زاوية بوجملين
أنشئت زاوية بوجملين من قبل محمد بن عبد الله المسمى بوجملين . ولقد أنشئت بالمسيلة وبفضل الزيارات التي كان يتلقاها هذا الولي الصالح .
1- كانت هذه الزاوية عبارة عن مدرسة تتميز بالخصائص التالية :
يوجد بها معلم وعشرين طالبا يسكنون فيها وليس لها حارس أو شاوش
أما التعليم فإنه متقدم ، إذ زيادة عن تعليم القرآن الكريم ، فإن الطلبة يتعاطون بدراسة سيدي خليل ودراسة التوحيد ، كما أنهم يقومون بأداء واجباتهم الدينية طبقا لتعاليم هؤلاء العلماء .
إن المعلم لا يتلقى راتبا معينا ، شهريا أو سنويا، وإنما يدفع له كل طالب على حدى مبلغا مناسبا لوضعه المالي مقابل حقوقه في التدريس
2- لا ينبغي أن تعتبر الزاوية كمؤسسة خيرية بمعناها الحقيقي ، نظرا لأنها لا تتوفر على موارد مالية أو حبوس . غير أن الزيارات التي هي تعيش عليها ، فإنها تستعمل أيضا لمساعدة البؤساء وإيوائهم .
إن الأجانب الذين يمرون بالمسيلة يترددون عليها ، وهي مفتوحة بصفتها مسجدا لجميع الأهالي ، من دون أي تمييز مذهبي . فالناس يزورون ضريح بوجملين الذي يوجد داخل هذه المؤسسة الدينية .
ولا يظهر أن الزاوية مزدهرة من حيث الثراء المالي وإنما شهرتها ترجع أصلا إلى ذيوع سمعة مؤسسها الأول بصفته ولي صالح ، أما الذين تعاقبوا بعده ، فإنهم لم يكن في وسعهم القدرة على القيام ببعض مهامها .
المرابط بن الصديق ( حماني بن الصديق بن بوجملين ) هو رجل دين يجب أن يعتبر خطيرا وينبغي مراقبته عن كثب .
أما بالنسبة للزاوية وهو لا يقوم شخصيا بشؤونها لأنه لا يمتلك القدرات التعليمية اللازمة ، فإنها على ما يبدو لا تحمل مخاوف على السلطة الفرنسية لذلك ، يبدو لي أن نتركها تشغل على قواعدها الحالية.
زاوية سيدي بوجملين خلال الفترة الاستعمارية
وموقف الإدارة الاستعمارية منها:
تم تصنيف زاوية سيدي بوجملين من طرف السلطات الاستعمارية كمعلم للعبادة والإرشاد الديني الإسلامي حوالي سنة 1873م، وعلى إثر هزيمة ثورة الباشاغا الشيخ المقراني واندحارها سنة 1871م عندها قامت السلطة الاستعمارية بإحكام قبضتها عليها كمعبد إسلامي تفاديا لمواجهات محتملة قد تظهر على امتداد كامل المناطق التي تخضع لتأثير الباشاغا الشيخ المقراني وثورته المنهارة.
وبالنظر إلى ذلك فإن منطقة الحضنة على العموم تعتبر لدى الإدارة الاستعمارية منطقة غير منضبطة معها ومع سلطتها الإدارية بسبب تدينها وولائها العميق لثورة الباشاغا الشيخ المقراني ، نخص جزءا مهما منها كبعض المناطق الريفية والجبلية مثل قبيلتي السوامع والمعاضيد.
أما بمدينة المسيلة خاصة فإن حي الكوش الشهير قد صدر في هذه الأثناء قرار من طرف الإدارة الاستعمارية بقيادة الجنرال دولاكروا (Le Général De la Croix) بهدمه عن آخره وإجلاء سكانه الذين لجأ أغلبهم إلى منطقة المعاضيد، ولم يعودوا إلى حييهم بالمدينة إلا بعد صدور العفو عنهم وتراجع الإدارة الاستعمارية عن هدم الحي المذكور ؛ أما بخصوص العائلات المعروفة بالمسيلة الأخرى، فقد اعتبرتها الإدارة الاستعمارية خارجة عن سلطتها، إما بسبب ما لوحظ عليها من ولائها المطلق لحركة الباشاغا المقراني المنهارة، أو بسبب موقفها الديني مثل شيخ الزاوية حماني بن الصديق بن بوجملين، الذي اعتبرته الإدارة الاستعمارية كرجل دين خطير عليها ووضعته تحت رقابتها الدائمة.
إن المؤكد تاريخيا أن زاوية سيدي بوجملين ظلت تنتهج موقفا متشددا من الاستعمار فلم تبرم مع إدارته الاستعمارية اتفاقيات أو عقودا أو تعهدات، ولم تطلب منه معونات مالية أو مادية ، ولم تقبل منه ذلك بل ولم تمد يدها إليه في أي حال من الأحوال خاصة وقد وصل بها الحال إلى ضعف حيويتها وفقدان توازنها وحسن سيرها وتدهور مردودها، نتيجة الاضطرابات اليومية الواقعة بالأرياف المجاورة والتي تستمد منها السند والمدد والواقعة تحت الاضطهاد الاستعماري اللامتناهي؛ إن هذه الحالة من اللا استقرار و اللا أمن قد أضعفت نشاطات الزاوية، وانجر عنها تناقص مستمر في وفود المريدين إليها وكذا الطلاب الذين يؤمونها للاستزادة من العلم والمعرفة والتدين.
ومن جهة أخرى، فإن بعض العائلات ممن كان بعض أفرادها يتولون مناصب إبان سلطة الباشاغا مقراني كالقائد سي محاد بن الطيب بن بوجملين قد صودرت أملاكه الواقعة بناحية لقمان والمقدرة بحوالي 180 هكتار، وانتزعت منه ثروته بل وحتى حلي عائلته، وكذا القاضي سي محمد بن لمبارك أحد أفراد أسرة أولاد محمود بن يوسف من أولاد الحاج عبد الرحمن بن شويه وهو من أصل كرغلي (من رأس الحارة أحد أحياء مدينة المسيلة العتيقة) والذي تولى القضاء على عهد الباشاغا المقراني بفرجيوة ثم بمجانة، حيث صودرت منه 40 نوبة بمنطقة سباع الغربي، وهذا لغرس المعمرين بها كما هو معمول به في سائر أنحاء الوطن آنذاك.
ملاحظات أساسية :
1- زاوية سيدي بوجملين معروف عنها طيلة العهد الاستعماري التشدد في إعاالة نفسها بنفسها بعيدة عن الإدارة الاستعمارية، معتمدة في ذلك على دعم السكان وصدقاتهم، وعلى العطاء المستمر من البلدة والحضنة برمتها.
2-عمل زلزال عام 1965 على هدم بناية الزاوية كباقي مباني الأحياء الأخرى ما عدا ضريح سيدي بوجملين فلم يتضرر بأثر الزلزال.
3-إن السلطة الاستعمارية ظلت تتوجس خيفة من الزاوية وأتباعها ، ولذلك بادرت إلى إحكام قبضتها عليها ابتداء من 1873 حيث وضعتها تحت الرقابة الدائمة، وشددت على شيخها الذي اعتبرته خطيرا على إدارتها بسبب التزاماته الدينية والوطنية.
4- لكون زاوية سيدي بوجملين تنتهج الطريق السليم للعبادة والتعليم القرآني، فقد ظلت تحظى بدعم الأهالي ورجال العلم والأدب والقضاة والتدريس الذين كانوا يتوافدون على الزاوية للتدريس والمؤازرة مجانا، وبهذا اكتسبت شهرتها وحاف
1- كانت هذه الزاوية عبارة عن مدرسة تتميز بالخصائص التالية :
يوجد بها معلم وعشرين طالبا يسكنون فيها وليس لها حارس أو شاوش
أما التعليم فإنه متقدم ، إذ زيادة عن تعليم القرآن الكريم ، فإن الطلبة يتعاطون بدراسة سيدي خليل ودراسة التوحيد ، كما أنهم يقومون بأداء واجباتهم الدينية طبقا لتعاليم هؤلاء العلماء .
إن المعلم لا يتلقى راتبا معينا ، شهريا أو سنويا، وإنما يدفع له كل طالب على حدى مبلغا مناسبا لوضعه المالي مقابل حقوقه في التدريس
2- لا ينبغي أن تعتبر الزاوية كمؤسسة خيرية بمعناها الحقيقي ، نظرا لأنها لا تتوفر على موارد مالية أو حبوس . غير أن الزيارات التي هي تعيش عليها ، فإنها تستعمل أيضا لمساعدة البؤساء وإيوائهم .
إن الأجانب الذين يمرون بالمسيلة يترددون عليها ، وهي مفتوحة بصفتها مسجدا لجميع الأهالي ، من دون أي تمييز مذهبي . فالناس يزورون ضريح بوجملين الذي يوجد داخل هذه المؤسسة الدينية .
ولا يظهر أن الزاوية مزدهرة من حيث الثراء المالي وإنما شهرتها ترجع أصلا إلى ذيوع سمعة مؤسسها الأول بصفته ولي صالح ، أما الذين تعاقبوا بعده ، فإنهم لم يكن في وسعهم القدرة على القيام ببعض مهامها .
المرابط بن الصديق ( حماني بن الصديق بن بوجملين ) هو رجل دين يجب أن يعتبر خطيرا وينبغي مراقبته عن كثب .
أما بالنسبة للزاوية وهو لا يقوم شخصيا بشؤونها لأنه لا يمتلك القدرات التعليمية اللازمة ، فإنها على ما يبدو لا تحمل مخاوف على السلطة الفرنسية لذلك ، يبدو لي أن نتركها تشغل على قواعدها الحالية.
زاوية سيدي بوجملين خلال الفترة الاستعمارية
وموقف الإدارة الاستعمارية منها:
تم تصنيف زاوية سيدي بوجملين من طرف السلطات الاستعمارية كمعلم للعبادة والإرشاد الديني الإسلامي حوالي سنة 1873م، وعلى إثر هزيمة ثورة الباشاغا الشيخ المقراني واندحارها سنة 1871م عندها قامت السلطة الاستعمارية بإحكام قبضتها عليها كمعبد إسلامي تفاديا لمواجهات محتملة قد تظهر على امتداد كامل المناطق التي تخضع لتأثير الباشاغا الشيخ المقراني وثورته المنهارة.
وبالنظر إلى ذلك فإن منطقة الحضنة على العموم تعتبر لدى الإدارة الاستعمارية منطقة غير منضبطة معها ومع سلطتها الإدارية بسبب تدينها وولائها العميق لثورة الباشاغا الشيخ المقراني ، نخص جزءا مهما منها كبعض المناطق الريفية والجبلية مثل قبيلتي السوامع والمعاضيد.
أما بمدينة المسيلة خاصة فإن حي الكوش الشهير قد صدر في هذه الأثناء قرار من طرف الإدارة الاستعمارية بقيادة الجنرال دولاكروا (Le Général De la Croix) بهدمه عن آخره وإجلاء سكانه الذين لجأ أغلبهم إلى منطقة المعاضيد، ولم يعودوا إلى حييهم بالمدينة إلا بعد صدور العفو عنهم وتراجع الإدارة الاستعمارية عن هدم الحي المذكور ؛ أما بخصوص العائلات المعروفة بالمسيلة الأخرى، فقد اعتبرتها الإدارة الاستعمارية خارجة عن سلطتها، إما بسبب ما لوحظ عليها من ولائها المطلق لحركة الباشاغا المقراني المنهارة، أو بسبب موقفها الديني مثل شيخ الزاوية حماني بن الصديق بن بوجملين، الذي اعتبرته الإدارة الاستعمارية كرجل دين خطير عليها ووضعته تحت رقابتها الدائمة.
إن المؤكد تاريخيا أن زاوية سيدي بوجملين ظلت تنتهج موقفا متشددا من الاستعمار فلم تبرم مع إدارته الاستعمارية اتفاقيات أو عقودا أو تعهدات، ولم تطلب منه معونات مالية أو مادية ، ولم تقبل منه ذلك بل ولم تمد يدها إليه في أي حال من الأحوال خاصة وقد وصل بها الحال إلى ضعف حيويتها وفقدان توازنها وحسن سيرها وتدهور مردودها، نتيجة الاضطرابات اليومية الواقعة بالأرياف المجاورة والتي تستمد منها السند والمدد والواقعة تحت الاضطهاد الاستعماري اللامتناهي؛ إن هذه الحالة من اللا استقرار و اللا أمن قد أضعفت نشاطات الزاوية، وانجر عنها تناقص مستمر في وفود المريدين إليها وكذا الطلاب الذين يؤمونها للاستزادة من العلم والمعرفة والتدين.
ومن جهة أخرى، فإن بعض العائلات ممن كان بعض أفرادها يتولون مناصب إبان سلطة الباشاغا مقراني كالقائد سي محاد بن الطيب بن بوجملين قد صودرت أملاكه الواقعة بناحية لقمان والمقدرة بحوالي 180 هكتار، وانتزعت منه ثروته بل وحتى حلي عائلته، وكذا القاضي سي محمد بن لمبارك أحد أفراد أسرة أولاد محمود بن يوسف من أولاد الحاج عبد الرحمن بن شويه وهو من أصل كرغلي (من رأس الحارة أحد أحياء مدينة المسيلة العتيقة) والذي تولى القضاء على عهد الباشاغا المقراني بفرجيوة ثم بمجانة، حيث صودرت منه 40 نوبة بمنطقة سباع الغربي، وهذا لغرس المعمرين بها كما هو معمول به في سائر أنحاء الوطن آنذاك.
ملاحظات أساسية :
1- زاوية سيدي بوجملين معروف عنها طيلة العهد الاستعماري التشدد في إعاالة نفسها بنفسها بعيدة عن الإدارة الاستعمارية، معتمدة في ذلك على دعم السكان وصدقاتهم، وعلى العطاء المستمر من البلدة والحضنة برمتها.
2-عمل زلزال عام 1965 على هدم بناية الزاوية كباقي مباني الأحياء الأخرى ما عدا ضريح سيدي بوجملين فلم يتضرر بأثر الزلزال.
3-إن السلطة الاستعمارية ظلت تتوجس خيفة من الزاوية وأتباعها ، ولذلك بادرت إلى إحكام قبضتها عليها ابتداء من 1873 حيث وضعتها تحت الرقابة الدائمة، وشددت على شيخها الذي اعتبرته خطيرا على إدارتها بسبب التزاماته الدينية والوطنية.
4- لكون زاوية سيدي بوجملين تنتهج الطريق السليم للعبادة والتعليم القرآني، فقد ظلت تحظى بدعم الأهالي ورجال العلم والأدب والقضاة والتدريس الذين كانوا يتوافدون على الزاوية للتدريس والمؤازرة مجانا، وبهذا اكتسبت شهرتها وحاف