حتي لا تفوتك فرصة قراءة هذا الكتاب
الهزيمة والأمل: مشروع التحرر وقاع الثورة في ليبيا
هذا واحد من الكتب التي تشاء لها الأقدار أن "تصدر مرتين". لقد أنجز علي الصراف كتابه قبل اندلاع الإنتفاضة ضد سلطة العقيد معمر القذافي بنحو 6 أشهر. وكان من المنتظر ان يكون من بين باكورة الأعمال التي تصدرها دار "إي-كتب". ولكن عندما بدأت صحيفة "المتوسط اونلاين" بنشر مقتطفات من الكتاب وأعلنت عن قرب صدوره في نوفمبر 2010، فقد عمد "هاكرز" نظام العقيد على تدمير موقع الصحيفة، وعطلوا أعمالها لنحو ثلاثة أسابيع. وكان من الواضح أن جلاوزة نظام العقيد اختاروا أن يشنوا حربا ليس ضد الكتاب بل وضد الموقع الذي ينشر إعلانا عن صدوره. وعندما استأنفت "المتوسط" أعمالها بعد ذلك التعطيل فقد كان لا بد من تحديد الموقف: إذ بدأ نشر الكتاب من موقع الصحيفة، بدلا من "إي -كتب" الذي لم يكن العمل به قد بدأ بعد.
وظلت المعركة مفتوحة بين كتاب يقدم أول كشف للحساب من نوعه لسلطة 42 عاما من الفساد وأعمال التخريب في ليبيا، وبين عقيد ضلالة لا يريد أن يطلع عليه أحد.
ويقول المؤلف ان العقود الأربعة التي أمضاها العقيد في السلطة تجعله واحدا من أقدم الحكام في العالم. أما في العالم العربي، فهو الأقدم على الإطلاق.
ويضيف: لقد شهد هذا الرجل أحداثا ومتغيرات يمكن أن تجعل منه سجلا تاريخيا قائما بذاته، وذلك لو أمكن لأي مؤرخ أن يأخذ منه قصة غير مضطربة. ولكن أمل المؤرخ يظل محدودا للغاية ليس لأن العقيد عاجزٌ عن تقديم رواية، بل لأن الرواية نفسها لن تكون رواية أبدا.
شيء من فوضى الذهن، وشيء من المواقف المسبقة، وشيء من تضارب الانفعالات سوف تجعل من المستحيل تقريبا أن تعرف الطرق التي سلكها، والإنقلابات التي إنقلبها، والعواصف التي أثارها، والحروب التي خاضها، والوحدات التي أقامها وحطمها، والمشاريع الوهمية التي بناها، والأموال التي بددها، والمنظمات التي دعمها، وأعمال الإرهاب التي رعاها، والإغتيالات التي نفذها، والعهود التي نقضها، والسياسات التي بدّلها، والشعارات التي ركبها، والخصومات التي اختصمها،...
إنه شيءٌ خرافي.
فإذا كان قِدرُ مصائبنا يجلس على أثفية الهزيمة تجاه إسرائيل، وأثفية فشل المشروع التنموي، فهو، في السياسة، ثالثةُ الأثافي.
ويقول المؤلف في تقديمه للكتاب: في العديد من دول العالم المتحضر، فان الحكّام الذين يحكمون لما يفترض انه أكثر من "فترة" واحدة يظلون واقعين تحت هاجس السجّل. فهم يريدون أن يتركوا وراءهم سجّلا يمنحهم التاريخُ، بفضله، علامةً فارقة.
والسجلُّ هو ما يُخزي معمر أبو منيار القذافي.
أثبت العقيد على إمتداد أكثر من 40 عاما شيئا واحداً، هو انه رجلُ قسوةٍ وعنفٍ وغطرسةٍ، ليس لأنه حقق معجزاتٍ إقتصاديةً أو إجتماعية أو سياسية، بل لأنه حقق فشلاً.
وفي تفسير الدوافع التي دفعته لإصدار هذا الكتاب، يقول المؤلف إن هناك ثلاثة أسباب على الأقل:
الأول، هو إن العقيد القذافي أمضى في السلطة أربعة عقود، وقد آن الأوان لكي يقدم، ونقدم له، كشفا بالحساب.
وبهذا المعنى، يحاول هذا العمل أن يقدم مساهمةً، ربما تكون الأولى، لكي نقرر المكانة التي سوف يحتلها هذا الرجل في تاريخ ليبيا وفي التاريخ العربي. إذ ليس من المعقول أن تكون أبواق الدعاية المُشتراة والمبتذلة هي الكلمة الأخيرة في صناعة تلك المكانة.
هناك من يقول اليوم إن التاريخ سينظر اليه كجلاد ومجرم يستحق المحاكمة، ولكن الأمر، بالنسبة لهذا الكتاب، لا يقصد إصدار الحكم، وإنما تحليل الوقائع التي يمكن أن تقود اليه.
فقط الوقائع هي التي سوف تكون لها اليد العليا في بناء التحليل، وهي مصدره الوحيد. وكوقائع، فان كل الناس الذين عايشوا هذه التجربة، يعرفونها، بل ويعرفون أكثر منها بكثير. ومع ذلك، فهذا الكتاب ليس "دراسة" أو "بحثا". إنه بيان إدانة، وفاتورة كشف حساب، إنطلاقا من تلك الوقائع.
والثاني، هو إن العقيد بدأ مشروعه على أساس أيديولوجي. وكان من المهم تماما للمرء أن يحلل المسار ليرى كيف يمكن للأيديولوجيا أن تتحول، بسهولة، الى عمل من أعمال الدجل. وهذا أمرٌ في غاية الأهمية لكل الذين لديهم مشاريع أيديولوجية. على الأقل، من أجل ألا يجدوا أنفسهم غاطسين في المستنقع نفسه. وعلى الأقل، لكي يتحاشوا إعادة صنع الهزيمة.
نحن بحاجة ماسّة الى أن نجعل من العقيد القذافي الهزيمة الأخيرة في تاريخنا.
فبكشف حسابه ننجو. وبالتبرؤ منه نتطهر. وبالإبتعاد عن سلوكياته ننضج ونعقل.
والثالث، هو إن المشروع القومي الذي انطلق منه العقيد تحول على يديه الى مشروع خراب وفوضى. وهذا المشروع يستحق أن يُسترد، وأن يُنقذ من براثن السطحية والشعارات، وأن يعود الى أصله كمشروع تحرري للإستقلال والتنمية والوحدة.
المسافةُ بين المشروع التحرري وبين الدجل، يجب أن تظل واسعةً، من ناحية، وخاضعةً لمحاكمة متواصلة، من ناحية أخرى.
وهذا الرجل يبيع شعارات ضد المستعمرين. ولكنه في المقابل يبيع بلاده للمستعمرين بأرخص الوسائل وأقلها حرصا على التحرر من الهيمنة.
ويقع الكتاب في 252 صفحة ويضم فصولا تشمل:
ـ الهزيمة والأمل
ـ أمين القومية العربية
ـ القومية العربية: أنبياء الثورة والمسيح الدجال
ـ مملكة الفساد
ـ النظرية خضراء، والواقع أجدب
ـ الطاعون والنظرية الخضراء
ـ فساد الرؤية: الملك عاريا
ـ القذافي "مفكرا"
ـ الإيمان بالكارثة الشاملة
ـ إقطاعية الإنتهاكات
ـ مجزرة أبو سليم: سلطة حمام الدم
ـ مجزرة أبو سليم: تقرير شاهد عيان
ـ إعادة بيع الجريمة
ـ جماهيرية العقداء السبعة
ـ "يا ولدي، هذه خالتك هيلاري"
ـ نبي الثورة الغائب
انه كتاب للحقيقة المرة التي يجب أن يعرفها كل إنسان عن نظام العقيد وعن طبيعة الهراء والإضطراب الذهني الذي يمثله.
بعمله الرائد هذا، نحت المؤلف إسمه على صخرة التحدي والمواجهة التي وضع الكثير من ابطال الشعب الليبي أسماءهم عليها، وكان واحدا من أبرز الكتاب العرب الذي كسبوا سبق المبادرة في فضح نظام الفساد الذي كان يقوده العقيد في بلاده عندما كان ما يزال في عز قوته وغطرسته وجبروته.
وهو يستحق أن يقرأ اليوم وغدا وبعد الغد، لأنه كتاب-سجل، ووثيقة- تاريخ أيضا.
تقييم:
0
0
هذا واحد من الكتب التي تشاء لها الأقدار أن "تصدر مرتين". لقد أنجز علي الصراف كتابه قبل اندلاع الإنتفاضة ضد سلطة العقيد معمر القذافي بنحو 6 أشهر. وكان من المنتظر ان يكون من بين باكورة الأعمال التي تصدرها دار "إي-كتب". ولكن عندما بدأت صحيفة "المتوسط اونلاين" بنشر مقتطفات من الكتاب وأعلنت عن قرب صدوره في نوفمبر 2010، فقد عمد "هاكرز" نظام العقيد على تدمير موقع الصحيفة، وعطلوا أعمالها لنحو ثلاثة أسابيع. وكان من الواضح أن جلاوزة نظام العقيد اختاروا أن يشنوا حربا ليس ضد الكتاب بل وضد الموقع الذي ينشر إعلانا عن صدوره. وعندما استأنفت "المتوسط" أعمالها بعد ذلك التعطيل فقد كان لا بد من تحديد الموقف: إذ بدأ نشر الكتاب من موقع الصحيفة، بدلا من "إي -كتب" الذي لم يكن العمل به قد بدأ بعد.
وظلت المعركة مفتوحة بين كتاب يقدم أول كشف للحساب من نوعه لسلطة 42 عاما من الفساد وأعمال التخريب في ليبيا، وبين عقيد ضلالة لا يريد أن يطلع عليه أحد.
ويقول المؤلف ان العقود الأربعة التي أمضاها العقيد في السلطة تجعله واحدا من أقدم الحكام في العالم. أما في العالم العربي، فهو الأقدم على الإطلاق.
ويضيف: لقد شهد هذا الرجل أحداثا ومتغيرات يمكن أن تجعل منه سجلا تاريخيا قائما بذاته، وذلك لو أمكن لأي مؤرخ أن يأخذ منه قصة غير مضطربة. ولكن أمل المؤرخ يظل محدودا للغاية ليس لأن العقيد عاجزٌ عن تقديم رواية، بل لأن الرواية نفسها لن تكون رواية أبدا.
شيء من فوضى الذهن، وشيء من المواقف المسبقة، وشيء من تضارب الانفعالات سوف تجعل من المستحيل تقريبا أن تعرف الطرق التي سلكها، والإنقلابات التي إنقلبها، والعواصف التي أثارها، والحروب التي خاضها، والوحدات التي أقامها وحطمها، والمشاريع الوهمية التي بناها، والأموال التي بددها، والمنظمات التي دعمها، وأعمال الإرهاب التي رعاها، والإغتيالات التي نفذها، والعهود التي نقضها، والسياسات التي بدّلها، والشعارات التي ركبها، والخصومات التي اختصمها،...
إنه شيءٌ خرافي.
فإذا كان قِدرُ مصائبنا يجلس على أثفية الهزيمة تجاه إسرائيل، وأثفية فشل المشروع التنموي، فهو، في السياسة، ثالثةُ الأثافي.
ويقول المؤلف في تقديمه للكتاب: في العديد من دول العالم المتحضر، فان الحكّام الذين يحكمون لما يفترض انه أكثر من "فترة" واحدة يظلون واقعين تحت هاجس السجّل. فهم يريدون أن يتركوا وراءهم سجّلا يمنحهم التاريخُ، بفضله، علامةً فارقة.
والسجلُّ هو ما يُخزي معمر أبو منيار القذافي.
أثبت العقيد على إمتداد أكثر من 40 عاما شيئا واحداً، هو انه رجلُ قسوةٍ وعنفٍ وغطرسةٍ، ليس لأنه حقق معجزاتٍ إقتصاديةً أو إجتماعية أو سياسية، بل لأنه حقق فشلاً.
وفي تفسير الدوافع التي دفعته لإصدار هذا الكتاب، يقول المؤلف إن هناك ثلاثة أسباب على الأقل:
الأول، هو إن العقيد القذافي أمضى في السلطة أربعة عقود، وقد آن الأوان لكي يقدم، ونقدم له، كشفا بالحساب.
وبهذا المعنى، يحاول هذا العمل أن يقدم مساهمةً، ربما تكون الأولى، لكي نقرر المكانة التي سوف يحتلها هذا الرجل في تاريخ ليبيا وفي التاريخ العربي. إذ ليس من المعقول أن تكون أبواق الدعاية المُشتراة والمبتذلة هي الكلمة الأخيرة في صناعة تلك المكانة.
هناك من يقول اليوم إن التاريخ سينظر اليه كجلاد ومجرم يستحق المحاكمة، ولكن الأمر، بالنسبة لهذا الكتاب، لا يقصد إصدار الحكم، وإنما تحليل الوقائع التي يمكن أن تقود اليه.
فقط الوقائع هي التي سوف تكون لها اليد العليا في بناء التحليل، وهي مصدره الوحيد. وكوقائع، فان كل الناس الذين عايشوا هذه التجربة، يعرفونها، بل ويعرفون أكثر منها بكثير. ومع ذلك، فهذا الكتاب ليس "دراسة" أو "بحثا". إنه بيان إدانة، وفاتورة كشف حساب، إنطلاقا من تلك الوقائع.
والثاني، هو إن العقيد بدأ مشروعه على أساس أيديولوجي. وكان من المهم تماما للمرء أن يحلل المسار ليرى كيف يمكن للأيديولوجيا أن تتحول، بسهولة، الى عمل من أعمال الدجل. وهذا أمرٌ في غاية الأهمية لكل الذين لديهم مشاريع أيديولوجية. على الأقل، من أجل ألا يجدوا أنفسهم غاطسين في المستنقع نفسه. وعلى الأقل، لكي يتحاشوا إعادة صنع الهزيمة.
نحن بحاجة ماسّة الى أن نجعل من العقيد القذافي الهزيمة الأخيرة في تاريخنا.
فبكشف حسابه ننجو. وبالتبرؤ منه نتطهر. وبالإبتعاد عن سلوكياته ننضج ونعقل.
والثالث، هو إن المشروع القومي الذي انطلق منه العقيد تحول على يديه الى مشروع خراب وفوضى. وهذا المشروع يستحق أن يُسترد، وأن يُنقذ من براثن السطحية والشعارات، وأن يعود الى أصله كمشروع تحرري للإستقلال والتنمية والوحدة.
المسافةُ بين المشروع التحرري وبين الدجل، يجب أن تظل واسعةً، من ناحية، وخاضعةً لمحاكمة متواصلة، من ناحية أخرى.
وهذا الرجل يبيع شعارات ضد المستعمرين. ولكنه في المقابل يبيع بلاده للمستعمرين بأرخص الوسائل وأقلها حرصا على التحرر من الهيمنة.
ويقع الكتاب في 252 صفحة ويضم فصولا تشمل:
ـ الهزيمة والأمل
ـ أمين القومية العربية
ـ القومية العربية: أنبياء الثورة والمسيح الدجال
ـ مملكة الفساد
ـ النظرية خضراء، والواقع أجدب
ـ الطاعون والنظرية الخضراء
ـ فساد الرؤية: الملك عاريا
ـ القذافي "مفكرا"
ـ الإيمان بالكارثة الشاملة
ـ إقطاعية الإنتهاكات
ـ مجزرة أبو سليم: سلطة حمام الدم
ـ مجزرة أبو سليم: تقرير شاهد عيان
ـ إعادة بيع الجريمة
ـ جماهيرية العقداء السبعة
ـ "يا ولدي، هذه خالتك هيلاري"
ـ نبي الثورة الغائب
انه كتاب للحقيقة المرة التي يجب أن يعرفها كل إنسان عن نظام العقيد وعن طبيعة الهراء والإضطراب الذهني الذي يمثله.
بعمله الرائد هذا، نحت المؤلف إسمه على صخرة التحدي والمواجهة التي وضع الكثير من ابطال الشعب الليبي أسماءهم عليها، وكان واحدا من أبرز الكتاب العرب الذي كسبوا سبق المبادرة في فضح نظام الفساد الذي كان يقوده العقيد في بلاده عندما كان ما يزال في عز قوته وغطرسته وجبروته.
وهو يستحق أن يقرأ اليوم وغدا وبعد الغد، لأنه كتاب-سجل، ووثيقة- تاريخ أيضا.
تقييم:
0
0