الأثار المترتبة على موت المخ (أخوكم ناصف عبد الله)
الآثار المترتبة على موت المخ
ووسائل التشخيص
الدكتور عباس رمضان
رئيس قسم جراحة الأعصاب
ونائب مدير مستشفى ابن سينا
الآثار المترتبة على موت المخ
ووسائل التشخيص
الدكتور عباس رمضان
رئيس قسم جراحة الأعصاب
ونائب مدير مستشفى ابن سينا
قال الله تعالى في كتابه العزيز {وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله}
صدق الله العظيم .
يتساءل الإنسان عن حقيقة الروح ووجودها، فالروح هي ظاهرة حقيقية في جسد الإنسان تعطي الحياة للمخلوقات مصداقاً لقوله جل شأنه:
(ويسألونك عن الروح * قل الروح من أمر ربي * وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}
صدق الله العظيم
بمفارقة الروح للجسد تنتهي الحياة بالنسبة للإنسان، ومعاني الروح قد حيرت الأطباء وعلماء الدين والفلاسفة، ومع ذلك نستدل على وجودها بوظائفها وآثارها الظاهرة، ومتى تختفي هذه الظواهر تنتهي الحياة، ولكن ترجع الروح إلى بارئها. سؤال نطرحه لأهل الاختصاص من أطباء وعلماء الدين وهو: هل مكان الروح هو جذع المخ أو المخ ككل؟ ومن هو الذي يتحكم في عمل مخ الإنسان؟ الذي عجز العلماء عن الاستدلال على بعض وظائفه المعقدة، والمتكون من ملايين الخلايا العصبية التي تستقبل جميع الحواس وهو مركز للمعلومات والتفكير والابتكار وهو من النعم التي خَصَّ الله بها الإنسان وبهذه النعم يعد الإنسان، من أرقى المخلوقات.
سؤال آخر نطرحه أو نتساءل حوله ألا وهو: هل الحياة في الكائنات الحية كالإنسان والحيوان والنبات متشابهة؟ لذا فيجب التمييز بين الحياة في النبات والحياة في الإنسان التي تجسده الروح.
1 ـ الموت الكلي (Brain Death) - يعد موتا نهائيا - فيبقى الجسد بدون روح.
2 ـ الموت الجزئي (Vegitative Form) - يعد الموت غير النهائي - جسد وروح ولكن بدون الصفات المميزة للإنسان (كالعقل) وتعد هذه الحالة مثل النبات - حياة بدون روح.
قبل أن نبدأ ببحث وسائل تشخيص موت المخ والآثار المترتبة عليه، لنلقِ نظرة شمولية على القلب والمخ فأيهما مصدر الحياة؟
نرى بعض الإخوة الأفاضل من علماء الدين والأطباء يرون أن القلب هو الذي ينبض بالحياة في جسد الإنسان، ومصداقاً لقوله جل شأنه {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} [الحج: 32] وكذلك قوله تعالى: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} [الفتح: 4] وبذكر كتابه الحكيم {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} [الرعد: 28]. وجميع هذه الآيات القرآنية حسب قول علماء الدين تؤكد أن هذا القلب المادي مرتبط بحياة الإنسان وصفاته، فطالما ظل هذا القلب ينبض فإنه يمد سائر أعضاء وأجهزة الجسم بالحياة ولا يعد الإنسان ميتا إلا إذا توقف القلب عن النبض.
أما نحن الأطباء فنعتقد بأن تفسير هذه الآيات على أيدي بعض علماء الدين الأفاضل معقولة بالنسبة لنا، لأن الروح في أي معنى هي من أمر الله عز وجل، ولا يحيط بعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
ويمكن القول بأن القلب هو عقل الإنسان وفكره، فلم تذكر كلمة العقل في القرآن الكريم على خلاف كلمة القلب التي وردت كثيرا في القرآن الكريم نستشهد بذلك من [سورة التغابن: 10] {ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم} صدق الله العظيم.
ونفهم من ذلك أن القلب الذي ذكر بالقرآن والسنة، هو الوعي والإدراك والفكر والعقل، وأن القلب إذا توقف عن النبض فلا يعني هذا انتهاء العقل أو انتهاء الحياة، فقد يتوقف القلب عن النبض فترة والإنسان حي يرزق، أما انتهاء الحياة الإنسانية فهو يكون بموت المخ نفسه موتا نهائيا.
ومثال لذلك يمكن استبدال قلب صناعي أو طبيعي، فيمكن للإنسان العيش به، أما المخ عند موته بالكامل لا يمكن استبدال الخلايا التالفة منه، علما بأن المخهو المتحكم في جميع وظائف الجسم ككل ومن ضمنها القلب.
التصنيفات العالمية المحتملة للموت
إن الاختبارات المقترحة من قبل هيئة الأطباء تعتمد أساسا وإكلينيكيا على وظائف الدماغ سواء المخ أو جذع الدماغ.
من أسباب الموت:
* الأسباب اللادماغية: (Non-brain)
- لا يوجد نبض ولا أية محاولة للتنفس.
* الأسباب الدماغية:
أدماغية بالكامل: (Whole brain)
* الانعكاسات العصبية لجذع الدماغ غير موجودة.
* لا يوجد أي محاولات للتنفس.
* لا حركة في الجسم سواء إرادية أو غير إرادية.
ب ـ دماغية عليا: (Higher brain)
وهي التي تتوقف على سلامة قشرة الدماغ.. ولا نرى أية حركة إرادية.
وسائل التشخيص:
1 ـ اختبار وظيفة المخ (CEREBRAL FUNCTION):
أ ـ غيبوبة تامة دون أية استجابة حركية للمهيجات الجسدية.
2 ـ اختبار وظيفة جذع المخ (brain stem function).
أ ـ اختبار وظيفة أعصاب الرأس (Cranial nerves function):
* بؤبؤ العين: الانفعال للضوء (Pupillary): اتساع إنسان العينين اتساعا ثابتا لا يتأثر بالضوء.
* قرنية العين (Corneal): لا توجد أية استجابة.
* عيني - مخي (Occulo - Cephlie): لا توجد أية استجابة.
* عيني - دهليزي (Occulo - Vestibular): لا توجد أية استجابة.
* فمي - بلعومي (Oro - Pharyngeal): لا توجد أية استجابة للسعال.
باختبار وقف النفس: لبيان وظيفة التنفسApnea test - عند وقف الجهاز التنفسي الصناعي، المريض لا يستطيع التنفس بدون الجهاز.
ج ـ معرفة أسباب الغيبوبة مستثنيا أسباباً أخرى مثل التسمم الدوائي أو هبوط الحرارة الجسديةHypothermiaوذلك بملاحظة المريض لمدة محدودة.
د ـ تخطيط المخ: EEGلا نرى هناك أية ذبذبات كهربائية بل وجود خط مستقيم.
هـ ـ دراسة رد فعل جذع الدماغ للفحوصات الكهربائية الخاصة (B.S.E.P) عدم الاستجابة.
ودراسة دورة الدم للدماغCerebral blood flowفتدفق الدم يكون معدوما أو قليلاً جدا.
المشاكل التي تواجه اختبارات الموت
لنلقِ نظرة على المشاكل التي تواجه اختبارات الموت من خلال الأبحاث العلمية التي تذكر بأن بعض أو إحدى وظائف الأعضاء تحتفظ بإحدى وظائفها بعد موت الدماغ الكلي.
1 ـ الغدد الصماء (Neurohorm) الاحتفاظ ببعض وظائف الغدة النخاميةPitutary glandبعد موت الدماغ الكلي.
2 ـ قشرة المخ (Cortical functioning) تحتفظ قشرة المخ ببعض وظائفها كما نرى من خلال رسم تخطيط المخ (EEG).
3 ـ جذع المخ (Brain Stem Functioning) عند عمل اختبار لوظيفة جذع المخ (B.S.E.P) في بعض الحالات القليلة نرى بأن جذع المخ لا يزال يحتفظ ببعض وظائفه البسيطة.
في خلال الخمس سنوات الماضية أدخلت في مستشفى ابن سينا حوالي 62 حالة (في العناية المركزة) وقد تم تشخيصها كالتالي من حيث:
أولا: الجنس.
ثانيا: العمر.
ثالثا: التشخيص (أسباب الوفاة)
رابعا: تتراوح فترة تشخيص موت الدماغ إلى نهاية الموت الجسدي كالآتي:
الأسبوع الأول - 36 حالة.
الأسبوع الثاني - 18 حالة.
بعد الأسبوع الثاني - 8 حالات.
خامسا: إن فترة الغيبوبة في الأعمار التي تقل عن 40 سنة تصل إلى أكثر من أسبوع ونسبتها 80%.
أما فترة الغيبوبة في الأعمار التي تكبر عن 40سنة فتصل إلى أكثر من أسبوع ونسبتها 20%.
الخلاصة
أولا: موت الإنسان ينتج عن وفاة جذع المخ سواء كان ذلك نتيجة لتوقف القلب أو لوفاة جذع المخ، ثم تبدأ بعدها الأعضاء الأخرى بالتحلل والتعفن مباشرة، أو أنها يمكنها الاحتفاظ بحيويتها لفترة وجيزة وذلك باستعمال أجهزة الإنعاش الصناعي والأدوية المساعدة التي تبقيها على قيد الحياة.
ثانيا: إن جميع المرضى الذين أدخلوا مستشفى ابن سينا (قسم العناية المركزة) شخصت حالاتهم بموت جذع المخ مما أدى ذلك إلى وفاتهم جميعا على الرغم من استمرار العلاج المكثف واستعمال جهاز الانعاش الصناعي.
ثالثا: إن احتفاظ بعض الأعضاء بجزء من وظائفها بعد تشخيص موت الدماغ الكلي، لا يعني أن الحياة مستمرة ويتبين ذلك من خلال دراستنا لحالات الوفيات السابقة التي ذكرناها.
رابعا: إن انتهاء الحياة أو استمراريتها هي من «أمر ربي» فإذا أراد الله إحياءها فهو يحييها ولو كان ذلك بزرع الأعضاء بمساعدة الإنسان رغم نجاحها أو فشلها، فكل ذلك يكون بأمر الله سبحانه وتعالى.
ونستدل بذلك من الآية الكريمة: {وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا} [سورة آل عمران: 145].
صدق الله العظيم.