قبل الخوض والسباحة في مشاكل المرأة الجبلية بجماعة كيسان ، لابد لي من إعطاء بعض المعطيات عن الجماعة .

جماعة كيسان جماعة قروية من بين 44 جماعة قروية و5 جماعات حضرية بإقليم تاونات ، وتابعة لدائرة غفساي التي تضم 12 جماعة قروية وجماعة حضرية واحدة . أحدثت بتاريخ 2/12/1959 .عدد سكان الجماعة يتجاوز 13600 نسمة ومساحتها تناهز 128كلم مربع ، اما عدد كوانينها فحوالي 2700 كانون .

جماعة كيسان تطل على أكبر سد في المغرب وهو سد الوحدة ، ومحاطة من شمالها وشرقها بغطاء غابوي مهم . وللقارئ العزيز تخيل جمال طبيعتها الخلابة التي تصر الناظرين .وهنا نطرح السؤال على القائمين على السياحة بإقليم تاونات والجهة ككل لماذا تقصى جماعة كيسان من المشاريع السياحية المدرة للدخل ؟؟؟؟

عودة للموضوع أعطي مثالا بأمي رحمة الله عليها ، كي أكون أكثر ملامسة لواقع الحال .

كانت كباقي نساء الجماعة تستيقظ فجرا لتحضير وجبة الفطور في الكانون (الكوزينة التقليدية )، بعدها تصطحب أبي لتساعده في جميع أعماله الفلاحية من جني الزيتون وطحنه وحرث الأرض وزرعه و حصاد المحصول ودرسه .وفي المساء تدخل الدار لتبدأ الأشغال المنزلية من ألفها إلى يائها مع تلبية حاجيات أبنائها المتنوعة دون كلل أو يأس من الحياة . كل هذا في زمن التطور التكنلوجي والمعلوماتي وفي زمن الكل يتغنى بحقوق المرأة . عفوا على السهو ، أمي لم تكن تسكن منطقة حضرية ولم تكن متعلمة ولم تكن حداثية ولا تقدمية ، لكن كان لها هدف شريف ونبيل وهو تربية أبنائها وتكوينهم مهما كانت المعاناة : وهنا أتذكر قولتها لي رحمها الله في يوم من الأيام : (أنا نتعرى أو انتم اتكساو ).إنها الشمعة التي تحرق نفسها لتضئ على الآخرين ، وهي المناضلة والمجاهدة والمواطنة التي لم تطلب مساعدة أو إعانة من جمعية أو جماعة أو أي جهة أخرى .

هذه صورة مبسطة لواقع حال المرأة الجبلية بجماعة كيسان ،قبل حوالي 30 سنة ولكن مع الأسف لم يتغير شئ لحد الساعة ،في غياب مبادرات لتغيير هذا الواقع المر . ما عدا إنشاء بعض المدارس الإبتدائية التي شجعت تمدرس الفتيات ، لتنقطع بعد ذلك في غياب الإعدادية والثانوية بالجماعة .وهنا نشير للهدر المدرسي في صفوف الفتيات لمن يهمه الأمر .وفي السياسة كوطة لتمثيل المرأة بالمجلس القروي للجماعة : وهنا نشير للمثل الشعبي : أشنو خصك يا العريان ؟ قالو الخواتم يا سيدي.

عذرا لقرائ الأعزاء لأنني لم أستطيع الغوص والسباحة في بحر مشاكل المرأة الجبلية بجماعة كيسان ، لأن البحر عميق جدا وأنا لست سباحا ماهرا ..........