الوصول للحب بل للعشق

جاء رجل إلى بايزيد البسطامي وقال له: ثلاثين عاماً وأنا اعبد الله ولم أتلقي علامة تثبت أني قريب من الله. قال بايزيد: حتى لو استغرقت عبادتك مئة عام لن يحصل شيء، لأن غرورك وأنانيتك هي سد للحقيقة.

لا يمكنك أن تتعلم الحقيقة، كل الأنبياء والأولياء تكلموا عن الحقيقة ولكن كل منهم اكتشفها بطريقته الخاصة، الحقيقة ليست علم إذا اكتشفها عالم سينتهي الأمر حينها، كل منا يمكنه أن يصل للحقيقة بطريقته وتصبح الحقيقة هي طريقة حياته...

العبادة هي طريقة للوصول للحقيقة ولكن يجب أن تكون نابعة من القلب. لا يمكنك أن تحصيها أو تحسبها الحب لا يعرف الأعداد والسنين، هو إحساس وشعور وطاقة ولا يمكننا أن نضعها في قالب الإحصاءات.

لماذا قال له إذا استغرقت عبادتك مئة عام لن يحصل شيء؟ لأنه كان يعبد بعقله لا بقلبه كان يعد السنين والأيام وهذا نتيجة العقل ولكن إذا كنت تحب وعاشق تختفي الأيام والسنين ويبقي الحب... حتى (أنا) تختفي وتحس انك مغمور بهذه الطاقة. هل يمكنك أن تسأل الغارق في البحر، أنت غرقت في أي عمق وبكم لتر من الماء؟

الأنانية والغرور تدفعك لتركز علي ما تفعله، إذن أنت تجزّئ العالم، الله وأنت وأعمالك... كل واحد يحتل جزء من عالمك... الحقيقة هي أن العالم ليس أجزاء هو كل شيء مع بعض وأكيد هذا العالم له مركز واحد وأكيد هذا المركز هو ليس أنت... هل يمكنك أن تقول أن يدي هي مركز جسمي أو عيني... كل الأعضاء مع بعض تشكل هذا الكيان ولا يمكن أن يكون عضو واحد هو المركز. هكذا بالنسبة للأكوان كل شيء مع بعض هو الكيان الكوني ولا يمكننا أن نجعل من شخص أن يكون محور الكون...

إذا كنا جزء أو خلايا هذا الكيان العظيم إذن لماذا لا نتحلى بصفاته؟ أكيد لا يمكننا أن نعيش الرحمن الرحيم في هذه المرحلة ولكن يمكننا أن نعيش الحب هذه الطاقة التي تربطنا وتجذبنا إلى بعض...

وصف العشق في عالم العرفان صعب جدا لأنك ستحس بإرباك شديد، كيف اعشقه وأنا لا أعرفه جيداً ولا أعرف نفسي ولا أستطيع أن أتخيل له شكل أو مكان أو أي شيء ملموس؟

في الحقيقة لا يمكنك أن تعشقه وأنت في هذه المرحلة... إذا كان هذا إحساسك فمعك كل الحق... إذن لنبدأ بالحب، ابدأ بحب الأشياء الطبيعية مثل الزهور أو لا.... الأشياء الاصطناعية تدخل فيها العقل إذن يمكنك أن تبرمج أي شيء بالشكل واللون الذي تريد ولكن الطبيعة مبنية علي التوازن فيها الخير والشر، هناك زهور جميلة وفيها شوك، أو جميلة وليس لها عطر أو ليست جميلة ولها فوائد طبية.... هل تستطيع أن تحب الزهور والطبيعة؟ عيش هذا الإحساس فترة ولكن اخترقه... ثم حب الحيوانات هذه البُعد أقوي لأن الحيوانات يمكن أن تؤذيك وأحياناً لا تحس بك ولا تشكرك... عيش هذا الإحساس واخترقه ثم ادخل في حب الإنسان وهذه هي أصعب مرحلة لأنها ليست للشرح بل للعيش... بعد هذا كله سترتقي من تلقاء نفسك إلى كيان وبُعد أوسع لا للحب بل للعشق...

http://badralshraif.ucoz.com/blog/31/2013-06-01-55