المرأة الريفية في مصر الوضع الراهن والمستقبل المأمول
المرأة الريفية في مصر الوضع الراهن والمستقبل المأمول
أختى الفلاحة- أخى الفلاح
من المسلم به أن حضارة مصر القديمة تعد من أقدم الحضارات الكبيرة المستقرة ذات القيم الراسخة وذلك منذ اكتمال الوحدة السياسية و الاجتماعية الكبيرة للمجتمع المصرى القديم فى أواخر الألف الرابع قبل الميلاد ، وكانت الأسرة المصرية القديمة تتفق آراؤها تماما مع آرائنا . فلا شي ء فيها من إفريقيا البدائية وتختلف عاداتها عن العادات الشرقية . وكانت الوحدة الاجتماعية العادية هى الأسرة الصغيرة المستقلة وتتكون من الوالدين ومن أطفال تحت رعايتهم
وقد كان الزوجان المصريان يبدوان عصريين بشكل فريد فى نوعه فلم يكن هناك سوى زوجة واحدة للرجل تحمل لقبه وكانت المرأة تتمتع بحقوق الملكية الخاصة وبكفاءة وأهلية قضائية كاملة
وتبدو المرأة فى اللوحات وقد تساوت مع زوجها فى الطول . وكان الملك فقط هو الذى يمتلك زوجات عديدات وان كانت واحدة منهن فقط هى التى تحمل لقب: "زوجة الملك المعظمة". وكانت هناك ألقاب تخلع على الزوجة الملكية نوعا من الجمال الساحر فهى النبع العطرى الذى تتدفق منه السعادة والهناء فى القصر الملكى، وهى نموذج للنقاء والطهارة المقدسة والملكة المتوجة بين جميع النساء، وكان الفن التشكيلى المصرى يبرز معالم الجمال الكامل والنضارة الخالدة لأى سيدة تصور فى التماثيل أو الرسوم والصور الساحرة لبعض الملكات المزينات بصورة رائعة تؤكد ذلك المبدأ.
وقد تنوعت عوامل الاستقرار الأسرى بتنوع الظروف الثقافية و الاجتماعية وكان من أكثرها فاعلية نوع من التوازن السوى الذى عدلت به القيم المتوارثة بين أوضاع الزوجين فى الأسرة وهو توازن عبرت عنه جزئيا مسميات الزوج والزوجة والزواج فقد كان الزوج بالنسبة لزوجته " هو " أى بعل و " نب " أى سيدا وولي الأمر ثم هو في الوقت ذاته "سن"أى أخ وذلك مما يعنى أن بعولته وسيادته أو ولايته كانت من قبيل حقوق الأخ الأرشد أساسا
وكانت الزوجة بالنسبة لزوجها " ست " أى سيدة وهى " مره " أى حبيبة وقد تسمى " حبسة " أى مستورة، ثم هى " نبت بر "أى ربه البيت أو ست الدار كما يقال حتى الآن كما أنها فى الوقت ذاته "سنه" أى أخت أو فى منزلة الأخت بالنسبة لزوجها.
وعلى الجملة فقد أباح المجتمع المصرى القديم نشاط المرأة فى ما ناسبها من مجالات الحياة الخاصة والعامة وشئونها المدنية والدينية وفى ما ناسب قيمه هو وتقاليده ومعتقداته إلى جانب دورها الرئيسى فى رعاية بيتها وزوجها وتربية صغارها . كما أتاح لها من صور المساواة أو العدالة الاجتماعية ما تمايزت به عن أوضاع الإناث فى كثير من المجتمعات القديمة الأخرى المعاصرة لها فى الشرق والغرب على حد سواء . وقد بلغ الأمر بكاتب إغريقى أن رد مكانة المرأة فى مصر القديمة إلى إرادة دينية قديمة ونسب إلى المعبودة (إسه) إيزيس فى سياق مديحه لها أنها هى التى جعلت أهمية المرأة معادلة لأهمية الرجل ،وعلى هذا فإن التاريخ الإنسانى يشهد للمرأة المصرية القديمة مشاركتها للرجل فى بناء أول ثقافة إنسانية عرفها التاريخ وأثرت بشكل مباشر على تطور البشرية إلا أن مكانة هذه المرأة ودورها فى بناء مجتمعها قد تأثر سلبيا بعد الاحتلال الأجنبى لمصر كما أدى إلى تخلفها تبعا للتخلف الذى عانت منه البلاد
المزج الثقافى وتداخل الحضارات
إن الموروث الثقافى الذى انتقل إلينا عن طريق الاستعمار وكذلك من التخوم المجاورة سواء تمثل هذا الموروث فى الأمثال السائدة والمتداولة على الشفاه والمعطيات الثقافية التى تصل بالناس إلى الرغبة فى تحقيق نوع من التساند العائلى أو الأسرى أو القبائلى فإذا ما عدنا إلى أصل الداء نجد أن التراث الذى وصلنا هنا فى مصر من تخومنا هو تراث من أصله وحقيقته قبائلى وعشائرى وكل ما يتصل بالمنظومة القبلية ويرتبط هذا بالتراث الصحراوى البدوى الذى موجزه أن البادية مثلها مثل القرصنة تعيش على الحرب و الإغارة ولا مجال لها سوى الاستحواذ على ساحات الرعى أو الصراع بين أهل الضرع وأهل الزرع كما هو معروف ومن هنا فلا مكانة للمرأة فى هذا المجتمع الذكورى القائم على الإغارة والبطش والحروب والمنازعات، والدليل على هذا هو ظاهره وأد البنات المعروفة التى كشفت عنها الحفائر التى توصل إليها الاركيولوجيين فى المنطقة العربية بكثرة مرعبة ومما سبق يتضح لنا أن الأوضاع المجتمعية والتراث الثقافى الذى كان سائدا حينئذ بما يحوى من تقاليد وعادات يفرض على المرأة مكانة هابطة اجتماعيا فلا مجال لحق المساواة مع الرجل على الإطلاق أو حق تكافؤ الفرص بل هو أهدار للشخصية وعدم أهلية للمرأة فى جميع التصرفات سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية ذلك لأن الظروف الاجتماعية لم تكن تهتم بحرية المرأة أو حتى التصرف فى أبسط حقوقها.
ومازال الاعتقاد سائدا بان الرجال اقوى فيزيقيا كما أنهم متفوقون عقليا علي النساء وهنا نجد أن الاعتقاد الأول يكاد يكون عالميا في مدي انتشاره بين الناس في حين أن الاعتقاد الأخير هو ابعد ما يكون عن الصدق.وهكذا نلاحظ ان التلوث الثقافي و الفكري الناتج عن تداخل الحضارات واثر ذلك الكبير علي تراثنا الثقافي بالإضافة إلي العوامل الاقتصادية كانت من أهم العوامل التي تسببت في تدهور وضع المرأة المصرية عموما و الريفية علي وجه الخصوص وحالت دون تقدمها ودون استثمار طاقاتها ومازالت العزلة الاجتماعية تحول دون مشاركتها وإسهامها في المجتمع ومازال الحكم علي مستوي أدائها متشبعا بالفكرة التقليدية التي تزعم أنها اقل كفاءة من الرجل وكذلك تحرمها من الوصول إلي المستويات القيادية.
الموقف الحالي للمرأة الريفية
المرأة الريفية هي المرأة التي تسكن في قري الريف وتشتغل بالزراعة أو يشتغل زوجها أو عدد من أفراد أسرتها بالزراعة .وتلعب المرأة الريفية علي مستوي العالم كله دورا رئيسيا في الزراعة وفي التنمية الريفية. ومع هذا فان المرأة الريفية وبالذات في البلاد النامية هي اقل الفئات التي تستفيد من النمو الاقتصادي ومن عمليات التنمية، ولازالت كلمة فلاح تعني الرجل عند واضعي السياسات والمخططين للتنمية. وقد ذكر تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية (1995) أن النساء يمثلن 70? من الفقراء في العالم وثلثي الأمية فيه. كما أنهن يشغلن 14? فقط من الوظائف الإدارية، 10? من المقاعد البرلمانية، 6? من وظائف الوزراء.
وتعاني المرأة من الجوع وسوء التغذية أكثر من غيرها علي الرغم من أنها تسهم أكثر من غيرها في التخفيف منهما فهي تزرع نسبة كبيرة من الأغذية المخصصة للاستهلاك المحلي وعندما يتوافر لها الدخل تكون أكثر ميلا من الرجل إلي إنفاق قسم كبير منه علي تغذية الأسرة .غير أن الظروف تأخذ بخناق المرأة فان هي أنفقت الساعات الطوال في إنتاج المحاصيل النقدية انخفض الوقت الذي يمكن أن تخصصه لأسرتها والسهر علي تربية الأطفال والرعاية الصحية .وتأتي الهجرات والحروب كي تزيد المشكلة تعقيدا وتسهم في زيادة مشكلة تأنيث الفقر ففي حين ترتفع أعداد الأسر الريفية التي ترعاها المرأة تظل المرأة محرومة من الأرض والقروض والتكنولوجيا والخدمات الإرشادية علي الرغم من أن المرأة تمثل جانبا كبيرا من الحل للعديد من المشكلات التي يعاني منها الريف
وفي احد تقارير منظمة "الفاو "عن الأنشطة المتنوعة للمرأة الريفية أنها تعد مسئولة تماما عن تغذية الأطفال خصوصا في المراحل الحرجة للنمو ، وبالإضافة إلي ذلك فهي تعتبر مورد رئيسي للمنتجات الغذائية وإعدادها لبقية أفراد الأسرة وبصفة عامة فان هذا الطعام يكون من إنتاج الأسرة .وقد أوضحت الأبحاث أيضا أن المرأة تقضي وقتا طويلا للعمل كما تدر دخلا يصرف في الاحتياجات المنزلية ودورها في هذا المجال اكبر بكثير من دور الرجل وهذا بالإضافة إلي شرائها الطعام للأسرة من مالها الخاص. وقد ذكر التقرير أيضا أن نسبة مشاركة المرأة في الإنتاج الزراعي في أفريقيا تبلغ من 60 80?، وفي آسيا تبلغ 50?وفي أمريكا اللاتينية تبلغ مشاركتها 40?.
وللمرأة كذلك العديد من الأدوار الأخرى ومنها التنشئة الاجتماعية ورعاية الأطفال وجمع الحطب ونقل الماء إلي المنزل وطهي الطعام والمشاركة في إنتاج الطعام وتسويق المحاصيل والصناعات المنزلية ، رعاية المحاصيل، رعاية الحيوانات.
وفي المناطق الريفية في البلاد النامية تعمل المرأة حوالي 16 ساعة في إنتاج وتسويق وإعداد الطعام وجمع الوقود والمياه والقيام بالأعمال المنزلية بالإضافة إلي تربية الأطفال. ومع ذلك فاغلب النساء الريفيات لا يحصلن علي دخل من أعمالهن هذه فالمرأة قد تعمل أكثر من 60 ساعة أسبوعيا في البيت والحقل ومع ذلك لا تحصل علي أي اجر، وفي الحقيقة فالمرأة في البلاد النامية تعمل أكثر من الرجل بما يوازي الثلث ولا يحصلن إلا علي عشر اجر الرجل.
وسنذكر فيما يلي يوما من أيام امرأة ريفية بدولة سيراليون الأفريقية:
• من الرابعة حتى الخامسة والنصف صباحا: الصيد من البركة المحلية
• من السادسة حتى الثامنة صباحا: إشعال النار وتسخين ماء الغسيل وطهي طعام الإفطار وغسيل الأطباق وكنس المكان.
• من الثامنة حتى الحادية عشرة ظهرا: العمل في حقول البارز مع الأطفال بداية من سن الرابعة وتحمل طفلا رضيعا فوق ظهرها.
• من الحادية عشرة حتى الثانية عشرة ظهرا: تجمع الأوراق والحطب الجاف وتحمل الماء.
• من الثانية عشرة ظهرا حتى الثانية : تعد الطعام وتطهو الغداء وتغسل الأطباق.
• من الثانية حتى الثالثة مساء: تغسل الثياب وتحمل الماء و تنظف السمك وتدخنه.
• من الثالثة للخامسة مساء: تعمل في الحدائق.
• من الخامسة حتى السادسة: مساء تصطاد من البحيرة.
• من السادسة حتى الثامنة:تعد الطعام وتطهو العشاء.
• من الثامنة حتى التاسعة مساء: تنظف الانطباق وتعمل علي استحمام الأطفال.
• من التاسعة حتى الحادية عشرة مساء : تعمل علي تحميه النار بالحطب وتقوم بإعداد البذور وتعد العدة للصيد في الصباح.
المرأة الريفية في مصر:
تمثل المرأة في أي مجتمع سوي نصف هذا المجتمع، وللمرأة أدوارها التي تنفرد بها بحكم الطبيعة، وأيضا أدوارها التي تشارك فيها الرجل من اجل استمرار المجتمع وتقدمه ورفاهيته، وتلعب المرأة في المجتمع الريفي أدوارا رئيسية شديدة التأثير، وتقوم بالعديد من الأنشطة في جميع مجالات الحياة الريفية لعل من أهم ادوار المرأة الريفية دورها في التنشئة الاجتماعية ورعاية الأسرة وقيامها بالعديد من الأنشطة المنزلية والمز رعية كما يلي:
1-دور المرأة الريفية في التنشئة الاجتماعية:
إن من أهم تحديات المستقبل هو بناء جيل قادر علي تحمل أعباء التنمية ومسئولياتها ، جيل قادر علي العطاء قويم الخلق وهنا يأتي أهم وأعظم ادوار الأسرة والمرأة لها الدور الأكبر في التنشئة الاجتماعية، ويعتبر دورها دورا رئيسيا ، لذا فان إعدادها وتنمية قدراتها كأم لهو من أهم الأمور حتى تستطيع القيام بدورها كاملا .فالمرأة هي المربي والمعلم لأبنائها، وبقدر ما تعطي لهم من رعاية وتفهم وحنان بقدر ما تؤثر في شخصياتهم ونظرتهم للمجتمع واستعدادهم للاندماج فيه والعمل من اجله كمواطنين صالحين، والمرأة هي التي تغرس في النشء السلوك الاجتماعي المقبول والسلوك البيئي السليم أي أنها البيئة الأولي في تنمية العنصر البشري وهو العنصر الذي لا ينضب . وهناك علاقة موجبة مضطردة بين ما تعطيه المرأة للنشء وبين مستوي ثقافتها ودرجة تعليمها، فالتعليم يساعد علي تبني الاتجاهات الايجابية نحو المحافظة علي الصحة والتنمية البيئية، ويساعد علي أتباع الأسلوب العلمي السليم خلال استخدام الإنسان للموارد البيئية.
2- المرأة الريفية و الإنتاج الزراعي:
تمثل المرأة نصف المجتمع من الناحية العددية، لكن الأمر يتغير إذا جاء الحديث عن دورها في الأنشطة الاقتصادية ، بل إن دورها يتفاوت من نشاط اقتصادي لآخر حيث يمكن الإشارة إلي ما يلي: تمثل النساء نسبة 41? من العاملين بقطاع الزراعة والصيد ،ولكن الإحصائيات لا تذكر كم من هؤلاء من العاملات الزراعيات وكم من مالكات الأراضي الزراعية، ولكن يمكن إعطاء مثال علي حجم حيازات الإناث في مصر عن طريق التعداد الزراعي العام و به أهم المؤشرات الخاصة بحيازات الإناث بكل محافظة علي حدة، فمثلا يبلغ نسبة الحائزات الإناث في محافظة المنيا 4.51 ? من إجمالي عدد الحائزين الطبيعيين بالمحافظة ،وفي محافظة الغربية تبلغ نسبة الحائزات 10.44 ? من إجمالي عدد الحائزين الطبيعيين بالمحافظة ، وهذان مثالان من محافظتين إحداهما من الوجه البحري والأخرى من الوجه القبلي، ويعطيان مؤشرا علي أن النساء علي الرغم من أنهن نصف المجتمع سكانيا ولكن فيما يتعلق بملكية الأراضي الزراعية فإنهن لا يمثلن ثقلا كبيرا الأمر الذي يجعلهن غير مؤهلات للحصول علي خدمات ائتمانية أو عضوية في منظمات المزارعين التي يمكن أن تمكنهن من الحصول علي مدخلات تساعد علي ثبات أو تشجيع أنظمتهن الإنتاجية، ولكن فيما يتعلق بنشاط المرأة الزراعي فالأمر يختلف، فالمرأة عضو مشارك وفعال مع الرجل في العمليات الزراعية سواء كعمالة أسرية أو مؤجرة ، وتختلف نسبة مشاركتها من محصول لآخر ومن عملية زراعية لأخرى، كما أوضحت الدراسات أن 24? من النساء المصريات يعملن لدي الأسرة بدون دخل نقدى وترتفع هذه النسبة إلي 41? في الريف المصري ومن المعروف انه لكي يكون هناك مردود للعمل علي حياة المرأة وعلي زيادة مشاركتها في القرارات التي تتخذها الأسرة لابد وان يكون العمل له عائد نقدي ومن ثم فان عمل المرأة بهذه النسبة المرتفعة بدون اجر يقلل من مردود ذلك العمل عليها
وقد قامت وحدة السياسة والتنسيق للنهوض بالمرأة في الزراعة، بالتعاون مع البنك الدولي بعمل دراسة في عام 1995 لتقدير نسبة مشاركة المرأة في العمل في المحاصيل الزراعية المختلفة، أيضا فأن دور المرأة يزداد كثافة وظهورا كلما صغرت الحيازة الزراعية للأسرة ، وانخفض دخلها واعتمدت علي العمل العائلي غير مدفوع الأجر ، وقد تعاظم دور المرأة الريفية الاقتصادي بعد هجرة الرجال للعمل الزراعي والإدارة المز رعية تاركين مسئولية ذلك للمرأة الريفية، ومن ثم تحملت عبء اتخاذ القرارات الإنتاجية في الزراعة، وخرجت تتعامل في مستلزمات الإنتاج وتسويق الحاصلات كذلك أصبح لها دورا رئيسيا في تخطيط الاستهلاك العائلي وبرمجته الزمنية، ويذكر أيضا أن المرأة المعيلة تقوم بمعظم الأعمال الزراعية إذا كانت الحيازة التي تزرعها صغيرة كما أنها تقوم بمعظم العمل الضروري في الزراعة، أيضا تتخذ المرأة القرارات بشأن العديد من عمليات ما بعد الحصاد مثل التخزين والتداول والتسويق كما أنها تقوم بمعظم الأنشطة المتعلقة بتصنيع الغذاء سواء علي مستوي الوحدات الصغيرة أو كعاملات باجر في المصانع الزراعية الكبيرة . وفي احدي الزيارات الميدانية لمحافظة البحيرة وفي إحدى ورش العمل عام 2003 ذكرت نسبة من المشاركات أنهن يعملن بالزراعة، أو التصنيع الزراعي من اجل أن يستطيع أبناؤهن أو إخوتهن من الرجال إكمال تعليمهم الجامعي.
3-المرأة الريفية و الإنتاج الحيواني و الداجني:
إن المرأة الريفية هي المسئولة عن الإنتاج الحيواني في المنزل، فهي التي تقوم برعاية الحيوانات الزراعية الكبيرة، وتربية الحيوانات الزراعية الصغيرة كالأغنام والماعز، علاوة علي احتكارها الإشراف الفعلي للإنتاج الداجني العائلي، وتختلف أعمال المرأة باختلاف نوع الحيوان نفسه ويرتبط الإنتاج الحيواني ارتباطا وثيقا باستثماراتها الشخصية وأنشطتها، كما تشارك المرأة أيضا في تمشيط الصوف وغزله وعمل بعض المصنوعات الجلدية كما أنها المسئولة عن تسويق هذه المنتجات.كذلك تقوم المرأة برعاية الحيوانات الكبيرة وتوفير العلف والماء لها وتنظف الحظائر وتجمع الروث لاستخدامه كمصدر للطاقة وتصنيعه كسماد، وهي تقوم بهذه الأنشطة يوميا.
هذا ويعد مجال تربية الدواجن المنزلية مصدرا أساسيا من مصادر دخل الأسرة الريفية، حيث إن المرأة الريفية تمد السوق بنحو 33? من الاحتياجات الاستهلاكية في لحوم الدجاج ونسبة اعلي من ذلك من لحوم الأصناف الداجنة الأخرى حيث تزيد النسبة عن 90? للبط والإوز والرومي والحمام والأرانب، هذا في الوقت الذي يعتمد فيه هذا النظام الإنتاجي علي المصادر المحلية في توفير شق هام من احتياجاته العلفية، ويضاف إلي ذلك أن هذا النظام الإنتاجي تتحمل المرأة الريفية كامل أعبائه من حيث التشغيل وإدارته الإنتاجية وتسويق منتجاته بل أيضا تدبير احتياجاته التمويلية، هذا إلي جانب أن هذا النظام الإنتاجي لم يحظي بأي لون من ألوان الدعم الحكومي إلا في حدود ضيقة لا تقارن بما يتم توفيره للنظام الإنتاجي التجاري، وهذا النظام المنزلي الريفي يخدم الفقراء من الريفيات ويساعدهم علي مواجهة أعباء المعيشة ومن ثم فان تربية الدواجن المنزلية في الريف المصري له دور حيوي وفعال في الحد من الفقر وخلق دخل للأسرة الريفية، وتنويع مصادر الدخل لها كما أن تربية الحيوانات الداجنة تعمل علي تحسين مستوي الأمن الغذائي للأسرة وتوفير الاحتياجات الغذائية لأعضائها، كذلك يعمل هذا النشاط علي المشاركة بصورة فعالة في توفير الاحتياجات الاستهلاكية الكلية من اللحوم البيضاء علي المستوي القومي، إذ يغطي معظم احتياجات الريف بالإضافة إلي نسب لا يستهان بها من احتياجات المدن، وتفيد التحليلات بان جملة ما يوفره نظام التربية المنزلية يقدر بنحو 5.97كجم للفرد في حين يوفر النظام الإنتاجي التجاري نحو 5.36 كجم للفرد، وبالإضافة لذلك فان هذا النشاط يسهم أيضا في إنتاج بيض المائدة، ويشير كل ما سبق إلي الدور الايجابي والفعال الذي تلعبه المرأة الريفية في كونها بإمكانيات محدودة للغاية، وفي ظل ضعف أو غياب البرامج والسياسات الداعمة لجهودها في مجال تربية الدواجن المنزلية فإنها تقوم بتوفير أكثر من نصف الاحتياجات الاستهلاكية للمجتمع من اللحوم البيضاء.
4- المرأة والموارد البيئية:
تعتبر النساء أشخاصا مركزية في إدارة البيئة، ويتشابك دور المرأة في هذا المجال ويتقاطع مع أدوارها الأخرى، ففي جميع هذه الأدوار دور للحفاظ علي الموارد سواء طبيعية أو اقتصادية أو بشرية.وتعد الاستفادة بالمخلفات الزراعية النباتية والحيوانية احد المهام الايجابية التي تقوم بها المرأة الريفية بصورة دورية وتقوم باستثمار هذه المخلفات في العديد من الأغراض منها تسميد الأرض بسماد طبيعي جيد وآمن وغير ضار بصحة الإنسان، استخدام مخلفات الغذاء كغذاء للحيوان ، الحفاظ علي الهواء والماء والتربة كموارد طبيعية من التلوث، وان كان هذا لا يمنع من قيام المرأة الريفية أحيانا ببعض الأنشطة التي تتسبب في تلوث البيئة ولكن هذا غالبا ما يعود لأسباب إما أن تكون خارجة عن إرادتها لعدم وجود بدائل، أو لنقص المعلومات لديها، وفي أحيان أخري يعود الأمر لأسباب اجتماعية. هذا وقد أوضح المنادون بمساواة المرأة في الشئون السياسية والبيئية أن النساء يرتبطن ارتباطا وثيقا بالطبيعة نظرا للعوامل المشتركة بين المرأة والطبيعة مثل:
1. المرأة والطبيعة مؤنثتان.
2. المرأة والطبيعة تمتلكان القدرة علي إيجاد الحياة واستمرارها.
3. المرأة والطبيعة مستعبدتان من جانب الرجل والأيديولوجية الغربية والرأسمالية.
ويمكن القول إنه بناء علي ما سبق أن الإدارة الرشيدة للموارد البيئية من أجل الإشباع الدائم للاحتياجات الإنسانية ، والاحتياط بوعي للمستقبل للحفاظ علي قاعدة الموارد الحالية في حالة جيدة قادرة علي توفير الحاجات الأساسية لأحفادنا،ويمكن أن يكون للمرأة دور كبير للحفاظ علي تلك الموارد عن طريق إمدادها بالمعلومات والدعم الكافيين كي تتمكن من استخدام هذه الموارد وإدارتها بما يكفل حماية الموارد مستقبلا، ومن هنا يمكن أن نلقي نظرة علي بعض المشكلات التي تواجه المرأة الريفية وتقلل من كفاءتها في قيامها بأدوارها.
بعض المشكلات التي تواجه المرأة الريفية:
لدي تناول قضايا المرأة الريفية، فانه من الواجب تناولها في سياقها المجتمعي، الاقتصادي والاجتماعي والثقافي العام. فقضايا المرأة ليست قضايا منفصلة عن سياقها المجتمعي والمحلي العام ، إنما هي جزء من هذا السياق، ومن المناسب في هذا الصدد إلقاء نظرة علي موقع المرأة الريفية في إستراتيجية الزراعة المصرية حتى عام 2017، تقع الإستراتيجية في عدد 142 صفحة وقد ورد ذكر المرأة الريفية بها مرتين الأولي في ص 13، في فقرة من أربعة اسطر كما يلي:" أن دور المرأة الريفية في التنمية يمكن تعظيمه من خلال برامج محو الأمية و تشجيع المرأة علي عمل المشروعات الصغيرة والتي تزيد من قدرتها علي الحصول علي عمل في مجالات، الإنتاج الحيواني ، التسويق والصناعات الصغيرة، كذلك يمكن زيادة القيمة المضافة للمنتج الزراعي، وزيادة الدخل بالوحدة المعيشية الريفية بالريف المصري"، وفي الموضع الآخر ص 114حيث ذكر أن نسبة الأمية بين النساء الريفيات في مصر يبلغ 63.6 ? ، فإذا كان هذا هو موقع المرأة الريفية بإستراتيجية الزراعة المصرية حتى عام 2017 فمن غير المستغرب أن تعاني المرأة الريفية من المشكلات التالية:
1. ضعف ثقة المرأة الريفية بنفسها:
علي الرغم من المجهود الكبير الذي تبذله المرأة الريفية في الوحدة المعيشية وفي المزرعة، إلا أن هناك الكثير من النساء الريفيات يعانين من الإحساس بأنهن لا يقمن بأي شيء مهم ، وأنهن دون المستوي، هذا بالإضافة للعادات والتقاليد الريفية التي تعمل دائما علي ألا تعطي أهمية كبيرة لما تفعله المرأة، ولهذا الأمر تأثيره النفسي السلبي علي النساء الريفيات.
2. ضعف القاعدة المعلوماتية الخاصة بالمرأة بصفة عامة، والمرأة الريفية بصفة خاصة:
من الصعب قياس حالة المرأة الريفية بدون وجود بيانات سليمة وإحصائيات ومؤشرات مناسبة وبالتالي فان ضعف وقصور القاعدة المعلوماتية الخاصة بالمرأة الريفية يضعف من التخطيط التنموي لهذه الفئة ويضعف الأداء التنموي لها.
3. الأمية:
مازالت نسبة الأمية بين النساء مرتفعة ففي إستراتيجية الزراعة المصرية الخيرة تم تقدير الأمية بين النساء الريفيات بنسبة 63.6 ?، وقد تصل النسبة في بعض الفري إلي 80? أو أكثر، ويرجع عزوف الأسر عن إرسال بناتهن إلي المدارس لأسباب تتقدمها العادات والتقاليد التي تقلل من أهمية تعليم الفتاه ، بالنظر إلي الدور الذي حدده المجتمع لها وقصره علي وظيفتها كزوجة وأم، كذلك فان تشغيل الفتاة أو المرأة بدون أجر في المنزل أو حقل الأسرة يغني عن الحاجة لتعليمها من وجهة نظر كثير من الأسر، يضاف إلي ذلك ارتفاع التكلفة الفعلية للتعليم علي نحو ظاهر أو مستتر في ظل انتشار الفقر.كما يساعد علي تفاقم مشكلة الأمية للمرأة غياب برامج متطورة وفعالة لمحو أمية المرأة والفتاة وقصور الجهود التطوعية والأجهزة الإعلامية عن القيام بدورها في توعية الأسرة بأهمية تعليم الفتاة وتركيز برامج التعليم علي محو الأمية الهجائية دون الأمية الثقافية ، وهذا وضع خطير يهدد أساس تقدم المجتمع.
4. الاتجاه إلي تحميل المرأة أعباء انتشار زيادة ظاهرة البطالة في فترة التحول:
في إطار سياسات الإصلاح الاقتصادي وعجز الهيكل الإنتاجي للدولة علي استيعاب كل الخريجين، وكذلك لم يقم القطاع الخاص بالتوسع الاستثماري المناسب لامتصاص قوي العمل المتاحة في سوق العمل، من هنا انتشرت البطالة في هذه الفترة، وقد خلق هذا المناخ بعض من يدعي أن علي المرأة أن تتحمل وحدها عبء هذه الظاهرة بمعني أن تنسحب من سوق العمل تاركة الفرصة للرجال، وهذا الأمر يتناقض مع المنطق السليم ويتجاهل واقع الحال الموجود.
5. ضيق فرص المرأة في الاستفادة من التسهيلات الائتمانية المتاحة:
يؤدي تعزيز الوضع الاقتصادي للمرأة إلي زيادة ثقتها بنفسها، ومن هنا يأتي الاهتمام بتقديم الدعم الاقتصادي للمرأة لتمكينها من القيام بمشروعات صغيرة، وهناك بعض المعوقات التي تواجه المرأة الريفية في الحصول علي هذه التسهيلات الائتمانية بعضها يرجع لتطبيق النظم والقوانين الائتمانية وهناك عوامل أخري ترجع للمرأة نفسها ولطبيعة المجتمعات التقليدية مثل:
- غياب المؤهلات الائتمانية الكافية التي تؤهل المرأة للحصول علي قروض، وغياب فرص التدريب مما يجعلها عرضة للاستغلال.
- ضعف الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم...الخ مما قد يؤدي بالمرأة في أحيان كثيرة إلي استخدام القرض لمواجهة ظروف طارئة تلم بالأسرة مثل المرض.
- ميل المرأة تخوفا من نظرة المجتمع إلي حصر نفسها في أنشطة تقليدية تزاولها داخل المنزل مما يحد من فرص نمو قدراتها الاقتصادية.
- العلاقات الأبوية في الأسرة التي تسمح للذكور بالتدخل في إدارة المشروع والسيطرة علي دخله بالرغم من حصول المرأة علي القرض باسمها.
- الأمية والعجز عن الوفاء بإجراءات تقديم الطلبات.
- أن مكانة المرأة في المجتمع من المؤشرات الهامة للتنمية، فالمجتمع الذي لا يعطي للمرأة حق قدرها ويقيد طاقاتها وإمكانياتها، يفقد نصف طاقاته البشرية الراهنة، ويرضي أن تكون كل قواه البشرية المستقبلية في يد قوة غير منضبطة وغير معترف بها، وبالتالي يصنف باطمئنان ضمن المجتمعات المتخلفة، ولان المرأة تلعب دورا كبيرا في المجتمع الريفي، فان تنميتها وتحسين وضعها يعني ببساطة تقدم المجتمع للأمام في مجال التنمية، وهناك العديد من السياسات التي تحتاج إلي إعادة النظر والي إدخال نظم جديدة وخصوصا في الزراعة ومشاركة المرأة في اقتصاديات الريف وخلق الجو المناسب لها لامتلاك المزيد من الأراضي ، وكذلك إعطاءها فرص متساوية للعمل وأجور متساوية ،وإذا كان الحديث عن تمكين المرأة يفتقد إلي الإرادة ، أو كان الحديث مجرد تشدق بالكلام وان لم تحتل المرأة مكانا أكثر بروزا وان لم يتكاتف جيل جديد من الرجال والنساء معا في الإصرار علي وضع حد للتمييز بين الجنسي داخل مجتمعاتهم، فان هذه المحاولات ستفلت من المجتمع وبذا تساعد علي إفقاره، فتحسين أوضاع المرأة يجب أن يكون من الأهداف الأساسية لإستراتيجية التنمية.
أختى الفلاحة- أخى الفلاح
من المسلم به أن حضارة مصر القديمة تعد من أقدم الحضارات الكبيرة المستقرة ذات القيم الراسخة وذلك منذ اكتمال الوحدة السياسية و الاجتماعية الكبيرة للمجتمع المصرى القديم فى أواخر الألف الرابع قبل الميلاد ، وكانت الأسرة المصرية القديمة تتفق آراؤها تماما مع آرائنا . فلا شي ء فيها من إفريقيا البدائية وتختلف عاداتها عن العادات الشرقية . وكانت الوحدة الاجتماعية العادية هى الأسرة الصغيرة المستقلة وتتكون من الوالدين ومن أطفال تحت رعايتهم
وقد كان الزوجان المصريان يبدوان عصريين بشكل فريد فى نوعه فلم يكن هناك سوى زوجة واحدة للرجل تحمل لقبه وكانت المرأة تتمتع بحقوق الملكية الخاصة وبكفاءة وأهلية قضائية كاملة
وتبدو المرأة فى اللوحات وقد تساوت مع زوجها فى الطول . وكان الملك فقط هو الذى يمتلك زوجات عديدات وان كانت واحدة منهن فقط هى التى تحمل لقب: "زوجة الملك المعظمة". وكانت هناك ألقاب تخلع على الزوجة الملكية نوعا من الجمال الساحر فهى النبع العطرى الذى تتدفق منه السعادة والهناء فى القصر الملكى، وهى نموذج للنقاء والطهارة المقدسة والملكة المتوجة بين جميع النساء، وكان الفن التشكيلى المصرى يبرز معالم الجمال الكامل والنضارة الخالدة لأى سيدة تصور فى التماثيل أو الرسوم والصور الساحرة لبعض الملكات المزينات بصورة رائعة تؤكد ذلك المبدأ.
وقد تنوعت عوامل الاستقرار الأسرى بتنوع الظروف الثقافية و الاجتماعية وكان من أكثرها فاعلية نوع من التوازن السوى الذى عدلت به القيم المتوارثة بين أوضاع الزوجين فى الأسرة وهو توازن عبرت عنه جزئيا مسميات الزوج والزوجة والزواج فقد كان الزوج بالنسبة لزوجته " هو " أى بعل و " نب " أى سيدا وولي الأمر ثم هو في الوقت ذاته "سن"أى أخ وذلك مما يعنى أن بعولته وسيادته أو ولايته كانت من قبيل حقوق الأخ الأرشد أساسا
وكانت الزوجة بالنسبة لزوجها " ست " أى سيدة وهى " مره " أى حبيبة وقد تسمى " حبسة " أى مستورة، ثم هى " نبت بر "أى ربه البيت أو ست الدار كما يقال حتى الآن كما أنها فى الوقت ذاته "سنه" أى أخت أو فى منزلة الأخت بالنسبة لزوجها.
وعلى الجملة فقد أباح المجتمع المصرى القديم نشاط المرأة فى ما ناسبها من مجالات الحياة الخاصة والعامة وشئونها المدنية والدينية وفى ما ناسب قيمه هو وتقاليده ومعتقداته إلى جانب دورها الرئيسى فى رعاية بيتها وزوجها وتربية صغارها . كما أتاح لها من صور المساواة أو العدالة الاجتماعية ما تمايزت به عن أوضاع الإناث فى كثير من المجتمعات القديمة الأخرى المعاصرة لها فى الشرق والغرب على حد سواء . وقد بلغ الأمر بكاتب إغريقى أن رد مكانة المرأة فى مصر القديمة إلى إرادة دينية قديمة ونسب إلى المعبودة (إسه) إيزيس فى سياق مديحه لها أنها هى التى جعلت أهمية المرأة معادلة لأهمية الرجل ،وعلى هذا فإن التاريخ الإنسانى يشهد للمرأة المصرية القديمة مشاركتها للرجل فى بناء أول ثقافة إنسانية عرفها التاريخ وأثرت بشكل مباشر على تطور البشرية إلا أن مكانة هذه المرأة ودورها فى بناء مجتمعها قد تأثر سلبيا بعد الاحتلال الأجنبى لمصر كما أدى إلى تخلفها تبعا للتخلف الذى عانت منه البلاد
المزج الثقافى وتداخل الحضارات
إن الموروث الثقافى الذى انتقل إلينا عن طريق الاستعمار وكذلك من التخوم المجاورة سواء تمثل هذا الموروث فى الأمثال السائدة والمتداولة على الشفاه والمعطيات الثقافية التى تصل بالناس إلى الرغبة فى تحقيق نوع من التساند العائلى أو الأسرى أو القبائلى فإذا ما عدنا إلى أصل الداء نجد أن التراث الذى وصلنا هنا فى مصر من تخومنا هو تراث من أصله وحقيقته قبائلى وعشائرى وكل ما يتصل بالمنظومة القبلية ويرتبط هذا بالتراث الصحراوى البدوى الذى موجزه أن البادية مثلها مثل القرصنة تعيش على الحرب و الإغارة ولا مجال لها سوى الاستحواذ على ساحات الرعى أو الصراع بين أهل الضرع وأهل الزرع كما هو معروف ومن هنا فلا مكانة للمرأة فى هذا المجتمع الذكورى القائم على الإغارة والبطش والحروب والمنازعات، والدليل على هذا هو ظاهره وأد البنات المعروفة التى كشفت عنها الحفائر التى توصل إليها الاركيولوجيين فى المنطقة العربية بكثرة مرعبة ومما سبق يتضح لنا أن الأوضاع المجتمعية والتراث الثقافى الذى كان سائدا حينئذ بما يحوى من تقاليد وعادات يفرض على المرأة مكانة هابطة اجتماعيا فلا مجال لحق المساواة مع الرجل على الإطلاق أو حق تكافؤ الفرص بل هو أهدار للشخصية وعدم أهلية للمرأة فى جميع التصرفات سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية ذلك لأن الظروف الاجتماعية لم تكن تهتم بحرية المرأة أو حتى التصرف فى أبسط حقوقها.
ومازال الاعتقاد سائدا بان الرجال اقوى فيزيقيا كما أنهم متفوقون عقليا علي النساء وهنا نجد أن الاعتقاد الأول يكاد يكون عالميا في مدي انتشاره بين الناس في حين أن الاعتقاد الأخير هو ابعد ما يكون عن الصدق.وهكذا نلاحظ ان التلوث الثقافي و الفكري الناتج عن تداخل الحضارات واثر ذلك الكبير علي تراثنا الثقافي بالإضافة إلي العوامل الاقتصادية كانت من أهم العوامل التي تسببت في تدهور وضع المرأة المصرية عموما و الريفية علي وجه الخصوص وحالت دون تقدمها ودون استثمار طاقاتها ومازالت العزلة الاجتماعية تحول دون مشاركتها وإسهامها في المجتمع ومازال الحكم علي مستوي أدائها متشبعا بالفكرة التقليدية التي تزعم أنها اقل كفاءة من الرجل وكذلك تحرمها من الوصول إلي المستويات القيادية.
الموقف الحالي للمرأة الريفية
المرأة الريفية هي المرأة التي تسكن في قري الريف وتشتغل بالزراعة أو يشتغل زوجها أو عدد من أفراد أسرتها بالزراعة .وتلعب المرأة الريفية علي مستوي العالم كله دورا رئيسيا في الزراعة وفي التنمية الريفية. ومع هذا فان المرأة الريفية وبالذات في البلاد النامية هي اقل الفئات التي تستفيد من النمو الاقتصادي ومن عمليات التنمية، ولازالت كلمة فلاح تعني الرجل عند واضعي السياسات والمخططين للتنمية. وقد ذكر تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية (1995) أن النساء يمثلن 70? من الفقراء في العالم وثلثي الأمية فيه. كما أنهن يشغلن 14? فقط من الوظائف الإدارية، 10? من المقاعد البرلمانية، 6? من وظائف الوزراء.
وتعاني المرأة من الجوع وسوء التغذية أكثر من غيرها علي الرغم من أنها تسهم أكثر من غيرها في التخفيف منهما فهي تزرع نسبة كبيرة من الأغذية المخصصة للاستهلاك المحلي وعندما يتوافر لها الدخل تكون أكثر ميلا من الرجل إلي إنفاق قسم كبير منه علي تغذية الأسرة .غير أن الظروف تأخذ بخناق المرأة فان هي أنفقت الساعات الطوال في إنتاج المحاصيل النقدية انخفض الوقت الذي يمكن أن تخصصه لأسرتها والسهر علي تربية الأطفال والرعاية الصحية .وتأتي الهجرات والحروب كي تزيد المشكلة تعقيدا وتسهم في زيادة مشكلة تأنيث الفقر ففي حين ترتفع أعداد الأسر الريفية التي ترعاها المرأة تظل المرأة محرومة من الأرض والقروض والتكنولوجيا والخدمات الإرشادية علي الرغم من أن المرأة تمثل جانبا كبيرا من الحل للعديد من المشكلات التي يعاني منها الريف
وفي احد تقارير منظمة "الفاو "عن الأنشطة المتنوعة للمرأة الريفية أنها تعد مسئولة تماما عن تغذية الأطفال خصوصا في المراحل الحرجة للنمو ، وبالإضافة إلي ذلك فهي تعتبر مورد رئيسي للمنتجات الغذائية وإعدادها لبقية أفراد الأسرة وبصفة عامة فان هذا الطعام يكون من إنتاج الأسرة .وقد أوضحت الأبحاث أيضا أن المرأة تقضي وقتا طويلا للعمل كما تدر دخلا يصرف في الاحتياجات المنزلية ودورها في هذا المجال اكبر بكثير من دور الرجل وهذا بالإضافة إلي شرائها الطعام للأسرة من مالها الخاص. وقد ذكر التقرير أيضا أن نسبة مشاركة المرأة في الإنتاج الزراعي في أفريقيا تبلغ من 60 80?، وفي آسيا تبلغ 50?وفي أمريكا اللاتينية تبلغ مشاركتها 40?.
وللمرأة كذلك العديد من الأدوار الأخرى ومنها التنشئة الاجتماعية ورعاية الأطفال وجمع الحطب ونقل الماء إلي المنزل وطهي الطعام والمشاركة في إنتاج الطعام وتسويق المحاصيل والصناعات المنزلية ، رعاية المحاصيل، رعاية الحيوانات.
وفي المناطق الريفية في البلاد النامية تعمل المرأة حوالي 16 ساعة في إنتاج وتسويق وإعداد الطعام وجمع الوقود والمياه والقيام بالأعمال المنزلية بالإضافة إلي تربية الأطفال. ومع ذلك فاغلب النساء الريفيات لا يحصلن علي دخل من أعمالهن هذه فالمرأة قد تعمل أكثر من 60 ساعة أسبوعيا في البيت والحقل ومع ذلك لا تحصل علي أي اجر، وفي الحقيقة فالمرأة في البلاد النامية تعمل أكثر من الرجل بما يوازي الثلث ولا يحصلن إلا علي عشر اجر الرجل.
وسنذكر فيما يلي يوما من أيام امرأة ريفية بدولة سيراليون الأفريقية:
• من الرابعة حتى الخامسة والنصف صباحا: الصيد من البركة المحلية
• من السادسة حتى الثامنة صباحا: إشعال النار وتسخين ماء الغسيل وطهي طعام الإفطار وغسيل الأطباق وكنس المكان.
• من الثامنة حتى الحادية عشرة ظهرا: العمل في حقول البارز مع الأطفال بداية من سن الرابعة وتحمل طفلا رضيعا فوق ظهرها.
• من الحادية عشرة حتى الثانية عشرة ظهرا: تجمع الأوراق والحطب الجاف وتحمل الماء.
• من الثانية عشرة ظهرا حتى الثانية : تعد الطعام وتطهو الغداء وتغسل الأطباق.
• من الثانية حتى الثالثة مساء: تغسل الثياب وتحمل الماء و تنظف السمك وتدخنه.
• من الثالثة للخامسة مساء: تعمل في الحدائق.
• من الخامسة حتى السادسة: مساء تصطاد من البحيرة.
• من السادسة حتى الثامنة:تعد الطعام وتطهو العشاء.
• من الثامنة حتى التاسعة مساء: تنظف الانطباق وتعمل علي استحمام الأطفال.
• من التاسعة حتى الحادية عشرة مساء : تعمل علي تحميه النار بالحطب وتقوم بإعداد البذور وتعد العدة للصيد في الصباح.
المرأة الريفية في مصر:
تمثل المرأة في أي مجتمع سوي نصف هذا المجتمع، وللمرأة أدوارها التي تنفرد بها بحكم الطبيعة، وأيضا أدوارها التي تشارك فيها الرجل من اجل استمرار المجتمع وتقدمه ورفاهيته، وتلعب المرأة في المجتمع الريفي أدوارا رئيسية شديدة التأثير، وتقوم بالعديد من الأنشطة في جميع مجالات الحياة الريفية لعل من أهم ادوار المرأة الريفية دورها في التنشئة الاجتماعية ورعاية الأسرة وقيامها بالعديد من الأنشطة المنزلية والمز رعية كما يلي:
1-دور المرأة الريفية في التنشئة الاجتماعية:
إن من أهم تحديات المستقبل هو بناء جيل قادر علي تحمل أعباء التنمية ومسئولياتها ، جيل قادر علي العطاء قويم الخلق وهنا يأتي أهم وأعظم ادوار الأسرة والمرأة لها الدور الأكبر في التنشئة الاجتماعية، ويعتبر دورها دورا رئيسيا ، لذا فان إعدادها وتنمية قدراتها كأم لهو من أهم الأمور حتى تستطيع القيام بدورها كاملا .فالمرأة هي المربي والمعلم لأبنائها، وبقدر ما تعطي لهم من رعاية وتفهم وحنان بقدر ما تؤثر في شخصياتهم ونظرتهم للمجتمع واستعدادهم للاندماج فيه والعمل من اجله كمواطنين صالحين، والمرأة هي التي تغرس في النشء السلوك الاجتماعي المقبول والسلوك البيئي السليم أي أنها البيئة الأولي في تنمية العنصر البشري وهو العنصر الذي لا ينضب . وهناك علاقة موجبة مضطردة بين ما تعطيه المرأة للنشء وبين مستوي ثقافتها ودرجة تعليمها، فالتعليم يساعد علي تبني الاتجاهات الايجابية نحو المحافظة علي الصحة والتنمية البيئية، ويساعد علي أتباع الأسلوب العلمي السليم خلال استخدام الإنسان للموارد البيئية.
2- المرأة الريفية و الإنتاج الزراعي:
تمثل المرأة نصف المجتمع من الناحية العددية، لكن الأمر يتغير إذا جاء الحديث عن دورها في الأنشطة الاقتصادية ، بل إن دورها يتفاوت من نشاط اقتصادي لآخر حيث يمكن الإشارة إلي ما يلي: تمثل النساء نسبة 41? من العاملين بقطاع الزراعة والصيد ،ولكن الإحصائيات لا تذكر كم من هؤلاء من العاملات الزراعيات وكم من مالكات الأراضي الزراعية، ولكن يمكن إعطاء مثال علي حجم حيازات الإناث في مصر عن طريق التعداد الزراعي العام و به أهم المؤشرات الخاصة بحيازات الإناث بكل محافظة علي حدة، فمثلا يبلغ نسبة الحائزات الإناث في محافظة المنيا 4.51 ? من إجمالي عدد الحائزين الطبيعيين بالمحافظة ،وفي محافظة الغربية تبلغ نسبة الحائزات 10.44 ? من إجمالي عدد الحائزين الطبيعيين بالمحافظة ، وهذان مثالان من محافظتين إحداهما من الوجه البحري والأخرى من الوجه القبلي، ويعطيان مؤشرا علي أن النساء علي الرغم من أنهن نصف المجتمع سكانيا ولكن فيما يتعلق بملكية الأراضي الزراعية فإنهن لا يمثلن ثقلا كبيرا الأمر الذي يجعلهن غير مؤهلات للحصول علي خدمات ائتمانية أو عضوية في منظمات المزارعين التي يمكن أن تمكنهن من الحصول علي مدخلات تساعد علي ثبات أو تشجيع أنظمتهن الإنتاجية، ولكن فيما يتعلق بنشاط المرأة الزراعي فالأمر يختلف، فالمرأة عضو مشارك وفعال مع الرجل في العمليات الزراعية سواء كعمالة أسرية أو مؤجرة ، وتختلف نسبة مشاركتها من محصول لآخر ومن عملية زراعية لأخرى، كما أوضحت الدراسات أن 24? من النساء المصريات يعملن لدي الأسرة بدون دخل نقدى وترتفع هذه النسبة إلي 41? في الريف المصري ومن المعروف انه لكي يكون هناك مردود للعمل علي حياة المرأة وعلي زيادة مشاركتها في القرارات التي تتخذها الأسرة لابد وان يكون العمل له عائد نقدي ومن ثم فان عمل المرأة بهذه النسبة المرتفعة بدون اجر يقلل من مردود ذلك العمل عليها
وقد قامت وحدة السياسة والتنسيق للنهوض بالمرأة في الزراعة، بالتعاون مع البنك الدولي بعمل دراسة في عام 1995 لتقدير نسبة مشاركة المرأة في العمل في المحاصيل الزراعية المختلفة، أيضا فأن دور المرأة يزداد كثافة وظهورا كلما صغرت الحيازة الزراعية للأسرة ، وانخفض دخلها واعتمدت علي العمل العائلي غير مدفوع الأجر ، وقد تعاظم دور المرأة الريفية الاقتصادي بعد هجرة الرجال للعمل الزراعي والإدارة المز رعية تاركين مسئولية ذلك للمرأة الريفية، ومن ثم تحملت عبء اتخاذ القرارات الإنتاجية في الزراعة، وخرجت تتعامل في مستلزمات الإنتاج وتسويق الحاصلات كذلك أصبح لها دورا رئيسيا في تخطيط الاستهلاك العائلي وبرمجته الزمنية، ويذكر أيضا أن المرأة المعيلة تقوم بمعظم الأعمال الزراعية إذا كانت الحيازة التي تزرعها صغيرة كما أنها تقوم بمعظم العمل الضروري في الزراعة، أيضا تتخذ المرأة القرارات بشأن العديد من عمليات ما بعد الحصاد مثل التخزين والتداول والتسويق كما أنها تقوم بمعظم الأنشطة المتعلقة بتصنيع الغذاء سواء علي مستوي الوحدات الصغيرة أو كعاملات باجر في المصانع الزراعية الكبيرة . وفي احدي الزيارات الميدانية لمحافظة البحيرة وفي إحدى ورش العمل عام 2003 ذكرت نسبة من المشاركات أنهن يعملن بالزراعة، أو التصنيع الزراعي من اجل أن يستطيع أبناؤهن أو إخوتهن من الرجال إكمال تعليمهم الجامعي.
3-المرأة الريفية و الإنتاج الحيواني و الداجني:
إن المرأة الريفية هي المسئولة عن الإنتاج الحيواني في المنزل، فهي التي تقوم برعاية الحيوانات الزراعية الكبيرة، وتربية الحيوانات الزراعية الصغيرة كالأغنام والماعز، علاوة علي احتكارها الإشراف الفعلي للإنتاج الداجني العائلي، وتختلف أعمال المرأة باختلاف نوع الحيوان نفسه ويرتبط الإنتاج الحيواني ارتباطا وثيقا باستثماراتها الشخصية وأنشطتها، كما تشارك المرأة أيضا في تمشيط الصوف وغزله وعمل بعض المصنوعات الجلدية كما أنها المسئولة عن تسويق هذه المنتجات.كذلك تقوم المرأة برعاية الحيوانات الكبيرة وتوفير العلف والماء لها وتنظف الحظائر وتجمع الروث لاستخدامه كمصدر للطاقة وتصنيعه كسماد، وهي تقوم بهذه الأنشطة يوميا.
هذا ويعد مجال تربية الدواجن المنزلية مصدرا أساسيا من مصادر دخل الأسرة الريفية، حيث إن المرأة الريفية تمد السوق بنحو 33? من الاحتياجات الاستهلاكية في لحوم الدجاج ونسبة اعلي من ذلك من لحوم الأصناف الداجنة الأخرى حيث تزيد النسبة عن 90? للبط والإوز والرومي والحمام والأرانب، هذا في الوقت الذي يعتمد فيه هذا النظام الإنتاجي علي المصادر المحلية في توفير شق هام من احتياجاته العلفية، ويضاف إلي ذلك أن هذا النظام الإنتاجي تتحمل المرأة الريفية كامل أعبائه من حيث التشغيل وإدارته الإنتاجية وتسويق منتجاته بل أيضا تدبير احتياجاته التمويلية، هذا إلي جانب أن هذا النظام الإنتاجي لم يحظي بأي لون من ألوان الدعم الحكومي إلا في حدود ضيقة لا تقارن بما يتم توفيره للنظام الإنتاجي التجاري، وهذا النظام المنزلي الريفي يخدم الفقراء من الريفيات ويساعدهم علي مواجهة أعباء المعيشة ومن ثم فان تربية الدواجن المنزلية في الريف المصري له دور حيوي وفعال في الحد من الفقر وخلق دخل للأسرة الريفية، وتنويع مصادر الدخل لها كما أن تربية الحيوانات الداجنة تعمل علي تحسين مستوي الأمن الغذائي للأسرة وتوفير الاحتياجات الغذائية لأعضائها، كذلك يعمل هذا النشاط علي المشاركة بصورة فعالة في توفير الاحتياجات الاستهلاكية الكلية من اللحوم البيضاء علي المستوي القومي، إذ يغطي معظم احتياجات الريف بالإضافة إلي نسب لا يستهان بها من احتياجات المدن، وتفيد التحليلات بان جملة ما يوفره نظام التربية المنزلية يقدر بنحو 5.97كجم للفرد في حين يوفر النظام الإنتاجي التجاري نحو 5.36 كجم للفرد، وبالإضافة لذلك فان هذا النشاط يسهم أيضا في إنتاج بيض المائدة، ويشير كل ما سبق إلي الدور الايجابي والفعال الذي تلعبه المرأة الريفية في كونها بإمكانيات محدودة للغاية، وفي ظل ضعف أو غياب البرامج والسياسات الداعمة لجهودها في مجال تربية الدواجن المنزلية فإنها تقوم بتوفير أكثر من نصف الاحتياجات الاستهلاكية للمجتمع من اللحوم البيضاء.
4- المرأة والموارد البيئية:
تعتبر النساء أشخاصا مركزية في إدارة البيئة، ويتشابك دور المرأة في هذا المجال ويتقاطع مع أدوارها الأخرى، ففي جميع هذه الأدوار دور للحفاظ علي الموارد سواء طبيعية أو اقتصادية أو بشرية.وتعد الاستفادة بالمخلفات الزراعية النباتية والحيوانية احد المهام الايجابية التي تقوم بها المرأة الريفية بصورة دورية وتقوم باستثمار هذه المخلفات في العديد من الأغراض منها تسميد الأرض بسماد طبيعي جيد وآمن وغير ضار بصحة الإنسان، استخدام مخلفات الغذاء كغذاء للحيوان ، الحفاظ علي الهواء والماء والتربة كموارد طبيعية من التلوث، وان كان هذا لا يمنع من قيام المرأة الريفية أحيانا ببعض الأنشطة التي تتسبب في تلوث البيئة ولكن هذا غالبا ما يعود لأسباب إما أن تكون خارجة عن إرادتها لعدم وجود بدائل، أو لنقص المعلومات لديها، وفي أحيان أخري يعود الأمر لأسباب اجتماعية. هذا وقد أوضح المنادون بمساواة المرأة في الشئون السياسية والبيئية أن النساء يرتبطن ارتباطا وثيقا بالطبيعة نظرا للعوامل المشتركة بين المرأة والطبيعة مثل:
1. المرأة والطبيعة مؤنثتان.
2. المرأة والطبيعة تمتلكان القدرة علي إيجاد الحياة واستمرارها.
3. المرأة والطبيعة مستعبدتان من جانب الرجل والأيديولوجية الغربية والرأسمالية.
ويمكن القول إنه بناء علي ما سبق أن الإدارة الرشيدة للموارد البيئية من أجل الإشباع الدائم للاحتياجات الإنسانية ، والاحتياط بوعي للمستقبل للحفاظ علي قاعدة الموارد الحالية في حالة جيدة قادرة علي توفير الحاجات الأساسية لأحفادنا،ويمكن أن يكون للمرأة دور كبير للحفاظ علي تلك الموارد عن طريق إمدادها بالمعلومات والدعم الكافيين كي تتمكن من استخدام هذه الموارد وإدارتها بما يكفل حماية الموارد مستقبلا، ومن هنا يمكن أن نلقي نظرة علي بعض المشكلات التي تواجه المرأة الريفية وتقلل من كفاءتها في قيامها بأدوارها.
بعض المشكلات التي تواجه المرأة الريفية:
لدي تناول قضايا المرأة الريفية، فانه من الواجب تناولها في سياقها المجتمعي، الاقتصادي والاجتماعي والثقافي العام. فقضايا المرأة ليست قضايا منفصلة عن سياقها المجتمعي والمحلي العام ، إنما هي جزء من هذا السياق، ومن المناسب في هذا الصدد إلقاء نظرة علي موقع المرأة الريفية في إستراتيجية الزراعة المصرية حتى عام 2017، تقع الإستراتيجية في عدد 142 صفحة وقد ورد ذكر المرأة الريفية بها مرتين الأولي في ص 13، في فقرة من أربعة اسطر كما يلي:" أن دور المرأة الريفية في التنمية يمكن تعظيمه من خلال برامج محو الأمية و تشجيع المرأة علي عمل المشروعات الصغيرة والتي تزيد من قدرتها علي الحصول علي عمل في مجالات، الإنتاج الحيواني ، التسويق والصناعات الصغيرة، كذلك يمكن زيادة القيمة المضافة للمنتج الزراعي، وزيادة الدخل بالوحدة المعيشية الريفية بالريف المصري"، وفي الموضع الآخر ص 114حيث ذكر أن نسبة الأمية بين النساء الريفيات في مصر يبلغ 63.6 ? ، فإذا كان هذا هو موقع المرأة الريفية بإستراتيجية الزراعة المصرية حتى عام 2017 فمن غير المستغرب أن تعاني المرأة الريفية من المشكلات التالية:
1. ضعف ثقة المرأة الريفية بنفسها:
علي الرغم من المجهود الكبير الذي تبذله المرأة الريفية في الوحدة المعيشية وفي المزرعة، إلا أن هناك الكثير من النساء الريفيات يعانين من الإحساس بأنهن لا يقمن بأي شيء مهم ، وأنهن دون المستوي، هذا بالإضافة للعادات والتقاليد الريفية التي تعمل دائما علي ألا تعطي أهمية كبيرة لما تفعله المرأة، ولهذا الأمر تأثيره النفسي السلبي علي النساء الريفيات.
2. ضعف القاعدة المعلوماتية الخاصة بالمرأة بصفة عامة، والمرأة الريفية بصفة خاصة:
من الصعب قياس حالة المرأة الريفية بدون وجود بيانات سليمة وإحصائيات ومؤشرات مناسبة وبالتالي فان ضعف وقصور القاعدة المعلوماتية الخاصة بالمرأة الريفية يضعف من التخطيط التنموي لهذه الفئة ويضعف الأداء التنموي لها.
3. الأمية:
مازالت نسبة الأمية بين النساء مرتفعة ففي إستراتيجية الزراعة المصرية الخيرة تم تقدير الأمية بين النساء الريفيات بنسبة 63.6 ?، وقد تصل النسبة في بعض الفري إلي 80? أو أكثر، ويرجع عزوف الأسر عن إرسال بناتهن إلي المدارس لأسباب تتقدمها العادات والتقاليد التي تقلل من أهمية تعليم الفتاه ، بالنظر إلي الدور الذي حدده المجتمع لها وقصره علي وظيفتها كزوجة وأم، كذلك فان تشغيل الفتاة أو المرأة بدون أجر في المنزل أو حقل الأسرة يغني عن الحاجة لتعليمها من وجهة نظر كثير من الأسر، يضاف إلي ذلك ارتفاع التكلفة الفعلية للتعليم علي نحو ظاهر أو مستتر في ظل انتشار الفقر.كما يساعد علي تفاقم مشكلة الأمية للمرأة غياب برامج متطورة وفعالة لمحو أمية المرأة والفتاة وقصور الجهود التطوعية والأجهزة الإعلامية عن القيام بدورها في توعية الأسرة بأهمية تعليم الفتاة وتركيز برامج التعليم علي محو الأمية الهجائية دون الأمية الثقافية ، وهذا وضع خطير يهدد أساس تقدم المجتمع.
4. الاتجاه إلي تحميل المرأة أعباء انتشار زيادة ظاهرة البطالة في فترة التحول:
في إطار سياسات الإصلاح الاقتصادي وعجز الهيكل الإنتاجي للدولة علي استيعاب كل الخريجين، وكذلك لم يقم القطاع الخاص بالتوسع الاستثماري المناسب لامتصاص قوي العمل المتاحة في سوق العمل، من هنا انتشرت البطالة في هذه الفترة، وقد خلق هذا المناخ بعض من يدعي أن علي المرأة أن تتحمل وحدها عبء هذه الظاهرة بمعني أن تنسحب من سوق العمل تاركة الفرصة للرجال، وهذا الأمر يتناقض مع المنطق السليم ويتجاهل واقع الحال الموجود.
5. ضيق فرص المرأة في الاستفادة من التسهيلات الائتمانية المتاحة:
يؤدي تعزيز الوضع الاقتصادي للمرأة إلي زيادة ثقتها بنفسها، ومن هنا يأتي الاهتمام بتقديم الدعم الاقتصادي للمرأة لتمكينها من القيام بمشروعات صغيرة، وهناك بعض المعوقات التي تواجه المرأة الريفية في الحصول علي هذه التسهيلات الائتمانية بعضها يرجع لتطبيق النظم والقوانين الائتمانية وهناك عوامل أخري ترجع للمرأة نفسها ولطبيعة المجتمعات التقليدية مثل:
- غياب المؤهلات الائتمانية الكافية التي تؤهل المرأة للحصول علي قروض، وغياب فرص التدريب مما يجعلها عرضة للاستغلال.
- ضعف الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم...الخ مما قد يؤدي بالمرأة في أحيان كثيرة إلي استخدام القرض لمواجهة ظروف طارئة تلم بالأسرة مثل المرض.
- ميل المرأة تخوفا من نظرة المجتمع إلي حصر نفسها في أنشطة تقليدية تزاولها داخل المنزل مما يحد من فرص نمو قدراتها الاقتصادية.
- العلاقات الأبوية في الأسرة التي تسمح للذكور بالتدخل في إدارة المشروع والسيطرة علي دخله بالرغم من حصول المرأة علي القرض باسمها.
- الأمية والعجز عن الوفاء بإجراءات تقديم الطلبات.
- أن مكانة المرأة في المجتمع من المؤشرات الهامة للتنمية، فالمجتمع الذي لا يعطي للمرأة حق قدرها ويقيد طاقاتها وإمكانياتها، يفقد نصف طاقاته البشرية الراهنة، ويرضي أن تكون كل قواه البشرية المستقبلية في يد قوة غير منضبطة وغير معترف بها، وبالتالي يصنف باطمئنان ضمن المجتمعات المتخلفة، ولان المرأة تلعب دورا كبيرا في المجتمع الريفي، فان تنميتها وتحسين وضعها يعني ببساطة تقدم المجتمع للأمام في مجال التنمية، وهناك العديد من السياسات التي تحتاج إلي إعادة النظر والي إدخال نظم جديدة وخصوصا في الزراعة ومشاركة المرأة في اقتصاديات الريف وخلق الجو المناسب لها لامتلاك المزيد من الأراضي ، وكذلك إعطاءها فرص متساوية للعمل وأجور متساوية ،وإذا كان الحديث عن تمكين المرأة يفتقد إلي الإرادة ، أو كان الحديث مجرد تشدق بالكلام وان لم تحتل المرأة مكانا أكثر بروزا وان لم يتكاتف جيل جديد من الرجال والنساء معا في الإصرار علي وضع حد للتمييز بين الجنسي داخل مجتمعاتهم، فان هذه المحاولات ستفلت من المجتمع وبذا تساعد علي إفقاره، فتحسين أوضاع المرأة يجب أن يكون من الأهداف الأساسية لإستراتيجية التنمية.