نظرة الاسلام الى الموضة
نظرة الإسلام إلى الموضة
إعداد أسرة تحرير مجلة "منبر الداعيات" - لبنان
نقلا عن موقع مجلة نداء الإسلام
ارتبط تاريخ البدء بارتداء المسلمين للأزياء الغربية بانتهاء الدولة العثمانية، حيث لم يشهد التاريخ الإسلامي قبل هذه الفترة أي نوع من أنواع الاختلافات في الرأي بين المسلمين على الزي الإسلامي في قواعده العامة، المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والتي يختلف تطبيقها من بلد إلى آخر تبعاً للبيئة والمناخ وما شايهه من الأمور.
وقد كان من آثار شدة تعلق المسلمين بزيهم، أن كان لهذا الزي دور فعال في اندلاع الفتنة التي أدت إلى نهاية العهد العثماني، إذ قام أحد الأشخاص، بعد أن زور ختم السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله، بالادعاء أنه يحمل مرسوماً من السلطان، ذيله بفتوى مزورة لشيخ الإسلام، يفرض فيه نزع القلنسوة الإسلامية وتبديل القبعة الغربية بها، مما أثار حفيظة المسلمين آنذاك ورفضوا التخلي عن زيهم الإسلامي. (1)
إلا أن هذا الأمر ما لبث أن تبدل بعد أن فرض "أتاتورك" الزي والقبعة الغربيين فرضاً بالقوة، الأمر الذي كان أحد نتائجه زحف الأزياء الغربية وما يعرف "بالموضة" إلى عقول وقلوب النساء والرجال على حد سواء.
وكلمة "موضة" هي اصطلاح غربي حديث، ومعناه اللغوي "الزي الحديث"، وقد دخلت "الموضة" إلى البلاد الإسلامية بدخول الاستعمار الغربي إليها حيث كانت من بين المفسدات التي اخترعها علماء الغرب وتجارهم من ضمن خطة موجهة لتدمير الشعوب بشكل عام والشعوب الإسلامية بشكل خاص، وقد كان من أبرز بنود هذه الخطة:
1 - إبعاد المسلمين عن الهدف الأساسي لوجودهم والذي أوضحه سبحانه وتعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} (2) ، فاخترعوا من أجل ذلك الوسائل المتعددة التس تضمن لهم هذا الإبعاد، وكانت الموضة إحدى الوسائل التي شغلت الناس عن التفكير في القضايا المصيرية الكبرى، وحولتهم من عبودية الله إلى عبودية المادة، وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الأمر حين قال: "تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة، إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض". (3)
2 - إحكام السيطرة على الشعوب بشكل عام وعلى الشعوب الإسلامية بشكل خاص، إذ أن في اتباع المسلمين لأزياء غيرهم، دليل تخلف وغلبة، فالأمة إذا تخلت عن طابعها الخاص طبعت بطابع الأمة التي قلدتها وأخذت بزيها، وهذا الأمر أكد عليه ابن خلدون بقوله: " إن المغلوب يتشبه بالغالب في ملبسه ومركبه وسلاحه في اتخاذها وأشكالها بل وفي سائر أحواله". (4)
3 - استنزاف أموال الناس، لارتباط كثير من المؤسسات التجارية بهذا الحق، فالثوب يتبعه الحذاء وتتبعه المجوهرات كما تتبعه زينة الشعر والعطور والروائح، وليت الأمر يقتصر على هذا، بل إن هناك مؤسسات كبيرة تعتمد على الموضة في عملها، كالمؤسسات الإعلامية التي تغطي الحدث، وتنقل للعالم أحدث أنباء الموضة، كما تتلقى الأموال الهائلة نتيجة الإعلانات والدعايات.
أوضح الإسلام الأهداف الأساسية التي من أجلها أوجب الله سبحانه وتعالى اللباس على الإنسان، والتي من أهمها الوقاية من الحر والبرد لقوله عز وجل: {وجعل لكم سرابيل تقيم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم} . (5)
ومنها ستر العورة لقوله تعالى: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير}. (6)
وقد حدد الإسلام حدود العورة التي يجب على المرأة المسلمة سترها، فقال تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} (7) . وقال تعالى أيضاً: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} . (8)
ففي هاتين الآيتين يذكر سبحانه وتعالى الشروط الأساسية للباس المرأة المسلمة، وهي الخمار والجلباب، وقد قام الفقهاء بتبيان الشروط التي يجب أن تتوافر في الجلباب والتي منها أن يستوعب جميع بدن المرأة، وأن يكون فضفاضا، وأن يكون كثيفاً غير شفاف، وأن لا يكون لباس شهرة، وأن لا يكون شبيهاً بلباس الرجال. (9)
فهذه الشروط التي ورد ذكرها تؤكد استحالة اتباع المرأة لأي موضة، لمخالفة هذه الأخيرة- في كثير من الأحيان- للشروط الأساسية المفروضة شرعاً، لأن هدف الموضة غالباً- كما هو معروف- هو جلب انتباه الرجل إلى جسد المرأة، وهذا الأمر لا يكون إلا بالكشف عن مساجات من جسد المرأة، أو يكون باللباس الضيق الذي يحدد معالم الجسد، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وصف المرأة المعاصرة بالكاسية العارية فقال عليه الصلاة والسلام: "صنفان من أمتي لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا". (10)
فعلى المرأة إذاً أن تتنبه إلى هذه الأمور عند اختيارها لملابسها، كما عليها أن تراعي عدة أمور يمكن أن تقع فيها في حال محاولتها اتباع الموضة، منها:
1 - اتباع لباس الكفار الخاص بهم أو غير مستوفي للمواصفات الشرعية تشبه بهم وإثم، وهذا الأمر ورد فيه أمر صريح، بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم". (11)
2 - اتباع الموضة قد يؤدي في بعض الأحيان إلى إلحاق الضرر بالنفس وبالآخرين لما فيه من تحطيم للإنسان ماديا ومعنويا، وقد نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن ذلك بقوله: "لا ضرر ولا ضرار". (12)
ويكون الضرر المادي بالإسراف والتبذير، أما الضرر المعنوي فيكون بالكبر والحسد الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "بينما رجل يمشي، قد أعجبته جمهنُه وبُرداه، إذ خسف به الأرض، فهو يتجلجل حتى تقوم الساعة". (13)
وفي الختام نقول رحم الله النساء الصحابيات، حيت التزمن بالحجاب الشرعي فور نزول أمر الله تعالى به.
هــوامــــش:
(1) - مصطفى طوران، أسرار الانقلاب العثماني، ص 77.
(2) - الذاريات: 56.
(3) - رواه البخاري، القطيفة: الثوب الذي له خمل، والمراد به الثياب بصفة عامة.
(4) - ابن خلدون المقدمة، ص 147.
(5) - النحل: 81، سرابيل: ما يلبس من الثياب أو الدروع.
(6) - الأعراف: 26.
(7) - النور: 31.
(8) - الأحزاب: 59.
(9) - عبد الكريم زيدان، المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم، ج 3، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة 1417 هـ/1997 م ص 316، جاء في تعريف المؤلف للباس الشهرة أنه ما يتميز به لابسه عن ألية الناس بلون، أوبشكل أو هيئة، بحيث يجلب انتباه الناس وأنظارهم إليه، ويختال عليهم صاحبه بالعجب والكبر.
(10) - رواه مسلم، رؤوسهن كأسنمة البخت: أي يكبرنها ويعظمنها
(11) - رواه أبو داود بسند حسن.
(12) - رواه الدارقطني بسند حسن.
(13) - رواه مسلم. جمنه: شعره النازل على منكبيه، برداه: ملابسه، يتجلجل فيها: أي يهوي فيها إلى يوم القيامة.
منقول لتعم الفائدة
إعداد أسرة تحرير مجلة "منبر الداعيات" - لبنان
نقلا عن موقع مجلة نداء الإسلام
ارتبط تاريخ البدء بارتداء المسلمين للأزياء الغربية بانتهاء الدولة العثمانية، حيث لم يشهد التاريخ الإسلامي قبل هذه الفترة أي نوع من أنواع الاختلافات في الرأي بين المسلمين على الزي الإسلامي في قواعده العامة، المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والتي يختلف تطبيقها من بلد إلى آخر تبعاً للبيئة والمناخ وما شايهه من الأمور.
وقد كان من آثار شدة تعلق المسلمين بزيهم، أن كان لهذا الزي دور فعال في اندلاع الفتنة التي أدت إلى نهاية العهد العثماني، إذ قام أحد الأشخاص، بعد أن زور ختم السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله، بالادعاء أنه يحمل مرسوماً من السلطان، ذيله بفتوى مزورة لشيخ الإسلام، يفرض فيه نزع القلنسوة الإسلامية وتبديل القبعة الغربية بها، مما أثار حفيظة المسلمين آنذاك ورفضوا التخلي عن زيهم الإسلامي. (1)
إلا أن هذا الأمر ما لبث أن تبدل بعد أن فرض "أتاتورك" الزي والقبعة الغربيين فرضاً بالقوة، الأمر الذي كان أحد نتائجه زحف الأزياء الغربية وما يعرف "بالموضة" إلى عقول وقلوب النساء والرجال على حد سواء.
وكلمة "موضة" هي اصطلاح غربي حديث، ومعناه اللغوي "الزي الحديث"، وقد دخلت "الموضة" إلى البلاد الإسلامية بدخول الاستعمار الغربي إليها حيث كانت من بين المفسدات التي اخترعها علماء الغرب وتجارهم من ضمن خطة موجهة لتدمير الشعوب بشكل عام والشعوب الإسلامية بشكل خاص، وقد كان من أبرز بنود هذه الخطة:
1 - إبعاد المسلمين عن الهدف الأساسي لوجودهم والذي أوضحه سبحانه وتعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} (2) ، فاخترعوا من أجل ذلك الوسائل المتعددة التس تضمن لهم هذا الإبعاد، وكانت الموضة إحدى الوسائل التي شغلت الناس عن التفكير في القضايا المصيرية الكبرى، وحولتهم من عبودية الله إلى عبودية المادة، وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الأمر حين قال: "تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة، إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض". (3)
2 - إحكام السيطرة على الشعوب بشكل عام وعلى الشعوب الإسلامية بشكل خاص، إذ أن في اتباع المسلمين لأزياء غيرهم، دليل تخلف وغلبة، فالأمة إذا تخلت عن طابعها الخاص طبعت بطابع الأمة التي قلدتها وأخذت بزيها، وهذا الأمر أكد عليه ابن خلدون بقوله: " إن المغلوب يتشبه بالغالب في ملبسه ومركبه وسلاحه في اتخاذها وأشكالها بل وفي سائر أحواله". (4)
3 - استنزاف أموال الناس، لارتباط كثير من المؤسسات التجارية بهذا الحق، فالثوب يتبعه الحذاء وتتبعه المجوهرات كما تتبعه زينة الشعر والعطور والروائح، وليت الأمر يقتصر على هذا، بل إن هناك مؤسسات كبيرة تعتمد على الموضة في عملها، كالمؤسسات الإعلامية التي تغطي الحدث، وتنقل للعالم أحدث أنباء الموضة، كما تتلقى الأموال الهائلة نتيجة الإعلانات والدعايات.
أوضح الإسلام الأهداف الأساسية التي من أجلها أوجب الله سبحانه وتعالى اللباس على الإنسان، والتي من أهمها الوقاية من الحر والبرد لقوله عز وجل: {وجعل لكم سرابيل تقيم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم} . (5)
ومنها ستر العورة لقوله تعالى: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير}. (6)
وقد حدد الإسلام حدود العورة التي يجب على المرأة المسلمة سترها، فقال تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} (7) . وقال تعالى أيضاً: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} . (8)
ففي هاتين الآيتين يذكر سبحانه وتعالى الشروط الأساسية للباس المرأة المسلمة، وهي الخمار والجلباب، وقد قام الفقهاء بتبيان الشروط التي يجب أن تتوافر في الجلباب والتي منها أن يستوعب جميع بدن المرأة، وأن يكون فضفاضا، وأن يكون كثيفاً غير شفاف، وأن لا يكون لباس شهرة، وأن لا يكون شبيهاً بلباس الرجال. (9)
فهذه الشروط التي ورد ذكرها تؤكد استحالة اتباع المرأة لأي موضة، لمخالفة هذه الأخيرة- في كثير من الأحيان- للشروط الأساسية المفروضة شرعاً، لأن هدف الموضة غالباً- كما هو معروف- هو جلب انتباه الرجل إلى جسد المرأة، وهذا الأمر لا يكون إلا بالكشف عن مساجات من جسد المرأة، أو يكون باللباس الضيق الذي يحدد معالم الجسد، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وصف المرأة المعاصرة بالكاسية العارية فقال عليه الصلاة والسلام: "صنفان من أمتي لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا". (10)
فعلى المرأة إذاً أن تتنبه إلى هذه الأمور عند اختيارها لملابسها، كما عليها أن تراعي عدة أمور يمكن أن تقع فيها في حال محاولتها اتباع الموضة، منها:
1 - اتباع لباس الكفار الخاص بهم أو غير مستوفي للمواصفات الشرعية تشبه بهم وإثم، وهذا الأمر ورد فيه أمر صريح، بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم". (11)
2 - اتباع الموضة قد يؤدي في بعض الأحيان إلى إلحاق الضرر بالنفس وبالآخرين لما فيه من تحطيم للإنسان ماديا ومعنويا، وقد نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن ذلك بقوله: "لا ضرر ولا ضرار". (12)
ويكون الضرر المادي بالإسراف والتبذير، أما الضرر المعنوي فيكون بالكبر والحسد الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "بينما رجل يمشي، قد أعجبته جمهنُه وبُرداه، إذ خسف به الأرض، فهو يتجلجل حتى تقوم الساعة". (13)
وفي الختام نقول رحم الله النساء الصحابيات، حيت التزمن بالحجاب الشرعي فور نزول أمر الله تعالى به.
هــوامــــش:
(1) - مصطفى طوران، أسرار الانقلاب العثماني، ص 77.
(2) - الذاريات: 56.
(3) - رواه البخاري، القطيفة: الثوب الذي له خمل، والمراد به الثياب بصفة عامة.
(4) - ابن خلدون المقدمة، ص 147.
(5) - النحل: 81، سرابيل: ما يلبس من الثياب أو الدروع.
(6) - الأعراف: 26.
(7) - النور: 31.
(8) - الأحزاب: 59.
(9) - عبد الكريم زيدان، المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم، ج 3، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة 1417 هـ/1997 م ص 316، جاء في تعريف المؤلف للباس الشهرة أنه ما يتميز به لابسه عن ألية الناس بلون، أوبشكل أو هيئة، بحيث يجلب انتباه الناس وأنظارهم إليه، ويختال عليهم صاحبه بالعجب والكبر.
(10) - رواه مسلم، رؤوسهن كأسنمة البخت: أي يكبرنها ويعظمنها
(11) - رواه أبو داود بسند حسن.
(12) - رواه الدارقطني بسند حسن.
(13) - رواه مسلم. جمنه: شعره النازل على منكبيه، برداه: ملابسه، يتجلجل فيها: أي يهوي فيها إلى يوم القيامة.
منقول لتعم الفائدة