النداء . أغراضه وأدواته
أسلوب النداء
النّداء : أحد الأساليب الإنشائيّة الطّلبيّة ويعني :
أنْ تنادي شخصاً باسمِه أو بصفةٍ من صفاته , تدعوه كي ينتبهَ إليك أو يُقبِلَ عليك .
ويتكون أسلوب النداء من :
( أداة النداء + المُنادى ) .
أغراض النداء :
يكونُُ النّداء حقيقياً إذا قُصِدَ به جلْبَ انتباه المُنادَى عليه
كقوله تعالى :
" يا أهلَ الكتابِ لمَ تكْفرونَ بآياتِ اللهِ وأنتم تشهدون "
وقولِ أبي القاسم الشّابي :
أيُّها الشعبُ لَيتني كُنْتُ حَطَّابًا : فأهْوِي على الجذوعِ بفأسِي .
وقولِك :
أي بنيّ احرِصْ على الخُلُقِ القويمِ .
وقد يخرجُ النداءُ عَن أصلِه إلى أغراضٍ أدبيةٍ تُستفادُ مِن سياقِ الكلامِ فيدلُّ النداءُ على :
* التّهديد :
كقولِه تعالى على لسان قوم لوطَ عليه السّلام :
" لَئِن لم تنْتَهِ يا لوطُ لتكوننّ مِن المُخْرَجين ".
* الدّعاء :
كقولِه تعالى :
" قلِْ الّلهمّ فاطرَ السّماواتِ والأرضِ ...".
* الحسرة :
كقول حافظَ إبراهيم :
يا درَّةًً نُزِعَتْ مِن تاجِ والِدِها : فأصبَحَتْ حِلْْيَةًً في تاجِ رضوانِ .
* التّعظيم :
كقول مُفدي زكريا :
نوفمبر غيّرتَ مَجْرى الحياةِ : وكنْتَ ـ نوفمبر ـ مَطلَعَ فَجْر .
* التّعجّب :
كقول امرئ القيس :
فيا لَك مِن ليلٍ كأنّ نُجومَه : بكُلّ مُغارِ الفَتلِ شُدّتْ بيذْبُلِ .
و قول الشاعر :
أيا شجرَ الخابورِ مَالَكَ مُوْرقاً : كأنّكَ لم تجزعْ على بن طريفِ .
* التّحقير :
كقول إيليا أبي ماضي :
أيّها الطينُ لسْتَ أنْقى وأسْمى : مِن تُرابٍ تَدوسُ أو تتوسّدُُ .
* التّحذير :
كقول الشّاعر :
يا قِلاعَ الطّغاةِ قد نَفَضَ العِمْـ لاقُ عن جَفْنيه عُصورَ الظَّلامِ .
* المدح :
كقول أحمد سحنون :
يا أمّةًً تَوّجََتْها السَّماءُ : ببعْثَةِ خيْرِِ الوَرى أحْمَدا .
* النُّدبةُ :
كقول أبي الطيب المتنبّي :
وا حرّ قلْباهُ مِمَّن قلبُه شَبمُ : ومَن بجسْمي وحالِي عِندَه سَقَمُ .
* الاستعطاف :
كقول جميل بن معمر :
أبثين إنّك قد ملكت فاسجحي : وخذي بحظّك من كريم واصل.
* التّخيير :
كقول أحمد شوقي :
أيّها اليائِسُ مُتْ قبلَ المماتِ : أو إذا شِئْتَ حياةً فالرّجاءُُ .
* الاستغاثة :
كقول أبي العلاء المعري :
يا لَقَومِي ويا لَأَمثالِ قَومي : لأُناسٍ عُتُوُّهُم في ازديادِ .
( مُلاحَظة ) : المُستغاثُ به يُجرّ دائمًا بلامٍ مفتوحة.ٍ
* الالتماس :
كقول العباس بن الأحنف :
أَزَيْنَ نِساءَ العالَمين أجيبي : دُعاءَ مَشوقٍ بالعِراقِ غريبِ .
* الزّجر :
كقول الشّاعر:
يا قلْبُ ويْحَكَ ما سَمِعْتَ لِنَاصِحٍ : لمّا ارْتَمَيْتَ ولا اتّقَيْْتَ مَلاماَ .
أدوات النّداء :
للنّداء أدواتٌ ستٌّ تُستعمل لنداء القريب ، أو البعيد ، أو الاثنين معًا ومنها :
( يا ، الهمزة ، أيا ، هَيَا ، وا ، أي ) .
* ( يا ) :
تُستعملُ لنداء القريب والبعيد معاً وهي الأكثر استعمالاً ،
كقوله تعالى :
" يا أيّها النّاسُ اتّقوا ربَّكُم "
وقوله تعالى :
" قالوا أأنْتَ فعلْتَ هذا بآلِهتِنا يا إبراهيمُ "
وقول الشّاعر:
يا أمّةَ العرَبِ التي هيّ أمُّنا : أيُّ الفَخارِِ نمّيْتِه ونَمَّاكِ ؟
( ملحوظة ):
لا يُقدَّر في أحرف النداء إلا “ يا “
ولا يُنادى لفظُ الجلالةِ ، والمُستغاث به ، و ( أيًّ ، وأيَّتُ ) إلا بها .
قال – تعالى – " يوسف أيها الصديق "
فيوسف منادى حذفت منه أداة النداء
والتقدير ( يا يوسف )
* الهمزة ( أ ) :
تُستعملُ لنداء القريب ،
كقول الخنساء :
أعَيْنيَّ جُودا ولا تَجْمُدا : ألا تبكيانِ لصَخر النّدى
* ( أيا ) :
تُستعملُ لنداء البعيد ،
كقول الشّاعر:
أيا شجَرَ الخابور مالَكَ مُورِقًاً : ًكأنّكَ لم تجْزَعْ على ابنِ طَرِيف
وقولك :
" أيا محمّدُ سأمرّ عليك بعد قليلٍ فكُنْ مُسْتَعِدّاً "
* ( هَيَا ) :
تُستعملُ لنداء البعيد ،
كقول الشّاعر:
هيا أبتِي لا زلتَ فينا فإنّنا : لنا أملٌ في العيشِ ما دُمْتَ عائِشًاً
وقولك :
" هيا وطني ما أجْمَلَك "
* ( وا ) :
وهي خاصة بالنُّدبة ،
· مثل :
" وا مُعتصِماه " ، " وا فَلَسْطيناه " ، "واصَدِيقاه "
* ( أي ):
لنداء القريب
كقول الشّاعر :
أي رجالَ الدّنيا الجديدةِ : قد شأوْتُم بالمعجزاتِ الرّجالا
وقولك :
" أيّ عابداً اتّقِ اللهَ "
العامل في المنادى :
يذكُرُ أكثرُ النُّحاةِ المتقدمين أنَّ جملةَ النداء جملةٌ فعليةٌ وجعلوا المُنادى نوعًا من المفعول به ،
والعاملُ فيه محذوفٌ تقديره :
( أنادي أو أدعو )
وبما أنًّ الفعلَ محذوفٌ وجوبًا استغنوا عنه بأحدِ أحرفِ النداء ،
نحو :
يا إبراهيمُ .
فالتقدير :
أنادى أو أدعو إبراهيمَ ..
وهذا لا يخلو من التكلُّفِ ، فالفعل الذي يزعمُه النُّحاة لا يظهر أبدًا ، ولو ظهر لانتفى كَون الجملةِ ندائية ، لأنَّ الجملةّ الندائيةَ جملةٌ إنشائيةٌ طلبيةٌ وهذا الفعلُ يجعلُها جملةً خبريةً محتملةً للصِّدقِ أو الكذبِ .