رأفت الهجان الجاسوس المصرى
أشهر الجواسيس .. البطل المصرى .. " رأفتالهجان"
رأفت الهجان هوالاسم الفني البديل للمواطنالمصريرفعت علي سليمانالجمال (1 يوليو1927 - 30 يناير1982) الذي وحسبالمخابرات العامة المصريةرحل إلىإسرائيلبتكليف من المخابرات المصرية في إطار خطة منظمة فييونيو عام 1956 وتمكن من إقامة مصالحتجاريةواسعةوناجحة فيتل أبيبوأصبح شخصية بارزة في المجتمعالإسرائيلي وحسب الرواية المصرية فإن الهجان قام ولسنوات طويلةبالتجسسوإمداد جهاز المخابرات المصري بمعلومات مهمة تحت ستارشركةسياحيةداخل إسرائيل حيث زود بلاده بمعلومات خطيرةمنها موعدحرب يونيو 1967وكان له دور فعال في الإعدادلحرب أكتوبر 1973بعد أن زودمصربتفاصيل عنخط برليف. أحدثتهذه الرواية والعملية هزة عنيفة لأسطورة تألقالموسادوصعوبة اختراقه، وتم اعتبار الهجان بطلًا قوميًا في مصر عمل داخل إسرائيل بنجاحباهر لمدة 17 سنة وتم بث مسلسلتلفزيونيناجح عن حياةالهجان الذي شد الملايين وقام بتمثيل دوره بنجاحالممثلالمصريمحمود عبد العزيز.[1]
من جهة أخرى كان الرد الرسمي من جانبالمخابراتالإسرائيليةفي البداية «إن هذه المعلومات التي أعلنت عنها المخابراتالمصرية ما هي إلا نسج خيال ورواية بالغة التعقيد وإن على المصريين أن يفخروابنجاحهم في خلق هذه الرواية». لكن وتحت ضغوطالصحافةالإسرائيلية صرح رئيس الموساد الأسبقإيسر هاريل «أنالسلطات كانت تشعر باختراق قوي في قمة جهاز الأمن الإسرائيلي ولكننا لم نشك مطلقافي جاك بيتون وهو الاسم الإسرائيلي للهجان». وبدأت الصحافة الإسرائيلية ومنذ عام1988م تحاول التوصل إلى حقيقة الهجان أو بيتون أوالجمال فقامت صحيفةالجيروزليم بوستالإسرائيلية بنشرخبر تؤكد فيه أن جاك بيتون أو رفعت الجماليهوديمصريمن مواليدالمنصورةعام1919وصل إلى إسرائيل عام1955وغادرها للمرة الأخيرة عام1973. واستطاع أن ينشئعلاقات صداقة مع عديد من القيادات في إسرائيل، منهاجولدامائيررئيسة الوزراء السابقة،وموشي ديانوزيرالدفاع. وبعد سنوات قام صحفيان إسرائيليان وهما إيتان هابر ويوسي ملمن بإصدار كتاببعنوان "الجواسيس" وفيه قالوا أن العديد من التفاصيل التي نشرت فيمصرعن شخصية الهجان صحيحة ودقيقة لكن ما ينقصها هو الحديث عنالجانب الآخر فيشخصيته، ألا وهو خدمته لإسرائيل حيث أنالهجان أو بيتون ما كان إلا جاسوسا خدم مصر حسب رأيالكاتبين. البدايات حسب الروايةالمصرية ولد رفعت على سليمانالجمال في مدينه "دمياط" في "جمهورية مصر العربية" في 1يوليو 1927، حيث كان والده يعمل في تجارةالفحمأما والدته فكانت ربة منزل تحدرت من أسرة مرموقة وكانتوالدته تجيد اللغتينالإنجليزيةوالفرنسية، وكان له شقيقان هما لبيب ونزيهه إضافة إلى أخ غيرشقيق هو سامي وبعد ذلك بسنوات تحديدا في عام 1936 توفي "علي سليمان الجمال" والدرفعت الجمالوأصبح "سامي" الأخ غير الشقيق لـ"رأفت" هوالمسئول الوحيد عن المنزل، وكانت مكانة "سامي" الرفيعة، وعمله كمدرس لغة إنجليزيةلأخ الملكة "فريدة" تؤهله ليكون هو المسئول عن المنزل وعن إخوته بعد وفاة والده،وبعد ذلك انتقلت الأسرة بالكامل إلىالقاهرة، ليبدأ فصلجديد من حياة هذا الرجل الذي عاش في الظل ومات في الظل.
شخصية "رفعت" لمتكن شخصية مسئولة، كان طالبا مستهترا لا يهتم كثيرا بدراسته، وبرغم محاولات أخيهسامي أن يخلق من رفعت رجلا منضبطا ومستقيما إلا أن رفعت كان على النقيض من أخيهسامي فقد كان يهوى اللهووالمسرحوالسينمابل انه استطاع ان يقنع الممثل الكبيربشارة واكيمبموهبته ومثل معه بالفعل في ثلاثة أفلام، لذا رأىإخوته ضرورة دخوله لمدرسهالتجارةالمتوسطة رغم اعتراض "رفعت" على إلحاقه بمثل هذه النوعية من المدارس. في المدرسة بدأت عيناه تتفتحان علىالبريطانيين وانبهر بطرق كفاحهم المستميت ضد الزحف النازي، تعلّم الإنجليزيةبجدارة، ليس هذا فقط بل أيضا تعلم أن يتكلم الإنجليزية باللكنةالبريطانية. ومثلما تعلم "رفعت" الإنجليزية بلكنة بريطانيةتعلم الفرنسية بلكنة أهلباريس.
تخرج في عام1946وتقدم بطلبلشركةبترولأجنبية تعملبالبحرالأحمرللعمل كمحاسب واختارته الشركة برغم العدد الكبير للمتقدمين ربما نظرالإتقانه الإنجليزية والفرنسية ثم طُرد من تلك الوظيفة بتهمة اختلاس أموال. تنقلرفعت من عمل لعمل وعمل كمساعد لضابط الحسابات علىسفينةالشحن "حورس" وبعد أسبوعين من العمل غادرمصرلأول مرة في حياته على متن السفينة وطافت "حورس" طويلابين الموانئ: نابولي،جنوة،مارسيليا،برشلونة،جبل طارق،طنجة، وفي النهاية رستالسفينة في ميناءليفربولالإنجليزي لعمل بعض الإصلاحاتوكان مقررا أن تتجه بعد ذلك إلىبومبايالهندية.[2] جاك بيتون أو رفعتالجمال وزوجته فالتراود بيتون عقب زواجهما مباشرةً. هناك في ليفربول وجدعرضا مغريا للعمل في شركة سياحية تدعى سلتيك تورز وبعد عمله لفترة مع تلك الشركةغادر إلىالولايات المتحدةدون تأشيرة دخول أو بطاقهخضراء وبدأت إدارة الهجرة تطارده مما اضطره لمغادرة أمريكا إلىكنداومنها إلىألمانياوفيألمانيا اتهمه القنصل المصري ببيع جواز سفره ورفض اعطائه وثيقة سفر بدلا عن جوازسفره وألقت الشرطة الألمانيه القبض عليه وحبسته ومن ثم رُحّل قسرًالمصر. مع عودة "رفعت" إلى "مصر"، بدون وظيفة، أو جواز سفر،وقد سبقه تقرير عما حدث له في "فرانكفورت"، وشكوك حولما فعله بجواز سفره، بدت الصورة أمامه قاتمة إلى حد محبط، مما دفعه إلى حالة مناليأس والإحباط، لم تنته إلا مع ظهور فرصة جديدة، للعمل في شركةقناة السويس، تتناسب مع إتقانه للغات. ولكن الفرصة الجديدةكانت تحتاج إلى وثائق، وأوراق، وهوية. هنا، بدأ "رفعت" يقتحم العالم السفلي،وتعرَّف على مزوِّر بارع، منحه جواز سفر باسم "علي مصطفى"، يحوي صورته، بدلا منصورة صاحبه الأصلي. وبهذا الاسم الجديد، عمل "رفعت" في شركة قناة "السويس"، وبدا لهوكأن حالة الاستقرار قد بدأت.[3]
قامتثورةيوليو 1952، وشعر البريطانيون بالقلق، بشأن المرحلة القادمة،وأدركوا أن المصريين يتعاطفون مع النظام الجديد، فشرعوا في مراجعة أوراقهم، ووثائقهوياتهم، مما استشعر معه "رفعت" الخطر، فقرَّر ترك العمل، في شركة قناة "السويس"،وحصل من ذلك المزوِّر على جواز سفر جديد، لصحفيسويسري،يُدعى "تشارلز دينون". وهكذا أصبح الحال معه من اسم لاسم ومن شخصية مزورة لشخصيةأخرى إلى أن ألقي القبض عليه من قبل ضابط بريطاني أثناء سفره إلىليبيابعد التطورات السياسية والتتغيرات في 1953 واعادوه لمصرواللافت في الموضوع انه عند إلقاء القبض عليه كان يحمل جواز سفربريطانيإلا أن الضابط البريطاني شك أنهيهوديوتم تسليمه إلى المخابرات المصرية التي بدأت في التحقيقمعه على انه شخصيه يهوديه.[4]
بالنسبة لـ"رفعت" فيقول في مذكراته عن هذه المرحلة فيحياته:
وبعد أنقضيت زمنًا طويلاً وحدي مع أكاذيبي، أجدني مسرورًا الآن إذ أبوح بالحقيقة إلى شخصما. وهكذا شرعت أحكي لـ"حسن حسنى" كل شيء عني منذ البداية. كيف قابلت كثيرين مناليهود في استوديوهات السينما، وكيف تمثلت سلوكهم وعاداتهم من منطلق الاهتمام بأنأصبح ممثلا. وحكيت له عن الفترة التي قضيتها في "إنجلترا" و"فرنسا" و"أمريكا"، ثمأخيرًا في "مصر". بسطت له كل شيء في صدق. إنني مجرد مهرج، ومشخصاتي عاش في التظاهرومثل كل الأدوار التي دفعته إليها الضرورة ليبلغ ما يريد فيحياته. بداياته كعميل لجهاز المخابرات العامةالمصرية استنادًا إلىالمخابرات المصرية كانت التهمة الرئيسية للهجان عند إرجاعه إلىمصرقسرا هو الاعتقاد أن الهجان هو ضابطيهوديواسمه ديفيد ارنسون حيث كان الهجان يحمل جواز سفربريطاني باسم دانيال كالدويل وفي نفس الوقت تم العثور بحوزته على شيكات موقع باسمرفعت الجمال وكان يتكلماللغه العربيةبطلاقه. كانالضابط حسن حسني من البوليس السري المصري هو المسؤول عن استجواب الهجان، وبعداستجواب مطول، اعترف رفعت الجمال بهويته الحقيقيه وكشف كل ما مرت عليه من أحداثواندماجه مع الجاليات اليهوديه حتى أصبح جزءا منهم واندماجه في المجتمع البريطانيوالفرنسي. وقام حسن حسني بدس مخبرين في سجنه ليتعرفوا على مدى اندماجه معاليهودفي معتقله وتبين أن اليهود لا يشكون ولو للحظه بأنهليس يهوديا مثلهم وتم في تلك الأثناء وإستنادا إلى المخابرات المصرية التأكد منهوية الهجان الحقيقية.
بعد محاولات عديدة إتسمت بالشد والرخي من قبل ضابط البوليس السري حسنحسني، عُرض خياران للهجان إماالسجنوإما محو الماضيبشخصيته بما فيه رفعت الجمال وبداية مرحله جديده وبهوية جديدة ودينجديد ودور قمة في الأهميه والخطورة والعمل لصالحالمخابرات المصرية الحديثة النشوء، وبعد أن وافق رفعت الجمال على هذا الدور بدأتعمليات تدريب طويله وشرحوا له أهدافالثورةوعلم الاقتصادوسر نجاح الشركات متعددة القوميات وأساليب اخفاءالحقائق لمستحقيالضرائبووسائل تهريب الأموال بالإضافةإلى عادات وسلوكيات وتاريخ وديانة اليهود وتعلم كيف يميز بيناليهود الاشكنازواليهود السفاردوغيرهم من اليهود وأعقب هذا تدريب على القتال في حالات الاشتباك المتلاحم والكروالفر، والتصويربآلات تصوير دقيقة جدًا، وتحميضالأفلام وحل شفرات رسائل أجهزة الاستخبارات والكتابة بالحبرالسري، ودراسة سريعة عن تشغيلالراديو، وفروعوأنماط أجهزة المخابرات والرتب والشارات العسكرية. وكذلك الأسلحة الصغيرة وصناعةالقنابلوالقنابل الموقوتة وهكذا انتهى رفعت الجمالوولد جاك بيتون في 23اغسطس 1919 من أبفرنسيوأمإيطاليةوديانته يهودياشكنازي وانتقل للعيش في حي فيالإسكندريةيسكنهالطائفة اليهودية وحصل على وظيفة مرموقة في إحدى شركات التأمين وانخرط في هذا الوسطوتعايش معهم حتى أصبح واحدا منهم.
هناك جدل حول الضابط المسؤول عن تجنيد الهجانوزرعه داخلإسرائيلفبعض المصادر تشير إلى حسن حلمي بلبلوهو أحد الرجال الذين أنشؤوا المخابرات المصريةالعامة وكان يرمز له في مسلسل رأفت الهجان باسم حسن صقر ، وكانعبد المحسن فايقمساعدا له وكان يرمز له في المسلسل باسم محسنممتاز. [5]بينما يعتقد البعض الآخر ان اللواءعبد العزيز الطوديأحد ضباط المخابرات المصرية العامة الذيكان يرمز له في مسلسل رأفت الهجان باسم عزيز الجبالي كان مسئولا عن الاتصال وعملرفعت الجمال داخل إسرائيل[6]بينما يذهب البعض الآخرأن العملية كانت مجهودًا جماعيًا ولم تكن حكرًا علىأحد.
في مذكراتهيكشف "رفعت الجمَّال" بأنه قد انضمّ، أثناء وجوده فيالإسكندرية، إلى الوحدة اليهودية (131)، التي أنشأهاالكولونيل اليهوديإبراهام دار، لحساب المخابراتالحربية الإسرائيلية "أمان"، والتي شرع بعض أفرادها فيالقيام بعمليات تخريبية، ضد بعض المنشآت الأمريكية والأجنبية، على نحو يجعلها تبدوكما لو أنها من صنع بعض المنظمات التحتية المصرية، فيما عرف بعدها باسمفضيحة لافون، نسبة إلىبنحاسلافون، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك. وفي الوحدة (131)، كان (رفعتالجمَّال) زميلاً لعدد من الأسماء، التي أصبحت فيما بعد شديدة الأهمية مثل مارسيلنينو وماكس بينيت، وإيلي كوهين، ذلك الجاسوس الذي كاديحتلّ منصبًا شديد الحساسية والخطورة، بعد هذا بعدة سنوات، فيسوريا.
أثناء رحلة الجمّال الطويلة في مشوار عملهالجاسوسي والاستخباري تنقل لعدد من المحطات المهمة للوثوب إلى هدفه أهمهافرنساوإيطالياوالعراق الذيزارها بمهمة رسمية عام 1965 على عهد الرئيس العراقي الراحلعبدالسلام عارفضمن اتفاق الوحدة الثلاثية بين مصر والعراق وسوريا حيث اتفقتالحكومات الثلاث لاتخاذ خطوات من شأنها تفعيل الاجراءات الخاصة بالوحدة من خلالتنفيذ خطة التبادل الاستراتيجي للدفاع المشترك الخاص بانتشار القطع العسكرية لتلكالدول على أراضيها حيث أرسلت بعض وحدات المشاة وأسراب الطائرات العراقية لمصروسورياوتم استقبال وحدات تلك الدول في العراق بضمنهاكتيبة من القوات الخاصة المصرية ومجموعة من عناصر جهاز المخابرات المصري العامل ضد "إسرائيل" وكان بضمنهم رفعت الجمال.
رفعت الجمال مع ابنه. مذكرات (رفعت) عن هذه الفترةتقول: مرة أخرى وجدت نفسيأقف عند نقطة تحول خطيرة في حياتي. لم أكن أتصور أنني ما أزال مدينًا لهم، ولكنالأمر كان شديد الحساسية عندما يتعلق بجهاز المخابرات. فمن ناحية روعتني فكرةالذهاب إلى قلب عرين الأسد. فليس ثمة مكان للاختباء في إسرائيل، وإذا قُبض عليَّهناك فسوف يسدل الستار عليَّ نهائيًا والمعروف أن إسرائيل لا تضيع وقتًا مع العملاءالأجانب. يستجوبونهم ثم يقتلونهم. ولست مشوقًا إلى ذلك. ولكني كنت أصبحت راسخالقدمين في الدور الذي تقمصته، كما لو كنت أمثل دورًا في السينما، وكنت قد أحببتقيامي بدور "جاك بيتون". أحببت اللعبة، والفارق الوحيد هذه المرة هو أن المسرح الذيسأؤدي عليه دوري هو العالم باتساعه، وموضوع الرواية هو الجاسوسية الدولية. وقلت فينفسي أي عرض مسرحي مذهل هذا؟... لقد اعتدت دائمًا وبصورة ما أن أكون مغامرًامقامرًا، وأحببت مذاق المخاطرة. وتدبرت أمري في إطار هذه الأفكار، وتبين لي أن لاخيار أمامي. سوف أؤدي أفضل أدوار حياتي لأواجه خيارين في نهاية المطاف: إما أنيُقبض عليَّ وأستجوب وأشنق، أو أن أنجح في أداء الدور وأستحق عليهجائزة الأوسكار.[7] تسلم الجمال مبلغ 3000 دولارأمريكي من المخابرات المصرية ليبدأ عملهوحياته فيإسرائيل. وفييونيو 1956 استقل سفينة متجهة إلىنابوليقاصدًا أرض الميعاد.
في عام 2002 صدر فيإسرائيلكتاب الجواسيس من تأليف الصحفيين ايتان هابر، الذيعمل سنوات طويلة إلى جانب رئيس الحكومة الراحلاسحقرابين، وتولى مسؤولية مدير ديوانه ويوسي ملمن ويحكي الكتاب قصة أكثر من 20جاسوسًا ومن بينهم رفعت الجمال ولكن القصة في ذلك الكتاب مغايرة تماما لما ورد فينسخة المخابرات المصرية والتي تم توثيقها في المسلسلالتلفزيوني "رأفت الهجان" وفي القصة إدعاء بان الإسرائيليينعرفوا هوية الجمال منذ البداية، وجندوه كعميل وجاسوسلهم علىمصر، وأن المعلومات التي نقلها إليهم، ساهمت فيالقبض علي شبكات تجسس مصرية عديدة مزروعة في إسرائيل من قبل المصريين، وأنه نقلللمصريين معلومات أدت إلى تدمير طائرات لسلاح الجو المصري وإلىهزيمة حرب 1967. وكل هذا تدحضه الرواية المصرية التي تؤكد أنالجمال (الهجان) كان مواطنا مصريا خالصا أعطى وطنه الكثير. ولو كان الاسرائليون قداستطاعوا كشف هذا الجاسوس كما يزعمون وإن المصريين لم يعلموا بخيانته كما يزعمالاسرائليون كذلك لكان الاسرائليون عرفوا بالاستعدادات المصرية للهجوم، فالمصريونإذا صدقت الرواية الاسرائلية كانوا سيطلبون من جاسوسهم مجموعة من الحاجيات والمهامتكشف عن استعدادهم للهجوم.[8]
إستنادا إلى كتاب الجواسيس وكما اوردتها صحيفة يديعوتاحرونوت[9]الإسرائيلية فإن المخابرات المصرية جندت فيمطلع الخمسينيات مواطنًا مصريًا اسمه رفعت علي الجمال، بعد تورطه مع القانون ومقابلعدم تقديمه للمحاكمة عرض عليه العمل جاسوسا وأعطيت إليه هويةيهوديةواسم جاك بيتون. وجرى إدخاله إلىإسرائيلبين مئات المهاجرين الذين وصلوا منمصرفي تلك الفترة، وكان الهدف من إدخاله استقراره في إسرائيلوإقامة مصلحة تجارية تستخدم تمويها جيدا لنشاطاته التجسسية، ولكنالشاباكوهو جهاز الاستخبارات الداخلي لإسرائيل عكسالموسادمهمته مكافحة التجسس وتدقيق ماضي المهاجرين الجددالمشكوك في ولائهم لمعرفة إذا كانوا جواسيس، وإسترعى انتباهالشاباكإن الهجان كان يتحدثالفرنسيةبطلاقة لا يمكن أن يتحدث بها يهودي من مواليد مصروقرر الموساد وضعه تحت المراقبة وقاموا بتفتيش منزله وعثروا على حبر سري وكتابشيفرات لالتقاط بث إذاعي، واستنادا إلى نفس الكتاب فإن شموئيل موريه، رئيس قسمإحباط التجسس العربي وضباط في الاستخبارات العسكرية والموساد، وعاموس منور ورئيسالاستخبارات العسكرية يهوشفاط هيركابي قرروا محاولة القيام بعملية خطيرة وهي تحويلالعميلالمصري إلي عميل مزدوج.[10]
يستمر الكتاب بسرد القصة قائلا بان الهجان أقام عام 1956شركة سفر صغيرة باسم "سيتور" في شارع برنر بتل أبيبوهكذا وجد من الناحية العملية تعاونًا تجاريًا سريًا بين المخابرات المصرية التيمولت جزءا من تكلفة إقامة الشركة والشاباك التي ساهمت أيضا في تمويل الشركة وكانالهجان مشهورا بمغامراته النسائية، ليس فقط في إسرائيل بل وفي أوروبا أيضا حيث تعرفبيتون في إحدي جولاتهبأوروبافيأكتوبرعام 1963 بآلي فالفرود وهي امرأةألمانيةمطلقة لديها طفلة اسمها أندريه عمرها أربع سنواتوتزوجها بعد عشرة أيام في كنيسة بطقوسدينيةكاملة. [11] إنجازاته حسب المخابراتالمصرية· تزويدمصربميعادالعدوان الثلاثيعلىمصر قبله بفترة مناسبة إلا أن السلطات لم تأخذ الأمر بمأخذ الجد.· تزويد مصر بميعادالهجوم عليها في 1967 إلا أن المعلومات لم تأخذ مأخذ الجد لوجود معلومات أخرى تشيربأن الهجوم سيكون منصبا علىسوريا.· إبلاغ مصر باعتزامإسرائيل إجراءتجارب نووية، واختبار بعض الأسلحةالتكنولوجية الحديثة، أثناء لقائه برئيسه علي غالي فيميلانو.· زود مصر بالعديد منالمعلومات التي ساعدت مصر على الانتصار في حرب أكتوبر.· كانت له علاقة صداقةوطيدة بينه وبينموشي ديانوعيزروايزمانوشواب وبن غوريون.مذكراتهقرر الهجان أن يكتبمذكراته، وأودعها لدى محاميه، على أن يتم تسليمها لزوجته بعد وفاته بثلاث سنوات حتىتكون قد استعادت رباط جأشها ولديها القدرة على أن تتماسك وتتفهم حقيقة زوجها الذيعاش معها طوال هذه السنوات الطوال ويروي في مذكراته كيف حصل على امتياز التنقيب عنالبترول المصري، في عام 1977، ليعود أخيرًا إلى مصر وفي نهاية مذكراته، يتحدَّثرفعت الجمَّال عن إصابته بمرض خبيث، وتلقيه العلاج الكيمائي، فيأكتوبر، وقد كتب "الجمال"
بعد عودته إلىمصر بعد أن أتم رفعتالجمال عمليتهالجاسوسيةعمل في مجالالبترول. وأسس شركة آجيبتكو. وأعطى أنور السادات تعليماتهلوزير البترول بأن يهتم بهذا "الرجل" العائد في شخصية جاك بيتون، دون أن يفصح عنشخصيته. وشدد على أهمية مساعدته وتقديم كل العون له، فلم تجد وزارة النفط سوىبئرمليحة المهجور لتقدمه له بعد أن تركته شركةفيليبس، لعدم جدواه. ورفضت هيئة البترول السماح له بنقلالبترول من البئر فيالصحراء الغربيةإلى داخل البلادبالتنكات. وأصرّت علي نقله بأنابيب النفط، وهو ما لم يتمكن رفعت الجمال من توفيرهماديا، فلجأ مرة أخرى إلى السادات الذي كرر تعليماته بمساعدته وتقديم كل العون له. لكن أحدًا لم يهتم به، فساءت حالة شركته، وتصرفت فيها زوجته فالتراود بيتون بعد أنمات في عام 1982. وباعتها لشركة دنسون الكندية. ولرفعت الجمال ابن واحد من زوجتهالألمانية إلا أنه لا يحمل الجنسية المصرية، حيث أنالمخابراتالمصريةوفي إطار الإعداد للعملية قد قامت بإزالة كل الأوراق التي قد تثبتوجود رفعت الجمال من كل الأجهزة الحكومية بحث صار رفعت الجمال رسميا لا وجود له،وبالتالي لا يستطيع ابنه الحصول علىجواز السفرالمصريالأمر الذي أدى بزوجته وابنه أن يقدموا التماسا لرئيس الجمهوريةمحمد حسني مباركلاستغلال صلاحياته في إعطائه الجنسية، إلا أنطلبهما قوبل بالرفض لعدم وجود ما يثبت بنوته لرجلمصري.
وفاته توفي الجمال بعدمعاناته بمرض سرطان الرئة عام1982في مدينةدارمشتاتالقريبة منفرانكفورتبألمانياودُفن فيها. الهجان في أدب الجاسوسية
في4 فبرايرعام1987، روى الكاتبالراحلصالح مرسىكيف ظهرت إلى الوجود قصته عن عميلالمخابرات رأفت الهجان. كان الكاتب حسبما يقول قد قرر وقتها أن يتوقف عن كتابة هذاالنوع من الأدب، لولا لقاء بالمصادفة جمعه بشاب من ضباط المخابرات المصرية أخذ يلحعليه وبشدة أن يقرأ ملخصا لعملية من عمليات المخابرات. ذات ليلة حمل الملف الذييحوي تفاصيلها إلى غرفة نومه وشرع في القراءة وتمالكه إعجاب وتقدير كبير لشخصيةرأفت الهجان وقرر ان يلتقي مع محسن ممتاز (عبد المحسنفايقأحد الضباط الذين جندوا الهجان) للحصول على تفاصيل إضافية تساعده فيالكتابة عن الهجان لكن محسن ممتاز رفض أن يعطيه معلومات حول شخصية الهجان الحقيقيةوالتقى صالح مرسي بعدها أيضا مععبد العزيز الطوديالمتخفي باسم عزيز الجبالي الذي راح يروي على مدى عشرة فصول مخطوطة وعلى 208 ورقاتفلوسكاب ما حدث على مدى ما يقرب من عشرين عامًا.[6]منذظهور قصة "رفعت الجمَّال" إلى الوجود، كرواية مسلسلة، حملت اسم رأفت الهجَّان، في3 يناير1986، في العدد رقم 3195 من مجلة المصوِّر المصرية، جذب الأمر انتباه الملايين، الذين طالعوا الأحداثفي شغف مدهش، لم يسبق له مثيل، وتعلَّقوا بالشخصية إلى حد الهوس، وأدركوا جميعًا،سواء المتخصصين أو غيرهم، أنهم أمام ميلاد جديد، لروايات عالم المخابرات، وأدبالجاسوسية، وتحوَّلت القصة إلى مسلسل تليفزيوني، سيطر على عقل الملايين، في العالمالعربي كله، وأثار جدلاً طويلاً لدرجة أنه كان وقت عرض المسلسل تصبح الشوارع خاليةتماما من الناس، ولأن الأمر قد تحوَّل، من مجرَّد رواية في أدب الجاسوسية، تفتح بعضملفات المخابرات المصرية، إلى صرعة لا مثيل لها، ولهفة لم تحدث من قبل، وتحمل اسم "رأفت الهجان"، فقد تداعت الأحداث وراحت عشرات الصحف تنشر معلومات جديدة في كل يوم،عن حقيقة ذلك الجاسوس[13]وأيضا فإن المسلسل الشهيربرأفت الهجان لم تكن نهايته صحيحة بشكل كامل فإنها مختلفة عما تم عرضه في المسلسلوكما أن بعض الفقرات في حياته كانت خاطئة
وصية رافت الهجان او رفعتالجمال
كان نصها كالتالي : وصيتي. أضعها أمانةفي أيديكم الكريمة. السلام على من اتبع الهدى. بسم الله الرحمن الرحيم إنّا للهوإنّا إليه راجعون لقد سبق وتركت معكم ما يشبه وصية، وأرجو التكرم باعتبارها لاغية،وها أنذا أقدم لسيادتكم وصيتي بعد تعديلها إلى ما هو آت: في حالة عدم عودتي حياأرزق إلى أرض الوطن الحبيب مصر أي أن تكتشف حقيقة أمري في إسرائيل، وينتهي بي الأمرإلى المصير المحتوم الوحيد في هذه الحال، وهو الإعدام، فإنني
أرجو صرف المبالغ الآتية:
- لأخي من أبي سالمعلي الجمال، القاطن.. برقم.. شارع الإمام علي مبلغ.. جنيه. أعتقد أنه يساوى إن لميكن يزيد على المبالغ التي صرفها على منذ وفاة المرحوم والدي عام 1935، وبذلك أصبحغير مدين له بشيء.
- لأخي حبيب عليالهجان، ومكتبه بشارع عماد الدين رقم...، مبلغ... كان يدّعي أني مدين له به،وليترحم عليّ إن أراد.
- مبلغ... لشقيقتيالعزيزة شريفة حرم الصاغ محمد رفيق والمقيمة بشارع الفيوم رقم.. بمصر الجديدة بصفةهدية رمزية متواضعة مني لها، وأسألها الدعاء لي دائما بالرحمة.
- المبلغ المتبقي منمستحقاتي يقسم كالآتي: نصف المبلغ لطارق محمد رفيق نجل الصاغ محمد رفيق وشقيقتيشريفة، وليعلم أنني كنت أكن له محبة كبيرة. النصف الثاني يصرف لملاجئ الأيتام بذلكأكون قد أبرأت ذمتي أمام الله، بعد أن بذلت كل ما في وسعى لخدمة الوطن العزيز،والله أكبر والعزة لمصر الحبيبة إنا لله وإنا إليه راجعون
- مع تحيات / الشيخ أشرف العرينى