جزيرة الشورانية

جزيرة الشورانية والمرأة :
يعتقد كثير من المصريين أن المرأة الصعيدية ضعيفة مقهورة، وترسخ ذلك الاعتقاد بعد انتشار المسلسلات التي تناقش أحوال الصعيد وعاداته، ولكن ذلك فيه الكثير من الخداع، فالصعيدية بها من القوة ما يجعل المرء حيرانً, كيف تصل المرأة لما تريده على الرغم من كل العادات والتقاليد الصعيدية التي تقهرها وتتجنى على حقوقها حتى الشرعية منها مثل الميراث.
وسأعرض لكم هنا بعضا من مناطق القوة في شخصية تلك المرأة علِّي أُظهر لكم بعض ما يخفى عليكم من جوانب قوتها.
المرأة والميراث
كثير من مناطق الصعيد لا تعطي للمرأة إرثها، ويستعاض عن ذلك بتوزيع البنت على أخ لها يقوم بوصلها في الأعياد والمواسم فيعطيها مبلغًا من المال أو بعضًا من اللحوم أو الكسوة، ولو طالبت المرأة بإرثها فمن الممكن أن تأخذه، ولكن ذلك يعني القطيعة بينها وبين أخيها.
وهذا الأمر معتاد جدًّا هناك، وقد نرى فيه ضعفًا وقهرًا للمرأة، ولكن الغريب أن المرأة الصعيدية تظهر قوتها هنا في رفضها لتغيير هذه العادة التي تجني عليها وعلى حقها الذي كتب الله لها، فلو اقترح عليها أحد أبنائها مثلا أن تطالب بحقها في الميراث فستغضب منه وتقول له: "لا أبيع أخي من أجل المال".
ترفض أخذ ميراثها من أجل الحفاظ على أخيها وعلى عادة أهلها.. أي قوة تلك التي تتمتع بها هذه المرأة!!
"الزن على الودان"
"جولت لع يعني لع".. هذه الجملة كثيرًا ما سمعناها وشاهدناها في الأفلام أو المسلسلات التي تتناول الحياة في الصعيد، كما تظهر الجملة نفسها مدى الجبروت الذي يمارسه الرجل الصعيدي على المرأة، وكذلك مدى الضعف والاستكانة وعدم استطاعة المرأة أخذ أي قرار يخصها أو يخص أسرتها.
ولكن لكم أن تتعجبوا من كون موقف الضعف هذا هو سر قوة المرأة؛ فهي تصل إلى ما تريده وترضاه لنفسها وأسرتها عن طريق "الزن على الودان"، وذلك تطبيقًا للمثل الشعبي "الزن على الودان أمرّ من السحر"، فالمرأة الصعيدية تعلم جيدًا أن الرجل الصعيدي ضيق الصدر ولا يتحمل الكلام الكثير فتقوم هي بحركة عكسية وتقوم "بالزن" على الرجل في الأمر الذي تريده حتى يرضخ أخيرًا لرغبتها من باب إراحة عقله من "زن المرأة".. يا لها من امرأة قوية!!
المرأة.. رجل البيت!!
تقوم المرأة الصعيدية بدور رجل البيت في أحيان كثيرة أيضًا، ويرجع ذلك لهجرة كثير من الرجال عن بلدانهم؛ نظرًا لقلة فرص العمل في صعيد مصر، فينزحون إلى العاصمة أو خارج القطر المصري تمامًا.
تقوم المرأة بدور الرجل في بيئة تفرض عليها قيودًا كبيرة وكثيرة، إلا أن تحدي هذه المرأة وقوتها يجعلها تقوم بدور الأب والأم بمنتهى القوة، فتجدها ترعى الأرض كما لو كان الرجل موجودًا، وكذلك تتولى الناحية الاقتصادية الضعيفة أصلا دون أن تشعر الآخرين بذلك بشكل يثير الإعجاب، حتى إن كثيرًا من الرجال "الصعايدة" لا يعرفون كيف تدار بيوتهم وأحوالهم المالية بالرغم من قلة الدخل.
قراءة بواسطة :
محمود عبدالناصر ال عثمان