أين التبرج للزوج
عزيزي القارئ.. إن مسئولية نجاح الحياة الزوجية لا تقع على عاتق أحد الزوجين فقط ، وإنما المسئولية تقع عليهما معًا؛ فلكلٍ دوره في الحياة الزوجية. ولكنا نخص هنا الجانب الذي يخص الزوجة..
الوقفة الثانية: وما زلنا نقف معًا عند الآية الكريمة: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى}: [الأحزاب: 33]
يُقال تبرّجت المرأة: إذا أبرزت محاسنها للرجال. وفي الحديث: كان يكره عشر خلال منها: التبرّج بالزينة لغير محلها.
والتبرج: إظهار الزينة للرجال الأجانب وهو المذموم. أما للزوج فلا.
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} [النور: 60] أي غير مظهرات ولا متعرضات بالزينة ليُنظر إليهن. فإنّ ذلك من أقبح الأشياء وأبعدها عن الحق. وأصل التبرّج التكشف والظهور للعيون.
ونحن هنا ندعو الزوجات إلى 'التبرّج الزوجي'، وهو يختلف عن تبرّج الجاهلية الأولى والذي حذرنا الله منه، ولكن نريد أن تتبرّج الزوجة لزوجها وتستخدم كافة قدراتها الأنثوية من أجل الاستمتاع في الحياة الزوجية، حتى يُشبع كل واحد منهما الآخر، وتتحقق حكمة الله تعالى من الزواج. [كالإحصان والعفاف والسكن والمودة والحب والاستمتاع بما أحله الله].
والعجيب أن بعض الزوجات يطلب منها زوجها أن تلبس له ملابس معينة فترفض، وإذا خرج من منزله وقعت عيناه على الغريب والعجيب من المناظر والملابس، حتى في واجهات المحلات، ثم نشتكي بعد ذلك من الخيانة الزوجية، وأيضًا بالنسبة للزوج هناك اعتقاد خاطئ بعدم تزين الرجل لزوجته والتجمل لها وإشباع رغبتها؛ بحجة أن هذا يقلل من هيبته ورجولته.
وهناك من الرجال عندما تتقرب إليه زوجته وتبدع في ذلك بلباسها وزينتها فإنه يسألها من أين تعلمتِ هذه التصرفات؟! ويفتح لها ملف تحقيق، ونسي هذا الزوج أن النبي صلى الله عليه وسلم رغّب فيمن تمتلك صفة 'تداعبك' و'تلاعبك'، ومن تستحي من ذلك فإن هذا حياء مزيف في غير موضعه، في عدم تبرجها لزوجها والتفنن في إشباع حواسه، بينما نجد بعضهن يتبرجن في الخارج من غير حياء، فأي تناقض هذا الذي تعيشه بيوتنا وغرف نومنا؟!
الوقفة الثالثة: مع قوله تعالى: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور: 31]
جاء في تفسير ابن كثير: كانت المرأة في الجاهلية إذا مشت في الطريق وفي رجلها خلخال صامتٍ لا يُعلم صوته ضربت برجلها الأرض فيسمع الرجال طنينه، فنهى الله المؤمنات عن مثل ذلك، وكذا إذا كان شيء من زينتها مستورًا فتحركت بحركة لتظهر ما هو خفي دخل في هذا النهي لقوله تعالى: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ}، ومن ذلك أنها تُنهى عن التعطر والتطيب عند خروجها من بيتها فيشم الرجال طيبها، فعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 'كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا' يعني زانية.
إذن ضرْب المرأة برجلها وصوت حذائها ورائحة عطرها كل ذلك من تمام الأنوثة التي يجب عليها التحلي بها في بيتها، والنهي هنا خاص بخارج المنزل وأمام الرجال.
ونفهم هذا المعنى من تفسير 'في ظلال القرءان' لسيد قطب حيث قال:
'وإنها لمعرفة عميقة بتركيب النفس البشرية وانفعالاتها واستجاباتها؛ فإن الخيال ليَكونُ أحيانًا أقوى في إثارة الشهوات من العيان. وكثيرون تثير شهواتهم رؤية حذاء المرأة أو ثوبها أو حليها أكثر مما تثيره رؤية جسد المرأة ذاته أو سماع وسوسة الحلي أو شمام شذا العطر من بعيد، قد يثير حواس رجال كثيرين ويهيج أعصابهم، ويفتنهم فتنة جارفة لا يملكون لها ردًا، والقرءان يأخذ الطريق على هذا كله؛ لأن مُنزّله هو الذي خلق، وهو الذي يعلم من خلق، وهو اللطيف الخبير'.
إذن وضع الله تعالى وسائل الوقاية والتدابير التي توصد باب الشر على الرجل والمرأة، وعكس ذلك مطلوب من المرأة فعله في منزلها ولزوجها.
الوقفة الرابعة: مع قوله تعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32]
جاء في تفسير ابن كثير: 'قال السدي وغيره: يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال، ولهذا قال تعالى: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} أي دغل {وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً}. قال ابن زيد: قولاً حسنًا جميلاً معروفًا في الخير. ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها'.
ويقول سيد قطب في كتابه 'في ظلال القرءان':
'ينهاهن - أي نساء النبي - حين يخاطبن الأغراب من الرجال أن يكون في نبراتهن ذلك الخضوع اللين الذي يثير شهوات الرجال ويحرك غرائزهم ويطمّع مرضى القلوب ويهيّج رغائبهم'.
ومن هن اللواتي يحذرهن الله هذا التحذير؟!
إنهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين اللواتي لا يطمع فيهن طامع.
وفي أي عهد يكون هذا التحذير؟! في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ عهد الصفوة المختارة من البشرية، ولكن الله الذي خلق الرجال والنساء يعلم أن في صوت المرأة حين تخضع بالقول وتترقق في اللّفظ ما يثير الطمع في القلوب ويهيّج الفتنة، فكيف بنا في هذا المجتمع، في هذا العصر، في هذا الجوّ؟! ونساء يتأنثن في نبراتهن ويتميّعن في أصواتهن، ويجمعن كل فتنة الأنثى، وكل هتاف الجنس, وكل سعار الشهوة، ثم يطلقنه في نبرات ونغمات.
فلا ينبغي أن يكون بين المرأة والرجل الغريب لحن ولا إيماء ولا هذر ولا هزل ولا دعابة ولا مزاح؛ كي لا يكون مدخلاً إلى شيء آخر وراءه من قريب أو من بعيد'.
ويُفهم من هذا أن الله تعالى يريد من المرأة أن تكون في كامل أنوثتها في بيتها ومع زوجها... ومن العجيب أن هناك بعض الزوجات يُسمع صوتهن في بيوتهن صراخًا وعصبية، ومنهن من يطلب منها الزوج التحدث إليه بكلام غزلي فيرفضن. وفي خارج البيت يجد الزوج الدلع والدلال والخضوع بالقول، فماذا يفعل الزوج حينئذ؟!
إن للصوت أثرًا كبيرًا على النفس، ولو لم يكن كذلك ما ذكره الله تعالى في كتابه الكريم، ولا شك أن الهمس والحركة والنغمة مدلولات مؤثرة وإيحاءات مثيرة، والحديث إلى الزوج فن، على كل زوجة أن تسعى لتعلمه؛ لنحيي ثقافة 'تلاعبها وتلاعبك' التي يريدها الرسول صلي الله عليه وسلم في حياة الزوجين، و'تضاحكها وتضاحكك'.
عزيزي القارئ.. هكذا المرأة الحقيقية التي يريدها الله تعالى في كامل أنوثتها وجمالها وبهائها، أين؟! ولمن؟! في بيتها ولزوجها.
سُئل أحد الأزواج: كيف تكون الزوجة في نظرك متألقة؟!
فأجاب أن أراها دائمًا كالزهرة حتى ولو تقدم بها العمر، وأنا أسقي جذور هذه الزهرة بتدفق كبير من الحب والتقدير والاحترام.
تقييم:
0
0
الوقفة الثانية: وما زلنا نقف معًا عند الآية الكريمة: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى}: [الأحزاب: 33]
يُقال تبرّجت المرأة: إذا أبرزت محاسنها للرجال. وفي الحديث: كان يكره عشر خلال منها: التبرّج بالزينة لغير محلها.
والتبرج: إظهار الزينة للرجال الأجانب وهو المذموم. أما للزوج فلا.
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} [النور: 60] أي غير مظهرات ولا متعرضات بالزينة ليُنظر إليهن. فإنّ ذلك من أقبح الأشياء وأبعدها عن الحق. وأصل التبرّج التكشف والظهور للعيون.
ونحن هنا ندعو الزوجات إلى 'التبرّج الزوجي'، وهو يختلف عن تبرّج الجاهلية الأولى والذي حذرنا الله منه، ولكن نريد أن تتبرّج الزوجة لزوجها وتستخدم كافة قدراتها الأنثوية من أجل الاستمتاع في الحياة الزوجية، حتى يُشبع كل واحد منهما الآخر، وتتحقق حكمة الله تعالى من الزواج. [كالإحصان والعفاف والسكن والمودة والحب والاستمتاع بما أحله الله].
والعجيب أن بعض الزوجات يطلب منها زوجها أن تلبس له ملابس معينة فترفض، وإذا خرج من منزله وقعت عيناه على الغريب والعجيب من المناظر والملابس، حتى في واجهات المحلات، ثم نشتكي بعد ذلك من الخيانة الزوجية، وأيضًا بالنسبة للزوج هناك اعتقاد خاطئ بعدم تزين الرجل لزوجته والتجمل لها وإشباع رغبتها؛ بحجة أن هذا يقلل من هيبته ورجولته.
وهناك من الرجال عندما تتقرب إليه زوجته وتبدع في ذلك بلباسها وزينتها فإنه يسألها من أين تعلمتِ هذه التصرفات؟! ويفتح لها ملف تحقيق، ونسي هذا الزوج أن النبي صلى الله عليه وسلم رغّب فيمن تمتلك صفة 'تداعبك' و'تلاعبك'، ومن تستحي من ذلك فإن هذا حياء مزيف في غير موضعه، في عدم تبرجها لزوجها والتفنن في إشباع حواسه، بينما نجد بعضهن يتبرجن في الخارج من غير حياء، فأي تناقض هذا الذي تعيشه بيوتنا وغرف نومنا؟!
الوقفة الثالثة: مع قوله تعالى: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور: 31]
جاء في تفسير ابن كثير: كانت المرأة في الجاهلية إذا مشت في الطريق وفي رجلها خلخال صامتٍ لا يُعلم صوته ضربت برجلها الأرض فيسمع الرجال طنينه، فنهى الله المؤمنات عن مثل ذلك، وكذا إذا كان شيء من زينتها مستورًا فتحركت بحركة لتظهر ما هو خفي دخل في هذا النهي لقوله تعالى: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ}، ومن ذلك أنها تُنهى عن التعطر والتطيب عند خروجها من بيتها فيشم الرجال طيبها، فعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 'كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا' يعني زانية.
إذن ضرْب المرأة برجلها وصوت حذائها ورائحة عطرها كل ذلك من تمام الأنوثة التي يجب عليها التحلي بها في بيتها، والنهي هنا خاص بخارج المنزل وأمام الرجال.
ونفهم هذا المعنى من تفسير 'في ظلال القرءان' لسيد قطب حيث قال:
'وإنها لمعرفة عميقة بتركيب النفس البشرية وانفعالاتها واستجاباتها؛ فإن الخيال ليَكونُ أحيانًا أقوى في إثارة الشهوات من العيان. وكثيرون تثير شهواتهم رؤية حذاء المرأة أو ثوبها أو حليها أكثر مما تثيره رؤية جسد المرأة ذاته أو سماع وسوسة الحلي أو شمام شذا العطر من بعيد، قد يثير حواس رجال كثيرين ويهيج أعصابهم، ويفتنهم فتنة جارفة لا يملكون لها ردًا، والقرءان يأخذ الطريق على هذا كله؛ لأن مُنزّله هو الذي خلق، وهو الذي يعلم من خلق، وهو اللطيف الخبير'.
إذن وضع الله تعالى وسائل الوقاية والتدابير التي توصد باب الشر على الرجل والمرأة، وعكس ذلك مطلوب من المرأة فعله في منزلها ولزوجها.
الوقفة الرابعة: مع قوله تعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32]
جاء في تفسير ابن كثير: 'قال السدي وغيره: يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال، ولهذا قال تعالى: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} أي دغل {وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً}. قال ابن زيد: قولاً حسنًا جميلاً معروفًا في الخير. ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها'.
ويقول سيد قطب في كتابه 'في ظلال القرءان':
'ينهاهن - أي نساء النبي - حين يخاطبن الأغراب من الرجال أن يكون في نبراتهن ذلك الخضوع اللين الذي يثير شهوات الرجال ويحرك غرائزهم ويطمّع مرضى القلوب ويهيّج رغائبهم'.
ومن هن اللواتي يحذرهن الله هذا التحذير؟!
إنهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين اللواتي لا يطمع فيهن طامع.
وفي أي عهد يكون هذا التحذير؟! في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ عهد الصفوة المختارة من البشرية، ولكن الله الذي خلق الرجال والنساء يعلم أن في صوت المرأة حين تخضع بالقول وتترقق في اللّفظ ما يثير الطمع في القلوب ويهيّج الفتنة، فكيف بنا في هذا المجتمع، في هذا العصر، في هذا الجوّ؟! ونساء يتأنثن في نبراتهن ويتميّعن في أصواتهن، ويجمعن كل فتنة الأنثى، وكل هتاف الجنس, وكل سعار الشهوة، ثم يطلقنه في نبرات ونغمات.
فلا ينبغي أن يكون بين المرأة والرجل الغريب لحن ولا إيماء ولا هذر ولا هزل ولا دعابة ولا مزاح؛ كي لا يكون مدخلاً إلى شيء آخر وراءه من قريب أو من بعيد'.
ويُفهم من هذا أن الله تعالى يريد من المرأة أن تكون في كامل أنوثتها في بيتها ومع زوجها... ومن العجيب أن هناك بعض الزوجات يُسمع صوتهن في بيوتهن صراخًا وعصبية، ومنهن من يطلب منها الزوج التحدث إليه بكلام غزلي فيرفضن. وفي خارج البيت يجد الزوج الدلع والدلال والخضوع بالقول، فماذا يفعل الزوج حينئذ؟!
إن للصوت أثرًا كبيرًا على النفس، ولو لم يكن كذلك ما ذكره الله تعالى في كتابه الكريم، ولا شك أن الهمس والحركة والنغمة مدلولات مؤثرة وإيحاءات مثيرة، والحديث إلى الزوج فن، على كل زوجة أن تسعى لتعلمه؛ لنحيي ثقافة 'تلاعبها وتلاعبك' التي يريدها الرسول صلي الله عليه وسلم في حياة الزوجين، و'تضاحكها وتضاحكك'.
عزيزي القارئ.. هكذا المرأة الحقيقية التي يريدها الله تعالى في كامل أنوثتها وجمالها وبهائها، أين؟! ولمن؟! في بيتها ولزوجها.
سُئل أحد الأزواج: كيف تكون الزوجة في نظرك متألقة؟!
فأجاب أن أراها دائمًا كالزهرة حتى ولو تقدم بها العمر، وأنا أسقي جذور هذه الزهرة بتدفق كبير من الحب والتقدير والاحترام.
تقييم:
0
0