عجلون غائب الدنيا وحاضرها
عجلون غائب الدنيا وحاضرها
بقلم الكابتن الطيار زكي الزغول
30-06-2011
--
الاهداء: إلى كل من عشق مسقط رأسه
وإلى روح العالمه المرحومه عائشه الباعونيه.
عجلون غائب الدنيا وحاضرها
عجلونُ بِتْنا وباتَ الدمعُ يسقينا
نَدْنو وعنكِ شقاءُ الدهر يُقصينا
خمسون عاما من الأسفار ما بقِيَتْ
من دولةٍ ما لنا فيها عناوينا
خُضنا المحيطاتِ والأجواءَ قاطبة
والبَرَّ جُبْناه من قَفْرٍ ومَسْكُونا
ما كان مثلك في البلدان وارفة
ولا كدحنونكِ الفواح دحنونا
ولا كناسك في الأمصار من بشر
ولا كطينك إن بُلَّ الثرى طينا
عجلون يا غائب الدنيا وحاضرها
هل تقبلي العشق فيضا من قوافينا
جفَّتْ بنا الروح واشتدت صبابتنا
هُبِّي بعذب مياه النبع واسقينا
كم قد شربنا بارض الله من ضمأ
والماء ما كان مهما راق يروينا
إلا العِذاب الجواري من زَمازِمِها
غَرْفُ الأكفِّ الى الأفواه يشفينا
تُقْنا الى جلسة في ظِلّ داليةٍ
عَرْشاءَ أعنابها باتت لِتِشْرينا
تحنو الزروفُ عليها وهي دافئة
فوق الرؤوس كدُرّ بات مكنونا
جادت سرابيسُ بالتفاح والَهَفي
عِشقُ الكُرومِ بِطَعْم العَيش مَقرونا
ان بَرْغَمَتْ بالضحى أحجالُها رَجَفَتْ
دقّاتُ قلبي ففاض الشعرُ مجنونا
يا صاحبيَّ اذكراني في أصائِلِها
عهدَ الصَبِيِّ الذي أضنته خمسونا
ليت المساحيلَ خدّاً كي أقبّله
وليتني بضفاف السَّوْطِ ليمونا
وادٍ به قد طَلَبْنا الشِّعر من مُهَجٍ
فسابقتنا له الادواحُ يَشْدينا
قف في المساءِ بأمِّ العُبْرِ مستمعا
هَرْجَ الرُّعاةِ وهم للشاةِ ساقونا
وللخرير الذي ينسابُ جدولُهُ
مُغازلاً حولـــه دُفْلاً وطَيُّونا
كم شاغلتنا بِوادي الشام نائحةٌ
قلنا لها مِثْلَ من أشجوكِ أشجونا
ليت الذين َّبتَلِّ السُّوقِ منزلهمْ
أنَّا على عهدِهِمْ بالحب يَدْرونا
وأن مَن هُمْ على الصَّفْصاف هاجعة
عيونهم ما اتخذنا دونهم دونا
وان أهل الشِّكارَةِ أهلنا وكذا
للفاخِرِيينَ عالي القدْرِ راعونا
والمشرفون على الآفاق في جَبَلٍ
انسامُهُ من ذُرى بيسانِ يأتينا
شُمُّ الرجال به قالوا وقد فعلوا
ان الحياة بصدق القول تُعْنينا
ليت الصَّفَا حِلْية بالجيد نلبسُها
او ماسةٌ فوق تاج الرأس تُزهينا
اهلُ الكرامات مذ كان الكريم بنا
ومنذ عَلَّا عِمادَ الشِّقِّ راعينا
عجلون يا أُمّنا ماذا على ولَدٍ
يبكي اشتياقا لأُمِّ الكل أفتينا
ضقنا من العيش لا تلقاك أعيننا
بِردائِك الاخضر الوردي لُفِّينا
عَرِّج على راجبٍ وانعم برابيةٍ
رُمّانها عن مذاقِ الشهد يُغنينا
قد خبّأ الدهر فيها كل رائعةٍ
غير الحَلا لم ترى كُثبانها حينا
شُمُّ العرانين بينَ الحَرْثِ ديرتهم
والـعامريّةِ جـيرانٌ يـؤاخـونا
لمْ تُلْهِنا المدنُ العصماءُ ثانيةً
عن عينِ جنَّا وعن أكنافِ عِبِّينا
وعن حلاوةَ ذاتِ الزهر باسمة
والخرْبَةِ العِلْمَ والاخلاقَ والدينا
يا ساكن الخيطِ هل لي من هواهُ شذاً
قد عطّرتْهُ بفوحِ اللّوزِ راسونا
فاعْتَلَّ لما أتى عُرجانَ منفطراً
واختال فخراً بعائشةٍ وباعونا
سبحان من صور الجنَّاتَ في وطني
وألبس الحُسنَ كلّ الحُسنِ عجلونا