من حكمة البارودي
قَلِيلٌ مَنْ يَدُومُ عَلَى الْوِدَادِ
محمود سامي البارودي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قَلِيلٌ مَنْ يَدُومُ عَلَى الْوِدَادِ : فلا تَحفَل بِقربٍ أو بِعادِ
إِذَا كَانَ التَّغَيُّرُ في اللَّيَالِي : فَكَيْفَ يَدُومُ وُدٌّ في فُؤَادِ؟
وَمنْ لَكَ أَنْ تَرَى قَلْباً نَقِيًّا : ولمَّا يَخلُ قلبٌ مِن سوادِ ؟
فلا تَبذل هواكَ إلى خليلٍ : تَظُنُّ بِهِ الْوَفَاءَ، وَلاَ تُعَادِ
وَكُنْ مُتَوَسِّطاً في كُلِّ حَالٍ : لِتأمنَ ما تخافُ مِنَ العِنادِ
مُدَارَاة ُ الرِّجَالِ أَخَفُّ وَطْئاً :على الإنسانِ مِن حَربِ الفسادِ
يَعِيشُ الْمَرْءُ مَحْبُوباً إِذَا ما : نَحا فى سَيرهِ قَصدَ السَّدادِ
وما الدُّنيا سوى عَجزٍ وحِرصٍ : هُمَا أَصْلُ الْخَلِيقَة ِ في الْعِبَادِ
فَلَوْلاَ الْعَجْزُ مَا كَانَ التَّصَافِي : وَلَوْلاَ الْحِرْصُ ما كَانَ التَّعَادِي
وما عقَدَ الرِّجالُ الوُدَّ إلاَّ : لِنَفعٍ ، أو لِمنعٍ مِن تعاد
وما كانَ العِداءُ يَخفُّ لولا : أذَى السُّلطانِ ، أو خوفُ المَعاد
فيا ابنَ أَبي ! ولستَ بهِ ، ولكِن : كِلاَنَا زَرْعُ أَرْضٍ لِلْحَصَادِ
تَأَمَّلْ، هَلْ تَرَى أَثَراً؟ فَإِنِّي : أرى الآثارَ تَذهبُ كالرَّماد
حَيَاة ُ الْمَرْءِ في الدُّنْيَا خَيَالٌ : وَعَاقِبَة ُ الأُمُورِ إِلَى نَفَادِ
فَطُوبَى لاِْمرِىء ٍ، غَلَبَتْ هَوَاهُ : بَصيرتُهُ ؛ فباتَ على رَشادِ