ذكريات الطفولة
ذكريات الطفولة
ميخائيل نعيمة
... للّه درُّكَ يا ابن َ مالكٍ ؟ ومَنْ ذا لا يُصَلّي مَعَكَ ويسلِّم ُ , ولا يستعين ُ الله َ في عَمَل ٍ لم يجىءْ بِمِثْلِهِ الأوائلُ والأواخرُ ؟ إنّهُ لَعَمَلٌ لا يَقْدِمُ عليْهِ إلا مجنونٌ أو عبقَريٌّ . وأنتَ عبقريٌّ ياابنَ مالكٍ – لذلك استَعَنْتَ اللهَ فأعانَكَ على استيعابِ جميع ِ قواعدِ النحْوِ في ألفِ بيت ٍ – لا تزيد ُ بيتاً ولا تنقصُ بيتاً . فكانت المعجزةُ , وجاءَ هذا الصبيُّ من سَفح ِ صنّين َ يشهد ُ بفَضلِها عليه وعلى الأجيال ِ قِبْلَهُ على مَدى مِئات ِ السنين َ .
ويشقُّ عليه يا ابنَ مالكٍ أن يُخالِطَ الاجيالَ الجديدةَ فلا يَرى فيها لمُعجزتِكَ أيَّ أثَر ٍ . إنّها لأجيالٌ لا قِبَلَ لها بالطلاسِمِ والمُعَقّداتِ. إنّها تَبْغي السرعَةَ والتبسيط َ في كلِّ شيءٍ .
إيْ, لقد تغَّيرتِ الأزمنةُ , وتغيّرتِ الاشياءُ , وتغيَّرَ حتى نبضُ الحياةِ يا ابن مالك ٍ, فلم ْ يَبْقَ لِمثْلِكَ في هذه الدنيا مقامٌ إلا في قلبِ هذا القَلَم ِ الذي يُسَّلِّم عليكَ ساعةَ وُلِدتَ , وساعةَ مِتَّ , وساعةَ قلتَ:
كلامُنا لَفْظٌ مفيدٌ كاسْتَقِمْ واسمٌ وفعلٌ ثم حرْفٌ الكَلِمْ