معلى الطائي يـرثي جاريته
معلى الطائي يـرثي جاريته
كان لمعلى الطائي جارية يقال لها وصف ، وكانت أديبة وشاعرة
، وقيل أن معلى الطائي أعطي في جاريته وصف أربعة آلاف دينار، فباعها ، فلما دخل عليها قالت له : بعتني يا معلى ؟
قال : نعم.
قالت : والله لو ملكت منك مثل ما تملك مني ما بعتك بالدنيا وما فيها .
فرد الدنانير واستقال صاحبه ، فأصيب بها إلى ثمانية أيام ، فقال يرثيها:
يا موت كيف سلبتني وصفا : قدمتها وتركتني خلفا
هلا ذهبت بنا معا فلقد : ظفرت يداك فسمتني خسفا
وأخذت شق النفس من بدني : فقبرته وتركت لي النصفا
فعليك بالباقي بلا أجل : فالموت بعد وفاتها أعفى
يا موت ما أبقيت لي أحدا : لما رفعت إلى البلى وصفا
هلا رحمة لشباب غانية : ريا العظام وشعرها الوحفا
ورحمت عيني ظبية جعلت : بين الرياض تناظر الخشفا
تغفي إذا انتصبت فرائسه : وتظل ترعاه إذا أغفى
فإذا مشى اختلفت قوائمه : وقت الرضاع فينطوي ضعفا
متحيرا في المشي مرتعشا : يخطو فيضرب ظلفه الظلفا
فكأنها وصف إذا جعلت : نحوي تحير محاجرا وطفا
يا موت أنت كذا لكل أخي : إلف يصون ببره الإلفا
خليتني فردا وبنت بها : ما كنت قبلك حاكما وكفا
فتركتها بالرغم في جدث : للريح تنسف تربه نسفا
دون المقطم لا ألبسها : من زينة قرطا ولا شنفا
أسكنتها في قعر مظلمة : بيتا يصافح تربه السقفا
بيتا إذا ما زاره أحد : عصفت به أيدي البلى عصفا
لا نلتقي أبدا معاينة : حتى نقوم لربنا صفا
لبست ثياب الحتف جارية : قد كنت ألبس دونها الحتفا
فكأنها والنفس زاهقة : غصن من الريحان قد جفا
يا قبر ابق على محاسنها : فلقد حويت النور والظرفا