قمة «تأديب قطر» ودعم مصر
سيطرت مصر على كلمات غالبية المشاركين فى الدورة الـ25 للقمة العربية المنعقدة بالكويت، التى انطلقت أعمالها، سواء من خلال الحديث عن خارطة الطريق أو الدعوة لمحاربة الإرهاب. وشارك فى القمة ?? قائداً وزعيماً عربياً، على رأسهم الرئيس عدلى منصور الذى ركزت كلمته على مكافحة الإرهاب. وأكد مراقبون أن التركيز العربى على الطرح المصرى الخاص بمواجهة الإرهاب خلال الجلسة الافتتاحية للقمة، هو ترجمة مباشرة ومتوقعة لما شهدته الاجتماعات التحضيرية للقمة سواء على مستوى كبار المسئولين أو وزراء الخارجية، التى سيطرت فيها الشواغل والأطروحات المصرية على القضية الرئيسية التى يفترض أن تكون محور القمة وهى الأزمة السورية، وهو ما يعكس الاستيعاب العربى شبه الكامل لخطورة الموقف والحرب الشرسة التى تخوضها مصر بالوكالة عن الأمة العربية وكافة دول المنطقة.
«مون»: لا حل عسكرياً للأزمة السورية.. وعلى إسرائيل وقف الاستيطان
وهنأ أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، مصر خلال كلمته، قائلاً: «نهنئ الأشقاء فى مصر على ما تحقق من خطوات مهمة فى تنفيذ خارطة الطريق بما يحقق الأمن والاستقرار فى ربوع هذا البلد العزيز، ليعود لممارسة دوره الرائد تجاه قضايا أمتنا العربية، متمنين لهم التوفيق والسداد فى تحقيق تطلعات شعبهم الشقيق بالاستقرار والازدهار». فيما قدم ولى العهد السعودى الأمير سلمان بن عبدالعزيز خلال كلمته، التهنئة لمصر على نتيجة الاستفتاء على الدستور، وقال إنها جسدت لُحمة الشعب المصرى ووحدته، وعبرت عن إرادته الحرة الأبية. وأضاف: «نرى فى هذه القمة فرصة للتعبير عن تأييدنا للخطوات الجارية التى اتخذتها بعض الدول العربية الشقيقة من أجل تحقيق الاستقرار السياسى والأمنى»، مطالباً بتضافر الجهود لتجاوز الصعوبات التى تمر بها الأمة العربية، والتصدى لكل المحاولات الهادفة إلى زعزعة أمن واستقرار دولنا العربية، ولن يأتى هذا الأمر إلا بالإرادة القوية والعزيمة الصلبة والصداقة والتنسيق الجماعى المتواصل، وبناء يكفل وحدة الرؤساء وتجانس المواقف، والجدية اللازمة فى التعامل مع التحديات الراهنة. وأردف أن القضية الفلسطينية فى صلب اهتمامات المملكة، مشيراً إلى أن الممارسات الإسرائيلية تقوض كل الجهود للتوصل إلى السلام.
قمة تأديب قطر
وعلى صعيد الملف السورى، شدد ولى العهد السعودى على أن «النظام السورى نظام جائر يمارس القتل والتنكيل»، لافتاً إلى أن المأزق السورى يتطلب تغيير موازين القوى على الأرض، داعياً إلى منح الائتلاف السورى مقعد سوريا فى القمة العربية. وقال: أستغرب كيف لا نرى وفد الائتلاف يحتل مكانه الطبيعى فى مقعد سوريا، خاصة أنه مُنح هذا الحق فى قمة الدوحة، معرباً عن أمله فى تصحيح هذا الوضع وتوصيل رسالة قوية للمجتمع الدولى لكى يغير أسلوب تعامله مع الأزمة السورية. وفيما يتعلق بالتصدى لظاهرة الإرهاب، قال الأمير سلمان: إن أمن واستقرار المنطقة لا يأتى عن طريق السعى نحو امتلاك الأسلحة الفتاكة، ولكن عن طريق إقامة علاقات طبيعية تسودها الثقة والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، وحل الخلافات بالطرق السلمية.
من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كى مون، الأطراف السورية المتنازعة لإيجاد حل سلمى عبر المفاوضات، مستبعداً أى حل عسكرى للأزمة. وقال «مون» فى كلمة ألقاها نيابة عنه المبعوث الدولى والعربى المشترك إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمى «دعونى أؤكد أنه ما من حل عسكرى لهذا النزاع، لذلك أدعو مجدداً لوقف تدفق الأسلحة إلى جميع الأطراف». من جهة أخرى، ناشد الأمين العام للأمم المتحدة إسرائيل وقف الأنشطة الاستيطانية باعتبارها تشكل انتهاكاً للقانون الدولى وتهديداً خطيراً للحل السلمى لهذا النزاع، داعياً الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى مجدداً لتقديم تنازلات ضرورية لتحقيق سلام عادل ودائم وشامل فى الشرق الأوسط، مؤكداً حق الشعب الفلسطينى المشروع فى إقامة دولة مستقلة قابلة للبقاء، وحق إسرائيل المشروع فى العيش بسلام داخل حدود آمنة معترف بها. وأكد ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لإنقاذ حل الدولتين من خلال تهيئة الظروف المواتية لإجراء مفاوضات جادة تفضى إلى حل القضايا الأساسية للنزاع، وإنهاء الاحتلال الذى بدأ عام 1967. وأدان الأخضر الإبراهيمى، المبعوث الأممى لحل الأزمة السورية، عمليات الإرهاب التى تقع فى مصر. من جهة أخرى، قال رئيس الائتلاف الوطنى لقوى الثورة والمعارضة أحمد الجربا، مخاطباً القادة والزعماء العرب، إن «إبقاء مقعد سوريا بينكم فارغاً، يبعث برسالة بالغة الوضوح إلى بشار الأسد الذى يترجمها على قاعدة (اقتل.. والمقعد ينتظرك بعدما تحسم حربك)، هكذا يفهم النظام الرسالة ويترجمها عربياً». وأضاف «الجربا»: «السوريون يسألون إذا كان الغرب تقاعس عن نصرتنا بالسلاح الحاسم، فما الذى يمنع أشقاءنا عن حسم أمرهم حول مقعدنا بينهم؟»، موضحاً أن الواقع بات يفرض أن تُسلم السفارات السورية فى العواصم العربية إلى الائتلاف الوطنى، بعد أن فقد النظام شرعيته ولم يعد للسوريين من يرعى مصالحهم فى العواصم العربية، الأمر الذى يربك العلاقات العربية العربية ويجعل أحوال السوريين أصعب، على حد قوله. على جانب آخر، التقى الرئيس عدلى منصور نظيره اللبنانى، العماد ميشيل سليمان، على هامش أعمال القمة العربية، وأكد «منصور» حرص مصر على أمن واستقرار لبنان فى ظل الصراعات الإقليمية فى منطقة جواره الجغرافى، ولاسيما فى سوريا، مجدداً التأكيد على موقف مصر الداعى إلى تسوية الأزمة السورية عن طريق الوسائل السلمية والحلول السياسية، حفاظاً على أرواح المواطنين السوريين ووحدة الأراضى السورية. وتطرق اللقاء إلى خطر الإرهاب الذى يعانى منه كلا البلدين، وأهمية قيام المرجعيات الدينية الكبرى فى العالم العربى، بتصحيح الأفكار المغلوطة والهدامة.
كما التقى الرئيس منصور نظيره الفلسطينى محمود عباس أبومازن، وأكد أنه «رغم تعدد الشواغل المصرية فى المرحلة الراهنة فإن القضية الفلسطينية ستظل لها مكانتها وأولويتها المتقدمة على أجندة السياسة الخارجية المصرية». وتناول «أبومازن» خلال اللقاء ثوابت الموقف التفاوضى الفلسطينى، اتصالاً بقضايا الوضع النهائى، كما عبر عن تطلعهم للإفراج فى 28 مارس الحالى، عن آخر دفعة من السجناء الفلسطينيين، ارتباطاً باتفاق «أوسلو». من ناحية أخرى، صافح تميم بن حمد، أمير دولة قطر، المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية المؤقت، أثناء وجودهما فى قاعة «قصر بيان»، التى تنعقد بها القمة العربية بالكويت. وقال مصدر رئاسى إن المصافحة كانت بروتوكولية، حيث دخل الأمير تميم القاعة متأخراً، وصافح جميع الموجودين بمن فيهم «منصور»، ولم تحدث أية حوارات أو نقاشات.