ذكريات القرية شعر كمال نشأت
ذكريات القرية
كمال نشأت
..............
كانت لنا في القرية الغناء أيام عجيبة
ولت كما ولى الهناء مخلفا فيها ندوبه
كانت لنا تحت النخيل ملاعب نشوى ذهيبة
كانت لنا .. يا طيب ذكراك السليبة
أنا لست أنسى ظلة الليمون تقدح فيه طيبه
والترعة السمراء تخطر في أراضينا الرحيبة
والنورج الدوار يلهث فوق أعواد صخوبة
والبط يسبح تحت ظل البوص في البرك العشيبة
والشاي تحت شجيرة الجميز في أصباح طوبة
والجدة العمياء في ظل الظهيرة مستريبة
من أنت ؟ تلقيها وتسرد بعدها قصصا رهيبة
عن مارد عفريت يسكن في الدجى الطرق القريبة
هو تارة قط , وأخرى راكب فرسا مهيبة
ليطير بالولد الذي يلقى إلى دنيا مريبة
أنا لست أنسى رقصة الأمطار في الدنيا الجديبة
ومراحنا وصراخنا في هتفة مرحى رتيبة :
"البط تنعشه المياه .فخلها ولهى سكوبة "
وإذا تقشعت السماء وشحت العين الصبيبة
نبني من الطين السدود ونسرق الذرة الرطيبة
نشوي ونأكل والرفاق كأنهم قطط لعوبة
والعيد حين نميس في الطرقات بالحلل القشيبة
وقروشنا بين الجيوب مثار أحلام خصيبة
كم ثرثرث أفواهنا وتناقلت قصصا طروبة
عن علبة الحلوى التي ذاقت حلاوتها رتيبة
لما أتى عم لها من رحلة الحج الحبيبة
أنا لست أنسى تربتي السمراء والقصص الخضيبة
عن موسم القطن البئيس وركدة السوق العصيبة
أنا لست أنسى قصة الطغيان والعين الرقيبة
والقوت كد شهورنا العجفاء يؤخذ في الضريبة
والسوط سوط الجند يحفر فوق أوجهنا دروبه
وعويلنا لما مضوا بأبي إلى بلد غريبة
والقيد بين يديه والطرقات خالية كئيبة
بكماء والفجر المطل يزف للدنيا طيوبه
وعلى فراش القش تسفح أمنا دمع المصيبة
كانت لنا في القرية الغناء أيام عجيبة
ولت كما ولى الهناء مخلفا فيها ندوبه