القارئ السلبي والقارئ الايجابي
-
القاريء السلبي والقاريء الايجبي
-
من هو القاريء الايجابي والقاريء السلبي
-
-
القاريء الايجابي هو من يقرأ ليستفيد ويزداد علما ووعيا وادراكا ولكنه في نفس الوقت لا يكون تعامله مع أفكار الكاتب ومع ما يطرحه المؤلف او ما تتضمنه صفحات الكتاب كحال الميت بين يدي مغسله ،او كالريشة في مهب الريح ،بل يكون في نفس لحظات القراءة حاضر البديهة ومستعدا لنقاش أفكار المؤلف وما تتضمنه ثنايا الكتب من اطروحات ،انه على أهبة الاستعداد أن يقول لما لا يعلمه (ربما سأتبين الأمر وسأدرسه) وجاهز تمام الجاهزية ليقول لما يراه خطأ (هذا في نظري خلاف الصواب لكن ربما للكاتب أدلته التي لا أعلمها) (سابحث الأمر) وعندما يرى فكرة صائبة وجميلة ومقنعة فانه يسجلها ويحرص على التأكد من مدى مطابقة ما يقتنع به مع الحقائق الخالدة (اذ ربما كانت بعض قناعاتنا تحتاج الى تصويب ) وحين يرى ان الكاتب يقدم فكرة (مخالفة لما يراه) لكنه يدعمها بأدلة (علمية لا عاطفية ) فلغة خطاب العاطفة احيانا تكون بعيدة عن العلمية الطلوبة فانه مستعد للعدول عن رأيه الى رأي الكاتب .............
-
-
أما القاريء السلبي فلعلنا نقسم حاله الى قسمين :
-
-
فهانك قاريء سلبي سلبية مطبقة : وهذا ليس لديه الاستعداد أن يقول للكاتب ولا للكتاب (ربما) ولا (سأتثبت) ولا (سأدرس المسألة ) ولا ( هل هذا معقول) ولا ولا ولا.........بل هو مقتنع تماما بكل ما يقرأه من أفكار
-
فهو سهل الانقياد لاطروحات الاخرين خاصة حين يتوفر أمران اثنان
-
الأول : قلة العلم لديه فهو لا يتمتع بثقافة ولا قراءة غزيرة تعطيه المقدرة على النقد وطرح الاسئلة التثبتية لما يقرأه
-
الثاني: بعده التام عن مضمون ما يقرأ .....فمثلا حين يكون هناك من هو ضعيف في العلوم الشرعية......ويرى من يكتب في مسالة ما (شرعية ) فهو معرض للاقتناع بها لانه في الأصل لا يعرف عن ماذا يتحدث الكاتب ولا عن أدلة المخالفين للكاتب فهو لا يرى الا وجها واحدا للفكرة
-
وهذا النوع من القراء كثيرا ما يتقلبون في الآراء ويغيرون أفكارهم بسرعة رهيبة لانهم لا ينطلقون من قاعدة راسخة ولا من أرض صلبة
-
-
النوع الثاني:القاريء السلبي سلبية خفيفة : وهذا النوع من القراء لديهم ثقافة لا بأس بها في مجالات متعددة تخولهم فهم ما يعنيه الكاتب وفهم مضمون الفكرة التي يريد الكاتب ايصالها لهم ولكن مشكلتهم انهم لا يتمتعون بالجرأة في النقد او لانهم لا يمتلكون آليات النقد ولا طرقه فشاعرهم اما ان يكون
-
-
1- من أنا حتى أنقد
-
2- ربما الكاتب يريد شيئا وانا لم أفهمه (لأصمت خيرا لي)
-
3- الكاتب أدرى بما يقول مني(لأنه بحث ودرس ) فهو متأكد
-
-
هذا من الجانب النظري
-
-
لكن عندما نتأمل الجانب التطبيقي فهنا تكمن المشكلة
-
-
اذ انه ربما وقع احدنا على كتابات تخالف مثلا (أحد الثوابت الدينية ) او (أحد الاعرف الاجتماعية ) وهنا اذا لم يدرب الانسان نفسه على موهبة التثبت والدراسة والتروي والبحث (فيما يقرأ) فانه لربما مع الزمن تكونت لديه ثقافات ( متصارعه) فهو متمثل قول الشاعر:
-
يوما يمان اذا لاقيت ذا يمن.........وان لقيت معديا فعدنان
-
-
أيضا من الأخطاء التي ربما يقع فيها البعض جراء هذه السلبية هو التعصب للأقوال والأفكار دون دليل.....لأنه يغلب على أمثال هؤلاء انهم يتمسكون بما يوافقهم بعيدا عن العلمية والتثبت العلمي فهو يجادل واذا استدل فانه لا يتعدى ان يقول لك(تريد دليلا :انظر ما كتبه فلان) فهذا شعاهم دائما انظر ما كتبه فلان.......بخلاف القاريء الايجابي الذي يستدل على الفكرة التي يقتنع بها بقوله باثباتات عليمة بعيدا عن الاشخاص والتعصب الأعمى لشخصية
-
-
ولنعرج بشكل سريع على الكتب المترجمة (عن ثقافات اجنبية )
-
فهنا القاريء الايجابي يعرف انه امام كتب وكتاب يقدمون افكارهم عبر هذه الكتب ولكنهم ينطلقون وفق قناعات (شخصية ) او وفق نظريات علمية وفي كلا الحالين فان التسليم بكل أمر منها يعد خطأ ولو من الناحية النظرية......لان النظريات تبقى قابلة للنقاش.....فضلا عن القناعات الشخصية ومن هنا علينا ان نتعامل مع الكتب المترجمة بنوع من العلمية وبعيدا عن العاطفية(والاثارة) لانهما (العاطفية والاثارة) في كثير من الاحيان ولو على الأقل في الجانب العلمي يحيدان عن الصواب كثيرا
-
فنحن نقرأ هذه الثروة العلمية بروح النقد وفي نفس الوقت بروح البحث عن المعلومة المفيدة لكن بعيدا عن التسليم الاعمى ( الذي للأسف بدانا نلحظه لدى الكثيرين) ممن يتعاملون مع هذه الكتب المترجمة خاصة وهي تحمل مفردات (نابعة عن أفكار تحمل قيمة يبحث عنها الجميع) مما يجعل البعض يقع فريسة التسليم الأعمى بما فيها
-
-
المطلوب اذن هو التوازن بين القبول التام والتسليم الأعمى وبين الرفض السلبي لكل ما يأتي من الأخر