الحسن البونعماني الشاعر والأديب ( الحلقة الثانية)
الشاعر الحسن البونعماني ( الحلقة الثانية) : مكانته العلمية والادبية
لا شك أن من نشأ في كنف أسرة أفرادها فقهاء وعلماء تقلد غالبيتهم مهمة التدريس بالمدارس العلمية العتيقة بسوس ـ لا شك أنه سيتأثر كثيرا بالأجواء الدينية وروح النزعة الصوفية السائدة ، ولكن الحسن البونعماني استطاع في الوقت ذاته أن يظهر نبوغا متميزا واهتماما فريدا للأدب والشعر حفظا ونظما. ويقول وهو يحكي عن تجربته الأولية : وأنا طفل صغير أسمع بالأدب والأدباء ، وأستمع لمن ينشد بعض القطع الشعرية ... مما حبب إليه حفظ الشعر العربي القديم بالإضافة إلى منظومات في النحو وغيره حتى تفتقت شاعريته ، وخرج بعدها يبحث عن مناهل العلم والادب بتارودانت ومراكش وفاس...وأصبحت له مكانة مرموقة بين أدباء وشعراء عصره حيث لقبه محمد المختار السوسي بشاعر القطر السوسي.
لهذا رغم المناصب التي كان يتقلدها سواء في الإدارة أو التدريس ،فقد نظم شعرا كثيرا وفي مختلف الاغراض الشعرية التي نظم عليها فحول الشعراء العرب القدامى والمعاصرين من المشرق أو من المغرب ( قصائد وطنية وقومية ودينية وأخلاقية.....)وتربو أبياته الشعرية - حسب الدراسة الجامعية التي اهتمت بتراثه - عن 2980 بيتا شعريا
ومن بين آثاره الشعرية :
قصيدة في وفاة الشاعرالمصري أحمد شوقي:
. ** إن ذبت حزنا هل أنال مرادي *** أو همت هل يشفى غليل فؤادي
. ** عظم المصاب فيا له من فادح *** عم العروبة في شعوب الضاد
. ** في كل يوم للزمان كوارث *** ما بين مستتر بها أو بـــاد
. ** بينما نعالج ما بنا من ( حافظ) *** ويزيد إيقاد على إيــــــقاد
. ** فإذا بشوقي تابع فكأنمـــا *** متعاهدان هما على الإيــــراد
. ( ......)
. ** أبكيك كالخنساء تندب صخرها *** إن البكاء عليك حفظ وداد
كما مدح في قصائده الرسول صلى الله عليه وسلم ، وملوك المغرب كمحمد الخامس والحسن الثاني ، وكثيرا من أصدقائه وجلسائه... كما رثى وهجا ووصف، نظم في السياسة والعلاقات الدولية بين المغرب والبلدان العربية من جهة وبينه وبين البلدان الغربية من جهة أخرى. ولم يفته الحديث عن تاريخ المغرب من فتوحات المسلمين إلى غزو الغربيين مثل فرنسا واسبانيا والبرتغال وغيرها قال في قصيدة " التوسل " وهي آخر ما كتبه قبل وفاته :
وفاتح هذا القطر عقبة الذي *** به أذهب الله مخازي كافر .....
وإدريس وابنه وفرسان جيشه *** ومن عانقوا الإسلام بين البرابر...
. وقال في موضع آخر : قد اجتيحت جزولة من فرنسا **** وإسبانيا وجنس البردقيس
ومما يضفي على بعض قصائده مسحة الدعابة والمرح ، توظيفه كلمات أمازيغية لا يفهمها إلا الناطق بها كقوله مثلا في رثاء اسماعيل هرماس بتارودانت:
وبالمنطاد من أعلى طراز *** فكم جند وكم عدد أيوسي ( وتعني بالأمازيغية التي حملها)
( وللحديث عن الشاعر بقية )