عذوبه
يقول البديع الإسطرلابي:
أهدي لمجلسه الكريم وإنما ... أهدي له ما حزت من نعمائه
كالبحر يمطره السحاب وما له ... فضل عليه لأنه من مائه
يظهر في البيتين السابقين معنى جيد رائق مدعوم بمثال غير مسبوق فيما أعلم‘ فالشاعر الذي تدلك نسبته على علمه لم يبدع في بيتيه فنيا فقط‘ ولكنه أبدع علميا فهذه الإشارة ـ حين بحثت والله أعلم ـ أول إشارة من بشر تشير إلى ما يسمى اليوم (دورة الماء) أو (الدورة المائية) والتي تفسر بأنها عملية تبخر مياه البحار والمحيطات بسبب أشعة الشمس وارتفاعها في الغلاف الجوي حيث تكثف وتصبح على هيئة غيوم وينزل منها المطر مرة أخرى.
والبديع الإسطرلابي المتوفى سنة 534 هـ 1140 م هو كما في معجم الأدباء:
"هبة الله بن الحسين بن أحمد البغدادي كان أديباً فاضلاً شاعراً بارعاً حكيماً عارفاً بالطب والرياضة والهيئة والنجوم والرصد والزيج، متقناً علم الآلات الفلكية ولاسيما الإسطرلاب فنسب إليه، وحصل له مال جزيل من عمله ولم يخلفه في صناعته مثله، وقد أقام على صحة ما يعمله من الآلات الحجج الهندسية، وبرهن عليها بالقوانين الإقليد يسية، وأتى فيها باختراعات أغفلها المتقدمون، فزاد في الكرة ذات المرسي وكمل نقصها الذي مرت عليه الأعوام، وأكمل نقص الآلات الشاملة التي وضعها الخجندي وجعلها لعرض واحد وأقام الدليل على أنه لايمكن أن تكون لعروض متعددة، فلما وصلت إلى البديع تأملها واهتدى إلى طريق لعملها لعروض متعددة، واختبر مازاد فيها بالقواعد الهندسية فصح عمله، وحمل ما صنع منها إلى الأكابر والأجلاء منأهل هذا الفن فتلقوها بالقبول، وله في عمل الإسطرلاب والركار والمساطر وغيرها من الآلات اليد الطولى، وقد صار ما صنعه من ذلك من الذخائر التي يتغالى بها أهلها وعانى عمل الطلاسم ورصد لها ما يوافقها من الأوقات السعيدة، وحملها إلى الملوك والأمراء والوزراء فجربوها فصحت، وحصل له منها ومن سائر صنائعه أموال جمة، وصنف رسالة في الآلات الشاملة التي كملها، ورسالة في الكرة ذات الكرسي، واختار ديوان ابن الحجاج وسماه درة التاج من شعر ابن الحجاج، رتبه على واحد وأربعين ومائة باب جعل كل باب في فن من فنون شعره، وله ديوان شعر دونه وجمعه بنفسه."
ومن شعره قوله يهجو:
مستيقظ فإذا استضيف ... به يصير من النيام
وتراه في عدد الطعا ... م إذا رأى مضغ الطعام
تبدو مصائبه العظا ... م أوان تجريد العظام
وقال يهجو أيضاً:
وفاصد مبضعه مشرع ... كأنه جاء إلى حرب
فصد بلا نفع فما حاصل ... غير دم يخرج من ثقب
لو مر في الشارع من خارج ... لمات من في داخل الدرب
خذه إذا جاشت عليك العدا ... فوحده يغنيك عن حرب
وقال أيضاً وقد جاء بالعراق وفر كثير - يعني بالوفر الثلج:
يا صدور الزمان ليس بوفر ... ما رأيناه في نواحي العراق
إنما عم ظلمكم سائر الأر ... ض فشابت ذوائب الآفاق
أهدي لمجلسه الكريم وإنما ... أهدي له ما حزت من نعمائه
كالبحر يمطره السحاب وما له ... فضل عليه لأنه من مائه
يظهر في البيتين السابقين معنى جيد رائق مدعوم بمثال غير مسبوق فيما أعلم‘ فالشاعر الذي تدلك نسبته على علمه لم يبدع في بيتيه فنيا فقط‘ ولكنه أبدع علميا فهذه الإشارة ـ حين بحثت والله أعلم ـ أول إشارة من بشر تشير إلى ما يسمى اليوم (دورة الماء) أو (الدورة المائية) والتي تفسر بأنها عملية تبخر مياه البحار والمحيطات بسبب أشعة الشمس وارتفاعها في الغلاف الجوي حيث تكثف وتصبح على هيئة غيوم وينزل منها المطر مرة أخرى.
والبديع الإسطرلابي المتوفى سنة 534 هـ 1140 م هو كما في معجم الأدباء:
"هبة الله بن الحسين بن أحمد البغدادي كان أديباً فاضلاً شاعراً بارعاً حكيماً عارفاً بالطب والرياضة والهيئة والنجوم والرصد والزيج، متقناً علم الآلات الفلكية ولاسيما الإسطرلاب فنسب إليه، وحصل له مال جزيل من عمله ولم يخلفه في صناعته مثله، وقد أقام على صحة ما يعمله من الآلات الحجج الهندسية، وبرهن عليها بالقوانين الإقليد يسية، وأتى فيها باختراعات أغفلها المتقدمون، فزاد في الكرة ذات المرسي وكمل نقصها الذي مرت عليه الأعوام، وأكمل نقص الآلات الشاملة التي وضعها الخجندي وجعلها لعرض واحد وأقام الدليل على أنه لايمكن أن تكون لعروض متعددة، فلما وصلت إلى البديع تأملها واهتدى إلى طريق لعملها لعروض متعددة، واختبر مازاد فيها بالقواعد الهندسية فصح عمله، وحمل ما صنع منها إلى الأكابر والأجلاء منأهل هذا الفن فتلقوها بالقبول، وله في عمل الإسطرلاب والركار والمساطر وغيرها من الآلات اليد الطولى، وقد صار ما صنعه من ذلك من الذخائر التي يتغالى بها أهلها وعانى عمل الطلاسم ورصد لها ما يوافقها من الأوقات السعيدة، وحملها إلى الملوك والأمراء والوزراء فجربوها فصحت، وحصل له منها ومن سائر صنائعه أموال جمة، وصنف رسالة في الآلات الشاملة التي كملها، ورسالة في الكرة ذات الكرسي، واختار ديوان ابن الحجاج وسماه درة التاج من شعر ابن الحجاج، رتبه على واحد وأربعين ومائة باب جعل كل باب في فن من فنون شعره، وله ديوان شعر دونه وجمعه بنفسه."
ومن شعره قوله يهجو:
مستيقظ فإذا استضيف ... به يصير من النيام
وتراه في عدد الطعا ... م إذا رأى مضغ الطعام
تبدو مصائبه العظا ... م أوان تجريد العظام
وقال يهجو أيضاً:
وفاصد مبضعه مشرع ... كأنه جاء إلى حرب
فصد بلا نفع فما حاصل ... غير دم يخرج من ثقب
لو مر في الشارع من خارج ... لمات من في داخل الدرب
خذه إذا جاشت عليك العدا ... فوحده يغنيك عن حرب
وقال أيضاً وقد جاء بالعراق وفر كثير - يعني بالوفر الثلج:
يا صدور الزمان ليس بوفر ... ما رأيناه في نواحي العراق
إنما عم ظلمكم سائر الأر ... ض فشابت ذوائب الآفاق