الضُـــرَّتان
الضُـــرَّتان :
كان لأعْرابيّ زوجتان شاعرتان ، فولَدَتْ إحداهما ولداً، وولَدَتْ الأخْرى بنتاً..
فكانتْ أمُّ الولدِ تحْمِلُه وتهزُّه فرحَاً أمامَ ضُرَّتِها ..
وتُنْشِِدُ بصَوتٍ مُرتفِعٍ لتغيْظَها :
الحَمـدُ للهِ الحَميـدِ العالي * أكْرمَني وربِّي وأعْلَى حَالي
ولَمْ ألِــدْ بنتاً كَجلْـد ٍ بالي * لا تدْفـعُ الضَّيْـــمَ عَنْ العيال
فاغتاظَتْ أمُّ البنْتِ أولَ الأمْر ِ ، وراحَتْ تشْكو لزوْجها ، فقالَ لها :
كلامٌ بكلام ٍ .. قُولِي لها كمَا تقُولُ ..
فنَظمَتْ أبياتاً .. ثم أصْبَحتْ .. وأخذَتْ تهزّ ُابنتَها ..
- كما كانتْ تفعلُ ضرَّتها أمامَها بولَدِها - وأنْْشَدَتْ :
وما علَيَّ أنْ تكـــونَ جارية * تغْسِــلُ رأسِي وتُراعِـــي حاليه
وترفَعُ السِّـاقِطَ مِنْ خِماريه * حتّى إذا ما أصْبَحْـــــتُ كالغانية
زوَّجْتـُـــها مَروانَ أو مُعاوية * أصْهــارُ صِْدق ٍ ومُهُــورٌ عالية
فشَاعَتْ أبياتها في النَّاس ِ.. ولمَّا كبُرَتْ البنتُ ، قالَ الأميرُ مروانُ بنُ الحكم :
أكْرمْ بالبنتِ وبأمِّها ، ولا يجبُ أنْ يخيبَ ظنُّ الأمِّ ..
فخَطبَ مروانُ ابنتَها .. وقدَّم لها مائةَ ألفِ درْهم ٍمَهْرًا..
فلمَّا عَلِمَ معاويةُ بنُ أبي سُفيان - رضِي الله عنه - قالَ :
لولا أنَّ مَروانَ سبَقَنا إليها لضاعَفْنا لها المَهْرَ..
ثم بَعثَ للأمِّ بمائتي ألفِ درْهم ٍ هبة ًمِنْ عِندَه .