البرادعي والحمار
…أو عندما يتنبأ الشعر بالثورة! *
وسط الزخم السياسي المتصاعد في مصر، برز إلى الواجهة ديوان شعري بعنوان “البرادعي والحمار”، كان قد صدر قبل أيام من الثورة الشعبية، وبشر بكثير مما امتدت إليه مطالب الشباب. وتنبأ صاحب الديوان الشاعر أسامة صلاح الأبنوبي بخروج جماعي للمجتمع من أجل التغيير، وقد رسم ذلك بطريقة ساخرة ورمزية.
الديوان -وهو التجربة الشعرية الأولى للشاعر- يجسد تفاعل الشعر مع الواقع وتداخل الأدب مع السياسة. ورغم تمسك الشاعر بالشكل التقليدي للقصيدة العربية فإنه قدمها في ثوب جديد أكثر جاذبية، معتمدا على أسلوبه الساخر وأدواته الإبداعية في نقد الأوضاع السياسية والاجتماعية للمشهد المصري والعربي.
ويداعب الشاعر المزاج السياسي في بلده باستخدام اسم “البرادعي” الذي سرعان ما ربط الناس بينه وبين المدير السابق للوكالة الذرية الدولية ومؤسس الجمعية الوطنية للتغيير الدكتور محمد البرادعي.
يبدأ الأبنوبي (30 عاما) ديوانه بمقدمة غير تقليدية لا تقل صدمتها عن عنوان الديوان، حيث يروي قصة أهالي قرية “ملخنا الدكر” والمعاناة التي يواجهونها نتيجة لورم واحمرار “المؤخرة” الناتج عن كثرة ركوب الحمير بدون “بردعة”، وهي قطعة قماش مبطنة تشبه الوسادة توضع على ظهر الحمار لإراحة راكبه، وهي تقابل السرج لدى الخيل.
وتتطور أزمة أهل القرية تطورا تدريجيا في إسقاط أدبي ساخر، خاصة حينما يجمع الأهالي في نهاية القصة على رغبتهم في دخول “البرادعي” -وهو اسم يطلق في الريف المصري على صانع البردعة- الذي يحمل حلم التغيير ويعد بتقديم بردعة لكل مواطن تنهي احمرار المؤخرة إلى الأبد.
مجسم يرفعه المتظاهرون (الجزيرة نت)
قصائد ساخرة
ثم يبدأ الشاعر في استعراض شيق لقصائده السياسية الساخرة والقوية التي تحمل صورا شعرية رائعة رغم طابعها السياسي اللاذع، وتتجسد هذه الصورة الإبداعية في قصيدة “أولى أول” التي تقدم تشريحا دقيقا للوضع السياسي المصري.
وتعتمد القصيدة -في صورة ساخرة وجاذبة- على الحوار القائم بين التلميذ وأستاذه، حيث يقول الأبنوبي -على لسان التلميذ الذي يطلب منه أستاذه إعراب بعض الكلمات ذات الدلالة السياسية- فيجيب بطريقته الخاصة قائلا:
الظلم يا أستاذُ يرفعُ فاعلاً
والفقرُ حالٌ.. والرقابةُ في شخيرْ
والحلمُ في وطني ضميرٌ غائبٌ
والعمرُ أرخصُ فيه من قرصِ الشعيرْ
والعدلُ مات محلُ إعراب له
والحقُ مكسورٌ وليس له نصيرْ
والحرُ مفعولٌ به وبأهله
بين الزنازنِ ما تئنُ له الصدورْ
أما المضافُ فهاربٌ بدمائنا
وأضف إليه نقودنا حتى يطيرْ
والنشلُ بدلٌ من تسولِ عاطلٍ
وموظفٌ صفةٌ لشحاذٍ فقيرْ
أما الجنيهُ فقد تمنعَ صرفُه
واسأل به الجزارَ أو جندَ المرورْ
تعديلُ دستورٍ فهذا مبتدأ
وانشر له خبراً بتوريثٍ مريرْ
أمريكا جارٌ لا تسلني كيف ذا
أما النظامُ فصار مجروراً حقيرْ
وسط الزخم السياسي المتصاعد في مصر، برز إلى الواجهة ديوان شعري بعنوان “البرادعي والحمار”، كان قد صدر قبل أيام من الثورة الشعبية، وبشر بكثير مما امتدت إليه مطالب الشباب. وتنبأ صاحب الديوان الشاعر أسامة صلاح الأبنوبي بخروج جماعي للمجتمع من أجل التغيير، وقد رسم ذلك بطريقة ساخرة ورمزية.
الديوان -وهو التجربة الشعرية الأولى للشاعر- يجسد تفاعل الشعر مع الواقع وتداخل الأدب مع السياسة. ورغم تمسك الشاعر بالشكل التقليدي للقصيدة العربية فإنه قدمها في ثوب جديد أكثر جاذبية، معتمدا على أسلوبه الساخر وأدواته الإبداعية في نقد الأوضاع السياسية والاجتماعية للمشهد المصري والعربي.
ويداعب الشاعر المزاج السياسي في بلده باستخدام اسم “البرادعي” الذي سرعان ما ربط الناس بينه وبين المدير السابق للوكالة الذرية الدولية ومؤسس الجمعية الوطنية للتغيير الدكتور محمد البرادعي.
يبدأ الأبنوبي (30 عاما) ديوانه بمقدمة غير تقليدية لا تقل صدمتها عن عنوان الديوان، حيث يروي قصة أهالي قرية “ملخنا الدكر” والمعاناة التي يواجهونها نتيجة لورم واحمرار “المؤخرة” الناتج عن كثرة ركوب الحمير بدون “بردعة”، وهي قطعة قماش مبطنة تشبه الوسادة توضع على ظهر الحمار لإراحة راكبه، وهي تقابل السرج لدى الخيل.
وتتطور أزمة أهل القرية تطورا تدريجيا في إسقاط أدبي ساخر، خاصة حينما يجمع الأهالي في نهاية القصة على رغبتهم في دخول “البرادعي” -وهو اسم يطلق في الريف المصري على صانع البردعة- الذي يحمل حلم التغيير ويعد بتقديم بردعة لكل مواطن تنهي احمرار المؤخرة إلى الأبد.
مجسم يرفعه المتظاهرون (الجزيرة نت)
قصائد ساخرة
ثم يبدأ الشاعر في استعراض شيق لقصائده السياسية الساخرة والقوية التي تحمل صورا شعرية رائعة رغم طابعها السياسي اللاذع، وتتجسد هذه الصورة الإبداعية في قصيدة “أولى أول” التي تقدم تشريحا دقيقا للوضع السياسي المصري.
وتعتمد القصيدة -في صورة ساخرة وجاذبة- على الحوار القائم بين التلميذ وأستاذه، حيث يقول الأبنوبي -على لسان التلميذ الذي يطلب منه أستاذه إعراب بعض الكلمات ذات الدلالة السياسية- فيجيب بطريقته الخاصة قائلا:
الظلم يا أستاذُ يرفعُ فاعلاً
والفقرُ حالٌ.. والرقابةُ في شخيرْ
والحلمُ في وطني ضميرٌ غائبٌ
والعمرُ أرخصُ فيه من قرصِ الشعيرْ
والعدلُ مات محلُ إعراب له
والحقُ مكسورٌ وليس له نصيرْ
والحرُ مفعولٌ به وبأهله
بين الزنازنِ ما تئنُ له الصدورْ
أما المضافُ فهاربٌ بدمائنا
وأضف إليه نقودنا حتى يطيرْ
والنشلُ بدلٌ من تسولِ عاطلٍ
وموظفٌ صفةٌ لشحاذٍ فقيرْ
أما الجنيهُ فقد تمنعَ صرفُه
واسأل به الجزارَ أو جندَ المرورْ
تعديلُ دستورٍ فهذا مبتدأ
وانشر له خبراً بتوريثٍ مريرْ
أمريكا جارٌ لا تسلني كيف ذا
أما النظامُ فصار مجروراً حقيرْ