كن جميلًا تر الوجودَ جميلًا
كن جميلًا تر الوجودَ جميلًا
إيليا أبو ماضي
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشاعر :
إيليا أبو ماضي:
شاعر عربي لبناني مهاجر إلى أمريكا
يعتبر من أشهر شعراء المهجر في أوائل القرن العشرين،
ولد في قرية "المحيدثة" من قرى لبنان سنة 1891م،
ودرس في إحدى مدارسها الصغيرة ثم غادرها في سنّ الحادية عشرة إلى الاسكندرية بمصر ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث كان أحد أعضاء الرابطة القلمية البارزين.
- أبو ماضي من الشعراء المهجريين الذين تفرغوا للأدب والصحافة، ويلاحظ غلبة الاتجاه الإنساني على سائر أشعاره، ولا سيما الشعر الذي قاله في ظل الرابطة القلمية وتأثر فيه بمدرسة جبران.
دواوينه:
- تبر وتراب
ـ تذكار الماضي.
ـ الجداول.
ـ الخمائل.
من أشهر شعره قصيدته الموسومة بفلسفة الحياة،
والتي قال فيها:
أيّهذا الشّاكي وما بك داء * كيف تغدو اذا غدوت عليلا؟
إنّ شرّ الجناة في الأرض نفس * تتوقّى، قبل الرّحيل ، الرّحيلا
وترى الشّوك في الورود ، وتعمى * أن ترى فوقها النّدى إكليلا
هو عبء على الحياة ثقيل * من يظنّ الحياة عبئا ثقيلا
والذي نفسه بغير جمال * لا يرى في الوجود شيئا جميلا
ليس أشقى مّمن يرى العيش مرًّا * ويظنّ اللّذات فيه فضولا
أحكم النّاس في الحياة أناس * عللّوها فأحسنوا التّعليلا
فتمتّع بالصّبح ما دمت فيه * لا تخف أن يزول حتى يزولا
وإذا ما أظلّ رأسك همّ * قصّر البحث فيه كيلا يطولا
أدركت كنهها طيور الرّوابي * فمن العار أن تظل جهولا
ما تراها والحقل ملك سواها * تخذت فيه مسرحا ومقيلا
تتغنّى، والصّقر قد ملك الجوّ * عليها ، والصائدون السّبيلا
تتغنّى، وقد رأت بعضها يؤخذ * حيّا والبعض يقضي قتيلا
تتغنّى ، وعمرها بعض عام * أفتبكي وقد تعيش طويلا؟
فهي فوق الغصون في الفجر تتلو * سور الوجد والهوى ترتيلا
وهي طورا على الثرى واقعات * تلقط الحبّ أو تجرّ الذيولا
كلّما أمسك الغصون سكون * صفّقت الغصون حتى تميلا
فإذا ذهّب الأصيل الرّوابي * وقفت فوقها تناجي الأصيلا
فاطلب اللّهو مثلما تطلب الأطيار * عند الهجير ظلاّ ظليلا
وتعلّم حبّ الطلّيعة منها * واترك القال للورى والقيلا
فالذي يتّقي العواذل يلقى * كلّ حين في كلّ شخص عذولا
أنت للأرض أولًا وأخيرًا * كنت ملكًا أو كنت عبدًا ذليلا
لا خلود تحت السّماء لحيّ * فلماذا تراود المستحيلا ؟
كلّ نجم إلى الأفول ولكنّ * آفة النّجم أن يخاف الأقولا
غاية الورد في الرّياض ذبول * كن حكيما واسبق إليه الذبولا
وإذا ما وجدت في الأرض ظلاّ * فتفيّأ به إلى أن يحولا
وتوقّع ، إذا السّماء اكفهرّت * مطرًا يحيي السهولا
قل لقوم يستنزفون المآقي * هل شفيتم مع البكاء غليلا؟
ما أتينا إلى الحياة لنشقى * فأريحوا ، أهل العقول، العقولا
كلّ من يجمع الهموم عليه * أخذته الهموم أخذا وبيلا
كن هزارًا في عشّه يتغنّى * ومع الكبل لا يبالي الكبولا
لا غرابا يطارد الدّود في الأرض * ويوما في اللّيل يبكي الطّلولا
كن غديرا يسير في الأرض رقراقا * فيسقي من جانبيه الحقولا
تستحم النّجوم فيه ويلقى * كلّ شخص وكلّ شيء مثيلا
لا وعاء يقيّد الماء حتى * تستحل المياه فيه وحولا
كن مع الفجر نسمة توسع الأزهار * شمّا وتارة تقبيلا
لا سمومًا من السّوافي اللّواتي * تملأ الأرض في الظّلام عويلا
ومع اللّيل كوكبا يؤنس الغابات * والنّهر والرّبى والسّهولا
لا دجى يكره العوالم والنّاس * فيلقي على الجميع سدولا
أيّهذا الشّاكي وما بك داء * كن جميلا تر الوجود جميلا !