التحيز أو النظرة الجزئية
تعد النظرة الجزئية أو الضيقة من الأخطاء الرئيسية إلى حد بعيد، وهو خطأ خالص في الإدراك والفهم.
إنه قصور أو لا كفاية في هذا الإدراك، وفي هذه الحالة ينظر من يفكر إلى جزء من الموقف فحسب، ويقيم حجته على أساس ذلك, وهو خطأ يستخدمه السياسيون على الدوام، وبشكل مدروس، أو كما يفعل أي شخص آخر يصر على إقناع الآخرين بوجهة نظره، وفي الحقيقة فإنه من السهل أن يصر المرء على وجهة نظر معينة، طالما أنه يستطيع أن يختار بعناية مجالاً يتيح له تشييد حجة متسقة منطقياً، ويعتمد على منطق تلك الحجة لإقناع الآخرين بها.
فقد يصر رئيس نقابة عمالية على حاجة رجاله إلى زيادة كبيرة في الأجور، كي يكون بوسعهم مجابهة ارتفاع مستوى المعيشة. والحجة هذه صحيحة إذا ما نظرنا إليها من وجهة نظر رجاله ومستوى المعيشة. إلا أنه إذا نظرنا إلى الأمر على نطاق واسع فإن ارتفاع الأجور سيقابله مثيل له في كل مكان. وسيقود هذا إلى ارتفاع أكبر في مستوى المعيشة. فالمنتج يصر على ضرورة أن يكون سعر البيع أربعة أضعاف تكاليف المادة التي تستخدم لصناعة الصنف. ومن ثم فإن سعر الخامات سيرتفع، كما أن سعر البيع، وكذلك الأرباح ستتزايد بالنسبة نفسها، علماً بأن تكاليفه الأخرى لم تتزايد فلقد اختار أن ينظر إلى إجراء التسعير، وليس إلى التغيير في تكاليف الخامات أو إلى أثر رفع سعره.
وغالباً ما تكون النظرة المتحيزة متعمدة. وقد يكون من الصعب جداً في بعض الأحيان اكتشاف ذلك، ما لم يكن المرء ملماً بكل جوانب الموقف. وقد يستحيل اكتشافه على الإطلاق عن طريق التمحيص الداخلي للحجة. وقد تكون النظرة الجزئية أحياناً غير معتمدة، ومبنية على معلومات غير وافية. وإذا كانت المعلومات غير مستوفاة من كل جوانبها، فلا يمكن اكتشاف «الخطأ» على الإطلاق.
فإذا تبنت الشرطة بعضاً من الإجراءات الجديدة، وأعقبها في السنة التالية ارتفاع في معدل الجرائم بنسبة 12 في المئة، فقد يُعزى الأمر إلى إخفاق تلك المعايير التي قصد منها تخفيض معدل الجريمة. ويبدو ذلك منطقياً إلا أن هذا يتضمن نظرة جزئية وإدراكاً غير وافٍ للأمور.
فيتعين علينا معرفة ارتفاع معدل الجريمة في السنة السابقة، ولتكن 8 في المئة مثلاً، ومن ثم فقد يظهر أنه يلي المعايير الجديدة ارتفاع حاد في المعدل، لتؤكد بالتالي عدم فعاليتها
تقييم:
0
0
مشاركة:
التعليق على الموضوع
لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...
...........................................
=== إضافة تعليق جديد ===
في موقع خبار بلادي نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين خدماتنا. وبالضغط على OK، فإنك توافق على ذلك، ولمزيد من المعلومات، يُرجى الاطلاع على سياسة الخصوصية.