ومازال المسلسل مستمر
(( نقلاً عن الوطن ))
وديع وهبي.. عالم الذرة المصري "السادس" الذي يرحل بعد إذن "المجهول"
لغز وفاة عالم الذرة المصري "وديع وهبي"، الذي عثر على جثته ملقاة في منطقة معزولة عن المارة بالقرب من السكة الحديد بالوايلي، أعاد للأذهان تعبير "قيدت ضد مجهول"، التي كانت دائما ما تسدل الستار على قضايا قتل علماء الذرة المصريين في ظروف غامضة، منذ عقود.
وديع وهبي، الذي كان قدره أن يأتي "سادسا" في ملف قتل علماء الذرة المصريين، كان أستاذا بجامعة القاهرة وله أبحاث عديدة في مجال الذرة، واختفى يوم الجمعة 27 يوليو، بعد أن خرج من منزله في الحادية عشرة صباحًا، لحضور حفل "رسامة شيوخ جُدد" بالكنيسة الإنجيلية بمصر الجديدة.
الأول: مشرفة الذي تابع أبحاثه "أينشتين".. مات مسموماً
وقف باهت الوجه قائلا: "لا أصدق أن مشرفة قد مات، إنه لا يزال حياً من خلال أبحاثه"، كان ذلك تعليقا مقتضبا من "اينشتين" حين علم بنبأ مقتل الدكتور علي مصطفى مشرفة، الذي داوم على متابعة أبحاثه واصفاً إياه بأنه واحد من أعظم علماء الفيزياء.
وكان "مشرفه" أول مصري يحصل على درجة دكتوراه العلوم من إنجلترا عام 1923، ومنح لقب أستاذ من جامعة القاهرة، وهو دون الثلاثين من عمره، وانتخب في عام 1936 عميداً لكلية العلوم، فأصبح بذلك أول عميد مصري لها. وتوجه مشرفه إلى ترجمة المراجع العلمية إلى العربية بعد أن كانت الدراسة بال‘نجليزية، وأنشأ قسماً للترجمة في الكلية. وشجع البحث العلمي وأسس الجمعية المصرية للعلوم الرياضية والطبيعية والمجمع المصري للثقافة العلمية. وكان للتراث العلمي العربي نصيب من اهتماماته؛ فقام مع تلميذه محمد مرسي أحمد بتحقيق ونشر كتاب الجبر والمقابلة للخوارزمي.
ويعد مشرفة أحد القلائل الذين عرفوا سر تقتيت الذرة، وأحد العلماء الذين ناهضوا استخدامها في صنع أسلحة في الحروب، ولم يكن يتمنى أن تُصنع القنبلة الهيدروجينية، وهو ما حدث بالفعل بعد وفاته بسنوات في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي. وتُقدر أبحاثه المتميزة في نظريات الكم والذرة والإشعاع والميكانيكا بنحو 15 بحثاً، وقد بلغت مسودات أبحاثه العلمية قبل وفاته نحو 200 مسودة.
وفي 15 يناير 1950عثر على الدكتور مشرفة مسموما في بيته ليسدل الستار على قضيته بكلمتين: "ضد مجهول".
الثاني: يحيي المشد.. والحجرة 941
العالم النووي يحيي المشد، تخرج في كلية الهندسة قسم كهرباء، ونظرا لنبوغه بُعث إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة هندسة المفاعلات النووية عام 1956، وعاد إلى مصر لينضم لفريق الطاقة النووية بعد حرب يونيو 1967، وبسبب تجمد البرنامج النووي المصري؛ وتوقف الأبحاث في ذلك المجال، خصوصا بعد حرب 1973، حيث تم تحويل الطاقات المصرية إلى اتجاهات أخرى.
سافر المشد إلى العراق، وكان الرئيس صدام حسين نائبا للرئيس العراقي حينها، وتملكه الطموح لامتلاك كافة وسائل القوة فوقع اتفاقية 1975 للتعاون النووي مع فرنسا. وبدأ المشد مشواره في المشروع النووري العراقي ضمن عدد من القلائل المتخصصين في ذلك المجال حينها، وأثناء عمله في المشروع رفض بعض شحنات اليورانيوم الفرنسية حيث اعتبرها مخالفة للمواصفات، وأصرت بعدها فرنسا على حضوره شخصيا إلى فرنسا لتنسيق استلام اليورانيوم. وفي الحجرة رقم 941 بفندق الميريديان بباريس، عثر على جثمان الدكتور يحيي المشد، مهشم الرأس.
الثالثة: سميرة موسي.. المصرية التي زارت المعامل السرية للولايات المتحدة
هي أول عالمة ذرة مصرية، والمواطنة المصرية الوحيدة التي زارت المعامل السرية للولايات المتحددة الأمريكية، ظهر نبوغها جليا منذ أعوام دراستها الأولي، حيث ألفت كتاب الجبر الحديث لشرح الجبر بطريقة مبسطة لزملائها، وتخصصت في العلوم بالبكالوريا؛ ونظراً لنبوغها أسست لها مديرة المدرسة معملا خاصا؛ إصراراً منها على الاحتفاظ بتلك الطالبة النابغة. وحصلت على بكالوريوس العلوم بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، واعترضت الجامعة على تعينها لكونها امرأة. فكانت المرأة الوحيدة التي يجتمع لأجلها مجلس الوزراء لاتخاذ قرار بتعيينها، بعد موقف مشرف من الدكتور علي مصطفى مشرفة، الذي هدد بالاستقالة من الجامعة فى حال رفض تعيينها.
وحصلت على الماجستير والدكتوراه من لندن في زمن قياسي، وكانت أول امرأة عربية تحصل على الدكتوراه. كما حصلت على منحة "فولبرايت" لدراسة الذرة بجامعة كاليفورنيا، واستطاعت الحصول على نتائج في مجال أبحاث الذرة أذهلت الأوساط العلمية في أمريكا وأوروبا؛ فسمح لها بزيارة المعامل السرية للذرة بالولايات المتحدة الأمريكية، لتكون المصرية الوحيدة التى سمح لها بذلك.
وتلقت عددا من العروض لتستمر في أمريكا، وتحصل على الجنسية الأمريكية، لكنها رفضت وفضلت العودة للوطن لمواصلة رسالتها العملية.
وفي ظروف غريبة وأثناء رحلتها الأخيرة إلى أمريكا، احترقت بها السيارة وسقطت من مكان مرتفع، لتلقى حتفها تاركى خلفها العديد من التساؤلات حول مقتلها وظروف الحادثة.
الرابع: سمير نجيب.. رفضت أمريكا - على طريقتها - عودته إلى مصر
شاب مصري لم يتجاوز الثلاثين من عمره، شاهد العالم نبوغه في مجال الذرة في سن صغيرة، وكان ضمن الفوج الأول للمشروع النووي المصري في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، ونظرا لنبوغه رشح لمنحة للولايات المتحدة وتدرب على يد كبار أساتذة الذرة هناك، ورغم العديد من العروض للبقاء بأمريكا، لكنه رفضها مفضلا العودة لمصر.
لم يستطع سمير العودة مرة أخرى لأرض الوطن، فأثناء تحركه بسيارته، فوجئ بسيارة نقل ضخمة، ظن في البداية أنها تسير في الطريق شأن باقي السيارات. حاول قطع الشك باليقين فانحرف إلى جانبي الطريق، لكنه وجد أن السيارة تتعقبه. وفي لحظة مأساوية أسرعت سيارة النقل ثم زادت من سرعتها واصطدمت بسيارته، فتحطمت، ولقي هو مصرعه على الفور. وكالعادة، كانت الجملة الأخيرة التي تسدل الستار على الجريمة "ضد مجهول"
الخامس: نبيل القليني.. اتصال من مجهول ينقله للآخرة
كان مصدرا للحديث الدائم في الصحف التشيكية، بعد أن أوفدته كلية العلوم في بعثة إلى هناك، وكانت الصحف التشيكية تصفه دائما بعبقري الذرة، نظراً لقيمة أبحاثه العلمية، وهو في سن لا يتعدى الثلاثين من عمره.
وذات صباح "رن" جرس التليفون في شقته، يرد الدكتور نبيل، ثم يغادر شقته مسرعا، ولم يظهر بعدها.
وديع وهبي.. عالم الذرة المصري "السادس" الذي يرحل بعد إذن "المجهول"
لغز وفاة عالم الذرة المصري "وديع وهبي"، الذي عثر على جثته ملقاة في منطقة معزولة عن المارة بالقرب من السكة الحديد بالوايلي، أعاد للأذهان تعبير "قيدت ضد مجهول"، التي كانت دائما ما تسدل الستار على قضايا قتل علماء الذرة المصريين في ظروف غامضة، منذ عقود.
وديع وهبي، الذي كان قدره أن يأتي "سادسا" في ملف قتل علماء الذرة المصريين، كان أستاذا بجامعة القاهرة وله أبحاث عديدة في مجال الذرة، واختفى يوم الجمعة 27 يوليو، بعد أن خرج من منزله في الحادية عشرة صباحًا، لحضور حفل "رسامة شيوخ جُدد" بالكنيسة الإنجيلية بمصر الجديدة.
الأول: مشرفة الذي تابع أبحاثه "أينشتين".. مات مسموماً
وقف باهت الوجه قائلا: "لا أصدق أن مشرفة قد مات، إنه لا يزال حياً من خلال أبحاثه"، كان ذلك تعليقا مقتضبا من "اينشتين" حين علم بنبأ مقتل الدكتور علي مصطفى مشرفة، الذي داوم على متابعة أبحاثه واصفاً إياه بأنه واحد من أعظم علماء الفيزياء.
وكان "مشرفه" أول مصري يحصل على درجة دكتوراه العلوم من إنجلترا عام 1923، ومنح لقب أستاذ من جامعة القاهرة، وهو دون الثلاثين من عمره، وانتخب في عام 1936 عميداً لكلية العلوم، فأصبح بذلك أول عميد مصري لها. وتوجه مشرفه إلى ترجمة المراجع العلمية إلى العربية بعد أن كانت الدراسة بال‘نجليزية، وأنشأ قسماً للترجمة في الكلية. وشجع البحث العلمي وأسس الجمعية المصرية للعلوم الرياضية والطبيعية والمجمع المصري للثقافة العلمية. وكان للتراث العلمي العربي نصيب من اهتماماته؛ فقام مع تلميذه محمد مرسي أحمد بتحقيق ونشر كتاب الجبر والمقابلة للخوارزمي.
ويعد مشرفة أحد القلائل الذين عرفوا سر تقتيت الذرة، وأحد العلماء الذين ناهضوا استخدامها في صنع أسلحة في الحروب، ولم يكن يتمنى أن تُصنع القنبلة الهيدروجينية، وهو ما حدث بالفعل بعد وفاته بسنوات في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي. وتُقدر أبحاثه المتميزة في نظريات الكم والذرة والإشعاع والميكانيكا بنحو 15 بحثاً، وقد بلغت مسودات أبحاثه العلمية قبل وفاته نحو 200 مسودة.
وفي 15 يناير 1950عثر على الدكتور مشرفة مسموما في بيته ليسدل الستار على قضيته بكلمتين: "ضد مجهول".
الثاني: يحيي المشد.. والحجرة 941
العالم النووي يحيي المشد، تخرج في كلية الهندسة قسم كهرباء، ونظرا لنبوغه بُعث إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة هندسة المفاعلات النووية عام 1956، وعاد إلى مصر لينضم لفريق الطاقة النووية بعد حرب يونيو 1967، وبسبب تجمد البرنامج النووي المصري؛ وتوقف الأبحاث في ذلك المجال، خصوصا بعد حرب 1973، حيث تم تحويل الطاقات المصرية إلى اتجاهات أخرى.
سافر المشد إلى العراق، وكان الرئيس صدام حسين نائبا للرئيس العراقي حينها، وتملكه الطموح لامتلاك كافة وسائل القوة فوقع اتفاقية 1975 للتعاون النووي مع فرنسا. وبدأ المشد مشواره في المشروع النووري العراقي ضمن عدد من القلائل المتخصصين في ذلك المجال حينها، وأثناء عمله في المشروع رفض بعض شحنات اليورانيوم الفرنسية حيث اعتبرها مخالفة للمواصفات، وأصرت بعدها فرنسا على حضوره شخصيا إلى فرنسا لتنسيق استلام اليورانيوم. وفي الحجرة رقم 941 بفندق الميريديان بباريس، عثر على جثمان الدكتور يحيي المشد، مهشم الرأس.
الثالثة: سميرة موسي.. المصرية التي زارت المعامل السرية للولايات المتحدة
هي أول عالمة ذرة مصرية، والمواطنة المصرية الوحيدة التي زارت المعامل السرية للولايات المتحددة الأمريكية، ظهر نبوغها جليا منذ أعوام دراستها الأولي، حيث ألفت كتاب الجبر الحديث لشرح الجبر بطريقة مبسطة لزملائها، وتخصصت في العلوم بالبكالوريا؛ ونظراً لنبوغها أسست لها مديرة المدرسة معملا خاصا؛ إصراراً منها على الاحتفاظ بتلك الطالبة النابغة. وحصلت على بكالوريوس العلوم بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، واعترضت الجامعة على تعينها لكونها امرأة. فكانت المرأة الوحيدة التي يجتمع لأجلها مجلس الوزراء لاتخاذ قرار بتعيينها، بعد موقف مشرف من الدكتور علي مصطفى مشرفة، الذي هدد بالاستقالة من الجامعة فى حال رفض تعيينها.
وحصلت على الماجستير والدكتوراه من لندن في زمن قياسي، وكانت أول امرأة عربية تحصل على الدكتوراه. كما حصلت على منحة "فولبرايت" لدراسة الذرة بجامعة كاليفورنيا، واستطاعت الحصول على نتائج في مجال أبحاث الذرة أذهلت الأوساط العلمية في أمريكا وأوروبا؛ فسمح لها بزيارة المعامل السرية للذرة بالولايات المتحدة الأمريكية، لتكون المصرية الوحيدة التى سمح لها بذلك.
وتلقت عددا من العروض لتستمر في أمريكا، وتحصل على الجنسية الأمريكية، لكنها رفضت وفضلت العودة للوطن لمواصلة رسالتها العملية.
وفي ظروف غريبة وأثناء رحلتها الأخيرة إلى أمريكا، احترقت بها السيارة وسقطت من مكان مرتفع، لتلقى حتفها تاركى خلفها العديد من التساؤلات حول مقتلها وظروف الحادثة.
الرابع: سمير نجيب.. رفضت أمريكا - على طريقتها - عودته إلى مصر
شاب مصري لم يتجاوز الثلاثين من عمره، شاهد العالم نبوغه في مجال الذرة في سن صغيرة، وكان ضمن الفوج الأول للمشروع النووي المصري في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، ونظرا لنبوغه رشح لمنحة للولايات المتحدة وتدرب على يد كبار أساتذة الذرة هناك، ورغم العديد من العروض للبقاء بأمريكا، لكنه رفضها مفضلا العودة لمصر.
لم يستطع سمير العودة مرة أخرى لأرض الوطن، فأثناء تحركه بسيارته، فوجئ بسيارة نقل ضخمة، ظن في البداية أنها تسير في الطريق شأن باقي السيارات. حاول قطع الشك باليقين فانحرف إلى جانبي الطريق، لكنه وجد أن السيارة تتعقبه. وفي لحظة مأساوية أسرعت سيارة النقل ثم زادت من سرعتها واصطدمت بسيارته، فتحطمت، ولقي هو مصرعه على الفور. وكالعادة، كانت الجملة الأخيرة التي تسدل الستار على الجريمة "ضد مجهول"
الخامس: نبيل القليني.. اتصال من مجهول ينقله للآخرة
كان مصدرا للحديث الدائم في الصحف التشيكية، بعد أن أوفدته كلية العلوم في بعثة إلى هناك، وكانت الصحف التشيكية تصفه دائما بعبقري الذرة، نظراً لقيمة أبحاثه العلمية، وهو في سن لا يتعدى الثلاثين من عمره.
وذات صباح "رن" جرس التليفون في شقته، يرد الدكتور نبيل، ثم يغادر شقته مسرعا، ولم يظهر بعدها.