كيف تعلّم الكسائىّ النّحْو ؟
كيف تعلّم الكسائىّ النّحْو ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الخَطيبُ البَغْدَادِيّ :
تعلَّم الكسائيُّ النَّحو على كِبَرٍ ،
وسَبَبُ ذلك :
أنَّه جاء إلى قَومٍ وقد أعْيَا ( 1 )،
فقال :
قد عَيَيْتُ .
فقالوا له :
تُجالِسُنا و أنتَ تُلْحِنُ ؟!
قال :
وكيف لَحَنْتُ ؟
قالوا :
إنْ كنتَ أردْتَ مِن انقطاعِ الحِيلَةِ
فقلْ :
عَيَيْتُ .
وإنْ أردْتَ مِنَ التَّعبِ
فقل :
أعْيَيْتُ .
فأنِفَ الكسائىُّ وقام من فَوْره ، وسأل عَمَّن يُعَلِّمُ النَّحْوَ ، فأرْشِدَ إلى مُعاذَ الهراء فلَزَمَه حتى أنْفَدَ ما عندَه ، ثم خرج إلى البَصْرة فلَقِيَ الخليلَ ، وجلس في حَلْقَتِه ، فقال له رجلٌ مِنَ الأعْرابِ :
تَركْتَ أسَدَ الكُوفةَ وتميْماً وعندَهما الفَصَاحةَ ، و جئْتَ إلى البَصْرةَ ؟! .
فقال الكسائىُّ للخليل :
مِنْ أيْنَ أخَذْتَ علْمَك هذا ؟
فقال الخليل ُ :
مِنْ بَوادِي الحِجاز و نَجْدٍ وتُهامَة .
فخرجَ إليها ورجعَ وقد أنْفَدَ خمسَ عشرةَ قِنِّيْنَةَ حِبْرٍ في الكتابة عن العَرَبِ ،
غيرَ ما حَفِظَ ، فقَدِمَ البَصْرَةَ ، فوجَدَ الخليلَ قد ماتَ و في مَوْضِعِه يُونُسُ فَجَرَتْ بينهما مسائِلُ أقرَّ له فيها يُونسُ ، وصَدَّره مَوْضِعَه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) أعيا : بمعنى تَعِبَ من المَشي ، وبمعنى أُشْكِلَ عليه الأمْرُ أيضا .