فضاءات قوص

قوص

فضاء الإبداعات الأدبية والفنية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
الطيب الشنهوري
مسجــل منــــذ: 2013-10-27
مجموع النقط: 823.73
إعلانات


لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ

لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ : قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ

جاوَزتِ فِي نصحه حَداً أَضَرَّ بِهِ : مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ النصح يَنفَعُهُ

فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً : مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ

قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ : فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ الدهرِ أَضلُعُهُ

يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَهُ : مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ

ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ : رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ

كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَ مُرتحلٍ : مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ

إِذا الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً : وَلَو إِلى السَندّ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ

تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمهُ : للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ

وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ : رزقَاً وَلا دَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ

قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُمُ : لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ

لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصاً فلَستَ تَرى : مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ

وَالحِرصُ في الرِزقِ وَ الأَرزاقِ قَد قُسِمَت : بَغِيُ أَلّا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ

وَالدهرُ يُعطِي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعُهُ : إِرثاً وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُهُ

اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً : بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ

وَدَّعتُهُ وَ بوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي : صَفو الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ

وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً : وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ

لا أَكُذبُ اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ : عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ

إِنّي أَوَسِّعُ عُذري فِي جَنايَتِهِ : بِالبينِ عِنهُ وَجُرمي لا يُوَسِّعُهُ

رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ : وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ

وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا : شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ


اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّي بَعدَ فُرقَتِهِ : كَأساً أَجَرَّعُ مِنها ما أَجَرَّعُهُ


كَم قائِلٍ لِي ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَهُ : الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَستُ أَدفَعُهُ


أَلا أَقمتَ فَكانَ الرُشدُ أَجمَعُهُ : لَو أَنَّنِي يَومَ بانَ الرُشدُ اتبَعُهُ


إِنّي لَأَقطَعُ أيّامِي وَأنفقُها : بِحَسرَةٍ مِنهُ فِي قَلبِي تُقَطِّعُهُ


بِمَن إِذا هَجَعَ النُوّامُ بِتُّ لَهُ : بِلَوعَةٍ مِنهُ لَيلى لَستُ أَهجَعُهُ


لا يَطمِئنُّ لِجَنبي مَضجَعُ وَكَذا : لا يَطمَئِنُّ لَهُ مُذ بِنتُ مَضجَعُهُ


ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ الدهرَ يَفجَعُنِي : بِهِ وَلا أَنَّ بِي الأَيّامَ تَفجعُهُ


حَتّى جَرى البَينُ فِيما بَينَنا بِيَدٍ : عَسراءَ تَمنَعُنِي حَظّي وَتَمنَعُهُ


قَد كُنتُ مِن رَيبِ دهرِي جازِعاً فَرِقاً : فَلَم أَوقَّ الَّذي قَد كُنتُ أَجزَعُهُ


بِاللَهِ يا مَنزِلَ العَيشِ الَّذي دَرَست : آثارُهُ وَعَفَت مُذ بِنتُ أَربُعُهُ


هَل الزَمانُ مَعِيدُ فِيكَ لَذَّتُنا : أَم اللَيالِي الَّتي أَمضَتهُ تُرجِعُهُ


فِي ذِمَّةِ اللَهِ مِن أَصبَحَت مَنزلَهُ : وَجادَ غَيثٌ عَلى مَغناكَ يُمرِعُهُ


مَن عِندَهُ لِي عَهدُ لا يُضيّعُهُ : كَما لَهُ عَهدُ صِدقٍ لا أُضَيِّعُهُ


وَمَن يُصَدِّعُ قَلبي ذِكرَهُ وَإِذا : جَرى عَلى قَلبِهِ ذِكري يُصَدِّعُهُ


لَأَصبِرَنَّ على دهر لا يُمَتِّعُنِي : بِهِ وَلا بِيَ فِي حالٍ يُمَتِّعُهُ


عِلماً بِأَنَّ اِصطِباري مُعقِبُ فَرَجاً : فَأَضيَقُ الأَمرِ إِن فَكَّرتَ أَوسَعُهُ


عَسى اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا : جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُهُ


وَإِن تُغِلُّ أَحَدَاً مِنّا مَنيَّتَهُ : فَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُهُ


* " شعر : ابن زريق البغدادي - أبو الحسن علي بن زريق - "


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة