عائلة ابوزيد
عائلة أبوزيد..قادت الثوّار ضد الاحتلال البريطانى وقتلت جنوده داخل القطار فاتخذت محافظة المنيا هذا اليوم «عيدًا قوميا» لها ...عائلة «أبوزيد» واحدة من أبرز العائلات المصرية التى أنجبت الأبطال والثوار، حيث قاد أبناؤها ثورة 1919 فى دير مواس التابعة لمركز ديروط بمديرية أسيوط قبل أن تتحول القرية إلى مدينة تابعة لمحافظة المنيا فيما بعد، لكن التاريخ الحديث يصر على تجاهل أهالى دير مواس بصفة عامة وعائلة أبو زيد بصفة خاصة، رغم أن شيخ المؤرخين «عبدالرحمن الرافعى» وصف أحداث دير مواس بأنها كانت أشد حوادث الثورة عنفا فى مصر كلها، وقال إن هذه الثورة أعقبتها محاكمات كثيرة جدا وأنه لم يحدث فى تاريخ الإمبراطورية البريطانية التى لم تغب عنها الشمس أن تصدى مدنيون لعسكريين كما حدث فى دير مواس، وهى الأحداث التى اتخذت محافظة المنيا من تاريخها (18مارس) عيدا قوميا لها. العائلة ترجع تسميتها إلى مؤسسها «أبوزيد على محمود حسن سالم»، من قبيلة «السوالم» من الجزيرة العربية، والتى قدمت إلى مصر مع الهجرات الإسلامية الأولى.. وأقام بعضها فى سوهاج وبعضها فى روض الفرج بالقاهرة، إلى جانب تمركز أغلبها فى مدينة دير مواس بالمنيا، وقد تزوج مؤسس العائلة العمدة أبوزيد من أربع نساء أنجب منهن سبعة ذكور وست إناث. أبوزيد هو عمدة دير مواس الأسبق فى أوائل القرن العشرين، أنجب خليل الحاصل على درجة الدكتوراة فى الزراعة من جامعة لندن، واللواء مفضل والحاج عبدالمالك والعمدة محمد ومهنى وأنور وراغب. العائلة تربطها صلات نسب ومصاهرة بعائلات بشر بصفط الشرقية، والتونى وسيف النصر وحمزاوى وبدوى بالمنيا، و فى «أبو قرقاص» عائلات شعراوى، وحسنين بتليدم وحمزاوى بالمحرص، وجاد الله بملوى وعثمان بنزة بمنفلوط أسيوط، وحمدان بديروط، وراشد بالأشمونين بعزب ملوى، ومحفوظ باشا بالحوادكة بمنفلوط أسيوط، والصاوى بالعمارية الشرقية بدير مواس، والجسطينى بملوى، وعائلة خشبة بأسيوط. أبوزيد كان رجلا بسيطا وأميا لكنه كان معروفا بذكائه الفطرى، وكان يمتلك 560 فدانا، خصص منها 29فدانا فى عزبة «أبو زيد»، آخر شارع الجيش بدير مواس، للإنفاق على مضيفة العائلة الملحقة بالدور الأول بقصر العائلة، وكانت تستقبل أهل البلد والغرباء، و يقول الدكتور محمد عبدالهادى أبو زيد أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة الأزهر بالقاهرة، إن عمته وجيدة أبو زيد قالت لمذيع أحد البرامج فى إحدى القنوات الفضائية، والذى كان يسجل حلقة خاصة عن قصر العائلة: «هو أيام العمدة محمد أبوزيد كان يجرؤ أحد يفتح مطعم فى البلد»، يتابع الدكتور محمد: «أنا فهمت من كلامها إنه كان راجل مفترى مثلا»، وبعدما انصرف المذيع قلت لها: «تقصدى إيه يا عمتى»، فقالت «عيب وعار إنه يكون فيه عمدة فى البلد، والناس تاكل من بره، اللى عايز ياكل ييجى المضيفة»..... ويؤخذ على «أبوزيد» أنه كان يورث أبناءه دون بناته، وهو التقليد الذى كان يسود معظم عائلات الريف آنذاك، لكنه حرص على تعليم أبنائه وأولهم الدكتور خليل، الذى عاد إلى مصر بعد حصوله على الدكتوراة من جامعة لندن، قبل قيام ثورة 1919 بأربعين يوما، وكانت مصر مستعمرة بريطانية وقتها، وكانت بريطانيا تستولى على كل شىء حتى «الحمير والجمال» لصالح ما يسمى بالمجهود الحربى، فلما عاد خليل ورأى ذلك، بدأ يجتمع بالشباب ويشغلهم بالقضية الوطنية وبالحرية ويوعيهم بعواقب الاستعمار، وكان يجتمع مع كل الأسر والعائلات، لأن «دير مواس» فى ذلك الوقت كانت قرية متداخلة وترتبط عائلاتها بصلات نسب ومصاهرة مع بعضها، والاجتماعات كانت تتم فى قصر «أبوزيد»، وتم الاتفاق بقيادة خليل على أن يعبر «أهل البلد» عن رفضهم الاحتلال، من خلال مسيرة تنتقل إلى محطة القطار، وكان مخططا أن يلقى الدكتور خليل خطبة بالإنجليزية التى يجيدها بطلاقة، ومعه آخرون يلقونها بالعربية، وحينما انتقلت هذه المظاهرة فى 18 مارس 1919 إلى محطة السكة الحديد، جاءت معلومات عن طريق عناصر وطنية فى البوليس وفى السكة الحديد أن المستر «بوب»، مفتش السجون الانجليزى سيأتى فى هذا القطار، وبالتالى تم وضع الخطة لإيقاف القطار بالقوة، على أساس أن يلقى خليل كلمة يرفض فيها الاحتلال ومعه «أهل البلد» كجزء من منظومة المقاومة على مستوى مصر، لكن الموقف تطور وتحول إلى حادث عنيف لأن الإنجليز بادروا بإطلاق الرصاص على الثوار، وبالتالى تصاعد الموقف وتم الهجوم على القطار وتم قتل كل من فيه من الإنجليز. وطبيعى أن يتوقع الثوار رد الفعل من قوات الاحتلال البريطانى، وبالتالى حدث مشهد من مشاهد الوحدة الوطنية وكان تضامنا تلقائيا وحقيقيا بين المسلمين والمسيحيين، فقد نادت مآذن «دير مواس» على كل الأهالى بأن يجتمعوا فى مسجد أولاد محمود، وهو مسجد تابع لعائلة أبوزيد، وسمى على اسم جدهم محمود وكان المسجد الوحيد فى القرية فى هذه الفترة، وتم إحضار مصحف وإنجيل، فالمسلم يحلف على المصحف والمسيحى يحلف على الإنجيل، وكان يمسك بالإنجيل قس وبالمصحف شيخ، والقسم كان على عدم الخيانة والتماسك ضد الإنجليز وعدم الإبلاغ عن الثوار، فقد كان هناك خوف من أن تحدث خيانة من الداخل، لأن الخارج مقدور عليه، وأقسم الناس فى مشهد من مشاهد الوحدة الوطنية، لكن حدثت الخيانة فعلا من أحد الأشخاص لأسباب تتعلق بالتنافس على العمدية، وأبلغ الإنجليز. جاء الإنجليز وحاصروا دير مواس بالأسلحة والجمال والكرابيج، وكانت القوات البريطانية عازمة على أن تمثل بأهل القرية الذين تجاوزوا خطوطها الحمراء، فتم حصار دير مواس، ولم يكن أحد من الإنجليز يعرف وجوه المطلوبين وفقا للقائمة التى سرّبها لهم أحد الأشخاص الخائنين، فلم يكن لديهم سوى أسماء الثوار فقط، ودخل قائد القوات الإنجليزية إلى القرية وهو يتحدث بالإنجليزية، ولم يكن أحد من أهل القرية يتحدث بلغتهم سوى الدكتور خليل أبو زيد، الذى قابل القائد قائلا: «إنتو عايزين إيه؟ فرد القائد: «إحنا جايين نقبض على المجرمين والثوار»، ولأن خليل كان ذكيا فقد أقنع القائد بأن يُطلعه على قائمة الأسماء المطلوبة، حتى يدله عليهم، فقرأ القائمة عدة مرات حتى حفظ الأسماء المطلوبة، ثم بعد أن اطمأن من أنه حفظ كل الأسماء المكتوبة فى القائمة، قال للقائد الإنجليزى: «أهل القرية فلاحين بيروحوا للغيطان الصبح ويرجعوا المغرب، فلو دخلتوا دلوقت مش هتلاقوا حد والأفضل إنكم تدخلوا بالليل عشان كلهم هيكونوا رجعوا من شغلهم»، فاقتنع القائد بكلام خليل، وشكره على هذه النصيحة الغالية ووعده بمكافأة كبيرة، وفى الليل دخل الإنجليز القرية واكتشفوا الخدعة وأن خليل الموجود على رأس قائمة المطلوبين هو الذى كان يحدثهم ويقدم لهم المشورة. وأنه هرب وقام بتهريب كل المطلوبين من الثوار وأهل القرية، فشاط الإنجليز وحاصروا القرية وأوقعوا بأهلها أشد أنواع التنكيل والتعذيب، وكانوا يعتدون على النساء ويحرقون المنازل، حتى «بلاصات» العسل والسمن التى كانت موجودة فى بيوت الفلاحين كسروها، وكانت المرأة تستدرج الجندى الإنجليزى إلى أعلى سطح المنزل وتحتضنه وتلقى بنفسها وبه من فوق السطح، وهى عمليات استشهادية كمحاولة للدفاع عن شرفها وتفضيل الموت عن النيل منها، فتختلط دماء النساء والجنود بالعسل والسمن، فأطلق على دير مواس «بلد الدم والعسل». العمدة أبوزيد، والد خليل كان رجلا وطنيا، وكما ذكرنا فقد تزوج من أربع سيدات، إحداهن ابنة رئيس المحاكم الشرعية آنذاك، ولأنه خشى على شرفه من غدر الإنجليز، سافر معها إلى القاهرة بالعربة المعروفة فى ذلك الوقت والتى تشبه الحنطور حاليا إلا أنها مغلقة وليست مكشوفة، وبعدما تركها فى بيت أبيها بالعباسية، أراد العودة لأولاده وقريته عن طريق القطار، فذهب إلى محطة السكة الحديد فقابله واحد من معارفه، فرحب به قائلا: «أهلا أبو زيد بيه»، وبمجرد ذكر اسمه، خرجت صافرات المخبرين ورجال الشرطة، وكانت صور أبوزيد موزعة وملصقة فى الشوارع والميادين، ومطلوب القبض عليه حيا أو ميتا، فقد أعلن الإنجليز عن مكافأة كبيرة لمن يقبض عليه، وبالفعل تم القبض عليه وأودع فى أحد مراكز الحجز، لكن استطاع أبو زيد الهروب من هذا المركز، وكسرت إحدى قدميه أثناء الهرب فأصيب بـ«غرغرينة». وكان للعائلة فرع فى «الأشمونين»، قام «معبد» وهو من العبيد المخلصين، باستقبال الثوار وتهريبهم عبر الجمال والخيل إلى «الأشمونين»، وبالتالى تمكنت كل عائلة أبوزيد من الهرب إلى هناك، لكن الإنجليز أشاعوا فى كل البلاد أن أبوزيد مصاب بـ«غرغرينة» ويحتاج إلى إجراء عملية ضرورية وسريعة، وأنه يواجه الموت، وإذا لم يسلم أبناءه أنفسهم فسيتركونه للموت، فعاد أبناؤه ومعهم كل الثوار وسلموا أنفسهم فداء لـ«أبوزيد»، وسلم خليل نفسه، وتم تقديم الثوار للمحاكمة العسكرية التى يشرف عليها ويقوم بها الإنجليز أنفسهم. وكّل أبو زيد محاميا مسيحيا كبيرا للدفاع عن كل الثوار، هو «توفيق بك دوس» الذى تولى وزارة المواصلات فى الثلاثينيات من القرن الماضى وهو من عائلة قبطية عريقة فى الصعيد. تمت المحاكمات، وقررت المحكمة العسكرية إعدام ستة رجال من العائلة، وكانت قائمة الاتهام تشمل 93متهما معظمهم من «دير مواس» والباقون من ديروط، من ضمن المتهمين خليل أبوزيد والعمدة محمد أبوزيد، وعبدالمالك أبوزيد، وعبد الرحمن حسن محمود وهو ابن عم «أبوزيد على محمود»، ومحمد على محمود، ومحمود على محمود، وّكلهم من عائلة واحدة، فحدثت ثورة من الأهالى، وأمام تلك الأحكام القاسية، أراد أبو زيد بك أن يصل إلى أكبر المسئولين البريطانيين كى يخفف حكم الإعدام عن الثوار، خاصة أن منهم ثلاثة من أبنائه (الدكتور خليل والعمدة محمد وعبد المالك) بالإضافة إلى أبناء عمومته، وكانت هناك علاقة قوية تربط بين بيت أبو زيد على وبيت أبو زيد التونى فى ملوى، وهو البيت الذى أنجب «حياة النفوس» زوجة أمين بك التونى. «علية التونى» كانت علاقتها قوية بالقصر وبالإنجليز، واستطاع أبوزيد من خلالها أن يصل إلى القصر وإلى الحاكم الإنجليزى وقدم له رشوة فى شكل هدية، وهو ما أدى إلى تخفيف الحكم على عبدالمالك أبوزيد المحكوم عليه بالإعدام لصغر سنه، وتم العفو عنه، وأيضا محمد أبوزيد الذى تم تخفيف الحكم عليه من الإعدام إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، فظل فى السجن من سنة 1919 حتى سنة 1924(عندما تولى سعد باشا زغلول الوزارة أفرج عن المعتقلين السياسيين ومنهم محمد أبوزيد)، لكن الإنجليز لم يعفو عن الدكتور خليل ولم يفلح والده من خلال أمواله ولا علاقاته فى تخفيف حكم الإعدام عن نجله. لم يهدأ أبوزيد ووصل إلى الحاكم الإنجليزى ورشاه بالمال الكثير، وأخذ منه ورقة بتوقيعه بالموافقة على تخفيف الحكم عن خليل من الإعدام شنقا إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، وبالفعل أخذ ورقة القرار وسافر إلى أسيوط مقر سجن الثوار.. وصل أبوزيد بك إلى مقر السجن فى الثامنة صباحا، فدخل على المأمور وأخبره بأنه والد الدكتور خليل، فرد عليه المأمور (البقية فى حياتك.. خليل أعدم الساعة 6)، عاد أبوزيد وقد انهارت حياته، وتحولت دير مواس إلى «محزنة» وتم صبغ المنازل بـ «النيلة السوداء»، وذهب الجميع لتعزية أبوزيد الذى ظل صامتا وكأنه لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم من هول الفاجعة. بارزون من العائلة ? اللواء عبدالعزيز مهنى أبوزيد، مدير أمن أسوان سابقا. ? أحمد مفضل أبوزيد، عضو مجلس الأمة الأسبق عن الإسكندرية. ? اللواء مفضل أبو زيد، كان مفتشا بالبوليس بالإسكندرية. ? رفعت مهنى أبوزيد، نقيب الاجتماعيين بالمنيا، والأمين العام المساعد لجامعة المنيا سابقا. ? مصطفى مهنى أبوزيد، وكيل وزارة المالية سابقا. ? سعاد محمد أبوزيد، صحفية. ? د. حسن عبدالمالك أبوزيد، وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية سابقا. ? جمال راغب أبوزيد، مدير عام الشباب والرياضة بملوى سابقا. ? عادل راغب أبوزيد، رئيس مجلس محلى مدينة دير مواس سابقا. ? بهجت راغب أبوزيد، مزارع. ? أنور أبوزيد، وكيل وزارة بالهيئة القومية للسكك الحديدية سابقا. ? محمد سمير راغب، نقيب بالنيابة العسكرية بأسوان. ? إلهام أنور أبوزيد، موظف ببنك التنمية سابقا. ? المرحوم إكرام أنور أبو زيد، مزارع. لمعلوماتك... ?1919 هاجم ثوار ديرمواس قطار يركبه مفتش السجون الإنجليزى. ?4 سيدات تزوجهن أبو زيد و الدخليل.
مرسلة بواسطة ملوى اون لاين في 03:30 م منقول من مدونة ملوى الحاضر والمستقبل
مرسلة بواسطة ملوى اون لاين في 03:30 م منقول من مدونة ملوى الحاضر والمستقبل