغنيُّ عن كُلِّ ما سواه, و كلُّ ما سواهُ مُحتاجٌ إليهِ.
فهوَ المُسْتَغْنِي عن العالمين،لا يحتاجُ سبحانَهُ لِمَا خَلقَ، لا لِسماءٍ و لا أرضٍ و لا عرْشٍ و لا ملائكةٍ و لا مكانٍ و لا زمانٍ. بل كُلُّ ذلكَ مُحتاجٌ إلى اللهِ.
{لم يلد ولم يولد}: أي أنَّ اللهَ ليسَ أصلاً لِغيرِه وليسَ فَرْعاً من غيره. ليسَ أَباً لِأَحدٍ وليسَ ابْناً لِأَحدٍ. لاَ يَنْحَلُّ منْهُ شيْءٌ ولا يَحُلُّ هوَ في شيءٍ لأنَّ اللهَ ليسَ جِسماً، ليسَ حجْماً.
{ولم يكن له كفواً أحد}: أي لا نظيرَ له بوجْهٍ من الوُجُوهِ. ولا شَبِيهَ لهُ. فَمَهْمَا تَصَوَرت ببالك فالله لا يُشبه ذلك.
قال الله تعالى :{وللهِ المثَلُ الأعلى} [سورة النحل/60] أي الوصفُ الذِي لا يُشْبِهُ وَصْفَ غَيْرِهِ.
فلمَّا انتهى الرّسُول صلى اللَّهُ عليهِ وسلَّم من قِراءَةِ هذهِ الآياتِ، قال: "هذه صِفَةُ رَبِّي".
هذهِ سورةُ الإخلاصِ العظيمةِ التي اخْتَصَرت معاني توْحيدِ اللهِ وتَنْزيهِهِ وَالتي وَرَدَ في شَأْنِهَا أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لرَجلٍ من أصحابه: "حُبُّكَ إِيَّاها ـ أي سورة الإخلاص أدْخَلَكَ الجَنَّةَ" (رواه البخاري).
ومِنْ فضْائل هذهِ السورة العَظِيمَةِ أَنَّ من قَرَأَهَا فَلَهُ ثوَاب مَنْ قرأَ ثُلُثَ القرآنِ .